"وضع الأمازيغية في الصحافة والإعلام الوطنيين" محور ندوة بالرباط    مسؤول ألماني يؤكد أن المغرب "شريك مهم" لألمانيا والاتحاد الأوروبي    السياقة الاستعراضية بمراكش تنتهي بتوقيف سيدة وشخصين    بحضور مضيان.. حزب الاستقلال الحسيمة يحتفي بالسنة الأمازيغية الجديدة    نهضة الزمامرة يواصل التألق بالدوري    البطولة... اتحاد تواركة يعود لسكة الانتصارات من بوابة شباب السوالم    بركة يدشن التسخينات الانتخابية بالشمال وميزان تطوان في دينامية مستمرة    إسرائيل تحتفظ ب"حق استئناف الحرب"    توقيف شخص وحجز مواد محظورة بدوار "لبوير" نواحي تطوان    إنريكي يكشف سبب غياب أشرف حكيمي ضد لانس    "بنك المغرب" يكشف تقلبات الدرهم    بنيعيش: الاحترام يوحد المغرب وإسبانيا    بنواحي: صنداونز يلعب تحت الضغط    زياش يطالب غلطة سراي بمستحقاته المالية    من سيحكم غزة بعد العدوان الإسرائيلي المدمّر؟    "تنصيب ترامب" يتأثر بالبرد القارس    إفران: مصالح وزارة التجهيز تتعبأ لإزاحة الثلوج عن المحاور الطرقية    ائتلاف هيئات حقوق الإنسان يدعو للمشاركة في مسيرة الأحد ضد "قانون الإضراب"    الموت يفجع النجمة المصرية ياسمين عبد العزيز    برنامج "رعاية".. قافلة طبية بجماعة الزاوية سيدي عبد القادر باقليم الحسيمة    مبادرة تشريعية لتشديد العقوبات لمواجهة استغلال الأطفال في التسول    الوزير نزار بركة يطلق مشاريع تنموية استراتيجية بإقليم العرائش    استئناف بطولة الهواة مطلع فبراير المقبل    انقلاب شاحنة يكشف عن مخطط تهريب 15 طناً من الحشيش    حزب "العدالة والتنمية" يجدد مطالبه بالإفراج عن النقيب زيان ونشطاء حراك الريف    بنكيران: الحكومة لا تبالي بالشعب وأخنوش اعتدى على الأرامل عندما حرمهن من الدعم    اغتيال قاضيين بالمحكمة العليا الإيرانية    نقابة الصحافيين بتطوان تنظم بشفشاون "الملتقى الأول للإعلام والقضايا الوطنية"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    باعتراف المنتدى الاقتصادي العالمي.. مصنع صيني بطنجة يصنف الأول بإفريقيا يحقق إنجازًا صناعيًا رائدًا في إنتاج قطع غيار السيارات    المغرب يشيد باتفاق وقف إطلاق النار في غزة ويدعو الطرفين لإحلال السلام    إسبانيا تُخصص 2.6 مليون أورو لترميم المستشفى الإسباني في طنجة    إقليم صفرو يشجع إقبال الاستثمار    خبراء "نخرجو ليها ديريكت" يناقشون موضوع غلاء المعيشة وأزمة الجفاف    كيف تصل التمور الجزائرية الممنوعة إلى الأسواق المغربية؟ ولماذا لا يتم حظرها رغم الخطر الصحي؟    الرئيس اللبناني يطالب بانسحاب الجيش الإسرائيلي من الجنوب بحلول 26 يناير    المغرب يُعزز ريادته الأمنية في إفريقيا .. ومبادرة الدرون تفضح تخبط الجزائر    وفاة لاعب مانشستر يونايتد السابق دينيس لو عن 84 عاما    شياومي المغرب تطلق سلسلة هواتف Redmi Note 14 الجديدة    "إف بي أي" يثمن ويشيد بتعاون المخابرات المغربية في قضية اعتقال "سليمان الأمريكي"    بطولة ألمانيا: البرتغالي بالينيا يعود لتدريبات بايرن ميونيخ    مجلس الوزراء الإسرائيلي يوافق على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة    الدار البيضاء.. سفير الصين بالمغرب يدشن الاحتفالات بعيد الربيع الصيني    حملة تفتيشية بالمدينة العتيقة لطنجة تغلق محلات لبيع المواد الغذائية والتجميل لعدم الالتزام بالضوابط الصحية    الدار البيضاء.. سفير الصين بالمغرب يدشن الاحتفالات بعيد الربيع الصيني    "بوحمرون" يجلب قلق ساكنة طنجة.. مسؤولون: الوضع تحت السيطرة    قصة حب ومليون دولار.. تعليق من براد بيت على قصة الفرنسية التي خدعت بغرامه    حمودان يقدم لوحات فنية في طنجة    مزاد يثمن الفن التشكيلي بالبيضاء    «نحو مغرب خال من السيدا بحلول 2030»: اليوم الدراسي للفريق الاشتراكي يسائل السياسات العمومية والمبادرات المدنية    تناول المضادات الحيوية بدون استشارة الطبيب..مختص يفرد التداعيات ل" رسالة 24 "    خبيرة توضح كيف يرتبط داء السيدا بأمراض الجهاز الهضمي..    HomePure Zayn من QNET يحدد معيارًا جديدًا للعيش الصحي    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    الجمعية النسائية تنتقد كيفية تقديم اقتراحات المشروع الإصلاحي لمدونة الأسرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بوبوش يعيد تركيب القصة الكاملة لسقوط نظام الأسد ويحدد ل"الأيام 24″ الرابحين والخاسرين
نشر في الأيام 24 يوم 11 - 12 - 2024

أظهرت الأحداث الأخيرة في سوريا مدى صعوبة التنبؤ بالتاريخ عندما نتأمل فيه في اللحظة الراهنة، النظام الدولي الحالي مطبوع بحالة اللايقين والتعقيد والاضطراب، فسقوط نظام بشار الأسد في سوريا غير المتوقع، يمثل نقطة تحول تاريخية، ليس فقط بالنسبة لسوريا، بل للمنطقة بأسرها، فكانت تداعيات هذا السقوط متعددة الأبعاد، شملت الجانب السياسي، الاقتصادي، الاجتماعي، والأمني.


محمد بوبوش، أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي، بجامعة محمد الأول في وجدة، قال في حديث ل"الأيام24″، إنه وبعد مرور 54 عاماً على بداية الحقبة السوداء، و13 عاماً من الحرب الممنهجة، والقتل والفقر والتهجير، استيقظ السوريون على فجر جديد يفتح صفحة جديدة في تاريخ بلادهم.


جاء ذلك بعد هروب رئيس النظام السوري، بشار الأسد، خارج البلاد، حيث تمكنت فصائل المعارضة السورية من إسقاط النظام بعد معارك استمرت ل11 يوماً فقط، (منذ 27 نونبر 2024)، مما جعلهم في حالة من الذهول لسرعة انهياره التي فاقت توقعاتهم.


وسقط نظام الأسد كثمرة ناضجة بعد هجوم جهادي وانتفاضة شبه عامة، باستثناء معقل العلويين، لم ير حلفاؤها، إيران وروسيا، أنه من المناسب الدفاع عنها، لأنهم كانوا يعلمون أن اللعبة قد خسرت، إن الوضع الكارثي للاقتصاد السوري، والفساد المستشري، وعزل سوريا على الرغم من إعادة اندماجها في جامعة الدول العربية، جعلت النظام ضعيفا للغاية، عانت من تداعيات حرب 7 أكتوبر.

وقد أجبر ضعف حزب الله وإيران، بعد أكثر من عام من الضربات الإسرائيلية الأخيرة في لبنان وسوريا، على سحب قواتها من سوريا، كان من الممكن أن يجرف بشار الأسد بسبب عملية التنظيف الكبرى.

الأسباب الممهدة لسقوط نظام الأسد
يعتبر سقوط نظام بشار الأسد في سوريا نتيجة لمجموعة معقدة من العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية، ولفهم هذه الأسباب بشكل شامل، يمكن تقسيمها إلى عدة فئات رئيسية:
القمع السياسي والاستبداد
كان نظام بشار الأسد معروفًا بقمعه الشديد للمعارضة السياسية وحرية التعبير، منذ توليه السلطة في عام 2000، واستمر في استخدام الأجهزة الأمنية والاستخبارات، لقمع أي شكل من أشكال الاحتجاج أو المعارضة.
وأدى هذا القمع إلى تفشي مشاعر الاستياء والغضب بين الشعب السوري، مما ساهم في اندلاع الاحتجاجات الشعبية في عام 2011، دخلت بعدها البلاد في حالة اللاستقرار الأمني، بفعل عدم سيطرة النظام على أقاليم البلاد.

الفساد وسوء الإدارة الاقتصادية:
عانت سوريا تحت حكم الأسد من مستويات عالية من الفساد وسوء الإدارة الاقتصادية، كانت السياسات الاقتصادية تفضل النخبة المقربة من النظام، أي العلويين وأعضاء حزب البعث، على حساب الغالبية العظمى من السكان، فتدهور الاقتصاد السوري بسبب الفساد المستشري، والبطالة المرتفعة، والفقر المتزايد، والنزوح نحو دول الجوار.

وفي ظل الأحداث الراهنة، تواجه سوريا تحديات اقتصادية كبيرة، حيث تفاقمت الأوضاع الاقتصادية بسبب استمرار نقص التمويل، وقلة المساعدات الإنسانية، مما أدى إلى استنزاف قدرة الأسر على تلبية احتياجاتها الأساسية، في ظل ارتفاع الأسعار، وتدهور الخدمات الأساسية، وارتفاع معدلات البطالة.

كما تأثرت التجارة الخارجية بشكل كبير جراء الاضطرابات المرتبطة بالصراع، حيث أدى تدهور الإنتاج الصناعي والزراعي المحلي إلى زيادة اعتماد سوريا على الواردات، كما ارتفع الاعتماد على الواردات الغذائية مع اندلاع الصراع، رغم أن هذا الاعتماد كان موجوداً قبل عام 2011.

تأثير الربيع العربي
ألهمت الاحتجاجات التي اجتاحت العالم العربي في عام 2011 السوريين للقيام بمظاهرات ضد نظام الأسد، كانت هذه الموجة من الاحتجاجات تعبيرًا عن رغبة الشعوب العربية في الحرية والديمقراطية، وقد أثرت بشكل كبير على الوضع في سوريا، حيث خرج المواطنون للمطالبة بإصلاحات سياسية، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيي.

ورغم تمكن النظام مؤقتا من إخماد الاحتجاجات، واعتقال الآلاف والزج بهم في السجون والمعتقلات، وتأمين الاستقرار له ولنظامه، إلا أن تخلي الحلفاء عنه، وما شكلته تداعيات حرب غزة في 7 أكتوبر عجلت بانهيار النظام.


الانقسام الطائفي
تعتبر سوريا مجتمعًا متنوعًا طائفيًا وعرقيًا، حيث يشكل العلويون، الذين ينتمي إليهم بشار الأسد، أقلية، بينما تشكل السنة الأغلبية، فقد نجح النظام السوري في جعل المكون العلوي يستحوذ على مساحة ديموغرافية ما بين 40 و50% من مجمل السكان، وجاء ذلك نتاج حرب قاسية قدمت فيها مجمل الأطراف السورية أغلى ما تملك.
وأدت سياسة النظام التي اعتمدت على تعزيز الولاءات الطائفية إلى تفاقم الانقسامات بين مختلف الجماعات، مما زاد من حدة الصراع، وأدى إلى ظهور جماعات مسلحة تسعى للإطاحة بالنظام.


دور التدخل الخارجي في الصراع السوري
ساعد دعم بعض الدول الغربية والعربية للمعارضة المسلحة، على تعزيز قدراتها العسكرية ضد النظام، بالإضافة إلى ذلك، أدى تدخل روسيا وإيران لدعم نظام الأسد، إلى منح النظام قوة إضافية، إلا أنه أضاف تعقيدات للصراع، وزاد من حدة التوترات الإقليمية والدولية.

تصاعد العنف والصراع المسلح
بعد بدء الاحتجاجات السلمية عام 2011، تحول الصراع بسرعة إلى صراع مسلح، عندما استخدم النظام القوة المفرطة لقمع المتظاهرين، وأدى هذا التصعيد إلى تشكيل جماعات مسلحة متعددة، وتوسعت دائرة النزاع لتشمل قوى خارجية وجماعات إرهابية، مثل داعش والنصرة، مما جعل الوضع أكثر تعقيدًا وصعوبة للحل.

وبعد دخول قوات المعارضة العاصمة دمشق، وانسحاب قوات النظام السوري، وغيابها الفعلي عن جميع المناطق التي كانت تحت سيطرتها، بما في ذلك المنشآت الحيوية، تواجه الفصائل المسلحة التي تتقاسم السيطرة في سوريا تحديات كبيرة، نتيجة وجود مجموعات متعددة.

الأزمات الإنسانية
استخدم بشار الأسد، الذي تولى الحكم بعد والده حافظ الأسد في عام 2000، أقصى درجات العنف، لقمع معارضيه خلال الحرب الأهلية. تضمنت أساليبه استخدام الأسلحة الكيميائية، والبراميل المتفجرة، وحصار المدن، وتجويع سكانها، بالإضافة إلى الاعتقالات الجماعية، والتعذيب، والقتل، وأظهر فشله في حماية مواطنيه، وتأمين احتياجاتهم الأساسية، مثل الغذاء والرعاية الصحية.
على مدار عقد من الحرب، اضطر أكثر من 12 مليون شخص، أي نصف سكان البلاد، إلى النزوح من منازلهم. كما يوجد أكثر من 100 ألف شخص مختفين قسراً، اختطفتهم قوات الأمن، ولا يزال مصيرهم مجهولاً.

فقدان الدعم الشعبي
مع فشل النظام في تحقيق الاستقرار والأمان للسكان، بدأ الدعم الشعبي يتلاشى بشكل ملحوظ، العديد من المواطنين الذين كانوا يدعمون النظام سابقًا أصبحوا يشعرون بخيبة أمل كبيرة، بسبب الظروف المعيشية المتدهورة، والانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان.

من ناحية أخرى، لم يستخدم الأسد المساحة التي وفرها له الدعم الروسي والإيراني لتوسيع قاعدة سلطته، أو لتعزيز شرعيته، فبينما واصل الأسد حكمه من خلال استخدام الإرهاب، كان زعيم هيئة تحرير الشام مشغولاً بتحويل مجموعته من فرع تابع لتنظيم القاعدة، إلى منظمة إسلامية أوسع، تستطيع كسب تأييد السوريين الأكثر اعتدالاً، وبعبارة أخرى، يمكن القول إن الأسد لم يقم بأي خطوة لكسب الدعم الشعبي، بينما حقق الجولاني، رغم جذوره الإسلامية المتطرفة، نجاحاً غير متوقع في هذا المجال.

مواقف دول الجوار والقوى الخارجية
تتعدد القراءات لطبيعة الدور الذي ستلعبه القوى الخارجية في عملية الانتقال السياسي داخل سوريا بعد سقوط نظام الأسد، خاصة من حيث تأثير هذا الدور على احتمالات تسوية الصراع هناك، ومن تم، تحقيق الاستقرار، أو العكس، حيث الانزلاق نحو المزيد من الانقسام والتشرذم في الساحة السورية.


والأكيد أن للقوى الرئيسية الفاعلة في المنطقة، وهي إسرائيل وإيران وتركيا، مصلحة فيما ستؤول إليه الأوضاع والتطورات في سوريا من نتائج، حيث إن ارتدادات هذه الأحداث لن يقتصر صداها على منطقة الشرق الأوسط فقط، بل سيمتد ليشمل قوى عالمية مثل الولايات المتحدة وروسيا.


الشمال السوري والدور التركي المحتمل
تتباين المواقف التركية تجاه التطورات العسكرية في سوريا، التي تشترك في حدود تمتد على 900 كم مع تركيا، وذلك في ظل مخاوف لا يمكن لأنقرة تجاهلها، تتعلق بالفصائل الكردية المسلحة في سوريا، بالإضافة إلى وجود ملايين اللاجئين السوريين على أراضيها.


ولا شك أن لتركيا دورًا في التقدم الملحوظ لمقاتلي هيئة تحرير الشام طيلة الأيام الماضية، التي تُعتبر الجماعة الرئيسية في صفوف المعارضة السورية، فقد استغلت تركيا هذه الفرصة لتعزيز نفوذها، في وقت كانت فيه إيران تواجه ضغوطًا، ويُعتقد أن الهدف من ذلك هو إعادة أكثر من 3 ملايين لاجئ سوري إلى وطنهم، بعد أن فروا إلى تركيا بسبب الحرب الأهلية.


ويظهر تسلسل الأحداث في سوريا مجموعة من الفرص المتاحة لتركيا، إلى جانب الأسئلة والشكوك حول دورها في العملية التي أطلقت عليها الفصائل المعارضة اسم "ردع العدوان"، والتي تعبر نسبة كبيرة منها عن ولائها لأنقرة.


في الشمال، ستعارض تركيا أي عملية سياسية تعزز استقلال الأكراد، وقد تشن عمليات عسكرية مباشرة لتخريب مثل هذه العملية، وتوسيع منطقتها العازلة، خاصة إذا انسحبت الولايات المتحدة الأمريكية، مما يؤدي إلى زيادة عدم الاستقرار.



إسرائيل..الراكب المجاني على الأحداث
تسعى إسرائيل في الوقت الراهن إلى رؤية سقوط الأسد، وتراجع المحور الإيراني المعروف بمحور المقاومة، حيث أن ذلك سيؤدي إلى تضييق الخناق الاستراتيجي على خط إمداد حزب الله اللبناني، ومع ذلك، من الواضح أن إسرائيل لا ترغب في أن تشهد حدودها مع سوريا حالة من الفوضى، لذا فهي تعمل بشكل سري، وتنسق مع عدة أطراف، بما في ذلك الولايات المتحدة والفصائل السورية الأخرى، لضمان عدم تحول المناطق الحدودية إلى نقطة انطلاق للهجمات ضد المناطق التي تسيطر عليها. ولهذا السبب، يقوم الجيش الإسرائيلي حاليًا بإنشاء منطقة عازلة في الجولان.



ترى الدولة العبرية أن هناك فرصة لإعادة تشكيل الشرق الأوسط، حيث لم تخفِ وجود اتصالات تجريها مع جهات دولية لضمان مصالحها في "سوريا مابعد الأسد"، ويمكن القول إن مصدر القلق الرئيسي لإسرائيل يتمثل في خطر اقتراب قوات المعارضة السورية من حدودها، في ظل الفوضى السائدة، بالإضافة إلى سيطرة "جهات معارضة مجهولة" على أسلحة غير تقليدية.


وقد استخدمت تل أبيب هذين القلقين كذريعة، للسيطرة على نقاط استراتيجية في قمة جبل الشيخ السوري، وكذلك في المنطقة العازلة على حدود فلسطين المحتلة، حيث إن الجيش الإسرائيلي ينفذ خطة اقترحها وزير الأمن، يسرائيل كاتس قبل أيام، والتي تم تنسيقها مع الجيش قبل سقوط الأسد، وتتمثل في احتلال المنطقة العازلة بحجة انهيار اتفاق فض الاشتباك الذي تم التوصل إليه مع النظام السوري برعاية أممية في عام 1974.


تحاول إسرائيل إذن، في ظل الظروف الراهنة، استشراف السيناريوهات المحتملة، بعد انتهاء حكم الأسد، مع التركيز على تمييز فصائل المعارضة التي تعتبرها "غير متجانسة في معاداتها لإسرائيل".

وقد دعا بعض المحللين الإسرائيليين إلى ضرورة استهداف نوع معين من المعارضة منذ البداية، حتى لو كان ذلك يعني تغيير ملامحها، في إشارة إلى "هيئة تحرير الشام"، إن فترة حكم الأسد الأب والابن كانت هادئة تحت مبدإ لا حرب ولا سلم، لكن التوتر بدأ فقط مع دخول إيران وحلفائها إلى سوريا، مما يعني أن تل أبيب تعتبر فترة حكم الأسد قبل الثورة السورية وردية وفقا لقراءتها.

إيران..الخاسر الأكبر
كان أحد المكونات الرئيسية لاستراتيجية إيران في جوارها هو تنمية "محور المقاومة"، وهو شبكة فضفاضة من الميليشيات الإقليمية ذات الهياكل التنظيمية المنفصلة، والمصالح المتداخلة، والعلاقات مع المؤسسات الأمنية والدينية الإيرانية.


وقد كان الأسد بالنسبة للنظام في طهران أكثر من مجرد شريك، حيث كان يمثل الأساس في "محور المقاومة"، الذي تقوده إيران عبر وكلائها، في مواجهة ما تسميه قوى الغطرسة والاستكبار، فقامت إيران بتعزيز نفوذها في المنطقة، عبر التواجد العسكري والسياسي في الدول الرئيسية التي تقع ضمن ما يُعرف ب"الهلال الشيعي"، وهو التحالف الذي يمتد من طهران، مروراً بالعراق وسوريا، وصولاً إلى لبنان واليمن.


لذلك، فإن إيران تعد الخاسر الأكبر، بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد، جيوسياسيا، لم يعد لإيران ممر بري إلى لبنان، وفقدت جماعاتها الداعمة الأكثر انضباطا وتسليحا وفعالية، بينما خسرت دفاعاتها الجوية الرئيسية في ضربة انتقامية من جانب إسرائيل.


كما أن سلسلة الهزائم التي تعرضت لها إيران، قد تدفعها إلى العمل من أجل امتلاك أسلحة نووية، باعتباره الخيار الوحيد الآن في مواجهة أي تهديدات، وفي حالة اختيار النظام في إيران، اللعب على أوتار هذا الخيار، فسيكون على إدارة ترامب أن تقرر ما إذا كانت ستتدخل بالقوة لمنعها، وقد يواجه ترامب هذا القرار في الأيام الأولى لاستلامه السلطة، ورغم ذلك، فتحت طهران قناة مباشرة للتواصل مع الفصائل في القيادة الجديدة بسوريا، وذلك لمنع حدوث مسار عدائي بين البلدين.


وتجدر الإشارة إلى أن حكام إيران من رجال الدين، الذين يواجهون حالياً فقدان حليف مهم في دمشق، وعودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير المقبل، مستعدون للتعامل مع القادة السوريين الجدد، معتبرين أن التواصل يعد مفتاحاً لاستقرار العلاقات، وتفادي المزيد من التوترات الإقليمية، وعموما فإن النظام في إيران، يدرك أن اللعبة تكون قد انتهت بالنسبة لمحاولاتها تحصين وكلائها من الفصائل الشيعية في لبنان والعراق واليمن، التي يمكن أن تهدد إسرائيل.



روسيا حليف الأمس..إعادة ترتيب الأولويات
لعبت روسيا دورًا محوريًا في دعم نظام الأسد منذ اندلاع الثورة في 2011، من خلال تقديم المساعدات العسكرية والسياسية، فمنذ بداية النزاع في سوريا، قامت روسيا بتزويد النظام بالأسلحة، وتقديم الدعم الجوي خلال العمليات العسكرية، كما استخدمت حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن، لحماية النظام من القرارات التي قد تضر به، وبذلك تمكنت روسيا من خلال دعمها للأسد، من الحفاظ على نفوذها في المنطقة، وضمان مصالحها الاستراتيجية.


و يبدو أن موسكو تستعد بشكل رسمي للتعامل بمرونة مع المرحلة القادمة، في البداية، كانت الحسابات الروسية تتعلق بفكرة انتهاء النفوذ الإيراني في سوريا، مما كان سيفرض ترتيبات جديدة في المنطقة، لكن الانهيار السريع لدفاعات الحكومة السورية وحلفائها جعل روسيا تواجه تطوراً غير متوقع، مما دفعها إلى إعادة تنظيم أولوياتها.


ولم تتمكن موسكو من فتح جبهة جديدة واسعة، وهي تواجه منعطفاً حرجاً في الحرب الأوكرانية، حيث اقتربت الأمور من الانزلاق نحو مواجهة مباشرة وقوية مع حلف شمال الأطلسي، كما أدركت موسكو بسرعة تغير المزاج الإقليمي والدولي تجاه نفوذ إيران وأذرعها العسكرية في المنطقة، ولم يُخف الكرملين استيائه، كما أظهرت تحليلات مقربين منه، تعنت الرئيس السوري المستمر أمام خطط موسكو لتهدئة الأوضاع مع تركيا، وفتح المجال للتسوية السياسية.


وكان هناك عاملان رئيسيان آخران وراء تردد روسيا في دعم الأسد هذه المرة، الأول هو عدم رغبة موسكو في تقويض فرص التفاهم المستقبلية مع تركيا، في حال قررت القيام بعملية عسكرية واسعة، والثاني هو عدم رغبتها في فتح جبهة واسعة قد تؤثر سلباً على إمكانية التفاهم لاحقاً مع إدارة الرئيس المنتخب، دونالد ترمب، بشأن الملف الأوكراني، وقضايا الأمن الاستراتيجي في أوروبا، وهي أمور تحظى بأهمية قصوى لدى الكرملين،
في هذا السياق، بدا أن موسكو وجدت في التضحية بحليفها وسيلة أقل تكلفة وأكثر فائدة، مع الحرص على أن يبقى للكرملين دور فعّال في أي عملية تسوية مستقبلية في سوريا تضمن مصالح روسيا.

العنصر الثاني هو أن التوازنات الدقيقة التي أنشأتها موسكو خلال سنوات الأزمة السورية، في علاقاتها مع إسرائيل وإيران وتركيا والحكومة السورية، وبعض أطراف المعارضة المعتدلة، والتي انضمت إليها لاحقًا عمليات تنسيق مع أطراف متضررة من الوضع في سوريا، مثل الأردن والعراق، أصبحت الآن تواجه تغييرات كبيرة، مما يدل على أنها لم تكن قوية بما يكفي لتؤسس لوضع مستدام.

الدور الأمريكي بعد الأزمة
تحتفظ الولايات المتحدة بحوالي 900 جندي في سوريا، لدعم الجهود المستمرة لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية، مما يزيد من تعقيد الوضع هناك، وأعلنت الولايات المتحدة أنها ستتابع التطورات عن كثب، وستدعم الجهود الدولية الرامية إلى محاسبة نظام الأسد وداعميه على الفظائع والانتهاكات، التي ارتكبت بحق الشعب السوري، بما في ذلك استخدام الأسلحة الكيميائية، والاحتجاز غير العادل للمدنيين.


وقد أكد الرئيس الأمريكي يوم الأحد 08 دجنبر أن بلاده ستتعاون مع "كافة المجموعات السورية" لضمان تحقيق انتقال سياسي بعد سقوط نظام بشار الأسد، بما في ذلك العملية التي تقودها الأمم المتحدة، بهدف تأسيس مرحلة انتقالية بعيداً عن نظام الأسد، نحو (سوريا) مستقلة وذات سيادة مع دستور جديد.


وأشار كاتب الدولة في الخارجية، أنطوني بلينكن، إلى أنهم أخذوا في الاعتبار التصريحات التي أدلى بها زعماء المتمردين في الأيام الأخيرة، ولكن مع تحملهم لمسؤوليات أكبر، سيقومون بتقييم أقوالهم وأفعالهم على حد سواء، وأضاف أنهم يدعون جميع الأطراف مرة أخرى إلى احترام حقوق الإنسان، واتخاذ كافة الاحتياطات اللازمة لحماية المدنيين، والامتثال للقانون الإنساني الدولي.

من ناحية أخرى أفاد مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، أمس الاثنين أن الولايات المتحدة ستتعامل مع كافة المجموعات في سوريا، معبراً عن ترحيبه بتصريحات المعارضة المسلحة (في إشارة لهيئة تحرير الشام)، التي أسقطت نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، مؤكدا أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تشارك بشكل مباشر في الهجوم الذي أدى إلى وصول المعارضة المسلحة إلى السلطة في سوريا، كما أنها لم تقدم الدعم له، ولم تكن جزءًا منه. ومع ذلك، أوضح أن واشنطن كانت جزءًا من جهود إقليمية ودولية واسعة تهدف إلى إضعاف داعمي الأسد، باختصار، فإن الولايات المتحدة قد تحقق مكاسب من خسارة روسيا وإيران بعد سقوط حليفهما الأسد، ولكن الأمور غير متضحة بعد.


الموقف العربي.. في انتظار الحسم
تتواصل ردود الفعل الرسمية العربية مع إعلان فصائل المعارضة المسلحة إسقاط الرئيس بشار الأسد، حيث تركزت على متابعة تطورات الأوضاع في دمشق، والتأكيد على دعم خيارات الشعب السوري، وقد شملت هذه الردود دعوات لبدء عملية سياسية شاملة، بالإضافة إلى تحذيرات من خطر الانزلاق نحو الفوضى.

وبناءً على الوضع السوري الراهن، الذي يكتنفه "الغموض وحالة اللايقين بشأن مستقبله"، فالموقف العربي الرسمي لن يتجه نحو توحيد الرؤى، بل سيتطور ويتفاعل مع مرور الوقت، في انتظار اتضاح الأمور، ويمكن القول إن سيناريوهات الموقف العربي تعتمد على مسارين محتملين: الأول هو دعم المؤسسات والمسار الانتقالي، والثاني هو استعادة الحضور العربي، والاعتراف بالواقع ومتابعة تطوراته، مع ضرورة عدم ترك الأمور لأي تدخلات غير عربية، كما تباينت الآراء حول مقعد "الجامعة العربية"، حيث تم تجميده حتى وصول سلطة جديدة، أو قبول قادة المرحلة الانتقالية الحالية.

تداعيات انهيار النظام على المشهد السوري الداخلي
إن انهيار نظام آل الأسد سيؤدي إلى إعادة تشكيل خريطة الشرق الأوسط لأسباب متعددة، وما سيترتب على ذلك في سوريا سيكون له تأثيرات عميقة على المنطقة بأسرها.


فبخصوص التغيرات السياسية في الداخل السوري ما بعد الأسد، بعد سقوط النظام، من المتوقع أن تشهد سوريا إعادة تشكيل المشهد السياسي، قد يؤدي انهيار حكم الأسد إلى ظهور قوى سياسية جديدة تسعى لتشكيل حكومة تمثل مختلف الأطياف السورية، هذا التحول يمكن أن يفتح المجال أمام عملية سياسية أكثر شمولية، حيث يمكن لأحزاب المعارضة والمجتمع المدني أن تلعب دورًا أكبر في تشكيل مستقبل البلاد، ومع ذلك، فإن الصراع على السلطة بين الفصائل المختلفة قد يؤدي أيضًا إلى مزيد من الفوضى وعدم الاستقرار.


وقد تم تكليف محمد البشير بتشكيل حكومة سورية جديدة لإدارة المرحلة الانتقالية، وذلك عقب اجتماع ضم قائد عمليات المعارضة السورية المسلحة أحمد الشرع، ورئيس الوزراء محمد الجلالي، ورئيس حكومة الإنقاذ محمد البشير، بهدف وضع ترتيبات نقل السلطة، وتجنب دخول سوريا في حالة فوضى.


و تعود فكرة إنشاء مجلس عسكري انتقالي في سوريا لعدة سنوات، حيث تم طرحها في مناسبتين سابقتين على الأقل، في عامي 2012 و2016، مستلهمة من التجربة المصرية بعد الإطاحة بحسني مبارك في عام 2011، عندما تولى مجلس القوات المسلحة السلطة في مصر.


ومع ذلك، ورغم أن «هيئة تحرير الشام» شكّلت حكومة الإنقاذ عام 2017، وكانت تتضمن حينها 11 حقيبة وزارية، وتتبع لها خدمياً وإدارياً مناطق إدلب وريف حماة الشمالي، وريف حلب الغربي الذي كان خاضعاً حينها لسيطرة المعارضة، إلا أن فكرة تشكيل المجلس العسكري الانتقالي في سوريا بقيت في حالة "غيبوبة" إلى حد كبير داخل الأوساط الدبلوماسية، بسبب وحشية الصراع وصعوبة تحقيق توافق دولي، مما أدى إلى تهميش هذا الاقتراح واستبعاده.

ومع ذلك، تشير بعض التقارير إلى أن الوضع قد بدأ في التغير، وقد أصدر المجلس الوطني الانتقالي المشكل في سوريا بيانه الأول، بعد إبلاغ قيادة الجيش السوري الضباط بسقوط نظام بشار الأسد، وقال المجلس: "بعد سنوات طويلة من الظلم والاستبداد والقهر، وبعد تضحيات عظيمة قدمها أبناء وبنات هذا الوطن الغالي، نعلن اليوم للشعب السوري العظيم وللعالم أجمع أن نظام بشار الأسد قد سقط، وأنه قد فرّ هارباً إلى خارج البلاد، تاركاً خلفه إرثاً من الدمار والمعاناة".


وأعلن أن قوى الثورة والمعارضة قد تولت زمام الأمور في سوريا الحبيبة، مؤكدين التزامهم ببناء دولة حرة، عادلة، وديمقراطية، يتساوى فيها جميع المواطنين دون تمييز، وتعهد المجلس بالحفاظ على وحدة الأراضي السورية وسيادتها، وحماية كافة المواطنين وممتلكاتهم، بغض النظر عن انتماءاتهم، والعمل على إعادة بناء الدولة ومؤسساتها على أسس من الحرية والعدالة.


كما تعهد بالسعي لتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة، وإعادة اللاجئين والمهجّرين إلى ديارهم بأمان وكرامة، ومحاسبة كل من أجرم بحق الشعب السوري، وفقاً للقانون والعدالة، ودعا المجلس جميع أبناء الشعب السوري إلى الوحدة والتكاثف في هذه المرحلة التاريخية، مؤكدا أن سوريا الجديدة لن تكون حكراً على أحد، بل هي وطن للجميع.


وتبقى التحديات الكبرى أمام المجلس الانتقالي تتعلق بإدماج وإشراك كافة القوى والفصائل في العملية السياسية، خصوصا قوات سوريا الديمقراطية التي لن ترض بطبيعة الحال بوضعها على هامش السلطة.


التأثيرات الاقتصادية
يعاني الاقتصاد السوري من تدهور كبير نتيجة الحرب المستمرة والعقوبات الدولية المفروضة، وقد يتيح سقوط النظام الفرصة لإعادة بناء الاقتصاد، وإعادة إدماج سوريا في الاقتصاد الإقليمي والدولي، إلا أن ذلك يتطلب استثمارات ضخمة، وإصلاحات جذرية، وهو ما قد يكون صعب التحقيق في ظل الظروف الراهنة، علاوة على ذلك، فإن الوضع الأمني غير المستقر قد يعيق جهود الإنعاش الاقتصادي.

الأبعاد الاجتماعية
سيساهم سقوط نظام الأسد في التأثير العميق على النسيج الاجتماعي في سوريا، فالنزاع الذي استمر لأكثر من عقد أدى إلى انقسامات عميقة بين المجتمعات المختلفة، وستكون إعادة بناء الثقة بين هذه المجتمعات تحديًا كبيرًا، حيث يتعين العمل على المصالحة الوطنية، وتعزيز التعايش السلمي بين مختلف الفئات.

التداعيات الأمنية
إن انهيار النظام الذي أدى إلى فراغ أمني كبير، يمكن أن تستغله الجماعات المتطرفة، أو الميليشيات المسلحة التي تتصارع على السلطة، هذا الفراغ قد يزيد من زعزعة الاستقرار في المنطقة، ويؤدي إلى تصاعد العنف والصراعات على شاكلة النموذج الليبي.

مستقبل سوريا بعد سقوط الأسد
مع تعدد الفاعلين وتضارب المصالح، يبقى مستقبل سوريا معلقاً بين تطلعات الشعب للتغيير، وتحديات التوازن مع القوى الإقليمية والدولية، فمستقبلها بعد سقوط نظام بشار الأسد، يعتمد على مجموعة من العوامل السياسية والأمنية والاجتماعية التي ستحدد مسار البلاد في مرحلة ما بعد النظام، وهذه أبرز السيناريوهات المحتملة:

مرحلة انتقالية مضطربة:
الفراغ الأمني: رغم تشكيل مجلس انتقالي، قد يؤدي انهيار النظام إلى فراغ أمني تستغله الجماعات المسلحة مثل تنظيم داعش، أو الفصائل المتطرفة الأخرى التي قد تحرم من مناصب سياسية في المرحلة الحالية.


الاقتتال الداخلي: من المحتمل اندلاع صراعات بين الفصائل المتنافسة للحصول على النفوذ، خاصة في ظل الانقسامات الأيديولوجية والطائفية التي تعيشها البلاد.

تسوية سياسية مدعومة دولياً
رعاية أممية أو دولية: قد تتدخل الأمم المتحدة أو الدول الكبرى لتسهيل عملية انتقالية تقود إلى حكومة توافقية.

إعادة الإعمار: سيتم التركيز على إعادة إعمار البنية التحتية المدمرة خلال سنوات الثورة، بشرط تأمين مصادر التمويل الدولية، وتوافق القوى الكبرى على مستقبل البلاد، وعدم استغلال ذلك سياسيا للتدخل في شؤون الدولة.


تقسيم جغرافي أو فيدرالية:
تقسيم البلاد: يبدو أن السيناريو الليبي كان حاضرا في حال فشل التوافق، فقد تواجه سوريا خطر التقسيم الفعلي إلى مناطق نفوذ دولية وإقليمية، كما هو الحال حالياً مع مناطق النفوذ التركية، الروسية، والأمريكية.

نظام فيدرالي: نظرا لتعدد أطياف المجتمع السوري، فقد يتم اعتماد نظام فيدرالي يمنح للأقاليم المختلفة حكماً ذاتياً، في إطار دولة سورية موحدة.

استقرار ديمقراطي طويل الأمد :
بناء مؤسسات ديمقراطية: في سيناريو أكثر تفاؤلاً، قد تنجح القوى السورية في بناء مؤسسات ديمقراطية، تحقق الاستقرار، وتدير التعددية الدينية والعرقية، وتدير المرحلة الانتقالية بنجاح بعيدا عن كل الضغوط الأجنبية.

مصالحة وطنية: يمكن أن تؤدي عملية مصالحة وطنية شاملة بين مكونات الشعب السوري ومختلف أطيافه، إلى إنهاء الصراع، وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

التحديات الكبرى أمام المشهد السوري
التدخل الأجنبي
يبقى التدخل الخارجي أحد أهم العقبات، حيث تسعى قوى إقليمية، مثل إيران وتركيا وروسيا والولايات المتحدة للحفاظ على نفوذها، وستكون الدول المجاورة، مثل إسرائيل والأردن ولبنان في حالة تأهب، إضافة إلى دول الخليج التي أعادت التواصل مع النظام السوري في السنوات الأخيرة، لكنها تظل متوجسة من صعود الحركات الإسلامية.

إعادة الإعمار: تتطلب عملية إعادة إعمار سوريا مئات المليارات من الدولارات، وجهوداً مستدامة لعقود.

اللاجئون السوريون: أزمة اللاجئين السوريين تعد واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العصر الحديث، حيث تسببت الحرب الأهلية المستمرة منذ عام 2011 في نزوح ملايين السوريين داخل البلاد وخارجها، وسيظل ملف اللاجئين والنازحين من أكبر التحديات، إذ يتطلب حلاً سياسياً وأمنياً شاملاً لعودة آمنة ومستدامة.

ويقدر عدد اللاجئون خارج سوريا بما يعادل 6.8 مليون سوري، لجأوا إلى دول الجوار وأوروبا، بحسب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)، أما النازحون داخلياً، فيقدر عددهم بنحو 6.9 مليون شخص نزحوا داخل سوريا بسبب الصراع، ومن أكبر الدول المستضيفة، تركيا التي تستقبل حوالي 3.6 مليون لاجئ سوري، حيث يعيش الكثيرون في مخيمات أو مدن تركية كبرى.

وررغم مساحته الصغيرة، يستضيف لبنان حوالي 1.5 مليون لاجئ، ما يمثل تحدياً كبيراً نظراً لأزماته الاقتصادية والسياسي، كما تستضيف الأردن أكثر من 670 ألف لاجئ، خاصة في مخيم الزعتري الشهير.

خطر الحرب الأهلية
يبرز خطر اشتداد الاشتباكات بين الجماعات المسلحة، إلى جانب احتمال سعي تنظيم داعش، الذي سيطر سابقاً على أجزاء كبيرة من شمال وشمال شرق سوريا، لاستغلال أي فراغ أمني للعودة إلى الساحة،كما ستشعر الأقليات السورية، التي عاشت في ظل نظام علماني نسبياً، خدم الأسد كونه ينتمي إلى إحدى هذه الأقليات، بالقلق إزاء المستقبل المجهول، في بلد متعدد الأعراق والطوائف والديانات.

ويبقى التحدي الأكبر لسوريا، في مرحلة ما بعد سقوط نظام بشار الأسد، متمثلاً في تجنب المصير الذي واجهته دول أخرى إثر انهيار أنظمتها الاستبدادية، والشروع في عملية إعادة الإعمار، وتحقيق المصالحة الوطنية، لإرساء الاستقرار السياسي والأمني، وعدم السماح بأي ثورة مضادة تقطف ثمار هذا الانتصار التاريخي للشعب السوري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.