أكد عدد من السياسيين والمفكرين المغاربيين، في تصريحات لوكالة المغرب العربي للأنباء، على هامش الدورة السادسة للمنتدى المغاربي الذي احتضنته الدارالبيضاء، مؤخرا، على ضرورة اعتماد مقاربة شاملة لحفظ الأمن الإقليمي لمنطقة المغرب العربي، تأخذ بعين الاعتبار البعد الاجتماعي والديني والتربوي لمواجهة الجماعات المتطرفة التي تنشط بالمنطقة. وفي هذا الصدد، اعتبر محمد غزالي وزير أول سابق للحكومة الجزائرية، أن ما تشهده المنطقة المغاربية من تفش ل"ظاهرة التطرف" يعزى إلى عوامل خارجية وداخلية بالمنطقة. وأضاف أن "هذه الأعمال المنافية للقيم الإسلامية رسخت فكرة أن التطرف لصيق بالدين الإسلامي، وهذا غير صحيح"، موضحا أن التطرف ظاهرة تعرفها كافة المجتمعات من مختلف الديانات والإيديولوجيات. ودعا غزالي الجامعيين والمهتمين إلى تصحيح هذه المغالطات للحد من محاولات بعض القوى السياسية إلصاق ظاهرة التطرف بالإسلام والمسلمين، "بل هناك من هذه القوى ببلدان المنطقة من يستغل هذا التطرف لفرض نفسه على الساحة السياسية، وهو ما يقع كذلك في أوروبا". وللخروج من هذا الوضع، أكد على ضرورة خلق جسور التواصل والثقة بين القوى السياسية والمواطنين، وإشراك الشعوب في اتخاذ القرارات وكذا في تدبير الشأن العام. من جهته، قال عبد اللطيف حناشي، أستاذ التاريخ السياسي المعاصر بالجامعة التونسية، إن "ظاهرة التطرف" لا تقتصر على المنطقة العربية الإسلامية، بل هي ظاهرة اجتماعية ثقافية ودينية عالمية، ولا يمكن حصرها في عامل دون آخر "فهي نتاج عوامل مركبة". بعد أشهر من التوتر والجمود.. الهند وباكستان تبحثان عن إعادة الدفء لعلاقاتهما وأوضح حناشي، في تصريح مماثل، أن ما تشهده المنطقة المغاربية في الوقت الراهن يشكل خطرا يتهدد المنطقة، ويعرقل جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية فيها. وأكد على ضرورة إيجاد تكامل اقتصادي شامل بين بلدان المنطقة من شأنه التقليص من الحرمان والفقر والتهميش، مشيرا إلى أن هذا سيساهم في الحد من انضمام الشباب للتنظيمات الإرهابية. ودعا، في هذا الصدد، إلى العمل على تفعيل الاتفاقيات المبرمة بين الأقطار المغاربية في إطار اتحاد المغرب العربي وفتح حدودها، التي من شأنها المساهمة في خلق التنمية الشاملة. كما أكد على ضرورة إشاعة الفكر الحر والتسامح ونشر العدالة واحترام الأديان والثقافات. ومن جانبه، اعتبر الباحث والإعلامي بألمانيا، منصف السليمي، أن منطقة المغرب العربي تعيش خطرا حقيقيا، مشيرا إلى أن الوضع الراهن بليبيا يشكل "بؤرة كبيرة جدا وحقيقية" تهدد الأمن الإقليمي، مبرزا أن أي تأخر في إيجاد مقاربة مغاربية مشتركة سيزيد من خطر هذه المجموعات. بدوره، أوضح ونيس مبروك عضو مجلس أمناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين (ليبيا)، أن التطرف ظاهرة عامة وليست حكرا على مجتمع بعينه، مشددا على أن معالجتها تقتضي معرفة كافة مسبباتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية ، فضلا عن تلك المتعلقة بسوء فهم الدين. واقترح بعض التدابير لمعالجة ظاهرة التطرف بالبلدان المغاربية، منها، بالخصوص، فتح الحوار وتطوير الخطاب الديني وتفعيل دور المؤسسات الدينية والتقاء علماء الدين مع السياسيين والمفكرين، فضلا عن تضافر كل الجهود من أجل المساهمة في تطويق هذه الظاهرة. وعزا ما تقاسيه ليبيا حاليا من "واقع معقد ومركب، إلى غياب مؤسسات دينية يقودها علماء أجلاء، مما أدى إلى جنوح الشباب إلى أنصاف المتعلمين والمتدينين، بالإضافة إلى توفر السلاح الذي فاقم الأزمة بالبلاد، ودفع ببعض المتطرفين إلى فرض آرائهم بقوة السلاح"، مشددا على ضرورة إيجاد حل لهذا الوضع و"إلا سيؤثر سلبا على ليبيا وبلدان الجوار". أما محمد الوداني فال، رئيس المركز الموريتاني للبحوث والدراسات الإنسانية، فقد أشار إلى الخطر الذي تشكله الجماعات التي تتاجر بالبشر، ومهربو المخدرات والأسلحة والتي تساهم في انتشار ظاهرة الإرهاب في المنطقة المغاربية. وبعد أن أكد على أهمية العمليات الاستباقية، التي قامت بها موريتانيا في السنوات الأخيرة، لضرب معاقل المتطرفين والجماعات المسلحة المتقاطعة، دعا إلى اعتماد مقاربة مغاربية استباقية لضرب هذه الجماعات الإرهابية في مهدها.