دعا علماء دين أفارقة إلى نبذ كل أشكال التطرف والغلو الديني والعمل على نشر الفكر الوسطي والإسلام المعتدل في صفوف الشباب في القارة السمراء، لحمايتهم من "استقطاب الجماعات الجهادية المتطرفة" و"تجنيدها لهم للقتال تحت رايتها". جاء ذلك خلال اجتماع الدورة الرابعة لهيئة رؤساء منتدى الوسطية (يضم 11 دولة أفريقية) بمشاركة 20 داعية أفريقي، مساء أمس الخميس، بالعاصمة المغربية الرباط. وناقش العلماء، خلال الاجتماع، سبل دعم منهج الإسلام الوسطي في أفريقيا ونشره بين الشباب الشباب المسلم في عدد من مناطق القارة التي تشهد نشاطا متزايدا لبعض الجماعات "الجهادية المتطرفة" كتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، خاصة في ظل إعلان ما سمي ب"الخلافة الإسلامية" من قبل تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) واتساع رقعة استقطاب الشباب لتجيندهم في القتال الدائر في عدد من بلدان المنطقة العربية. وقال محمد الحمداوي، رئيس منتدى الوسطية بأفريقيا ورئيس حركة التوحيد والإصلاح، إن الهدف الرئيسي للمنتدى في ظل الظروف الراهنة، هو "وقاية وحماية الشباب الأفريقي المسلم من الفكر الإرهابي المتطرف، الذي تصاعد ظهوره في المنطقة مع ارتفاع وتيرة نشاط ما يُعرف بتنظيم القاعدة في بلاد الغرب الإسلامي خلال السنوات القليلة الماضية"، وإعلان ما يسمى ب"الخلافة الإسلامية" من قبل تنظيم داعش "المتطرف". وأوضح الحمداوي أن المنطقة الأفريقية تعد على قائمة المناطق المستهدفة من قبل جماعات تعمل على نشر فكرها المتشدد في صفوف الشباب الأفريقي، وتسعى لاستدراجه لتُجنده تحت رايتها. واعتبر أن هذا الوضع الدقيق الذي تعيشه المنطقة يجعل علماء الدين والدعاة في أفريقيا مُلزمين بالقيام بواجبهم في تنبيه الشباب إلى خطورة هذا الفكر المتطرف، وتأطيرهم وفق منهج الفكر الوسطي المعتدل، الذي يقبل التنوع والاختلاف وينفتح على كل مصادر الاجتهاد. وأكد الحمداوي على ضرورة العمل على نشر بعض تجارب دول المنطقة في التصدي للتطرف والغلو الديني من خلال مبادرات تسعى في المقام الأول إلى إشاعة الفكر الوسطي في صفوف الأئمة والمؤطرين الدينيين في أفريقيا كتلك التي بدأها المغرب من خلال إعلانه عزمه تقديم التأهلي الديني لعشرات الأئمة الدينيين في عدد من الدول الأفريقية في مقدمتها مالي وتونس وغينيا. من جانبه، رأى المفكر السوداني ووزير الأوقاف الأسبق في الحكومة السودانية، عصام الدين البشير، أن العالم الإسلامي اليوم بحاجة قصوى لتفعيل منهج الوسطية الإسلامية بما يحمله من قيم قبول الآخر والانفتاح عليه، وفتح لأفق الاجتهاد وإعمال العقل، وتجنب كل فكر متعصب، لإغلاق الباب أمام الجماعات المتطرفة التي تسعى إلى استقطاب الشباب ونشر فكر الغلو في صفوفه. وأشار المفكر السوداني، في كلمة له خلال الاجتماع، إلى أن الساحة الأفريقية تشهد خلال السنوات القليلة الماضية تحولات مهمة، جعلت منها مسرحًا لتدافع عدد من القوى الخارجية والمحلية، من بينها تيارات تدعو إلى "الانبهار بالغرب والتبرم من الثقافة والحضارة الإسلامية"، وأخرى "تتبنى منهج التطرف والغلو" وتحيد بالشباب عن منهج الاعتدال السليم. وأكد البشير على ضرورة عودة أبناء العالم الإسلامي إلى قراءة التراث، "قراءة ترتبط بالأصل ولا تفقد في ذات الوقت الاتصال بالعصر"، وذلك من أجل توضيح الرؤية أمام الشباب المسلم الذي مازال بعضه "يعيش في الماضي ويحاول استعادته" بطرق يرى فيها "أقصر طريق إلى الجنة" على حد تعبيره. وتأسس منتدى الوسطية في العاصمة الموريتانية نواكشوط في 22 من مارس من العام 2010. ويهدف هذا المنتدى المدني الدولي المستقل إلى "المساهمة في ترسيخ مبدأ الوسطية الإسلامية فكرا وثقاقة وسلوكا في أوساط الأفراد والهيئات والمؤسسات الأفريقية وفي سائر العالم الإسلامي"، كما يسعى إلى "معالجة ظواهر الغلو والتطرف من خلال التعريف بسماحة الإسلام حوارا واقتناعا"، بحسب بيان تأسيسه.