عاش الصحفيون العاملون في بغداد يوما أسود إثر مقتل وجرح عدد منهم بعد أن قصفت القوات الأميركية الغازية عددا من مكاتب وسائل الإعلام ومن بينها مكتب الجزيرة الذي كان أول من استهدفه القصف صباحا مما أسفر عن استشهاد مراسل الجزيرة طارق أيوب وإصابة المصور التلفزيوني زهير العراقي بجروح. و أطلق مراسل قناة أبو ظبي الإماراتية نداء استغاثة إلى المنظمات الإنسانية والإعلامية من أجل إنقاذ فريق من الصحافيين المحاصرين في مكتب القناة ببغداد. وقال المراسل شاكر حامد الذي كان يتحدث مباشرة عبر التلفزيون أن 25 شخصا هم فريق قناة أبو ظبي وبعض العاملين في الجزيرة محاصرون بسبب المعارك القريبة من مكتب القناة بالعاصمة العراقية. وقد توالت ردود الأفعال الدولية الغاضبة المنددة باستهداف المكاتب الصحفية فقد أعلنت اليونان التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي أن الاتحاد سيجري اتصالات بالولايات المتحدة يحثها فيها على توفير الحماية للصحفيين. وقال المتحدث باسم رئاسة الاتحاد كريس بروتوباباس إن اليونان تدين "هذا العمل البغيض وتعبر عن حزنها وأسفها". كما نقلت وكالة أنباء إسبانية عن مصدر في وزارة الدفاع الإسبانية أن حكومة مدريد ستطلب توضيحات من واشنطن بشأن قيام دبابة أميركية بقصف فندق فلسطين في بغداد مما أدى إلى مقتل مصورين تلفزيونيين أحدهما إسباني. وأفاد مراسل الجزيرة في بروكسل بأن الاتحاد الدولي للصحفيين أصدر بيانا اعتبر فيه الاعتداءات على الصحفيين جريمة حرب ولا بد من محاسبة المسؤولين عنها. وطالب إيدين وايت رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين في مقابلة مع الجزيرة بإنشاء مؤسسة دولية تقوم بحماية الصحفيين على مدار الأربع والعشرين ساعة. من جهة ثانية أفاد مراسل الجزيرة في باكستان بأن نقابة العاملين في المؤسسات الإعلامية المرئية الباكستانية من صحفيين وفنيين ينظمون اعتصاما أمام مكتب الأممالمتحدة في العاصمة الباكستانية إسلام آباد احتجاجا على قصف القوات الأميركية والبريطانية لمكتبي الجزيرة وقناة أبو ظبي في بغداد. وقالوا إنهم سيقدمون احتجاجا إلى مكتب المنظمة الدولية على التصرف الأميركي البريطاني. من جانبه قال وزير الإعلام اللبناني غازي العريضي إن استهداف فندق فلسطين الذي يستخدمه الإعلاميون في بغداد يظهر أن القوات الأميركية الغازية تخطط لارتكاب المجازر وأنها لا تريد شهودا. واصفا ما قامت به تلك القوات ضد الأطقم الإعلامية بالعمل البربري. واستشهد العريضي في تصريحات للجزيرة بما قاله وزير الخارجية الأميركي كولن باول الذي طلب فيه من الصحفيين مغادرة العراق قبل اندلاع الحرب. وأوضح أنه أشار يومها إلى أن واشنطن تخطط لارتكاب مجازر ولا يريدون شهودا عليها. وأن "هذا ما أثبتته الأحداث وما يريدون استكماله اليوم". وأكد العريضي أن تصرفات القوات الغازية ومن ورائها الإدارة الأميركية ضد الصحفيين والمدنيين يفضح المزاعم الأميركية عن احترام حقوق الإنسان وحرية التعبير وعمل الصحفيين. وردا على أسئلة صحفية بشأن استهداف الصحفيين في بغداد أعرب المتحدث باسم القيادة الوسطى الأميركية في قاعدة السيلية فنسيت بروكس على أسفه لفقدان الأرواح والمراسلين وتعازيه للصحفيين في الجزيرة الذين وقعوا في المعركة وحمل الحكومة العراقية مسؤولية المخاطر التي يتعرض لها الصحفيون. وادعى بروكس عدم معرفة القوات الغازية لموقع الصحفيين في بغداد، مشيرا إلى أن قواته تعرف موقع الصحفيين الذين يرافقونها. وبشأن قصف فندق فلسطين مقر الصحفيين زعم المتحدث أن القصف جاء ردا على إطلاق نار من لوبي الفندق وعندما حاصره أحد الصحفيين بسؤال عن سبب استهداف الطوابق العليا من الفندق إذا كان إطلاق النار من الأسفل تهرب من السؤال مكتفيا بالقول أن سيعطي التفاصيل بعد التحقيقات. وقد لقي مصوران أحدهما إسباني والآخر يعمل لحساب وكالة رويترز للأنباء مصرعهما وأصيب ثلاثة من موظفي رويترز في القصف الذي استهدف فندق فلسطين في بغداد وأصاب الطابقين الخامس عشر والسابع عشر من الفندق الذي يقيم فيه عدد كبير من مراسلي وكالات الأنباء ومحطات التلفزة العربية والعالمية. وفي وقت سابق من صباح اليوم استشهد مراسل الجزيرة طارق أيوب وأصيب المصور الصحفي زهير العراقي بجروح عندما قصفت طائرة أميركية غازية مكتب الجزيرة في بغداد. وتعرض مكتب قناة أبو ظبي المجاور لمكتب الجزيرة هو الآخر للقصف الصاروخي. وقال مراسل الجزيرة ماجد عبد الهادي إن مكتبي الجزيرة وأبو ظبي يقعان في حي سكني في المدينة, ولا توجد أي أهداف عسكرية بالقرب منهما. شهيد الصحافة ..طارق أيوب "لم يعرف عنه إلا الأخلاق الطيبة والجرأة الزائدة.. كان صحفيا بكل ما في الكلمة من معنى".. بهذه الكلمات عبر أحد الصحفيين الأردنيين الذين نفذوا اعتصاما احتجاجيا اليوم الثلاثاء 8-4-2003 على استشهاد الصحفي الأردني ومراسل قناة "الجزيرة" من عمان طارق أيوب -35 عاما-. ترك طارق خلفه ابنته الوحيدة "فاطمة" التي لم تتجاوز العام من عمرها.. وكذلك زوجة صابرة محتسبة فُجعت برفيق دربها الذي كان صائما قبل ساعات من استشهاده.. وكان قد أدى طارق فريضة الحج في موسم الحج الأخير، وذهب إلى بغداد رغم خوف ذويه وأهله عليه، وقال لأحد أصدقائه من الصحفيين قبل أن يغادر عمان: "أنا ذاهب إلى بغداد، لكن لدي إحساسا أنني لن أرجع". لقد مثَّل طارق الذي ينحدر من أصول فلسطينية جيلا من شباب الصحافة الأردنيين الذين برزوا مؤخرا، وأعطوا مثالا رفيعا للمهنية والموضوعية في حقل الصحافة، فقد حقق الكثير من "الخبطات الصحفية" في عمله الصحفي مع أكثر من جهة خاصة مع قناة "الجزيرة".. وكان يكن العداء الشديد للذين طعنوه في الظهر "الأمريكان". يقول عنه أصدقاؤه والمقربون منه: إنه صحفي مقاتل.. يلاحق الخبر بنشاط وهمة عالية برز بشكل سريع على شاشة "الجزيرة"، وأثبت كفاءة عالية في عمله الصحفي الذي استند على شهادة الماجستير في الإعلام وشهادة بكالوريوس الأدب الإنجليزي من إحدى الجامعات الهندية عام 1991. وعمل الشهيد طارق في العديد من المؤسسات الإعلامية، سواء الأردنية أو العالمية فقد التحق بوكالة "الأسيوشيتد برس" حتى عام 1994، ثم عمل في جريدة "جوردن تايمز" الأردنية التي يعتبر حتى الآن أحد صحفييها. وبينما كان أيوب يعمل في الصحيفة الأردنية عرضت عليه قناة "الجزيرة" عام 1998 العمل كمراسل اقتصادي لها، حتى يونيو عام 2002 ليعين كمراسل ثانٍ للقناة في الأردن. وقبل أيام فقط ترك مكانه في الحدود الأردنية العراقية "الرويشد" لينتقل إلى منطقة الكرخ في بغداد كمراسل ل"الجزيرة" من هناك، حيث بثَّ آخر تقاريره فجر الثلاثاء 8-4-2003. اعتصام للصحفيين في نابلس وبيت لحم احتجاجا على التعرض للصحفيين في العراق واستشهاد مراسل الجزيرة طارق أيوب كما نظم عشرات الصحفيين في مدينة نابلس ظهر اليوم اعتصاماً احتجاجيا على استهداف طائرات العدوان الأمريكية لمكتب قناة الجزيرة في بغداد فجر اليوم والذي أدى إلى استشهاد الصحفي طارق أيوب و إصابة مصور الجزيرة. وقد تجمع الصحفيون الذين يعملون بمختلف وكالات الأنباء المحلية والعالمية في دوار الشهداء وسط المدينة حيث رفعوا صورا للشهيد أيوب ولافتات بالعربية والإنجليزية تستنكر استهداف الصحفيين الذين يكشفون للعالم حجم الجرائم التي ترتكبها قوات الغزو الأمريكي البريطاني في العراق. كما وضع صحفيون إشارات على صدورهم تشير إلى انتهاك عمل الصحفيين .وقال الصحفي عاطف سعد إن اعتصامنا اليوم رسالة تضامن إنسانية ومهنية وتقول لأمريكا التي تزعم تحرير العراق بأن طرحها ليس له مصداقية .وطالب باسم الصحفيين المعتصمين وقف الضربات التي يتعرض لها المدنيين بشكل عام والصحفيين بشكل خاص منوها إلى أن 8 صحفيين قتلوا و أصيب 20 آخرين خلاف المفقودين خلال الحرب على العراق. وفي خطوة تضامنية رمزية مع الشهيد أيوب جلس الصحفيون على الأرض ووضعوا كاميرات التصوير و أقلامهم و أوراقهم على الأرض ورفعوا أعلاماً سوداء حداداً على الشهيد في محافظة بيت لحم نظم الصحفيون اعتصاما بعد ظهر اليوم احتجاً على قصف قوات العدوان الأمريكي لمكاتب وسائل إعلام في بغداد ذهب ضحيتها مراسل قناة الجزيرة و إصابة آخرين. واعتبر هؤلاء في اعتصامهم أمام كنيسة المهد، بأن ما تقوم به قوات العدوان الأمريكي يستهدف إسكات الصوت الإعلامي المستقل عن الإدارة الأمريكية ووجهة نظرها. وطالبوا الهيئات الدولية بالتدخل ورفع دعواي ضد المسؤولين في الإدارة الأمريكية على ارتكاب مجازرهم هذه ضد الصحفيين حماس تدين بشدة العمل الإرهابي الجبان ضد الإعلاميين في العراق وأدانت حماس الإرهاب الذي يتعرض له الإعلاميون حيث أصدرت بيان تقول فيه: في الوقت الذي تتوجه فيه حركة المقاومة الإسلامية حماس بإعلان تضامنها الكامل مع فضائية الجزيرة وأبو ظبي بعد العدوان الغاشم الذي استهدف عمدا مقري إقامة وفديهما في بغداد، وفي الوقت الذي تتقدم فيه حماس بوافر العزاء لفضائية الجزيرة ولعائلة الشهيد طارق أيوب الذي فاضت روحه إلى بارئها بعد استهداف القوات الأمريكية الغازية مقر إقامة وفد الجزيرة بعملية قصف إرهابية وجبانة، وفي الوقت الذي تدعو فيه حماس أن يتغمد الله الشهيد بواسع رحمته وأن يثبت ويصبر زوجته وعائلته الكريمة، فإن حركة حماس تندد وبشدة بهذه الجريمة الأمريكية البشعة، التي لا يمكن إلا أن توصف بأنها عمل إرهابي بشع، كما وتدعو كل الشعوب العربية والإسلامية أن تقف في وجه الزحف الأمريكي الذي يريد أن يرتكب أبشع صور الإرهاب ضد الأطفال والشيوخ والنساء في بغداد، كما أنه يريد أن يخفي الخسائر الفادحة التي يتكبدها على يد الأبطال المجاهدين في العراق بعيدا عن أعين الإعلام. المصدر : وكالات الأنباء + إسلام أن لاين + الجزيرة + المركز الفلسطيني للإعلام