منذ عدة سنوات يقوم العدول بجميع محاكم المملكة، إضافة إلى مهامهم القانونية في تلقي الشهادات وتوثيق المعاملات بين الناس، بتعبئة نوعين من المطبوعات مع كل عقد من عقود الزواج والطلاق، أحدهما يسمى (ملخص رسم الزواج)، والآخر يسمى (ملخص رسم الطلاق)، يتضمن كل واحد منهما معلومات عن نوع الشهادة (زواج، مراجعة، طلاق رجعي أو خلعي أو قبل البناء..) ومعلومات عن الزوجين أو المتفارقين، وأرقام بطائقهما وعدد الأبناء..إلى غير ذلك، وهي الملخصات التي يتكلف قضاة التوثيق بعد ذلك بإرسالها إلى قسم المناهج والإحصاء والمعلوميات بوزارة العدل. وكان العدول يظنون في البداية أن هذا العمل لن يدوم إلا فترة قصيرة، مما حدا بهم إلى القيام بهذا العمل بصفة طوعية مجانية، حتى تستفيد مصالح الوزارة من المعطيات التي يتم جمعها. غير أنه وبعد مرور حوالي سبع سنوات على هذا العمل الزائد والمكلف، وعوض أن تقوم الوزارة بتوجيه الشكر إلى السادة العدول على هذا العمل الجبار وتعلن عن إيقافه، وتكافئهم بالاستجابة إلى بعض مطالبهم المشروعة، التي ملوا من سماع الوعود بشأنها من الوزراء المتعاقبين، يتناهى إلى علم عدولنا الأفاضل محتوى كتاب من السيد وزير العدل إلى السادة قضاة التوثيق عن طريق رؤساء المحاكم، يبدي فيه ملاحظات حول ما اعتبره نقصا في بعض ملخصات الزواج والطلاق، وعدم ملئه بدقة وتوجيه القضاة إلى: (التأكد قبل المصادقة على أي رسم زواج أوطلاق أن العدل قد ملأ وبدقة ملخص الزواج والطلاق). إن هذا الأمر يدل فعلا على استهانة الوزارة بمجهودات العدول، بل استخفافا بمكانتهم وانتقاصا لقدرهم، وإجبارهم على القيام بأعمال دون مقابل، وهي ليست من مهامهم بمقتضى القانون، في الوقت الذي كان على الوزارة أن تعين من موظفيها وأعوانها بالمحاكم من يقوم بهذه المهام أو تقديم تعويض لمن شاء من العدول أن يقوم بذلك، لأنهم ليسوا موظفين مع الوزارة، حتى تلزمهم بهذا الأمر، وليس من حقها أن تجبرهم على ذلك، لأنهم يعتبرون بحكم القانون من ممارسي المهن الحرة، كما أن توجيه القضاة إلى عدم المصادقة على الرسوم العدلية يعتبر خرقا للقانون، وانتهاكا لحرمة خطة العدالة وتدخلا في قضاء التوثيق بصفة غير قانونية، ويؤدي في حال انصياع القضاة له إلى حالة من التعسف والشطط في استعمال السلطة، وإلى تعطيل حقوق المواطنين. وللإشارة فإن هذه الإحصاءات التي تقوم بها وزارة العدل بواسطة السادة العدول تتم بطلب وتنسيق مع صندوق الأممالمتحدة للإسكان، الذي يمول بدون شك مثل هذه المشاريع لأغراض لا يعلم حقيقتها إلا "الراسخون في العلم". لقد مل السادة العدول، ومعهم كثير من قضاة التوثيق، من هذا السيل الغزير من المناشير والدوريات، التي تقيد خطة العدالة وتعوق التوثيق الشرعي في بلادنا لفائدة جهات أخرى..