يستعد المجلس التأسيسي التونسي للمصادقة على الدستورالثاني للبلاد مما يسمح لتونس بدخول مرحلة سياسية جديدة بعد أن سلمت السلطة لحكومة تكنوقراطية مستقلة اثر تخلي حزب النهضة عن الحكم في أعقاب أزمة سياسية اندلعت بعد اغتيال السياسي المعارض محمد براهمي في شهر يوليوز المنصرم. وينتظر غدا الاثنين 20 يناير أن يصادق النواب على الباب الخاص ب " الأحكام الانتقالية" التي تفسر كيفية دخول النصوص الدستورية حيز التنفيذ وكذا الأحكام التي تحدد صلاحيات ومهام المجلس التأسيسي في ما تبقى من المرحلة الانتقالية. ويسعى نواب حزب النهضة - الذي يتمتع بالأغلبية البرلمانية- إلى استمرار المجلس التأسيسي في ممارسة نفس الصلاحيات والمهام السابقة منذ انتخابه في 23 أكتوبر 2011 بينما تعمل أحزاب المعارضة على التقليص من هذه الصلاحيات في انتظار إجراء الانتخابات العامة المقررة خلال العام الحالي 2014 . وقد صادق النواب في غضون الأيام الماضية على الفصل الخاص ب "السلطة المحلية " الذي أعطى "صلاحيات واسعة" للبلديات والدوائر والولايات في" تدبير"شؤونها" وادرة "مصالحها " دعما للامركزية التي تتجسد في الجماعات المحلية ". وتجرم بنود دستور تونس الجديد "التكفير والتحريض على العنف" كماتنص على أن "الدولة حامية للمقدسات وضامنة لحياد المساجد عن التوظيف الحزبي". ورفض النواب مقترحات بتضمين الدستور نصا يعتبر الإسلام "المصدرالأساسي للتشريع" وتبنوا فصلا يؤكد أن "تونس دولة حرة مستقلة ذات سيادة الإسلام دينها والعربية لغتها والجمهورية نظامها". كما أحدثت الكتل البرلمانية فصولا جديدة ترمي إلى توسيع صلاحيات رئيس الدولة وذلك لمحاولة "تحقيق المعادلة "بين صلاحيات رأسي السلطة التنفيذية (رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء). ويعد الدستور المرتقب ثاني دستور للجمهورية التونسية بعد الدستورالأول الذي صدر في يونيو 1959 والذي تم التخلي عن العمل به عقب "ثورة الياسمين "وبعدانتخاب المجلس التأسيسي . وحسب القانون المعمول به فان المصادقة النهائية على النص الكامل يتطلب أغلبية الثلثين مما يلزم موافقة 145 نائبا على الأقل من أصل 217 عضوا في المجلس التأسيسي. وفى حال عدم التحصل على نسبة الثلثين خلال جلسة التصويت فإنه يمكن عرض نص الدستور على الاستفتاء الشعبي وهو الخيار الذي ترفضه جل القوى السياسية كون هذه العملية تتطلب عدة أشهر مما "يطيل" في الفترة الإنتقالية. ويرى المراقبون أن عملية الاستفتاء قد تزيد في التوترات السياسية "وتعمق" الأزمة السياسية القائمة علاوة على تكلفة الاستفتاء على الخزينة العامة للدولة . وفي غضون ذلك تنتظر تونس بحلول الأيام القليلة القادمة الإعلان عن تشكيل الحكومة التكنوقراطية المستقلة الجديدة برئاسة السيد مهدي جمعة المدعو إلى قيادة البلاد نحو الانتخابات العامة خلال عام 2014 واستكمال المسار الانتقالي الديموقراطي.