الأنترنيت هي شبكة عالمية للاتصال والمعلومات، وقد شهد هذا المجال نموا كبيرا بالمغرب أواخر التسعينات من القرن الماضي، حيث انتشرت بشكل ملحوظ محلات الأنترنيت داخل الأحياء الشعبية فساهم ذلك في انخفاض ثمن الساعة الواحدة للأنترنيت حيث وصل إلى سبعة دراهم أو خمسة دراهم... لكن لوحظ في السنتين الأخيرتين إقفال عدد كبير من هذه المحلات في أغلبية المدن المغربية، مما طرح عدة تساؤلات، خصوصا وأن أغلب أصحاب هذه المحلات هم من الطلبة والشباب الذين أعياهم البحث عن العمل وكثرة الانتظار، فقرروا الاعتماد على ذواتهم بمساعدة الأقارب والأصحاب للقيام بهذا المشروع، بعدما تجاهلتهم الجهات المسؤولة ورفضت الأبناك إقراضهم. ومن خلال تجربتي الشخصية وتجربة بعض الأصدقاء، منهم من أقفل ومنهم من لازال يعاني، يمكن تلخيص أسباب إقفال وإفلاس محلات الأنترنيت في النقط التالية: كثرة العرض، حيث أصبحنا نجد داخل حي واحد وفي نفس الشارع مجموعة من المحلات المتقاربة، في حين لم يرتفع الطلب على الأنترنيت بشكل كبير، لأن أغلب رواده هم من الطلبة والموظفين الذين لهم دراية بسيطة بميدان المعلوميات، في غياب شريحة اجتماعية كبيرة، غير معنية تماما بهذه الخدمات الجديدة، مما نتج عنه منافسة شرسة بين محلات الأنترنيت، وانخفاض ثمن الساعة الواحدة إلى خمسة دراهم أو أقل. محلات الأنترنيت التي تضررت بشكل كبير هي التي لا تتعدى أجهزة الكمبيوتر لديها ثمانية أو عشرة، بسبب انخفاض ثمن الساعة الواحدة للأنترنيت، وبسبب عدم قدرتها على منافسة المحلات الأخرى التي تملك أكثر من عشرين جهاز كمبيوتر، هذا في الوقت الذي لم تتخذ فيه اتصالات المغرب عبر مصلحة المستهلكين "ANRT" أي إجراء من شأنه حماية محلات الأنترنيت الصغرى، على الأقل تحديد مسافة معينة بين محل وآخر، كما هو الحال بالنسبة لمحلات الهاتف العمومي "téléboutique". الانقطاعات المتكررة لخط الاتصال بشبكة الأنترنيت، بسبب ضعف شبكة اتصالات المغرب، خاصة بعد الساعة الثامنة مساءا وخلال أيام العطل، إضافة إلى الأعطاب الكثيرة التي تتعرض لها أجهزة الكمبيوتر وغلاء قطاع الغيار والحاجة المستمرة إلى الصيانة. كثرة التكاليف مثل: مصاريف الكراء، فاتورة اتصالات المغرب (الأنترنيت + الهاتف)، فاتورة الماء والكهرباء، مصاريف المستخدمين والصيانة والضرائب... غلاء تكلفة فاتورة اتصالات المغرب، حيث تفرض تسعيرة (19.20 درهم) (تسعة عشر درهما وعشرين سنتيم) للساعة الواحدة مع احتساب الضريبة، مما يحتم على أصحاب محلات الأنترنيت أن لا يفتحوا خط الأنترنيت إلا بعد توفر خمسة زبناء على الأقل بثمن خمسة دراهم للساعة الواحدة وفي وقت واحد، الشيء الذي يدفع بأغلبيتهم ألا يفتح خط الأنترنيت إلا عند الساعة الثامنة مساءا حين تنخفض التسعيرة. والحقيقة أن هذا الغلاء لا يناسب الخدمة الهزيلة التي تقدمها اتصالات المغرب لزبنائها. غياب تنسيق موحد بين أصحاب محلات الأنترنيت من أجل حل بعض المشاكل التقنية والعملية وتبادل الخبرات في هذا المجال الحيوي... أمام هذه الوضعية المزرية التي حلت ببعض أصحاب محلات الأنترنيت الذين لازال البعض الآخر منهم يقاوم من أجل تغطية المصاريف الكثيرة هربا من شبح الإفلاس والبطالة، فإننا ندعو الجهات المسؤولة والضمائر الحية إلى التدخل الفوري بتقنين وتحسين هذا المجال وحماية المستثمرين فيه والتخفيض من تسعيرة فاتورة الأنترنيت والزيادة في قوة شبكة خط الاتصال بالأنترنيت، لتفادي الأعطاب المتكررة والتوقفات التي تتسبب في عدة مشاكل بين أصحاب محلات الأنترنيت والزبناء الذين يرفضون الأداء بدعوى تعذر وبطء الاتصال، في حين يكون أصحاب محلات الأنترنيت ملزمين بتأدية فواتيرهم كاملة لاتصالات المغرب سواء كانت هناك أعطاب متكررة أو بطء في الاتصال أو غلاء تسعيرة اتصالات المغرب أو فإلى متى ستستمر اتصالات المغرب في قتل زبنائها؟