أشار نقاد فنيون إلى وجود شبه مقاطعة من الجمهور المصري لفعاليات وأفلام مهرجان القاهرة السينمائي الدولي لهذا العام الذي اختتم أعمال دورته ال 26 مساء أمس. وقال الناقد العراقي فيصل عبد الله "هناك عزوف جماهيري وظلت المتابعة في حدود المتخصصين من النقاد والصحفيين, رغم تنوع الأفلام المعروضة وجرأة معظمها في تناول الجنس الذي يعد دافعا أساسيا لدى الكثيرين لارتياد دور العرض التي تقدم أفلام المهرجان, مما خلق سؤالا كبيرا وهو لماذا فقد المهرجان صلته بالجمهور؟". والسؤال ذاته تكرر في أقسام المهرجان المختلفة وعلى ألسنة الكثير من المتابعين, بعد أن غابت العبارة الشهيرة "قصة ولا مناظر" التي كانت تتردد على ألسنة الجمهور من الشرائح الشعبية للتساؤل عن نوعية الأفلام المعروضة. كما اختفت الصحف الموسمية التي كانت تصدر فقط لإثارة اهتمام الجمهور العادي بالمهرجان واللعب على غرائزه بنشر الصور العارية من أجل استقطابه إلى قاعات العرض العامة التي بدت خالية. وأعاد الصحفي أشرف بيومي وهو محرر شؤون السينما بصحيفة الأحرار هذا العزوف الجماهيري إلى التقصير في عملية التسويق لأفلامه وفعالياته. كما أشار إلى مسؤولية إدارة المهرجان لأنها "وضعت ضمن برنامجه أفلاما سبق عرضها على شاشات القنوات المحلية بالتلفزيون المصري خاصة في قسم التكريمات مثل عمر المختار وغاندي". أما الناقد العراقي المقيم بلندن زياد الخزاعي فقد دعا النقاد المصريين لدراسة ظاهرة عزوف الجماهير عن المهرجان, وقال "النقاد مسؤولون لأنهم لم يبحثوا في أسباب الظاهرة كما لم ينجحوا في تشكيل ذائقة جديدة للجمهور التقليدي الذي اعتاد على سينما الحكايات والمآسي, وهي السينما التي تغيب الآن وتنزوي عن معظم المهرجانات المحترمة". وتابع الخزاعي مؤكدا أن المهرجان" يصنع بعقلية عواجيز قد تنجح في الأمور المالية والإدارية لكن خبرتها الفنية بمجال السينما محدودة, وبالتالي لا تنجح في تحقيق رسالة فنية للمهرجان وجذب جيل جديد من المتفرجين, وهذا الجيل هو للأسف الذي يدفع ثمن التذكرة لمشاهدة فيلم تافه". وأشار الناقد السوري خليل صويلح إلى مسألة أخرى قد تكون مسؤولة عن غياب الجمهور بالقول "غياب النجوم المصريين عن حضور ومتابعة الأفلام يعطي انطباعا بأن أفلام المهرجان ثقيلة, وتفقد القدرة بالتالي على جذب الناس طالما فشلت في لفت انتباه صناع السينما أنفسهم". واستطرد "الأسماء المكرمة كذلك تنتمي في معظمها إلى ذاكرة سينما الستينيات البعيدة عن الجمهور الحالي الذي انتظر ديمي مور فوجد فانيسا رد غريف وأيرين باباس ومديحة يسري, وهن رغم دورهن المميز غير قادرات على جذب الجمهور من الشرائح العمرية الجديدة". وإضافة إلى فشل المهرجان في جذب الجمهور فشل كذلك في جذب الأفلام العربية الجديدة, حيث لم يعرض في المسابقة الرسمية إلا أربعة أفلام عربية فقط, اثنان منها من إنتاج فلسطيني بخلاف الفيلمين المصريين (معالي الوزير) و(خريف آدم). وبالمقابل نجحت دورة هذا العام في عرض نوعية جديدة من الأفلام لم تكن ذات حظ في الدورات السابقة, حيث خصص المهرجان قسما خاصا للسينما الأفريقية. وبرز حضور السينما الهندية ونجومها حيث كرم كل من المنتج الهندي إسماعيل ميرشانت والممثل شاشي كابور, إلى جانب حصول المخرج الهندي مرينال سن على جائزة أفضل مخرج والممثلة الهندية نانديتا داس على جائزة أفضل ممثلة مناصفة مع الإيرانية كاتايون رياحي. وزادت نسبة الأفلام الناطقة بالفرنسية في المهرجان. وتراجع تماما حضور السينما الأميركية, حيث لم يشارك في المسابقة الرسمية سوى فيلم أمريكي وحيد هو (العم سام). ونالت عنه المخرجة جيسي نيلسون جائزة أفضل عمل أول والتي تحمل اسم الكاتب المصري نجيب محفوظ. كما غاب تماما عن حضور فعاليات المهرجان أي من نجوم السينما الأميركية, وهو غياب أرجعه رئيس المهرجان شريف الشوباشي إلى" ظروف التوتر السياسي في الشرق الأوسط".