أكد علي بوطوالة، نائب الأمين العام لفيدرالية اليسار الديمقراطي، أن الأزمة السورية هي نتاج سلسلة من التداخلات الدولية التي جعلت من الثورة الشعبية بداية لمأساة أكبر. وقال بوطوالة في ندوة بالرباط: "لا بد من طرح السؤال الأهم لفهم ما يحدث في سوريا: من المستفيد من هذه الفوضى؟" خلال الندوة التي عقدتها الشبكة الديمقراطية المغربية للتضامن مع الشعوب، مساء الجمعة 27 دجنبر الحالي، حول طبيعة وتداعيات الأحداث في سوريا، أشار بوطوالة إلى أن التدخلات الخليجية والغربية لم تقتصر على دعم أطراف معينة بل ساهمت في تحويل سوريا إلى ساحة صراع عالمي، حيث دفع الشعب السوري الثمن الأكبر في هذه اللعبة السياسية المعقدة.
واستعرض بوطوالة الواقع الحالي للأزمة السورية، محاولًا أن يكشف النقاب عمن هو المستفيد من هذه الفوضى. "لفهم حقيقة ما يقع أمامنا اليوم، لنعرف تفسير هذه الجريمة، يجب أن نعرف من المستفيد لفهم ما حدث. يجب طرح سؤال: من المستفيد مما حدث في سياق ما يعرف بالربيع العربي؟". وأشار إلى أن البعض ما زال يرى الأحداث على أنها نتاج مؤامرات دولية مع أيدٍ محلية تنفذ مخططات مشبوهة. في المقابل، يعتقد البعض الآخر أن الثورة السورية كانت مجرد حراك شعبي انتفض ضد نظام قمعي، لكن ما لبث أن تحول إلى صراع داخلي طويل الأمد نتيجة لتدخلات أطراف خارجية. ولفت إلى "التدخلات الخليجية والغربية" التي لعبت دورًا رئيسيًا في التحولات التي شهدتها سوريا. وأكد أن هذه التدخلات "غيرت الطابع الاقتصادي والسياسي للأحداث، وأسهمت بشكل مباشر في تحويل الصراع إلى حرب أهلية واسعة النطاق". وذكر أن هناك إحصائيات تشير إلى أن "حوالي 70 جنسية" شاركت في هذه الحرب الطويلة، ما يعكس حجم التدخل الدولي في الأزمة السورية. وفي جانب آخر من مداخلته، أكد بوطوالة على دور إيران في الأزمة السورية، مشيرًا إلى أن تدخل طهران في دعم النظام السوري ساهم في إطالة أمد النزاع، مما جعل سوريا ساحة نزاع إقليمي ودولي. وأضاف: "لولا التدخل الإيراني لكانت سوريا في وضع مختلف اليوم، وكان من الممكن تجنب الكثير من الخسائر البشرية والمادية". كما تناول المتحدث كما تناول قضية الانسحاب الجزئي للقوات الروسية من سوريا في مراحل معينة، مشيرًا إلى أن هذا الانسحاب خلق فراغًا عسكريًا سمح للجماعات المعارضة بتنفيذ مزيد من الهجمات ضد النظام السوري. "حيث انسحاب القوات الروسية من بعض المواقع السورية ساهم في تفاقم الأزمة وزيادة الوضع تعقيدًا، ما أسهم في استفزاز الأطراف المعارضة وتحفيزهم للقيام بهجمات متواصلة"، على حد قوله. وفي إطار التحليل المستقبلي للوضع السوري، طرح بوطوالة سؤالًا حول السيناريوهات المحتملة للأزمة في سوريا. "هل ما حدث سيؤدي إلى سيناريو مشابه لما شهدناه في ليبيا أو العراق؟ أم أننا سنشهد ظهور دولة دينية كما في بعض السيناريوهات التي يتم الحديث عنها؟" وأضاف: "الشعب السوري سيظل قادرًا على تجاوز هذه المحنة، لكن السؤال هو كيف سيتجاوزها؟ وما هو المستقبل الذي ينتظر سوريا بعد هذا الصراع الطويل؟" أشار بوطوالة أيضًا إلى ما وصفه ب "الزلزال السياسي" الذي يعصف بالمنطقة نتيجة الأزمة السورية. ولفت إلى أن "إسرائيل هي أكثر المستفيدين من هذه الفوضى السياسية في المنطقة، حيث ساعدت هذه الأزمة في تعزيز موقف إسرائيل في المنطقة، مستغلة الفوضى والصراع لتوسيع نفوذها.