نبيل بوحميدي: الجالية في التفكير الملكي الجديد.    الحكومة تقرر توحيد تدبير أنظمة التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    الإضراب يشل المستشفيات ونقابات الصحة تلوح بتصعيد غير مسبوق في حال عدم استجابة الحكومة للمطالب    الحكومة تصادق على تعيينات في مناصب عليا    ما هي انعكاسات عودة ترامب للبيت الأبيض على قضية الصحراء؟    هذا ما قالته "كامالا هاريس" في خطابها الأول بعد الهزيمة في السباق الانتخابي    الركراكي يكشف عن لائحة المنتخب لمواجهتي الغابون وليسوتو    ياسين بونو بين كبار اللعبة في متحف أساطير كرة القدم بمدريد    عدد السكان القانونيين بالمملكة بلغ في فاتح شتنبر 37,8 مليون نسمة    وزيرة: عدد المستفيدين من برنامج الدعم المباشر للسكن إلى غاية 5 نونبر الجاري بلغ 28 ألف و458 مستفيد    جديد المهرجان الدولي للفيلم بمراكش    صَخرَة سيزيف الجَاثِمَة على كوَاهِلَنا !    انتخاب السيدة نزهة بدوان بالإجماع نائبة أولى لرئيسة الكونفدرالية الإفريقية للرياضة للجميع …    في بلاغ للمكتب السياسي .. وضوح رؤية جلالة الملك في قضية الصحراء مكَّن بلادنا من تأمين مضامين سوسيواقتصادية للسيادة على التراب    التنسيق النقابي للأطر الصحية يتوعد الحكومة بالتصعيد احتجاجاً على خرق اتفاق يوليوز            مورو يدشن مشاريع تنموية ويتفقد أوراشا أخرى بإقليم العرائش    ندوة وطنية بمدينة الصويرة حول الصحراء المغربية    البنيات التحتية الأمنية بالحسيمة تتعز بافتتاح مقر الدائرة الثانية للشرطة    انتخاب المغرب بالأغلبية لتولي منصب نائب رئيس منظمة الأنتربول عن القارة الإفريقية    إطلاق الحملة الوطنية للتلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    استعدادات المنتخب الوطني: الركراكي يعقد ندوة صحفية وحصة تدريبية مفتوحة للإعلام    منصف الطوب: هذا ما تحتاجه السياحة لتواصل صورتها اللامعة    مؤشرات إيجابية نحو إنهاء أزمة طلبة الطب واستئناف الدراسة    بنسعيد يزور مواقع ثقافية بإقليمي العيون وطرفاية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    بوجمعة موجي ل"رسالة24″ : يجب تعزيز الرقابة وحماية المستهلك من المضاربين    ضبط عملية احتيال بنكي بقيمة تتجاوز 131 مليون دولار بالسعودية    تظاهرات واشتباكات مع الشرطة احتجاجا على فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية    سفير أستراليا في واشنطن يحذف منشورات منتقدة لترامب    كلميم تطلق تشييد "مركب لالة مريم"    نجم منتخب أوروغواي السابق دييغو فورلان يحترف التنس    شخصيات رياضية تكرم محمد سهيل    قانون إسرائيلي يتيح طرد فلسطينيين    جدري: القطاعات التصديرية المغربية كلها تحقق قفزة مهمة        وزارة الصحة تطلق الحملة الوطنية للتلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    خبراء أمراض الدم المناعية يبرزون أعراض نقص الحديد    بعد رفعه لدعوى قضائية.. القضاء يمنح ميندي معظم مستحقاته لدى مانشستر سيتي    أولمبيك مارسيليا يحدد سعر بيع أمين حارث في الميركاتو الشتوي    محكمة تونسية تقضي بالسجن أربع سنوات ونصف على صانعة محتوى بتهمة "التجاهر بالفاحشة"    مزور: المغرب منصة اقتصادية موثوقة وتنافسية ومبتكرة لألمانيا    التّمويل والصّيانة تحديات تحاصر أجرأة مشاريع برنامج التنمية الحضرية لأكادير    300 ألف تلميذ يغادرون المدرسة سنويا .. والوزارة تقترح هذه الخطة    إعطاء انطلاقة خدمات مركز جديد لتصفية الدم بالدار البيضاء    إحصاء 2024 يكشف عن عدد السكان الحقيقي ويعكس الديناميكيات الديموغرافية في المملكة    دراسة: أحماض أوميغا 3 و 6 تساهم في الوقاية من السرطان    انطلاق الدورة الثالثة عشرة للمهرجان الدولي لسينما الذاكرة المشتركة بالناظور    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    برنامج يخلد المسيرة الخضراء بمونتريال    "مهرجان سينما الذاكرة" يناقش الدبلوماسية الموازية في زمن الذكاء الاصطناعي    برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالسيدا يعلن تعيين الفنانة "أوم" سفيرة وطنية للنوايا الحسنة        كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأعياد في الإسلام.. وحدة المقصد والرؤية
نشر في التجديد يوم 30 - 09 - 2014

لجميع الشعوب أعياد دينية ووطنية تحتفل بها وتخلد بها ذكريات وأياما مشهودة؛ وفي أعياد المسلمين الدينية التي قررتها الشريعة الإسلامية يحتفل الملايين بطريقتهم الخاصة التي لا تجعل من العيد محطة للذكرى والفرح فقط وإنما تجتمع فيه الكثير من المعاني والمضامين الروحية والنفسية والاجتماعية والرمزية. فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: «كان لأهل المدينة في الجاهلية يومان من كل سنة يلعبون فيهما، فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم قال: كان لكم يومان تلعبون فيهما ، وقد أبدلكم الله بهما خيرا منهما : يوم الفطر، ويوم النحر». ويحتفل المسلمون في الأيام المقبلة بعيدهم الأكبر الذي هو عيد الأضحى حيث يختارون أجود الأضاحي للتقرب بها إلى الله وذلك بالتزامن مع وقوف المسلمين بعرفات. وهي مناسبة للوقوف على المقاصد والمعاني المتجددة للأعياد في الإسلام.

استخلص العلماء من الأعياد الإسلامية وضوابطها الشرعية كثيرا من المقاصد التي تحقق الحاجات الروحية والنفسية والاجتماعية للمجتمع. من ذلك أن ربطت الأعياد في الإسلام بالعبادات، فشرع عيد الفطر بعد شهر من الصيام ومجاهدة النفس، وشرع عيد الأضحى بعد الحج إلى بيت الله الحرام والوقوف بعرفات. وما ذلك إلا ليتحقق الفرح بالعبادة بعد انتهائها وإظهار شكر الله على توفيقه في ذلك بأمور منها التكبير الذي يسن لكل المسلمين ذكورا وإناثا حيث يشرع في ليلة عيد الفطر إلى أن يدخل الإمام في صلاة العيد، يشرع في المنازل و الأسواق و المساجد، كما يشرع ذلك في عيد الأضحى في الطرقات والمصليات وبعد الصلوت المكتوبة طيلة أيام التشريق. وإليه أشار القرآن الكريم في قوله تعالى "يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ". [البقرة: 185]
ومن مقاصد الأعياد أيضا ما يحصل للنفس من ابتهاج وانشراح في هذا اليوم الذي يعد يوم اكل وشرب وترويح عن النفس فقد قال موسى بن علي عن أبيه أنه سمع عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام وهي أيام أكل وشرب" وقد نُدب للناس إظهار الفرح وتعميمه بينهم والحرص على أن لا يظهر في ذلك اليوم ذو حاجة أو فاقة إلا وقد أغني عن السؤال في ذلك اليوم. ومما روته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء بُعاث ، فاضطجع على الفراش ، وحوَّل وجهه ، ودخل أبو بكر فانتهرني ، وقال : مِزمارةُ الشيطان عند النبي صلى الله عليه وسلم ؟! فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " دعهما " ، فلما غفل غمزتهما فخرجتا . رواه البخاري ومسلم . وفي رواية : " يا أبا بكر ، إن لكل قومٍ عيداً ، وهذا عيدنا ويتحقق في أيام العيد أيضا مقاصد اجتماعية كثيرة منها التزاور بين الناس وصلة الأرحام والتكافل فيما بينهم حيث يشرع للمضحي أن يأكل من أضحيته، ويهدي، ويتصدق لقوله تعالى: {فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ الْبَآئِسَ الْفَقِيرَ }. وقوله تعالى: {فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذلِكَ سَخَّرْنَهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } حيث يندب للمرء أن يأكل من أضحيته ويتصدق منها ويدخر.
تحرير للإنسان
وحول المعاني التي يمكن أن ترمز إليها أعياد المسلمين في عالم اليوم اعتبر أستاذ العلوم الشرعية بمعهد البعث الإسلامي بوجدة عبد العظيم العمراني أن لأعياد المسلمين معاني متجددة وعظيمة. فالعيد الأكبر الذي يحتفل به المسلمون بعد أيام والذي هو عيد الأضحى له ارتباط بذكرى نبي الله ابراهيم الذي يعتبر رمزا للأمة ووحدتها، فيضحي المسلمون في كل العالم بالأضاحي التي تعتبر رمزا لفداء الانسان وتحريره وتضحيته بالحيوان بدل الانسان وهو فيه رمزية للإنسان. إذ تعتبر الشريعة الاسلامية أن الانسان لا يمكن أن يقدم قربانا لأي شيء فيما كل شيء يمكن أن يضحى به في سبيل الانسان. ويضيف العمراني أن معنى هذا أن الانسان خلقة الله من أجل أن يعيش وأن يكون حرا وأن لا يعتدى عليه أو تنتهك حرمته. فعن زيد بن أرقم قال: قال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول اللّه ما هذه الأضاحي قال: (سنة أبيكم إبراهيم) قالوا: فما لنا فيها ؟ قال: (بكل شعرة حسنة) قالوا: فالصوف ؟ قال: (بكل شعرة من الصوف حسنة).
تجميع المسلمين
وفي حديثه لجريدة "التجديد" الورقية أفاد العمراني خطيب مسجد النور المحمدي أن مما لا يقل أهمية عن الإشارت السابقة ما شرع في يوم العيد مما قد لا يفهمه كثير من الناس؛ وهو أداء صلاة العيد في المصليات العامة. ويشرح ذلك في أن الشريعة لها هدف في تجميع الأعدد الهائلة من المسلمين في مكان واحد وعلى صعيد واحد، مشيرا إلى أن الخطأ الذي يقع فيه الكثير من المسلمين اليوم هو عدم إدراك حكمة الاسلام في التجميع في مصليات الأعياد فتراهم يؤدون صلاة العيد في المساجد وهو ما روي عن الإمام مالك أنه من البدع التي استحدثت. ويضيف المتحدث أن صلاة العيد شرعها الرسول عليه الصلاة من أجل أن تؤدى في المصليات العامة الكبرى في البلد وكان الرسول عليه السلام يحرص على أدائها في المدينة المنورة في ساحة عامة خارج المسجد النبوي اللهم إلا ما كان في المسجد الحرام بمكة المكرمة فهو الوحيد الذي يشرع أو يسن أن تؤدى فيه صلاة العيد؛ أما ما عداه فالمفترض أن يؤدي المسلمون صلاة العيد في المصلى. وحكمة ذلك أن الاسلام يريد للمسلمين أن يظهروا هذه الأعداد الهائلة من المسلمين حتى لا يبقى مجال لمشكك. وقد يتبادر إلى الذهن أن إظهار عدد المسلمين كان مقصدا في السابق زمن القلة أو العدوان على المسلمين، لكن هذا مقصد ملازم لهذه الشعيرة من شعائر الله، يوضح ذلك الأستاذ العمراني باعتباره أن ذلك مطلوب في وقتنا هذا، حيث أن العصر الذي نعيش فيه يعتقد الكثير من الناس أنه عصر لما سمي بالحداثة بما تعنيه من ترك الأصيل والتخلص من المعتقد والدين إلى غير ذلك، وهو ما يجعل لتجمع المسلمين في هذه الشعائر لمرتين في السنة رمزية دالة ورسالة واضحة في إظهار قوة الدين الإسلامي وامتداد المسلمين في الزمان والمكان. كما أن عصر اليوم هو عصر الصورة وتأثيرها الكبير وعندما يتجمع الناس في الساحات فإنهم يتمايزون ويتفاخرون بأعدادهم وحشودهم. والاسلام يستطيع إلى يومنا هذا بعد أربعة عشر قرنا أن يحشد أكبر التجمعات في الميادين التي تسمى عندنا مصليات وذلك مرتين في السنة.
يوم لتوحيد الرؤية
يدخل يوم العيد ضمن منظومة كاملة من الشعائر التي تحمل مقاصد خاصة للمجتمع الإسلامي، من ذلك ما يشرحه أستاذ معهد البعث الإسلامي بقوله إن الإسلام له طريقة جميلة في تجميع الناس وتعبئتهم: فيجتمع المسلمون خمس مرات في مسجد الحي ويجتمعون مرة في الأسبوع في الجامع الذي تصلى فيه صلاة الجمعة والمفترض أن صلاة الجمعة لا تصلى في كل جامع بل أن تكون في المسجد الجامع ليجتمع حشد كبير من الناس في جامع واحد. لأن الخطاب الاسلامي -يضيف المتحدث- يصل إلى الناس بهذه الطرق، بطريقة منبر الجمعة أو الوعظ والإرشاد ثم يأتي التجمع الأكبر الذي هو تجمع العيد مرتين في السنة، فيما يمكن أن نسميه بمفهوم اليوم بالتعبئة العامة فيجتمع أهل المدينة أو القرية جميعا في مصلى العيد من أجل أن يوجه لهم خطاب موحَّد وموحِّد يجمع ولا يفرق ويضع الخطوط العريضة للاتجاه الذي يرسمه العلماء الذين يفترض شرعا أنهم المحددون والمؤطرون لما ينبغي أن تسير عليه الأمة. وبعد هذين الجمعين الكبيرين يأتي الجمع الأكبر من كل ذلك وهو يوم عرفة عندما يجتمع الحجاج من كل بقاع الأرض في صعيد عرفات وهذا لا شك مقصد شرعي. وبخصوص إحياء هذه الأعياد في مساجد الأحياء القريبة أفاد العمراني أنه لو كان الأمر صحيحا بحكم ما يدعيه البعض بسبب البعد أو عدم امتلاك وسيلة للتنقل لو كانت هذه الدعوى صحيحة لصحت في عرفات وهو الأبعد والأشق لكن الاسلام لم يعف الناس من حضور عرفات وتجمع الناس من بقاع مختلفة على صعيد واحد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.