تظاهر عدد من المثقفين والفنانين الخميس الماضي أمام المركز الثقافي الفرنسي للمطالبة بمنع عرض فيلم شبه طبيعي للمخرجة الصهيونية كارين بن رافاييل، في مهرجان لقاء الصورة بالمركز الثقافي الفرنسي استمر على مدى أسبوع، وهو مهرجان خاص بالأفلام المصرية المستقلة. وأكد المتظاهرون خلال وقفتهم الاحتجاجية رفضهم لأي تطبيع ثقافي بين مصر والكيان الصهيوني، واعتبروا أن التطبيع هو أول المحرمات التي يؤمن بها المثقفون المصريون. وقال الأستاذ في الجامعة الأميركية بالقاهرة الدكتور أشرف بيومي إن هذه الوقفة الرمزية تبعث برسالة إلى الحكومة الفرنسية تقول إن الشعب المصري عن بكرة أبيه يرفض التطبيع مع الكيان الصهيوني. وأكد بيومي أن الحكومة الفرنسية الحالية برئاسة نيكولا ساركوزي تريد أن تكسب نقاطا لدى الكيان الصهيوني غير مكترثة بأنها ستخسر الكثير لدى الشعوب العربية عامة والشعب المصري بصفة خاصة. وأضاف أن الحكومة الفرنسية التي تتشدق بالحرية تريد أن تفرض رأيها على الشعب المصري الذي يرفض ما يسمى التطبيع مع إسرائيل، مطالبا حكومة فرنسا باحترام إرادة الشعب المصري الذي مازال يتذكر مشاهد قنابل الفوسفور التي كانت تحرق أبناء غزة. وانطلقت بقصر السينما بالقاهرة، عروض أفلام قصيرة لمصريين سحبوا أفلامهم من مهرجان المركز الفرنسي للثقافة والتعاون بالقاهرة، اعتراضا على عرضه فيلما لمخرجة إسرائيلية، وقالت وزارة الثقافة المصرية في بيان لها، أنها وافقت على إقامة نشاط سينمائي لعرض أفلام هؤلاء المخرجين الشباب تحت رعايته، وستعرض الأفلام التي يزيد عددها على ,40 تحت عنوان لقاء الصورة الحرة. وكان المخرج المصري أحمد عاطف، انسحب الشهر الماضي من عضوية لجنة التحكيم في المهرجان اعتراضا على وجود فيلم المخرجة الإسرائيلية، وقال في بيان أنه لا يمكنه أن يقبل بتحكيم فيلم لمخرجة عملت بالجيش الإسرائيلي، الذي يقتل الأطفال والأبرياء بدم بارد وبشكل يومي متكرر، وفي الوقت التي تمارس فيه دولة إسرائيل محاولات هدم المسجد الأقصى أحد أهم المقدسات الدينية للإنسانية بأكملها، وأكد عاطف، أنه لا يمكنه أن يقبل عرض فيلم مخرجته إسرائيلية في مصر، وأكد احترامه الكبير للديانة اليهودية ولليهود، معتبرا موقفه الرافض للتطبيع، هو موقف ضد الإسرائيليين والصهاينة بشكل محدد. وأعلن المركز، حذف الفيلم من المهرجان الذي يستمر ثمانية أيام، واختيار المخرجة المصرية كاملة أبو ذكري عضوا في لجنة التحكيم بدلا من عاطف، لكن الفيلم أدرج مرة أخرى بضغوط من الخارجية الفرنسية، وأعلن المركز القومي للسينما بمصر، سحب أفلامه التي كان مقررا أن تعرض بالمهرجان، كما سحب المخرجون الشبان المستقلون أفلامهم أيضا. وكان مجموعة من المخرجين المصريين المشاركين في المهرجان قد أعلنت في بيان وقعته مقاطعتها وسحب أفلامها من المهرجان الذي يقام في الفترة من 8 إلى 15 أبريل الجاري. وقال الفنانون في البيان نعلن رفضنا لما قامت به الخارجية الفرنسية بتدخلها السافر وضغطها غير المقبول على إدارة مهرجان لقاء الصورة الذي يقيمه المركز الثقافي الفرنسي بإجبار المركز على عرض فيلم شبه طبيعي للمخرجة الإسرائيلية كارين بن رافاييل في المهرجان الذي نعتبره مهرجانا خاصا بالأفلام المصرية المستقلة. وأعرب المخرجون المصريون في بيانهم عن اندهاشهم لتدخل هيئة دبلوماسية سياسية تمثل دولة فرنسا في حدث سينمائي وقيامها بالضغط على المركز الثقافي الفرنسي، بينما تعلن فرنسا دوما أن لمفكريها وفنانيها الحق في اتخاذ المواقف التي يرونها، فكيف تقدم على إجبار المخرجين والسينمائيين المصريين على اتخاذ مواقف فنية وسياسية متناقضة مع مواقفهم المبدئية؟. تضامن الكبار وقال البيان الذي وقعه ثمانية من المخرجين الذين سحبوا أفلامهم من المهرجان إنه كان الأجدر بنقابة السينمائيين والمركز القومي للسينما اللذين أعلنا سابقا مقاطعتهما للمهرجان أن يعلنا فورا إقامة مهرجان خاص للسينمائيين المصريين الشباب في نفس التوقيت الذي يعقد فيه مهرجان المركز الفرنسي لتشجيع السينما المستقلة والتأكيد على استقلالية السينمائي المصري عن أي ضغوط تريد أي جهات فرضها عليه. وتضامن عدد من المخرجين الكبار مع المخرجين الشباب الموقعين على البيان بينهم محمد خان ويسري نصر الله ونادية كامل وخالد يوسف. النقاد يستنكرون وفي الإطار نفسه، أصدرت جمعية النقاد المصريين في وقت سابق الأسبوع الماضي بيانا رافضا للمهرجان، وأبدت استنكارها لإصرار المركز الفرنسي على عرض الفيلم الإسرائيلي. ودعت الجمعية إلى مقاطعة المهرجان وعدم المشاركة في أي من فعالياته. وتحت شعار نداء إلى كل شريف على أرض مصر دعا الناقد المصري محمد الروبي نائب رئيس جمعية النقاد لوقفة احتجاجية حاشدة أمام المركز الفرنسي الخميس الماضي في نفس موعد الافتتاح تحت راية لا لعرض الفيلم الإسرائيلي. وقال الروبي في تصريح صحفي إن محاولة تمرير الفيلم الإسرائيلي إلى المهرجان واحدة من بالونات الاختبار التي يلقيها الكيان الصهيوني وبمساعدة الطابور الخامس هنا، فعلى طريقة جربناها ونفعت تبدأ الخطوة الأولى بدس فيلم لمخرجة إسرائيلية بحجة أنه من إنتاج فرنسي ليبتلع الجهلاء الطعم ويدور حوار حول الفيلم وربما يكتب البعض عن حساسية الصورة وجمال اللقطة والمعنى الرقيق الذي يدعو إلى ضرورة تعايش البشر. كتاب ومثقفون كما أطلق سينمائيون وكتاب ومثقفون مصريون بيانا ضم قائمة طويلة من التوقيعات، قالوا فيه نعلن نحن المثقفين المصرين الموقعين على هذا البيان استياءنا الشديد من إصرار المركز الفرنسي للثقافة والتعاون على عرض فيلم لمخرجة إسرائيلية عملت بالجيش الإسرائيلي، وندعو زملاءنا من المثقفين والسينمائيين إلى مقاطعة أنشطة المهرجان. وضمت قائمة الموقعين المخرج توفيق صالح والمفكر جلال أمين والممثلة نادية لطفي والمستشار طارق البشري والفنان التشكيلي أحمد نوار والكاتب والبرلماني حمدين صباحي وعضو البرلمان سعد عبود والكاتب محمد أبو الغار ونقيب المهن التمثيلية أشرف زكي والخبيرين السياسيين ضياء رشوان وعمرو الشوبكي والمخرجين مجدي أحمد علي وفهمي الخولي ومحمد كامل القليوبي. كما ضمت القائمة أسماء كتاب الرواية بهاء طاهر وصنع الله إبراهيم وإبراهيم أصلان وإبراهيم عبد المجيد ومكاوي سعيد والناقد كمال رمزي والمنسق العام السابق لحركة كفاية جورج إسحق وآخرين. وسبق أن أصدرت نقابة السينمائيين المصرية ومعهد السينما في مصر بيانين رافضين للمهرجان بسبب مشاركة فيلم المخرجة الإسرائيلية، تلاه بيان من الخارجية المصرية استنكر التدخل الرسمي الفرنسي. وقال فاروق حسني وزير الثقافة المصري في بيان أصدره الجمعة الماضية، أن انسحاب السينمائيين المصريين من المهرجان، رد فعل مجتمعي نابع من السينمائيين المصريين الرافضين للتطبيع مع إسرائيل، شأنهم في ذلك شأن المجتمع المصري بأسره الرافض للتطبيع، وأضاف أنه كان على الموقف الفرنسي أن يراعي رد الفعل العام من التطبيع والذي يتمثل في موقف المجتمع المصري والسينمائيين المصريين ووزارة الثقافة، الرافضين لكل كافة أشكال التطبيع مع إسرائيل.