تُطرح العديد من الأسئلة، حول الانكاسات الإيجابية أو السلبية للتراجع الدولي لأسعار البترول، وفي هذا الصدد، قال الخبير الاقتصادي والوزير، محمد نجيب بوليف، في تصريح لجريدة التجديد الورقية، "فيما يتعلق بالمغرب، باعتباره مستورد للمواد البترولية، أكيد أن أي انخفاض في الأسعار هو إضافة نوعية للميزانية، وبالتالي يؤثر إيجابا على ميزانية الدولة، بسبب تقلص الفاتورة الطاقية، إذا بالنسبة لنا هذه الوضعية إيجابية ومن المستفيدين منها، لكن ما يمكن أن يكون له ضرر على البلد، هو تراجع موارد الخزينة، باعتبار أنه حين تكون الأسعار مرتفعة"، يضيف الوزير، "ومادام نحن نستورد، تكون الضرائب مرتفعة، وبالتالي إذا تراجع حجم الاستيراد، ستتراجع أيضا الموارد الضريبية للدولة، في ظل وجود تقريبا 40 بالمائة من المداخيل الجبائية المرتبطة بالمواد البترولية، لكن عموما وبما أن الصناعة والنقل والفلاحة يعتمدون على المواد البترولية، نعتقد أنا الأثر لما يحدث اليوم سينعكس إيجابا على خزينة الدولة". ويرى بوليف، الدول المصدر للبترول ليس لها الأثر الكبير على الاقتصاد العالمي، وقال، "الذي يؤثر على النمو العالمي هي الدول المستهلكة أساسا، الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدةالأمريكية، وبالتالي مادام نحن سنقلص تكلفة المواد البترولية أساسا سيحدث تنافس وستكون القيمة الإضافية بالنسبة لنا إيجابية". ويشدد المسؤول الحكومي على أن "التخوف الموجود على المستوى البعيد، في أن يظل البترول دون سعر 60 دولار للبرميل الواحد"، وقال "لا أحد سيقدم على الاستثمار في الخزانات وفي التنقيب على البترول، وهذا الذي سينكعس على العرض في المستقبل، ربما بعد عشر سنوات، فاستمرار التراجع في أسعار البترول سيؤثر على الاستثمارات"، يضيف المتحدث، "لكن تعلمنا من خلال أحداث الثلاثين سنة الماضية، أن التراجعات من هذا القبيل لا تستمر لفترة طويلة، وبالإضافة يكفي حدث آخر مثل انهيار العملة الروسية كي تعدو أسعار البترول إلى المستوى الذي كانت عليه قبل ستة أشهر". أوبك وسقف الإنتاج وبينما أبقت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) على سقف إنتاجها عند 30 مليون برميل يوميا في اجتماع نونبر الماضي، عزا أمينها العام عبد الله البدري، انهيار الأسعار إلى المضاربة بالأسواق، وقال الأمين العام لمنظمة أوبك عبد الله البدري إن عاملي العرض والطلب لا يبرران الانهيار الذي حدث في أسعار النفط، مشيرا إلى دور كبير محتمل "للمضاربة" في هذا الوضع. وأضاف على هامش "المنتدى الإستراتيجي العربي" في دبي "نريد أن نعرف ما هي الأسباب الرئيسية التي أدت إلى هذا الانخفاض في أسعار النفط؟". وأضاف "هناك زيادة بسيطة في العرض والطلب لا تؤدي إلى هذا الانخفاض الذي بلغ نحو 50 بالمائة" منذ يونيو الماضي. وشدد البدري على أن أوبك ما زالت تحافظ على سقف الإنتاج نفسه منذ عشر سنوات، وهو بحدود ثلاثين مليون برميل يوميا، فيما المنتجين من خارج المنظمة أضافوا حوالى ستة ملايين برميل يوميا إلى المعروض. كما ذكر أن النفط الصخري الذي ارتفعت معدلات إنتاجه بقوة في السنوات الأخيرة في الولاياتالمتحدة وكندا والذي يقدر حجمه بثلاثة ملايين برميل يوميا، "له تأثير" على السوق، لكن كلفة إنتاجه عالية تصل إلى سبعين دولار للبرميل. وكانت "أوبك" قررت في اجتماعها الشهر الماضي عدم خفض الإنتاج بالرغم من تراجع الأسعار إذ حثت السعودية أكبر مصدر للخام في العالم أعضاء المنظمة على التصدي لطفرة النفط الصخري الأمريكي التي بدأت تقلص حصة أوبك في السوق. الآثار المترتبة ويرى البعض أن ما يجري في أسواق النفط اليوم يعد "عقابا جماعيا"، إذ اتفق منتجو النفط الكبار في العالم والولاياتالمتحدة، رغم خسارتها من النفط الصخري، على خفض الأسعار من أجل معاقبة روسيا اقتصادياً بسبب موقفها من الأزمة في أوكرانيا، وكذلك معاقبة إيران التي تم تخفيف العقوبات المفروضة عليها، وأصبح لديها قدرة أكبر على بيع نفطها في الخارج. وقال وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك إن موسكو لن تخفض انتاجها العام المقبل حتى إذا تزايدت الضغوط على ماليتها مع تعرض الاقتصاد لمتاعب جمة. وصفت التراجعات الحادة لأسعار النفط بعملات 13 دولة من بين كبار منتجي النفط في العالم، تصدرها الروبل الروسي بنسبة 39 بالمائة، والبيزو الكولومبي ب23 بالمائة، والكرون النرويجي بنسبة 18 بالمائة، والريال البرازيلي ب15 بالمائة، كما خسر الريال الإيراني 5 بالمائة من قيمته، وذلك خلال الفترة من 19 يونيو من العام الجاري (أعلى نقطة لأسعار النفط)، حتى نهاية الأسبوع الماضي، فيما لم يتأثر الريال السعودي نظرا لارتباطه بالدولار الأميركي منذ أزيد من 30 عاما. وتختلف الآثار المترتبة على انخفاض أسعار النفط اختلافا كبيرا من بلد لآخر. وبحسب خبراء فإن الهبوط الحاد لأسعار النفط يبدو نعمة للبلدان الرئيسية المستهلكة للنفط في وقت تجددت فيه المخاوف بشأن النمو الاقتصادي، لكنه قد يكون نقمة للبلدان المنتجة. ويتوقف ذلك إلى حد كبير على ما تتبعه الدول المنتجة من سياسات فيما يتعلق بالصرف الأجنبي وعلاقة عملاتها بالدولار. وقالت وكالة الطاقة الدولية في تقرير لها الأسبوع الماضي إنه في البلدان التي لا تربط عملتها بالدولار الأميركي، ساعدت التقلبات في أسعار الصرف الأجنبي على إبطال جانب من أثر التراجعات الأخيرة لأسعار النفط. وهكذا فإن الإيرادات الإسمية لصادرات روسيا بالروبل زادت في الآونة الأخيرة رغم هبوط قيمتها بالدولار. وعلى النقيض من ذلك، فالبلدان الأعضاء في أوبك من دول الخليج التي تربط عملاتها بالدولار، شهدت أكبر هبوط في الإيرادات بالعملات المحلية جراء هبوط أسعار النفط.