لم تنخرط جميع المخبزات ومحلات بيع الحلويات في الإضراب عن العمل الذي أعلنت عنه النقابة الوطنية الموحدة لأرباب معامل الخبز والحلويات لأمس واليوم، أو ما تسميه توقفا عن العمل ليومين تخوضه مهنيو القطاع الذي يصنف ضمن الصناعات الغذائية بهدف واحد: الضغط على السلطات الحكومية المعنية للاستجابة لمطلب أرباب معامل الخبز والخلويات المتمثل في الزيادة في ثمن الخبز ب 30 سنتيما على ثلاث دفعات، وهو ما اعتبره عبد الرزاق مصدق الوزير المنتدب لدى الوزير الأول المكلف بالشؤون الاقتصادية والشؤون العامة للحكومة وتأهيل الاقتصاد مطلبا موضوعيا لدى تدخله في جلسة لمجلس المستشارين يوم أول أمس. وكان رئيس النقابة الوطنية الموحدة لأرباب معامل الخبز والحلويات الحسين أزاز في حوار أدلى به لموقع منارة الإلكتروني قد علل تنفيذ التهديد بالإضراب بعدم وفاء الوزير الأول بوعد قطعه فيما يتعلق بجدولة الزيادة في ثمن الخبز المسعر 110 من فئة 200 غرام من الدقيق الممتاز، وأوضح المسؤول النقابي أنه شرع منذ ما يقارب السنتين في مشاورات داخل نقابته، وعقدت اجتماعات مع محمد الحليمي الذي كان وزيرا للشؤون الاقتصادية والشؤون العامة آنذاك، وأضاف بعد عام ونصف من المراسلات والاجتماعات اقتنع الوزير (عبد الرزاق مصدق) بأن ملفنا عادل بحكم أن تكلفة ثمن الخبز فاقت ثمن البيع للمستهلك، وحسب قانون الاعتداد الموقع بيننا وبين الحكومة فإنه كلما وقعت زيادة في أثمان المواد المكونة لمادة الخبز فلنا كل الصلاحيات في طلب الزيادة في ثمنه. وتفاوت تأثير اليوم الأول من الإضراب في تزويد السوق بمادة الخبز والحلويات بين مدن ظهر فيها أثر الإضراب واضحا، ووجد المواطنون صعوبات لإيجاد المادة وأخرى لم تتأثر بهذا المعطى؛ وأوضح مراسل التجديد في مراكش أن الأحياء القديمة للمدينة لم تتأثر كثيرا بإضراب المخابز لأن أغلب السكان يتعاملون بكثرة مع الأفران التقليدية، وهذه الأخيرة لم تشارك في الإضراب، وحسب معلومات قادمة من الحي المحمدي بالدار البيضاء فإن وجود مادة الخبز في نقط البيع المعتادة لم يعرف تناقصا كبيرا من شأنه أن يحدث بلبلة في صفوف المواطنين، كما أن الملاحظة نفسها سجلها مراسل التجديد في مدينة سطات، ذلك أن قلة من المخبزات هي التي انخرطت في الإضراب، في حين أن الكثير منها اشتغل أمس كباقي أيام السنة. ويقول مهنيو القطاع المتضررون إنهم لم يلجؤوا إلى التوقف عن العمل كخطوة تصعيدية إلا بعد الصعوبات الكبيرة التي أصبحوا يعانون منهم في السنين الأخيرة بعدما ارتفع شيئا فشيئا ثمن المواد التي تدخل في سلسلة الإنتاج الصناعي للخبز المعمول بها في المخبزات العصرية، في حين ظل سعر بيع الخبز مستقرا في مستوى لا يناسب تكاليف الإنتاج ولا يترك لهم هامش ربح معتبر؛ ولتوضيح ما سبق يضرب أحد أرباب المخبزات مثلا بكون كيلوغرام واحد من الدقيق لا يمكن أن تنتج منه أكثر من 4 خبزات بثمن درهم واحد و10 سنتيمات (أي أن ثمن بيع أربع خبزات هو4,40 درهم)، غير أن التكلفة الحقيقية للخبزات الأربع بعد إضافة مصاريف الخميرة (0,20درهم) والغاز (0,20 درهم) ومصاريف أخرى (0,30 درهم) تصبح 70,4 درهم، هذا دون احتساب الضرائب والتأمينات والكراء، وهو ما يجعل الكثير من أصحاب هذه المحلات يلجئ إلى مشاريع وأنشطة اقتصادية موازية كمقهى أو محل للحلويات لتغطية العجز الحاصل. وكان اليوم الأول للإضراب فرصة لظهور بعض المستفيدين منه كأرباب الأفران التقليدية الذين امتنع عددا منها في مدينة سلا عن طهي الخبز المعد في المنازل وعمدوا إلى إعداد وطهي الخبز داخل محلاتهم وبيعه للعموم، مستفيدين في ذلك من توقف المخبزات العصرية عن نشاطها، وذكرت مصادر في المدينة أن الباعة المتجولين الذين يبيعوا الخبز هم أيضا من المستفيدين، إذ إن العديد منهم طلب من أرباب الأفران التقليدية تزويده بكميات أكبر من الخبز ليحقق أكبر قدر من الربح، وتجدر الإشارة إلى أن ظاهرة بيع الخبز في الشوارع والأزقة -خصوصا في الأحياء الشعبية- بدأت تنتشر تدريجيا وتنشط بعد مغيب الشمس. محمد بنكاسم