اقترح الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس أركان حرب القوات المصرية السابق في حرب أكتوبر 1973 على العراقيين خطة لصد الغزو الأمريكي المرتقب علي العراق تتركز على دور القوات البرية العراقية وقدرتها على إدارة حرب المدن التي تستنزف القوات الأمريكية، وسط تأكيدات من الخبير العسكري المصري بأن اقتحام القوات البرية الأمريكية لبغداد أمر مستحيل. وشرح الشاذلي، في مقال بعنوان "الخطة العراقية المقترحة لصد الغزو الأمريكي" نشره في جريدة "الشعب" المعارضة، تفاصيل الخطة الأمريكية المتصورة لغزو العراق وتعليقه عليها، مشيرا إلى أن السيناريو الأمريكي يعتمد على قناعة لدى القيادة السياسية الأمريكية بأنه إذا وصلت القوات الأمريكية إلى مشارف بغداد، فسوف يثور الجيش العراقي ضد قيادته العسكرية والسياسية، وبذلك يمكن للقوات الأمريكية أن تدخل بغداد دون قتال. إلا أنه وصف قدرة هذه القوات على اقتحام بغداد واحتلالها بأنه "أمر مشكوك فيه"، مؤكدا أن "الشعب العراقي سوف يؤكد ذلك إن شاء الله، عندما تتحطم على أسوار بغداد أحلام الإمبراطورية الأمريكية وعندئذ يفرح المؤمنون"، مشددا على أن "أمريكا التي تطبق الديموقراطية في بلادها تريد أن تفرض هيمنتها ودكتاتوريتها على الدول"، حسب تعبيرها. وقال الشاذلي، الذي اختلف مع الرئيس الراحل أنور السادات عقب حرب أكتوبر، وعاش في المنفى فترة طويلة قبل أن يعود إلى مصر، في مقاله المطول إن الهدف السياسي الأمريكي المعلن هو إسقاط النظام العراقي وإقامة نظام تابع في بغداد، ورغم التفوق الأمريكي الساحق على العراق في مجال القوات الجوية والبحرية، ورغم أن تلك القوات الجوية والبحرية تملك قدرات تدميرية هائلة إلا أنها لا تستطيع أن تسقط النظام الحالي. وأضاف أن إسقاط النظام لا يمكن أن يتم إلا إذا استطاعت القوات البرية الأمريكية أن تقتحم بغداد وتحتلها، ومن هنا فإن الخطة العراقية يجب أن تعتمد، كما يقول، على الأسس التالية: أ- استدراج القوات البرية إلى المناطق المزروعة والمبنية، حيث تفقد الطائرة والدبابة الكثير من إمكانياتها. ب - تركيز الدفاع عن بغداد، حيث أن معركة بغداد هي التي ستحدد النجاح والفشل، فإذا فشلت القوات الأمريكية في احتلال بغداد فهذا يعني انتصار العراق. ج - الاعتماد على الحرب الثابتة والإقلال من التحركات الكبيرة. د - تشكيل مجموعات قتال صغيرة تقوم بالتصدي لخطوط مواصلات العدو. وقد حرص الشاذلي، في الخطة المقترحة للعراقيين، على وضع تفاصيل دقيقة للقوات العراقية كي تتمكن بموجبها من مواجهة الغزو الأمريكي تتضمن تفاصيل محددة لمهام القوات البرية العراقية في تحصين بغداد والمدن المحيطة، وخطط لتدمير وسائل مواصلات العدو والتصدي للحرب النفسية الأمريكية، ودور القوات الأخرى "الجوية والبحرية" في ضوء التفوق الأمريكي. علي صعيد أخر نشرت صحيفة "العربي" الناصرية الأحد حواراً مع الفريق الشاذلي حول ذات الخطة تضمن نفس ما كتبه الشاذلي في "الشعب" في صورة سؤال وجواب، بيد أن الشاذلي أضاف في هذا الحوار أنه إذا مر أسبوعان بعد الهجوم البري الأمريكي، ولم تستطع أمريكا دخول بغداد فسوف تتحول الحرب إلى حرب استنزاف طويلة الأمد وسيكتب النصر في النهاية للعراقيين. وقال الشاذلي انه إذا انتصر الأمريكان، وهو احتمال وارد كما قال، فسوف يفعلون ما يشاؤون في المنطقة بالاشتراك مع الدولة العبرية، وسيعاد تخطيط المنطقة، وتعيين أنظمة جديدة ليست ديمقراطية ولكن "مستأنسة"!. العراقيين استعانوا بمصريين ! الجدير بالذكر أن صحف ووكالات أنباء منها صحيفة "الوطن" السعودية نشرت في السادس والعشرين من أيلول (سبتمبر) 2003 نقلا عن مصادر مطلعة في الاستخبارات الأردنية أن العراقيين استعانوا بالفعل بمجموعة من خبراء القوات المسلحة المصرية المتقاعدين، وذلك في وضع خطط قيل عنها إنها ستكون بمثابة خطط دفاعية عن العراق في حال تعرضه لهجوم عسكري أمريكي، إلا أن مصادر سياسية مصرية وصفت هذه الإنباء بأنها شائعات ليس لها أساس من الصحة بهدف الضغط على القاهرة. ووفقا لهذه المصادر غير المحددة، كما نشرت ية السعودية، فإن أربعة من كبار الضباط المصريين المتقاعدين قاموا بزيارة سرية إلى بغداد استمرت لمدة أسبوعين، التقوا خلالها كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين بهدف وضع خطط دفاعية للجيش العراقي، تحسبا لأي هجوم عسكري أمريكي. وقالت المصادر إن من بين الضباط الأربعة واحدا شغل وظيفة دبلوماسية في الخارج، واثنين خدما في هيئة الأركان المصرية بين عامي 1972 و1974، زاروا بغداد بدعوة من وزارة الدفاع العراقية لغرض استشارتهم في أفضل الخطط لمواجهة احتمالات اجتياح أمريكي للعراق. وأكدت المصادر أن الزيارة تمت ما بين السابع من أيلول (سبتمبر) 2002 والثاني والعشرين منه، وقد وضعت هيئة الأركان العسكرية العراقية بين أيديهم التصورات التي تكونت لديها عن شكل واتجاهات الضربة العسكرية وسيناريو احتلال منطقتي الموصل والبصرة في الطور الأول من الهجوم وإبقاء بغداد العاصمة تحت القصف الجوي المستمر توطئة لاقتحامها في المرحلة الثانية. وأشارت المصادر، طبقا لما نقلته الصحيفة إلى أن الفريق العسكري المصري، بعد دراسة المعطيات والإمكانيات المتاحة أبلغ العراقيين بأن مدينة الموصل حتى سلسلة جبال حمرين إلى شمال تكريت وبحيرة صدام تعتبر أضعف قوس في منظومة الدفاع العراقية، وهي بحكم الساقطة عسكريا لأنها تقع في مواجهة قاعدة انجيرليك التركية التي تديرها الولاياتالمتحدة وتحتفظ فيها بقوة ضاربة من أحدث الطائرات الهجومية الجبارة، فيما تدخل في خاصرة الموصل منطقة تقع تحت الإدارة الكردية، وقد شيد فيها الأمريكيون مطارين، أحدهما في (بامرني) على مشارف الموصل، والثاني قرب (دوكان) في السليمانية. وأضافت المصادر أن العسكريين المصريين يعتقدون أن الخطط العراقية للدفاع عن مدينة كركوك التي تضم آبارا رئيسة للنفط العراقي ليست حصينة. وطبقا لهذه المصادر، فإن المجموعة العسكرية المصرية نصحت المسؤولين العراقيين ببناء خطي دفاع عن بغداد إلى جنوب سلسلة جبال حمرين في وسط العراق، يمتد الأول من شمال (خانقين) حتى نهر دجلة، فيما يشمل الثاني المنطقة الممتدة بين نهري دجلة والفرات حتى بحيرة الثرثار، أخذا بالاعتبار بأن هذه المنطقة تحتفظ بعناصر دفاع إيجابية تتعلق بطبيعة الأرض والكثافة السكانية التي تشكل عائقا أمام الهجوم البري فضلا عن كونها تقع في حاضنتين حدوديتين من سوريا اللتين يفترض وقوفهما على الحياد خلال الحرب وهو عنصر إيجابي حيث يتعلق الأمر بنظم الدفاع. وأشارت المصادر إلى أن خطط الدفاع عن العاصمة بغداد وتصورات المسؤولين عن اتجاهات الضربة الأمريكية لم تعرض على الفريق المصري، لا سيما أن عناصر هذه الخطط تتكون من مطارات سرية وشبكات أنفاق يتحرك فيها الرئيس العراقي صدام حسين، لكنهم حضّوا المسؤولين العراقيين على دراسة موقع نهر دجلة الدفاعي حيث يمتد من شمال العاصمة حتى جنوبها وخصوصا في حال تدمير جسور المدينة الاثني عشر، وتقوم النصيحة الأساسية على إقامة أنفاق من تحت النهر تسهل حركة الآليات والوحدات المتحركة ومفارز الطوارئ "ويفترض أن يكون العراقيون قد أخذوا به". وتقول المصادر الاستخباراتية إن الفريق المصري وضع أفكارا ومقترحات لبناء خط دفاعي ثان عن بغداد إلى جنوبالمدينة، يمتد بين دجلة والفرات بين شمال العمارة إلى شرق الديوانية وبناء استحكامات جديدة لمواقع الصواريخ، وأن الفريق المصري زود العراقيين بمعلومات فنية عن التقنيات الجديدة للسلاح الأمريكي. القاهرة - خدمة قدس برس