تجمع جل الأطراف الحكومية والسياسية والنقابية والمدنية أن إصلاح أنظمة التقاعد عامة أضحى أمرا ضروريا ومستعجلا، حيث إن عجز نظام المعاشات المدنية المسير من لدن الصندوق المغربي للتقاعد سيصل إلى ما مجموعه 135 مليار درهم في أفق سنة 2023، مما يهدد الصندوق بعجز سيوقفه عن أداء المعاشات. وأن كل يوم يتأخر فيه الإصلاح، يكلف 60 مليون درهما من قيمة تفاقم الدين المتعلق بنظام المعاشات المدنية. وفيما أعدت الحكومة مشروعا للإصلاح ترى انه الكفيل بإنقاذ الصندوق من الإفلاس، عرضته على المجلس الأعلى للحسابات الذي أبدى رأيه الاستشاري فيه، ركزت بعض النقابات، من خلال النقاش الدائر حول هذا الاصلاح، على مطلب ألا يكون الإنقاذ على حساب الموظفين وترفض الرفع من سن التقاعد المقترح من قبل الحكومة. في هذا الملف نعرض أجوبة الحكومة عن كل التساؤلات المطروحة حول الصندوق وحول وصفتها للإصلاح كما نعرض راي المجلس الأعلى للحسابات ومواقف بعض النقابات. أسباب أزمة نظام المعاشات المدنية تعود أسباب أزمة نظام المعاشات المدنية أساسا إلى طريقة احتساب التقاعد حيث يتم ذلك بضرب عدد سنوات الخدمة في نسبة 2,5% من آخر أجر محصل عليه، بنسبة تصل % 100 في حالة احتساب الامتيازات الضريبية، حيث يتجاوز المعاش المستحق آخر أجر محصل. وقد كان تطبيق هذه الطريقة ممكنا في السابق عندما كان هناك 12 منخرطا مقابل متقاعد واحد، أما الآن فهناك 3 منخرطين مقابل متقاعد واحد. وبالتالي، أصبح تطبيق هذه الطريقة اليوم غير ممكن لأن المداخيل لم تعد تغطي النفقات. كما تشير الوثيقة إلى أن نفقات التقاعد انتقلت من 435 مليون درهم سنة 1986 إلى 14 مليار درهم سنة 2013 لفائدة 280 ألف متقاعد. مقاربة الحكومة أبرزت وثيقة، حول كيفية إصلاح التقاعد، من إعداد وزارة الاتصال مقاربة الحكومة في إنجاز الإصلاح بهدف ضمان أداء المعاشات وعدم الاضطرار إلى إيقافها نهائيا فى حالة عدم الشروع في الإصلاح فورا، مع التشديد على أن الإصلاح سيحافظ على صلاح المكتسبة قبل تاريخ تنفيذه، وستحتسب تلك المرحلة على أساس 2,5% لكل سنة، أي أن الإصلاح يمس بشكل كلي الأشخاص الذين سيلجون الوظفية بعد تاريخ تنفيذ الإصلاح وكذا السنوات المتبقية للموظفين الحاليين. كما أن الإصلاح لن يمس المستفيدين الحاليين من متقاعدين وذوي حقوق، حيث سيستمرون في تلقي معاشاتهم دون أي تغيير. وأعطت الوثيقة نماذج للتأثير المحتمل للإصلاح على موظف يتقاضى 3000 درهم أو 7000 درهم أو 15000 درهم، وكذا معدلات التعويض بالنسبة لموظف راكم إلى حدود الإصلاح عشر سنوات من الانخراط أو عشرين سنة من الانخراط. كما أوضحت الوثيقة على أنه بحلول سنة 2018 ستصبح احتياطيات نظام المعاشات المدنية غير قادرة على تغطية سوى سنتين من المعاشات، وهو الشرط الذي وضعته المادة 7 من المرسوم الصادر في نونبر 1996 وطبقا لمقتضيات المادة 13 من القانون رقم 95-43 الصادر في غشت 1996، المتعلقين بتنظيم الصندوق المغربي للتقاعد، من أجل فرض رفع معدلات الاقتطاع، أي أنه لم يتبق إلا 3 سنوات لإنجاز الإصلاح قبل أن يتم اللجوء قانونيا إلى رفع معدلات الاقتطاع بطريقة قسرية وتلقائية. الاحتياطات الحالية للصندوق الوثيقة تشير كذلك إلى أن الاحتياطات الحالية للصندوق المغربي للتقاعد تبلغ 81 مليار درهم، 34 في المائة منها نتجت عن استثمارات وهي احتياطات مهددة بالنفاد الكامل في حالة عدم الإصلاح في أفق 2022، بسبب ارتفاع النفقات مقارنة مع المداخيل المحصلة من الاشتراكات. فيما تجيب الوثيقة على عدة أسئلة مرتبطة برفع سن التقاعد وحول مدى قدرة ميزانية الدولة تحمل كلفة الإصلاح لوحدها ومقاربة الإصلاح ومحاوره وغيرها من الأسئلة الأساسية المطروحة. كما تؤكد الوثيقة ذاتها كذلك على أن الإصلاح صعب ومؤلم ولكن يمكن تحمله، كما أن الصياغة النهائية للإصلاح سيتم اعتمادها في إطار الحكومة وستعرض على البرلمان للمصادقة قبل البدء في تطبيقها. من يستفيد من أنظمة التقاعد؟ الصندوق المغربي للتقاعد يستفيد منه موظفو الدولة المدنيون وموظفو الجماعات المحلية ومستخدمو بعض المؤسسات العمومية. فيما يستفيد من النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد مستخدمو الجماعات المحلية غير المرسمين ومستخدمو مؤسسات عمومية. ويستفيد من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أجراء القطاع الخاص، فيما يضل النظام المسير من طرف الصندوق المهني المغربي للتقاعد وهو تكميلي اختياري في القطاع الخاص. منطلقات إصلاح نظام المعاشات المدنية يعتبر الإصلاح الذي تدعو إليه الحكومة وتعتزم القيام به مرحلة أولية وضرورية في أفق إصلاح شامل لأنظمة التقاعد ككل يحقق الإنصاف والعدالة؛ وضمان أداء المعاشات وعدم الاضطرار إلى إيقافها نهائيا في حالة عدم الشروع في الإصلاح فورا؛ بالإضافة إلى عدم المساس بالحقوق المكتسبة للمستفيدين الحاليين من المعاشات من متقاعدين أو ذوي الحقوق. احتساب معاشات الموظفين توضح الوثيقة التي أعدتها وزارة الاتصال، تتوفر "التجديد" على نسخة منه، أن احتساب المعاشات للموظفين الحاليين يتم من خلال مرحلتين، أولها مرحلة ما قبل الإصلاح على أساس التشريعات المعمول بها قبل الإصلاح، ومرحلة ما بعد تحتسب الإصلاح على أساس التشريعات المعمول بها بعد الإصلاح. أسباب الأزمة تعتبر طريقة احتساب التقاعد من أهم أسباب أزمة صناديق المعاشات المدنية إذ يتم ذلك بضرب عدد سنوات الخدمة في نسبة 2,5% من آخر أجر محصل عليه، بنسبة تصل 100 % في حالة احتساب الامتيازات الضريبية، حيث يتجاوز المعاش المستحق آخر أجر محصل. عكس ما كان عليه الحال في البداية إذ كان هذا ممكنا في الوقت الذي كان هناك 12 منخرطا مقابل متقاعد واحد أما الآن فهناك 3 منخرطين مقابل متقاعد واحد، مما يجعل تطبيق هذه الطريقة غير ممكنا باعتبار أن المداخيل لم تعد تغطي النفقات. بالإضافة إلى أن نفقات التقاعد انتقلت من 435 مليون درهم سنة 1986 إلى 14 مليار درهم سنة 2013 لفائدة 280 ألف متقاعد حيث تضاعفت ب 34 مرة بني سنتي 1986 و2013. وفي الوضعية الحالية فإن مقابل كل درهم مقتطع من الأجر، يستفيد المنخرط من درهمين في المعاش. مساهمة المنخرط والسن من غير الممكن اعتماد الإصلاح دون مراجعة العناصر الثالث وهي السن والمساهمات وقيمة المعاش: الاصلاح دون المس بسن التقاعد والمعاش، سيحتم رفع المسامهات إلى 50%؛ الاصلاح دون المس بالمعاش والمساهمة سيحتم رفع سن التقاعد إلى 77 سنة؛ الاصلاح دون مراجعة السن والمساهمة سيتم معه ختفيض المعاش ب50%. هل من الممكن جعل رفع سن التقاعد اختياريا؟ رفع سن التقاعد اختياريا سيجعل فئة من الموظفين تؤدي لفائدة الصندوق المغربي للتقاعد أكثر من الفئة الاخرى؛ ولا يمكن أن يتمتع كل المتقاعدين في المستقبل بنفس الحقوق في غياب عدم المساهمة بنفس الواجبات؛ كما أن نظام التقاعد النسيب المبكر سيبقى متاحا وفق الإصلاح، وأن صعوبات العمل معترف بها من قبل القانون. هل يمكن لميزانية الدولة وحدها أن تتحمل كلفة الإصلاح؟ هذا الاحتمال، حسب الوثيقة الحكومية، سفيرض في المستقبل جعل نسبة كبيرة من ميزانية الدولة تخصص لميزانية التقاعد وهو ما تعتبر الوثيقة غير ممكن؛ كما أن تحمل الدولة لمجموع الكلفة سيؤدي إلى تقليص ميزانيات الصحة والتعليم، وتقليص الاستثمار العمومي المنتج لفرص الشغل؛ بل ستتحمل ميزانية الدولة أصلا نسبة معتبرة من كلفة الإصلاح والمقدرة ب 4 مليار درهم سنويا بدءا من سنة 2016 كزيادة في نسبة مساهمتها واليت تعادل أزيد من نصف المساهمة الحالية. و مع الإصلاح ستتحمل الدولة أيضا كلفة الاستمرار في أداء الأجور للسنوات الإضافية؛ مع الاشارة فقط أن ميزانية بناء وإطلاق مستشفى جامعي تقدر ب1 مليار درهم، حسب المصدر ذاته.