احتفل المسيحيون الأرثودوكس في يوغسلافيا السابقة بعيد الميلاد هذا العام وسط خلافات وانقسامات داخل الكنيسة الشرقية، لكن هذه المرة على أسس عرقية وسياسية متباينة. وبلغت المواجهات والصراعات المسلحة بين مؤيدي الكنيستين لدرجة أن الشرطة في مونتنيغرو قد وقفت امس سدا منيعا امام المصلين من الطرفين المتنافسين عند الاحتفال في اشعال شمعة عيد الميلاد هناك. كما تمكنت السلطات في مونتنيغرو، حسب ما ذكرته وكالة الأمباء الكويتية، من فرض اقامة قداسين منفصلين بمناسبة عيد الميلاد في مدينتين مختلفتين وذلك لاول مرة في تاريخ تلك الكنيسه الأرثودوكسية العريقه. وكان الانقسام الأخطر الذى ظهر قبل أيام من قبل الأسقف نيكولا من مونتنيغرو عندما أعلن الاستقلال عن الكنيسة الصربية الأم وانشاء أسقفية مونتنيغرو المستقله مما لاقى رفضا كبيرا وحملة شعواء لدى زعامة الكنيسة الأرثودوكسية الصربية التي تخسر بذلك الهيمنة الدينية على آخر معقل خارج حدود البلاد. و يأتي انشقاق الكنيسة الأرثودوكسية في مقدونيا نتيجة استقلالها عن الكنيسة (الصربية) وذلك على خلفية عرقية وقومية رغبة في محافظة المقدونيين على استقلاليتهم كدولة جديدة وقومية مستقله إلا أن ذلك لاقى معارضة ورفضا كبيرا من الكنيسة في بلغراد التي تحرص في المحافظة على هيمنتها الدينية على الطائفة الأرثودوكيسة في المنطقه. وتدخلت الشرطة المقدونية مؤخرا لحماية مبعوث الكنيسة الصربية الذي جرى تعيينه من بلغراد أسقفا في مقدونيا من محاولات اعتداء من اتباع الكنيسة المقدونية المستقله الذين حاولوا طرد الاسقف الصربي من امام الحدود في وقت جاء قرار حكومي مقدوني بمنع دخول المبعوث الكنيسي الصربي للبلاد لاسباب امنيه كما تبعه قرار حكومي يعترف باستقلالة الكنيسة المقدونية وعدم الاعتراف بالأسقف المعين من خارج البلاد. وتعود الخلافات حسب المراقبين المطلعين إلى خلفية الصراع السياسي بين مونتنيغرو وبين صربيا والتي يبدو ان الزعامات الدينية اصبحت تتبع سلوك الزعامات السياسية الحاكمة مما ينعكس على وضع ومستقبل الكنيسة والوحدة الدينية التي يفترض ان لاتخضع للمتغيرات السياسية كما هو الحال عند اتباع الكنيسة الكاثيوليكية ذات الزعامة الدينية الموحدة عبر الفاتيكان. وباستثناء الصرب في البوسنه فان الكنيسة الارثودوكسية في صربيا قد فقدت بذلك الهيمنة والزعامة الدينية في يوغسلافيا السابقه تبعا للانقسامات السياسية الحادة التي تشهدها ولاتزال دول المنطقه. وكان انهيار يوغسلافيا وتقسيمها إلى دويلات قد انعكس بشكل أو بآخر ليس على الزعامات والعلاقات بين الأديان المتباينة بل بين اتباع الديانة الواحدة أيضا حيث تصدعت الزعامة الدينية الموحدة خصوصا لدى المسيحيين الأرثودوكس بينما احتفظ المسيحيون الكاثيوليك بوحدتهم إلى حد كبير بسبب وجود زعامة الفاتيكان المطلقة التي ترعى شؤون هذه الطائفة المسيحية.