لم تمر سنة جامعية دون أن يوقع فلول اليسار القاعدي المتطرف ضحايا في الحرم الجامعي، واليوم ينضاف اسم الشهيد عبد الرحيم الحسناوي لقائمة ضحايا الإرهاب القاعدي ليسطر بدمائه الزكية على ساحة كلية الحقوق فصلا جديدا من التاريخ الأسود لهذا التنظيم الشوفيني الذي لا يؤمن بحق الآخر في الوجود، فاتخذ العنف الثوري عقيدته وأداته لتصفية مخالفيه، ولم يسلم من إرهابه حتى من يقتسم معه المرجعية اليسارية، فقد طال إرهاب النهج القاعدي الإسلاميين بمختلف تياراتهم والأمازيغ وحتى اليسار ممن لا يشاركه عقيدة العنف والإرهاب، وراح ضحيته طلبة أبرياء وأساتذة وموظفون ورجال أمن.. ضحايا بالجملة والمجرم واحد لكن السؤال المحير: من يحمي هؤلاء من المتابعة القانونية؟ ومن يضمن لهم الوجود المستمر والتمكين في الحرم الجامعي حتى غدت الجامعة قلعة للإرهاب بدل أن تكون منارة للعلم؟ إن المتتبع لما يجري بالساحة الجامعية ليستغرب حقا؛ إذ كيف تستطيع أجهزة الأمن أن توقف خلايا نائمة قبل أن تستفيق فيما يشتبه فيه أنها جماعات إرهابية تستهدف أمن المواطنين، في حين لا تحرك ساكنا حيال مجرمين مدججين بشتى أنواع الأسلحة معروفين بأسمائهم وصورهم، وسجلت في حقهم شكايات ومتابعات لكنهم لا يزالون أحرارا يتصرفون بهمجية مطلقة في الساحة الجامعية، ومنهم من عمر لسنوات في الجامعة لا هم له إلا ترويع الطلبة وخلق أسباب التوتر في الجامعة. لقد تابعنا جميعا كيف تجندت الأجهزة الأمنية بأوامر من الجهات الوصية لمحاربة ظاهرة التشرميل التي روعت المواطنين في أمنهم، وإنه لحري بالأجهزة ذاتها أن تتجند لمحاربة التشرميل الطلابي الذي بات النهج القاعدي عنوانه. لقد آن الأوان ليصنف "النهج القاعدي" منظمة إرهابية لما أوقعه من ضحايا، وما تضمنه سجله الأسود من جرائم، وعلى الدولة أن تتحمل مسؤوليتها في متابعة أعضاء هذا التنظيم بمقتضى القانون. إن دم الحسناوي في رقابنا جميعا بدءا بالدولة في شخص وزارات التعليم العالي والداخلية والعدل، ثم الفصائل الطلابية، وهيئات المجتمع المدني خصوصا المنظمات الحقوقية التي تقرع آذاننا يوميا ببيانات الاستنكار لأحداث بسيطة ومتفرقة هنا وهناك فيما تلزم الصمت حيال القتل والإرهاب الذي يمارسه فلول اليسار القاعدي في الحرم الجامعي. إن على الجهات الوصية أن تتحرك لإيقاف هذا العبث، ومتابعة المتورطين في اغتيال الحسناوي وغيره ممن سقطوا ضحايا العنف في الساحة الجامعية، والضرب بقوة على كل من سولت له نفسه أن يمارس نزواته الإرهابية في فضاء يفترض أن تسود فيه قيم الحوار والتعايش. وعلينا جميعا أن ندين الإرهاب أيا كان مرتكبه، وأن نسمي الأسماء بمسمياتها، فالإرهاب لا دين له ولا إيديولوجية له ولا وطن له، فهو إرهاب أيا كان لبوسه، وقد آن الأوان لسن قانون أو مسطرةخاصة تجرم ارتكابه بالحرم الجامعي، وما لم تتظافر الجهود لمحاربته فقد تنزلق الأمور لا قدر الله إلى ما لا تحمد عقباه.