لم يكن قرار إسناد تنظيم بطولة العالم لألعاب القوى فئة الفتيان للمغرب مفاجئا، إذ ظهرت نية لامين دياك في مكافأة المغاربة على وقوفهم بجانبه واضحة، خصوصا وهو يضغط على روسيا حتى تسحب ترشيحها وتترك للجنة دائمة فرصة استعراض عضلات استرخت كثيرا ولم تعد لديها قوة التحرك، فبالأحرى تنظيم تظاهرات عالمية من هذا الحجم. حتى الآن خاب أمل المغاربة في أم الألعاب، من خلال التظاهرات التي جرت خلال هذا الموسم، فعداؤونا الذين شاركوا في بطولة العالم داخل القاعة ببرمنغهام لم يحصلوا على نحاسية واحدة بواسطة حشلاف، وفي بطولة العالم للعدو الريفي عجز ممثلو ألعاب القوى الوطنية في مجاراة الكينيين والإتيوبيين، وجاؤوا خلفهم في كل المسابقات، وفي وقت انتظر المهتمون أن يصدر امحمد أوزال ولو بلاغا مقتضبا يشرح فيه سر الفشل، فضل أن يبحث في السنغال، رفقة نوال المتوكل، عن ترشيح لن يزيد سوى في مزيد من الضياع لألعاب القوى المغربية، التي ما تزال تبحث عن مقر إقامتها وعن هويتها التي تاهت بفعل فاعل. فلجنة أوزال، وهي "تفوز" بحق تنظيم بطولة العالم للفتيان، تحاول استباق الزمن وقطع المسافات الطويلة للوصول إلى نقطة الصفر، مع أن ذا المهام العديدة يعرف جيدا أن الهدف الذي انتدب من أجله، هو تسيير شؤون لجنة محدودة في الزمان والمكان، وها هو اليوم يستعد بجعل مراكش عاصمة لألعاب القوى الوطنية التي لم تعد تحمل سوى الإسم. والسؤال المحير، الذي يطرح نفسه اليوم، ما هو الهدف من الهرولة نحو تنظيم هذه البطولة المهمة جدا، هل مجرد التنظيم فقط، واستقبال وفود العالم ليتعرفوا على ما تزخر به مدينة مراكش؟ أم تهييء قاعدة رياضية من بين الطاقات الواعدة التي يتوفر عليها المغرب والتي مازالت تمارس بالأزقة والدروب، وهذه ستكون فرصة مواتية من أجل إعادة ترتيب البيت الداخلي الذي تعرض للتدمير والتخريب وغادره معظم رواده؟. فعزيز داودة لا يتردد منذ عودته "الميمونة" إلى الإدارة التقنية الوطنية، في التأكيد على أن هدفه هو العمل على البناء القاعدي وتدارك الوقت الذي ضاع في السنتين الأخيرتين، مع أننا نعرف جيدا أن المشكل ليس مطروحا فقط، في الإدارة التقنية، بل في أسلوب العمل على جميع المستويات، فمركز إيفران يشهد تذمرا مستمرا للعدائين المغاربة وبعضهم يفضل الاستقرار خارج المركز، والعدائين الشباب تائهون وسط غابة كثيفة، خاصة مع استمرار الغموض حول مستقبل الجامعة ومدى مصداقية الخطاب الرسمي، الذي ما فتئ يؤكد على قرب عقد الجمع العام، وهو أمر لا يمكن تصديقه في ظل الصمت المتواصل للإدارة عن مصير الرياضة المغربية التي ما تزال ضيفة على الوزارة الأولى. إن تنظيم تظاهرة عالمية هو إنجاز مهم، لكن الأهم منه هو معرفة ما سنستفيده من ذلك، خصوصا في ما يتعلق بالقاعدة التي هي الأساس والسبيل للعودة إلى الواجهة، فهل يفهم السيد أوزال والدائرون في فلكه هذا الخطاب، أم أنهم مازالوا مبهورين بعطف لامين دياك الذي ربما شكر سيدة ألعاب القوى المغربية على وقوفها الدائم بجانبه، وهو الذي يطمح إلى ولاية ثانية على رأس الاتحاد الدولي للعبة.