احتضنت مدينة أصيلة ضمن موسمها الثقافي الدولي يومي ال/7و/8/غشت 2002ندوة حول موضوع موقع الروائية العربية في المشهد الروائي العربي بمشاركة نخبة من المبدعات العربيات اللواتي اخترن بدقة وعناية للتمكين لاتجاه معين في الكتابة العربية. وقد صرحت الروائية المصرية هالة بدري أن كتاباتها تأتي في إطار توسيع الثقوب في جدار الواقع العربي من أجل مزيد من الحرية في ميدان الإبداع النسوي كما أنها تكتب دون أن تتخيل أن شرطيا يقف على رأسها معتبرة الكتابة عن الممنوع من أولى الأولويات حتى إذا ما منع طبع إنتاجها في مصر فتجد من ينشره حتما ولو كان ذلك في اليونان مثلا. في ختام الندوة..
في ختام الندوة أعيدت الكلمة إلى السيد محمد بن عيسى مسير الندوة والذي تخفف من عبء أشغال وزارة الخارجية ،ليعكف على متابعة الندوات والمعارض في موسم أصيلة الثقافي .شكر الجميع بصيغة المؤنث ووعد من ترغب في زيارة المدينة أن يدبر الترتيبات لذلك في حين اعتذر عن التقصير في كرم الضيافة لأن ذلك يرجع بالأساس إلى المستثمرين. وفي مشهد آخر سارع مقدم البرامج الثقافية في القناة المغربية إلى استدعاء إحدى المبدعات الروائيات من سوريا ليستضيفها في برنامجه الثقافي وأمام عدسات الكاميرا وقبل التصوير لم تستأذن الفنانة المبدعة مضيفها لتشعل سيجارة باريسية. وقد استغرب بعض الزوار وهم يطلون من زجاج نافذة الأستوديو الخارجي للنشوة التي أبانتها هذه الفنانة وهي تداعب سيجارتها واستغربوا أكثر حين انتفض المضيف وبحركة جنتلمانية لنفض رماد السيجارة الذي سقط على سروالها ..في حين بدأ الحراس في تفرقة المستغربين ..والبقية تعرفونها حتما إذا كنتم من متتبعي البرامج الثقافية في القناة المغربية ..سوف يتحدثان طبعا عن الإبداع النسوي في مواجهة التزمت الرجالي.
وقبل..الرواية النسائية في العالم العربي.
اعتبرت عفاف عبد المعطي الباحثة في الأدب المقارن في جامعة القاهرة أثناء مداخلتها أن الوضع الثقافي الذي افرز جيل كاتبات الرواية المغربية ذات التعبير العربي أثر في ممارستهن واقترن ذلك باستقلال بلدان المغرب العربي وما وفرته مناخاتها للمرأة من فرص التعلم وإمكانيات العمل مما ساهم في تصدع البنيات التقليدية الذهنية منها والسلوكية للمجتمعات المغربية باعتبار ما نجم عن كل من التعليم والعمل من تحول في وضع المرأة وما تنجزه من أدوار داخل المجتمع ,ذلك لما أصبحت تمتلكه من عناصر وعي مثلث حوافز نزعتها إلى التحرر ودعوتها إلى المساواة في جميع حقول الحياة العملية بعد تاريخ طويل من الهيمنة والاستلاب أفقدها مقومات الكيان والهوية ومن تم عمق أشكال خضوعها لسلطة الرجل، وتعلل هذه الخلفية التاريخية لوضع المرأة المغاربية اتخاذ جنس الرواية سبيلهن إلى إثبات الذات وتأكيد الهوية وتبرير الوجود فضلا عن نزعتهن إلى التحرر من كل العوائق والقيود.
لكن السؤال الذي يطرحه الجميع... لماذا تكتب المرأة؟
تضيف عفاف عبد المعطي أن فعل الإبداع يمنح للمرأة نوعا من دواعي وجودها وتأكيد هويتها والخروج عن أعراف المجتمع الذي طالما عانت من أغلالها وعبر هذا الفعل تمكنت المرأة من الخروج على المحظورات الاجتماعية محققة نوعا من التحرر الكاشف عن خصوصية إبداعها وإضفاء قدرا من الكينونة وتحقق الذات على الصعيد الاجتماعي متدرجة من خلال هموم المبدعة إلى الهم الاجتماعي العام. وفي المقابل يأخذ بعض النقاد على مجموعة من تجارب المرأة في الكتابة الروائية تهافتها من حيث الباء الشكلي وضعف قدرتها اللغوية وانشغالها في تصريف همومها الداخلية الذاتية .. في حين اعتبرت الروائية الكويتية ليلى عثمان أن الحواجز السوداء كانت السبب في كتابة رواياتها فهي تحارب الحركات الأصولية التي تلاحق المستنيرين من المفكرين والعلماء وتكفيرهم وإقامة الحد عليهم ..في حين عبرت الروائية المغربية حفيظة الحر عن مرارتها وجملة من الإحباطات في مواجهة الصمت الذي يعقب إصدار أي منتوج روائي نسوي في ظل غياب التشجيع والمواكبة لهذه الإبداعات الروائية.ففي التوجه الثقافي العام أصبح الفضاء العربي يعج بأصوات لا تكرر إلا بعضها أما الحروف المرتقة بين دفات الكتب فتظل حبيسة للصمت والإقصاء.
المرأة في الأدب الروائي للرجل والرجل في الأدب الروائي للمرأة
انتقد الدكتور نجم عبد الكريم ا الإبداعات الرجالية في ميدان الرواية التي تعتبر الأنثى مهتمة بالإنجاب والطبخ والعلاقات الأسرية السطحية وهي المشغولة بالشكليات كما أنها عاطفية غير قادرة على التفكير السليم واتخاذ القرارات وأخذ زمام المبادرة. في حين المرأة في أدب المرأة تتحرك في عالم الرجل القدر فهي كثيرا ما تثور عليه ثم تعود إليه وتعلن استقلالها عنه وتحتمي به وتسقط تمثاله المهيب عن عرش الوعي فتتبين فراغ العالم وفراغها هي.. فتعود لتملأ الفراغ بالرجل الذي يختصر القضايا والمبادئ والأوطان ويغني عن كل نشاط إنتاجي واجتماعي . عود على بدأ
من المؤكد أن تصفح الوجوه والأسماء المشاركة وتتبع المداخلات التي انتقينا جزءا منها يعطي الانطباع أن المسؤولين عن الثقافة في هذه البلد يسعون للتمكين لتيار معين بذاته ..تيار الرفاق والرفيقات الذي يبقى همهم الوحيد هو تكسير التابوهات وإن كانت موجودة فقط في عقولهم ..ويبقى السؤال..ماذا حققت الرواية العربية النسوية قي التغيير المجتمعي .ألم تكن الجدات أحسن منهن حالا .. فالجدة كانت تحكي حكايات جميلة في قيلولة الصيف الحارة وليالي الشتاء الطويلة حيث يتحلق الجميع حول الحاكيات ليستمعوا إلى الغرائب والعجائب، بما يتفتق عنه خيالهن أو ما توارثنه عبر الأجيال من حكايات شعبية تتمازج فيها كل التناقضات البشرية والتي يسعى الكبار من خلالها لا لتسلية الصغار وحسب بل لتأصيل قيم معينة وتوجيه غير مباشر للحث على التمسك بالأخلاق الحميدة والعادات الجميلة من خلا نماذج الشخصيات في الحكاية والتي غالبا ما تترك أثرها في النفوس . عبد الغني بلوط/أصيلة