لا يكشف كتاب «القادة، أسرار ما قبل وبعد أزمة الخليج» لبوب ودوود، والذي ترجمه إلى اللغة العربية عمار جولاق ومحمود العابد، وراجع الترجمة علي لرمان، وصدر عن دار الجيل في بيروت «أسرارا» من أزمة الخليج بقدر ما يكشف عن طرائق وطبيعة نظرتهم إلى أنفسهم وإلى غيرهم، ويستطيع القارئ أن يتعرف إلى الدوافع الحقيقية وراء ما حدث. والكتاب في مجمله يمثل رواية أمريكية غير محايدة. والمترجم يعرب عن عدم موافقته على كثير مما ترجمه، ومع ذلك يستميح القارئ عذرا بإيراد بعض فقرات مما ورد في هذا الكتاب: هناك دائما غموض تاريخي حول الاحداث كما هو الحال في احداث بنما او حرب الخليج. موظفو الحكومة الامريكية طبعا هم بالطبيعة متحفظون على ما عندهم من معلومات. تشيني: لا يستطيع احد ان يزعم انه على قدر منصب وزير الدفاع. ان للرئيس الامريكي تاريخا حافلا باعمال سياسية انتقامية، وان من يخالف الرئيس يدفع الثمن. هيربتس مساعد سابق لوزير دفاع امريكي : الجهاز برمته اي جهاز البيت الابيض والبنتاغون تدبره عصابة». «المخابرات المركزية لا تصلح له اي لباول لانها منحدرة اخلاقيا». »وهو مثل عميل مخابرات، كان يجزئ المعلومات التي يقدمها للآخرين بحيث تكون متكاملة في دماغه هوفقط». المقصود بالكلام بوش. غلاسي مخاطبة صدام: «ليس لدينا اي خيار فيما يخص الصراعات العربية العربية مثل اختلافك الحدودي مع الكويت». تشيني: نحن في الحقيقة ناخذ بجدية اي تهديد للمصالح الامريكية او للاصدقاء في المنطقة». «ان المزاوجة بين القوة العسكرية العراقية المكونة من مليون جندي مع 20% من نقط العالم. يمثل تهديدا كبيرا». هذا غيض من فيض ما يعتمل في صدور «القادة» واذا كان المؤلف قد تتبع كيفية اتخاذ القرار العسكري الامريكي، فانه اغفل عن عمد «العناصر السياسية» التي اثرت في ذلك القرار، كما نبه الى ذلك المترجم. التحركات العسكرية العراقية باتجاه الكويت كان والترب. بات لانغ وهوكولونيل عسكري متقاعد له من العمر خمسون عاما، موظف الاستخبارات الامريكية في وكالة الاستخبارات الدفاعية المختص بالشرق الاوسط وجنوب آسيا، وهو اعلى مسؤول استخبارات مدني للبنتاغون مختص في هذه المنطقة، وكان يرسل تقاريره الى رئيس وكالة الاستخبارات الدفاعية وهو جنرال بثلاث نجوم ويشرف على حوالي 5000 موظف مدني وعسكري ينظمون الاستخبارات للجيش والبحرية وسلاح الجو والمارينز. ان الوكالة هي المسؤولة عن احضار ملخصات استخبارية موحدة الى هيئة الاركان المشتركة ووزير الدفاع، بدون تحيز لجهاز دون آخر. كان لانغ اخر الاشخاص الذين يستلمون ويقيمون المعلومات الاولية بشكل مباشر، بعد ذلك يعيدها بشكل منظم الى اعلى المستويات في البنتاغون بمن فيهم تشيشي وباول، لم يكن لدى لانغ السيطرة على صور الاقمار الصناعية واعتراض الاتصالات فقط، ولكن كان ايضا خبيرا في الشرق الاوسط وكان يتكلم العربية بطلاقة، فقد سافر الى العراق عشرات المرات وخدم في بداية الثمانينيات لمدة ثلاث سنوات كملحق دفاع في العربية السعودية. لاحظ لانغ في السادس عشر من تموز 1990 تحرك وحدات خاصة جدا بالنسبة للرئيس صدام وقد اوجدت في الاصل لحماية النظام في العاصمة بغداد. وفهم من ذلك التحرك ان صدام كان ينوي استخدام القوة بطريقة ما. كان التحريك المفاجئ لثلاث فرق على الحدود الكويتية مميزا للانغ، وفي خريف 1989 استنتج تقييم سري للاستخبارات القومية يمثل جميع وكالات الاستخبارات الامريكية بما في ذلك وكالة استخبارات الدفاع، ووكالة المخابرات المركزية، بانه بينما يرغب صدام في السيطرة على منطقة الخليج فمن غير المحتمل ان يستخدم قوته العسكرية لعمل ذلك، لان حرب الثماني سنوات قد اجهدت اقتصاد البلاد بشكل كبير. قرأ باول ملخصات الاستخبارات التي تظهر التحركات العراقية المشتملة على 35.000 جندي في ثلاثة ايام، واستنتج بانها مزعجة ولكن ليست مثيرة للمخاوف. كان الجنرال كيلي ومحللو الاستخبارات في هيئة الاركان المشتركة يقولون: يبدو كما لو ان الرئيس العراقي صدام حسين يستخدم نشر قواته كوسيلة تهديد في المفاوضات الجارية بشأن النفط.. واعتقدوا بان العراق ربما يحتل حقل نفط كويتيا او جزيرتين صغيرتين في الخليج العربي تطمع العراق فيهما. استدعى باول الجنرال نورمان شوارزكوف، 55 سنة، قائد القيادة الوسطى في الولاياتالمتحدة والمسؤولة عن الشرق الاوسط وجنوب غرب اسيا، وحيث ان دول الخليج لم تكن ترغب في وجود ظاهر للولايات المتحدة في المنطقة، فان مقر القيادة الوسطى لشوارزكوف كانت في قاعدة ماكديل الجوية في فلوريدا. خطة امريكية للرد على العراق كانت القيادة الوسطى بشكل عام قيادة كتابية، وقائدها لديه طاقم من 700 شهر، ولكن خلال اي ازمة فانه يتم تعيين الوحدات القتالية له من جميع انحاء العالم. كان شوارزكوف ذا سمعة سيئة بطرد المراسلين الذين يجلبون الانباء السيئة، و.كان يغضب عندما يقوم المدنيون في البنتاغون ذوو الخبرة العسكرية القليلة او بدونها باقتراحات كان يجدها عسكريا غير صحيحة، وكان على دراية بالشرق الاوسط وطلب باول من شوارزكوف تقييما حول القوات العراقية المحتشدة، فقال الجنرال ان الامر يبدو وكأن العراق ينوي القيام بضربة تأديبية ولكن محدودة. فقال باول انه يريد من شوارزكوف ان يرسم خطة من شقين حول الردود الممكنة للولايات المتحدة لاي تحرك عراقي ضد الكويت التي تحتوي على 10% من احتياطي النفط العالمي. ويكون الشق الاول من هذه الخطة حول امكانية قيام القوات الامريكية بالرد على العراق، ويكون الشق الثاني عن امكانية قيام الولاياتالمتحدة من ناحية دفاعية لوقف اي تحرك عراقي. ووعد باول بان يرسل بشكل مباشر وفوري اي معلومات استخبارية خاصة ورفيعة المستوى الى شوارزكوف من واشنطن. وفي لقاء صحفي على مائدة افطار في 19 تموز قبل ان يتم تسريب معلومات عن الحشد العراقي سئل تشيني عن تهديدات العراق للكويت حول مسألة النفط فاجاب: «نحن في الحقيقة ناخذ بجدية أي تهديد للمصالح الامريكية او للاصدقاء في المنطقة». وفي اثناء ذلك قامت الامارات العربية المتحدة الدولة الخليجية الصغيرة المنتجة للنفط والتي هددت من قبل العراق لانتاجها الزائد وخفضها للاسعار قامت بالطلب من الولاياتالمتحدة بان تزودها سرا بطائرتين من نوع ك سي 135 وهي طائرات ضخمة تستخدم للتزويد بالوقود في الجو، وهاتان الناقلتان ستسمحان للامارات العربية بابقاء طائرات مراقبة في الجو على مدار الساعة وتم الاعلان عن تمرين مشترك للبحرية الامريكية مع الامارات العربية وذلك بسحب سفينتين للانضمام الى اربع سفن اخرى في الخليج وكان الغرض الاساسي لهذا التمرين هو تغطية صفقة طائرات ك سي 135. ومن خلال اشعار استغرق تبليغه ساعة واحدة في الخامس والعشرين من تموز استدعى صدام السفيرة الامريكية في العراق ابريل غلاسبي الى مكتبه. ولم يكن لديها الوقت للحصول على اي تعليمات جديدة من وزارة الخارجية. يضيف المؤلف ان السياسة الأمريكية تجاه العراق تعكرت، وموظفو إدارة بوش تحدثوا بقساوة تجاه تهديدات صدام ضد إسرائيل مثل تحريك قذائف سكود العراقية قريبا من إسرائيل، وجهود العراق لاستيراد قطع للأسلحة النووية. كانت غلاسبي، 48 سنة، وهي سفيرة منذ عام 1988، تشكك في صدام وتقول لزملائها بأنها تنوي إبقاءه في مكانه. وسأل صدام: «ما معنى أن تقول أمريكا بأنها ستحمي أصدقاءها الآن؟» وذلك في إشارة واضحة إلى بيان تشيني بأن الولاياتالمتحدة ستلتزم بحماية أصدقائها في الخليج. وقال: «إن ذلك يعني فقط التحامل ضد العراق، فهذا الموقف بالإضافة إلى مناورات وبيانات قد شجعت الإمارات العربية والكويت. وقال: «يجب على الولاياتالمتحدة أن يكون لديها فهم أفضل للوضع وأن تعلن مع من تريد إقامة علاقات ومن هم أعداؤها؟». لم يكن الجيش العراقي يتصرف كما لو أنه كان سيهجم، فقد كانت تنقصه أربعة أشياء: 1) شبكة الاتصالات لم تكن ملائمة، والتشابكات أظهرت أن مستويات المواصلات كانت متدنية جدا بالنسبة لمتطلبات الغزو. 2) مخازن المدفعية لم تكن في مكانها المناسب لعمل هجومي. 3) ذخائر يمكن احتياجها لم تكن هناك. 4) تموين الجنود ونقلهم وإيواؤهم لم يكن كافيا لدعم هجمات دبابات من قبل القوات المسلحة. الملك فهد والسفير بندر سلطان أمام التهديد العراقي أخبر السفير السعودي في الولاياتالمتحدةالأمريكية بندر بن سلطان باول بأن الملك فهد قد تم تطمينه من قبل كل فرد في العراق والشرق الأوسط بأن صدام لا ينوي أن يغزو الكويت، وأن صدام أعطى ضمانات شخصية لمبارك والملك حسين بأن الغزو لن يقع. وقال بندر بشكل واثق إن صدام أكد بأن الأمر لا يعدو مجرد تمرين عسكري لفرقه المتفوقة. وقال بندر إنه من الواضح أن إرسال طائرات ك.سي 135 إلى الإمارات العربية قد لفت انتباه صدام، مع أن الموقف السعودي الرسمي - كما تلقى تعليمات بهذا الشأن من حكومته - هو أن الإمارات العربية كانت مخطئة في طلب الطائرات. ولاحظ باول أن الكويت لم تطلب أي مساعدة، وأن سفن ال م. بي. إس لم تكن حلاًّ مقبولا. وفي يوم الاثنين من تموز، جلس بات لانغ ليكتب رسالة إلكترونية بريدية سرية للغاية إلى مدير وكالة الاستخبارات الدفاعية الجنرال هاري سويستر ورؤساء الأقسام الأخرى داخل الوكالة. قال لانغ في رسالته: «لقد كنت أنظر إلى طريقة التعزيز على الحدود الكويتية». هناك تحركات لوجستية (نقل وتموين وذخيرة) وتحركات للمدفعية وللطائرات أيضا وليس هناك أي مبرر على الإطلاق لأن يقوم صدام بذلك. وهذا لا يعقل إذا كان هدفه تخويف الكويت فقط. لقد أوجد بذلك إمكانية لاجتياح الكويت وشرق السعودية، وبالتنظيم الذي لديه، فلن يكون هناك تحذير لنا عندما يهاجم. والتفسير بأن صدام كان يحاول التخويف لم تمر على بديهة لانغ، فالكويت ليس لديها قدرة للاستخبارات والأقمار الصناعية لرؤية القوة العراقية الضخمة على حدودها. الولاياتالمتحدة فقط بإمكانها معرفة ذلك، وصدام لا يعرف بأن هذه المعلومات سيتم تمريرها. كان لدى لانغ دافع آخر، ففي بداية الشهر أمضى يومين في حلقة دراسية في مؤسسة راند، وفيها قيَّم المشاركون التهديد العراقي ضد الكويت. قرروا بعد ذلك بأن الطريقة الوحيدة الفعالة لإحباط مثل هذا الموقف هي في جعل رئيس الولاياتالمتحدة يحذر صدام بأنه إذا تخطى الحدود، فإن الولاياتالمتحدة ستأتي للنيل منه. لانغ لم يضمن هذا الاقتراح في رسالته، فهو موظف وليس عمله صنع توصيات سياسية. تجميد الودائع في حوالي الساعة التاسعة مساء تلقى تشيني مكالمة تلفونية في البيت من العميد البحري أوينز، مفادها أن القوات العراقية قد عبرت الحدود إلى الكويت بكلا خطي الدبابات. كانت المئات من دبابات القتال الرئيسية منطلقة إلى الجنوب والشرق نحو مدينة الكويت. لم يصدم تشيني بشكل كلي، وطلب من أوينز أن يبقيه على اطلاع. وتلقى باول كذلك مكالمة في بيته وقرر أن يبقى في البيت ويتلقى آخر المعلومات الحديثة، وذهب الأدميرال نائب رئيس هيئة الأركان ديفيد جيرماياه إلى البنتاغون في تلك الليلة. وتم استدعاء الجنرال كيلي حوالي الساعة التاسعة وعشر دقائق مساء. وبعد عشرين دقيقة كان في غرفة الطوارئ، ليشرف على فريق من المختصين في العمليات، ومحللي الاستخبارات، وأبقى كيلي خطا أمنيا مفتوحا مع شوارزكوف في مقر قيادة المنطقة الوسطى في فلوريدا. استطاعت الدبابات العراقية الوصول إلى العاصمة الكويتية خلال ثلاث ساعات ونصف. تمت كتابة بيان عام أعطاه سكاوكروفت إلى بوش للموافقة عليه، وفي الساعة 11 وعشرين دقيقة مساء تم إصدار بيان يستنكر الغزو بشدة، ويطالب ب«انسحاب فوري وغير مشروط لجميع القوات العراقية». وذهب المستشار القانوني لسكاوكروفت بويدن غراي ومسؤولو الخزانة للعمل على خطة لتجميد الودائع العراقية في الولاياتالمتحدة ومنع أي صفقات مع العراق، ولما كان معلوما أن الكويت قد تم احتلالها، فلقد وضعت خطة ثانية لتجميد الودائع الكويتية، وذلك حتى لا يحصل صدام على أي جزء من الاستثمارات الكويتية الخارجية البالغة 100 مليار دولار. وضعت كلتا الخطتين ضمن أوامر تنفيذية طارئة لبوش ليوقع عليها، وفي لجنة النواب طلب سكاوكروفت المزيد من الإجراءات للبرهنة على أن الولاياتالمتحدة تأخذ الغزو العراقي على محمل الجد. وسئل: ماذا نقول في إرسال قوات برية؟ وذلك لأنها أعلى مظاهر الجدية. قال سكاوكروفت: لا. لقد أراد شيئا يتميز بما يلي: (1) يمكن تحريكه بسرعة كبيرة، (2) لا يكون له حضور ظاهر فوري، واقترح سكاوكروفت إرسال سرب من طائرات سلاح الجوف - 15 أي حوالي 24 طائرة إلى السعودية إذا قبلت المملكة ذلك. ووافق الآخرون أيضا كيميت من الخارجية، وجيرماياه من البنتاغون، وكيرت من المخابرات المركزية، وطلب سكاوكروفت أيضا اجتماع مجلس الأمن القومي في الصباح. وقال بوش للصحفيين «نحن لا نناقش التدخل». فسأله أحدهم: «ألا تنوي التدخل أو إرسال قوات؟». فأجاب: «أنا لا أنوي عمل ذلك». كان سكاوكروفت يعرف بأن بوش لم يقصد ما قاله. كان يستخدم ذكاءه في عدم البت في أي شيء. قال الرئيس، في الاجتماع، إنه يفكر في حظر اقتصادي إضافي، وقد تصرف بسرعة بتجميد الودائع. وقال إنه يريد أن تكون الجهود الدبلوماسية هائلة، وأمر بأن لا يترك شيء دون معالجة. فربما يضاف إلى الضغط الواقع على العراق، ويساعد في تنظيم الرأي العالمي ضده. كما أوضح وزير المالية «نيكولاس برادي» بأن العراق سيحصل على أرباح نفطية محتملة تقدر بحوالي 20 مليون دولار يوميا من الإنتاج الكويتي بشكل كامل. حيث يملك العراق الآن 20% من احتياطي نفط العالم المعروف. وإذا كان صدام سيستولي على السعودية فسيصبح المجموع 40%. وقد بدا بوش، رجل نفط تكساس السابق، مرتعبا من احتمال أن يحتل صدام السعودية. وانشغل بتحليل مفصل عن تأثير ذلك على توفر النفط العالمي وأسعاره. هل سيكون باستطاعة الولاياتالمتحدة وآخرين أن يفرضوا مقاطعة على النفط العراقي؟ هل سيقوم صدام بالإبقاء على النفط العراقي والكويتي؟ أم هل سيحاول إغراق السوق العالمي به؟ وماذا سيكون تأثير ذلك على احتياطي النفط الأمريكي؟ وبعشرين في المائة من نفط العالم، فإن صدام سيتمكن من التلاعب بالأسعار العالمية ويبقي الولاياتالمتحدة وحلفاءها تحت رحمته وذلك لأن أسعار النفط المرتفعة ستزيد التضخم كثيرا لتزيد من سوء حالة الاقتصاد الأمريكي. قال تشيني إن بيع النفط لا يمكن وقفه، بالطبع، بالضغط السياسي والاقتصادي، وأخبرهم وزير الدفاع أنه في الوضع العسكري الحالي فإن طائرات سلاح الجو الأمريكية ك. سي 10 وهي طائرات ضخمة لنقل الوقود تستخدم في التزويد الجوي للطائرات الأخرى قد تم إرسالها إلى العربية السعودية، وقال باول إن صفقة طائرات هجوم جوي - مشيرا إلى سرب ال ف 15 - كانت على استعداد للذهاب إلى السعودية إذا وافق السعوديون. وأشار وزير الطاقة جيمس ويتكنز رئيس البحرية السابق إلى أن العراق ينقل نفطه في أنابيب عبر تركيا والمملكة العربية السعودية. وأشار الأدميرال المتقاعد إلى أن الأنابيب قد توفر فرصا هامة كأهداف. وهذه الأنابيب تمثل عصب الحياة الاقتصادية لصدام وتساءل، هل يمكن ضربها بهجمات جوية؟ قال باول إن ذلك ممكن، وبين أنه لم يكن يعرف كم من النفط العراقي يمر عبر هذين الأنبوبين، أو كم سيستمر إغلاقهما. وأثير سؤال عن إمكانية إغلاق أعمال تصدير النفط العراقي كاملة، وليس فقط الأنابيب، بل المصافي والأرصفة ومحطات الضخ. قال تشيني بأن هذا غير معقول. فأحد أهداف احتلال صدام للكويت هو محاولة العبث في إمدادات النفط العالمية. ولا تستطيع الولاياتالمتحدة الرد بضرب هذه الإمدادات. قال تشيني إن المزاوجة بين القوة العسكرية العراقية المكونة من مليون عسكري مع 20% من نفط العالم يمثل تهديدا كبيرا. وقال إنه يجب عليهم أن يميزو ا بين الدفاع عن السعودية وطرد العراق من الكويت. وقال إنه يفضل مهمة الحماية. السعوديون يوافقون على انتشار القوات الأمريكية في بلادهم وقال باول إن العسكرية العراقية قد قامت بعملية بارعة جدا. بعد ذلك قدم رئيس هيئة الأركان الجنرال شوارزكوف الذي وضع خرائطه وجدا وله التي تظهر المنطقة وخطوط الهجوم العراقية. قال الجنرال إن هناك شقين للاستجابة الممكنة. الشق الأول عبارة عن ضربات انتقامية منفردة، وبما أن الولاياتالمتحدة وسلاح الجو ليس لديهم قوات في المنطقة لعمل فوري، فأي ضربات يجب أن تنفذ من قبل طائرات البحرية الأمريكية الموجودة على الحاملات في المنطقة. والأهداف الممكنة لمثل هذه الهجمات الجوية هي الجيش العراقي في الكويت، وأهداف عسكرية واستراتيجية في العراق نفسها، وأهداف اقتصادية في العراق مثل خطوط الأنابيب الممتدة إلى تركيا والسعودية وناقلات النفط العراقية في البحر. وهذه الضربات ستكون ضربات تأديبية محدودة. وقال شوارزكوف إن هذه الضربات لا يمكن إطالتها لوقت طويل. وربما لن تحقق الكثير من الضرر للبنية العسكرية والاقتصادية العراقية واستمر شوارزكوف: أما الشق الثاني، فهو تنفيذ خطة العمليات 1002.90 للدفاع عن شبه الجزيرة السعودية، وهذا يتطلب أشهرا، ويتعلق ب 100.000 - 200.000 موظف عسكري في جميع الأسلحة. وهذا لا يمكن تنفيذه ما لم تقم العربية السعودية أو بلد آخر بالسماح للولايات المتحدة بإقامة سلسلة من القواعد وهذا احتمال غير متوقع بالنظر إلى التردد العربي للسماح بذلك. اعتقد سكاوكروفت بأنه يجب أن يكون هناك خطان. الأول أن الولاياتالمتحدة يجب أن تكون مستعدة لاستخدام القوة لإيقاف هذا. وبأن عليها أن توضح ذلك للعالم، والثاني أن صدام يجب أن يتم إسقاطه، وهذا يجب أن يتم بسرية من خلال المخابرات المركزية وبشكل غير واضح للعالم. أمر بوش المخابرات المركزية أن تبدأ بالتخطيط لعملية سرية تؤدي إلى زعزعة النظام على أمل أن تكون الخطوة الثانية الإطاحة بصدام عن السلطة، أراد أن تتركز جميع الجهود لكي تخنق الاقتصاد العراقي وتدعم حركات المقاومة ضد صدام في داخل وخارج العراق، وأمر بالبحث عن قادة بديلين بين العسكريين أو في أي مكان في المجتمع العراقي. كان الشيء الوحيد الذي يقف بين صدام وبين حقول النفط السعودية الهائلة كتيبة من الحرس الوطني السعودي لا تتجاوز 1000 رجل. ووافق السعوديون على انتشار القوات الأمريكية في بلادهم. كانت قوات صدام تحفر الخنادق في الكويت، بينما الولاياتالمتحدة أحضرت قوات مسلحة ثقيلة، ستقع المواجهة بين اثنين من أضخم الجيوش في العالم، وإن حصل القتال فستكون حربا برية كبيرة، ولن يكون هذا الشيء مثل تحرير غرينادا أوبنما، كان تشيني يعتقد بأن عملية الاحتواء غير كافية، ولم يرأى دليل مقنع بأن العقوبات يمكن أن تضمن النجاح. ثم وافق مجلس الأمن على استخدام «كل الوسائل الممكنة» لطرد العراقيين من الكويت. هبوط دعم الرأي العام للإدارة الأمريكية أصيب كل من بوش وسكاوكروفت بالصدمة لسرعة هبوط دعم الرأي العام للإدارة في تعاملها مع أزمة الخليج. أوكل البيت الأبيض إلى تشيني مسؤولية الحفاظ على صلة الإسرائيليين بعمليات الحرب، ولكن ليس بدرجة تجعلهم أعضاء شرعيين في الدول المتحالفة. كانت قد تمت برمجة 20 صاروخا من نوع توماهوك لتنطلق ساعة الصفر، وتضرب قصر صدام الرئاسي ومركز، الاتصالات الهاتفية الرئيسي، ومحطات توليد الطاقة الكهربائية في بغداد. وأوكلت إلى سبع سفن من الأسطول البحري الأمريكي مهمة إطلاق 106 صواريخ من نوع توماهوك خلال الساعات الأربع والعشرين الأولى من الحرب، وقد كلفت قاذفات من سلاح الجو بالقيام بقصف مساند للأهداف نفسها التي ستقصف بالصواريخ، لأن صواريخ توماهوك لم يسبق وأن اختبرت في الحرب. وكانت الحملة البرية ستشتمل على ألف غارة جوية في الساعات الأربع والعشرين الأولى ثم يزداد عددها فيما بعد. واقتنع باول بأنه ليس من مصلحة الولاياتالمتحدة أن تلحق هزيمة ساحقة بالعراق، ثم تتركه بدون قدرات يستطيع الدفاع بها عن نفسه، ولهذا السبب كان يجب تأمين سلامة بعض الدبابات العراقية، ووحدات الجيش العراقي. استمرت حرب الخليج 42 يوما: فالحرب الجوية استمرت 38 يوما وعلى ثلاث مراحل، أما الحرب البرية فقد استمرت 4 أيام، قبل أن يعلن بوش عن وقف إطلاق النار. ودخلت القوات الأمريكية والمتحالفة دولة الكويت، وجنوب العراق، وأملت عليه شروط السلام. وقتلت عشرات الألوف من العراقيين.