كان جمهور مدينة الرباط مساء يوم الجمعة الماضي على موعد ولأول مرة مع الفنان السوري محمد أبو راتب الذي أطرب محبيه في إطار الدورة الثامنة لمهرجان الرباط بصوته الرخيم وابتهالاته وأناشيده وأمداحه النبوية. وبعد ترتيل آيات من الذكر الحكيم وهو التقليد الذي دأب عليه في مستهل كل حفل ،بدأت الأمسية فلسطينية تتوج بامتياز هوية هذه الدورة المخصصة للقضية العربية الأولى, وليتصاعد الإنشاد في ركابها حماسيا عن القدس قلب الأمة الإسلامية ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم من خلال أنشودة ً أرض الإسراء تنادينا ً,وتتوالى الأناشيد متباينة الإيقاعات تحتد تارة وتتصاعد نبراتها وسط هتافات الجمهور الذي كان كثيرا ما ينتفض واقفا ملوحا بالعلمين المغربي والفلسطيني, لتهدأ تارة أخرى وتجنح لمعانقة نشوة الأرواح في حضرة سمو يفارق مادية المرئيات والمحسوسات, وينحني إجلالا لاعتراف آدمية الذات بعظمة الخالق عبر المناجاة والابتهال, ولتنقلب إلى مشهد مسرحي تارة أخرى بحواريتين شيقتين بين الأب والابن ثم بين الجد والحفيد جمعتا أبي راتب سواء مع شقيقه أو مع المنشد السوري يحيى حوى . وفي كل ذلك كان الجمهور , مرهف السمع حسن الإنصات كثيرا ما أبدى الاستزادة التي سرعان ما كان الفنان أبو راتب يستجيب لها, وبه بعض من دهشة أمام استجابة جمهور قدر في ظنه أنه لم يتعرف عليه بعد ولم تصله أصداء عنه, وهو ما عبر عنه في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء قائلا :ً إنه أمر غير متوقع حقيقة .. وأنا جد سعيد بهذا الجمهورً ,مرجحا أن يكون لفرق الإنشاد في المغرب دورها في تهذيب ذوق جمهور غفير من هذا الصنف, بينما اعتبر المقولة التي ترجع انتشار الفن الرديء الغث على حساب الفن الرفيع الهادف إلى ذوق الجمهور ورغبته ً أكذوبة ً مؤكدا أن الجمهور بإمكانه أن يحدس الجيد من الرديء, لكن تكرار الغث واستحكامه يسقط كثيرا في وهم تصديقه. في حين لم يخف شقيق أبي راتب موسى مصطفى مسفقة سروره بتجاوب الجمهور المغربي مع أداء المجموعة ووصفه بالنوعي كما صرح بذلك للتجديد, وموسى هو من مواليد حلب سنة 1978 لكنه نشأ وترعرع في الأردن،حاصل على الإجازة في المحاسبة في جامعة الزرقاء الأهلية بالأردن، بدأ الإنشاد في سن لا يتجاوز العشر سنوات,واتجه نحو التفرد بأسلوبه الخاص,التي يغلب عليه الجانب الوجداني والاجتماعي وطريقة الأداء بخلاف أناشيد أبي راتب التي نحت إلى الإنشاد ً الدعوي ً.وحقق هذا اللقاء نجاحا ملحوظا رغم التعامل المتحيز الذي تعاملت معه إدارة المهرجان كما صرح بذلك للتجديد السيد الحسين كرومي رئيس بلدية يعقوب المنصور، حيث قال أن إدارة المهرجان قد أخلت بالالزامات تعهدت بالوفاء بها ومنها تجهيز المنصة بالشكل المطلوب وتوفير الكراسي على أرضية القاعة وتوفير الحافلات بعد نهاية العرض.وأضاف قائلا أنه إذا ما قورنت التجهيزات والرعاية التي حظيت بها حفلات أخرى، فإننا نلاحظ الفرق الشاسع. إضافة إلى أن إدارة المهرجان خصصت لسهرة أبي راتب فضاء خارج المجال الحضري. بطاقة تعريفية الفنان أبو راتب هو محمد مصطفى مسفقه من مواليد حلب السورية عام 1962.درس في المعهد العربي للموسيقى بسورية, وانتقل من إلى الإنشاد الصوفي, وهو حاصل على عدد من الشهادات العلمية في الدراسات الشرعية والفلسفية والإدارة والاقتصاد وله عضوية في مجموعة من المؤسسات الفكرية والأدبية كما يتوفر على تجربة فنية في الإخراج الإذاعي والتلفزي ومشاركاته الفنية والفكرية جد عديدة ومتنوعة. ويتضمن سجله الإنشادي مجموعة من الأشرطة التي عرفت انتشارا واسعا في معظم بلدان العالم, فضلا عن الدراسات والبحوث التي أصدرها في الفن والفكر والتربية. ويواصل أبو راتب مسيرته الفنية بدأب معلنا أنه بصدد إعداد مشروع إعلامي يتعلق بإنشاء قناة فضائية إلى جانب مواظبته باتجاه إحداث رابطة للمنشدين التجديد+وم ع