دعا تقرير التنمية البشرية 2003 المغرب إلى تحقيق إقلاع اقتصادي قوي يرافقه اهتمام أكبر بالفئات الإجتماعية الفقيرة، كما دعا إلى القضاء على الأمية، وتخفيض نسب البطالة، وتجديد أشكال الحكامة (التدبير الحكومي) من أجل ضمان توجيه أمثل لمسلسل التنمية، وخاصة في أبعاده الإنسانية المحلية، كل ذلك بهدف تحسين مؤشر التنمية. وأشار التقرير الخاص بالمغرب الذي تم تقديمه يوم الخميس الماضي بالرباط بحضور المندوب السامي في التخطيط أحمد الحليمي والمدير الإداري العام لبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي مارك مالوش براون والممثل المقيم لبرنامج الأممالمتحدة للتنمية بالمغرب إيمانويل ديركس دوكاستل، (أشار) إلى أن مؤشر التنمية البشرية الخاص بالمغرب شهد تحسنا طفيفا، إذ سجل مستوى 630,0 سنة ,2002 مقابل 589,0 سنة ,1998 و537,0 سنة ,1990 و470,0 سنة .1980 وعزا التقرير هذا التحسن الطفيف إلى المستويات المرتفعة لنسب الأمية خاصة في الوسط القروي. وقال محمد نجيب بوليف أستاذ الاقتصاد بجامعة عبد المالك السعدي بطنجة، في تعليق له على هذه الأرقام، إنهمن الطبيعي أن يشهد مؤشر التنمية البشرية بالمغرب تحسنا بالنظر إلى السيرورة التاريخية التي أنتجت تحسنا لدى أغلب بلدان العالم، لكنه يظل كميا مجردا لا يعكس الواقع المعيش ولايعكس التحسن على مستوى النوع، مضيفا في تصريح لالتجديد أنه إذا كانت معدلات الأمية والتمدرس قد عرفت بعض التطور خلال السنوات الماضية، فإن مؤشرات أخرى تهم المجال الاقتصادي قد شهدت تدهورا ملحوظا كالقدرة الشرائية للأفراد والقدرة التنافسية للمواطن المغربي قياسا مع الأجانب. ونبه المحلل الاقتصادي وبرلماني حزب العدالة والتنمية، في سياق إبرازه لمحدودية ما تم إنجازه حتى الآن في مجال محاربة الفقر، إلى أن حساب مؤشر الفقر البشري، الذي مايزال مغيبا بالمغرب، قد يكشف عن أعداد كبيرة من الفقراء يفوق بكثير العدد المعلن عنه رسميا (6 ملايين) بالاعتماد على مقاربة الفقر المالي. وقال المصدر ذاته إن المغرب لايريد مقاربة ظاهرة الفقر انطلاقا من مؤشر الفقر البشري مخافة أن يصطدم بأرقام كبيرة، يقول البعض عنها إنها قد تصل إلى 20 مليون فقير على الأقل . ويرتكز قياس الفقر البشري على حساب الخصاص الحاصل في مجالات العيش لمدة طويلة وبصحة جيدة، وإمكانية التعلم والتمتع بظروف عيش ملائمة، والمشاركة في حياة المجتمع، فيما يتم حساب الفقر المالي بالمغرب بالرجوع إلى عدد الأفراد الذين لايتجاوز دخلهم اليومي دولارا أميركيا ( حوالي عشرة دراهم). وفي موضوع ذي صلة أشارت ورقة عمل غير رسمية حول السكان والتنمية ومحاربة الفقر بالمغرب، خلال منتدى برلمانيي الدول العربية للسكان والتنمية المنعقد أخيرا بالرباط، إلى أن معدل الفقر البشري بالمغرب بلغ 36,4 بالمائة سنة 1999 مقابل 14,7 بالمائة سنة 1990 إلى ,1999 فيما بلغ معدل الفقر المالي حسب عتبة الفقر الوطنية (دولار واحد) 19 بالمائة سنة 1999 مقابل 13,1 بالمائة سنة .1999 وسجلت الورقة نفسها، وهي عبارة عن دراسة شاملة لمختلف البحوث المنجزة حول إشكالية الفقر بالمغرب، أن المغرب حافظ على نسبة الفقر المقاس حسب خط دولار واحد للفرد يوميا، إذ سجل هذا الصنف من الفقر 0,7 بالمائة سنة ,1999 مقابل 0,8 بالمائة سنة .1990 ولاحظ التقرير الوطني المتعلق بأهداف الألفية للتنمية الذي قدم يوم الخميس الماضي، بالموازاة مع تقرير التنمية البشرية من جهته، أن المغرب بإمكانه تحقيق مستوى 3,5بالمائة من حيث عدد الفقراء بحلول سنة ,2015 مقابل 7 بالمائة سنة ,1990 شريطة تحقيق نمو اقتصادي قوي، وخلق مزيد من مناصب الشغل، وتنسيق الجهود المبذولة في مجال محاربة الفقر والتفاوتات على المستويين الاجتماعي والجغرافي. وأشار التقرير إلى أن المغرب يسير بثبات من أجل بلوغ تعميم التمدرس بحلول سنة ,2010 مبرزا أن المملكة تمكنت من بلوغ معدل 73,5 بالمائة من التعميم سنة ,1998 مقابل52,5بالمائة سنة .1990 جدير بالذكر أن تقرير التنمية البشرية العالمي لهذه السنة صنف المغرب في المرتبة 126 من بين 175 دولة شملها، مقابل المرتبة 123 سنة ,2002 مما جعله يتبوأ صفوفا متأخرة على المستوى العربي، إذ لم يتقدم سوى على الجيبوتي والسودان واليمن وموريتانيا، فيما تقدمت عليه بلدان مجاورة كتونس والجزائر. محمد أفزاز