في غمرة الجدل الدائر حول الطريقة التي يجب اتباعها في العناية بالثقافة الأمازيغية وتدريس اللغة الأمازيغية، وبعد ظهور بعض الأصوات الداعية إلى ربط الأمازيغية بالثقافة اللاتينية أو بالجذور الفنيقية المزعومة، وجه المناضل والمقاوم الشهير محمد أطلس بلحاج، رسالة إلى مدير المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية يعبر فيها باسم جمعية "المطالب الاجتماعية لقدماء المقاومين" وأعضاء جيش التحرير" عن التمسك بمقومات الوحدة للشعب المغربي، ومنها التلاحم التاريخي بين تمزيغت والعروبة. كما أكدت الرسالة عن الاستعداد الدائم لدى قدماء المقاومين للدفاع عن الثوابت الوطنية المنصوص عليها في دستور المملكة. وهذا نص الرسالة: "الأستاذ محمد شفيق المحترم حيث أن لغة "تمزيغت" واللغة العربية هما معا ملك موروث لجميع المغاربة، في كل حالات هذا البلد الأمين عبر التاريخ الإنساني: في حالة التخلف بالأمس القريب وفي حالة الانتفاضة ومحاولة النهوض اليوم، وغدا. فنحن في هذه الجمعية: جمعية المطالب الاجتماعية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير ذات الاختصاص كما تعلمون، ونظرا للأمانة التي تحملناها وعن رضى خاطر من أيدي رجالات الحركة الوطنية المؤسسين الأولين ومن أيدي المقاومين ورجال جيش التحرير الشهداء الأبرار منهم أو الذين ما يزالون أحياء يرزقون. نقول بالأمس القريب كنا متخلفين، إذ أن جل أعضاء جمعيتنا أعمارهم أطول من عمر شهادة الباكالوريا المغربية...! إذ باستثناء "القرويين" بفاس و"ابن يوسف" بمراكش، لم تكن لا الكليات ولا الجامعات...! والحالة هذه أنه ما إن انتصرت جيوش الحماية على آخر طلائع المقاومة الشعبية في الجنوب المجاهد حتى استصدرت من مخزن ذلك الزمن ما سمي "الظهير البربري" وما هو ببربري ولكنه استعماري محض. ولم يكن المغرب سهل المراس كما ظن المستعمر ومن يلتقط فتات موائده من المغاربة العملاء للأجنبي قديما، وحديثا "ربما". بل إن "جامعة القرويين" و"مدرسة ابن يوسف" وكل المساجد الكبرى بالمغرب قد تحركت حركة جهادية سياسية جماهيرية سلمية وحضارية بكل المعاني، إذ كان شعار المتظاهرين الخالد: "اللهم يا لطيف نسألك اللطف فيما جرت به المقادير ولا تفرق بيننا وبين إخواننا البرابر". ومع أن الشعب المغربي المجاهد قد تكبد أفدح التضحيات إلا أنه خرج بأول انتصار سياسي في المدن الكبرى، ومن المساجد بالتحديد والكل يعرف كيف أن الحركة الوطنية ما كانت إلا ثمرة من ثمار ذلك الانتصار الشعبي الواسع، إذ ستتأسس الكتلة الوطنية التي تفرعت إلى أكثرمن حزب واحد ضد الاستعمار. الأستاذ محمد شفيق المحترم، أنتم تعلمون بدون شك أن النضال السياسي الوطني سيعرف بعد ذلك تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال في 11 يناير 1944، وستأتي بعدها على التوالي زيارة زعيم الشعب المغربي المغفور له محمد الخامس بالزيارة التاريخية إلى طنجة، هذه الزيارة ذات البعد التوحيدي بين شمال المغرب وجنوبه جغرافيا وإنسانيا واجتماعيا واقتصاديا وقوميا خاصة. غير أن الحماية الاستعمارية الإمبريالية ستواصل السير في مخططاتها إلى النهاية: إذ وجهوا ضربة حسبوا لها ألف حساب وحساب. تلك كانت عملية خلع الملك المفدى الراحل محمد الخامس عن عرش المغرب من مازغ ويعرب. لكن عشرين سنة من النضال في الأحزاب والنقابات العمالية وطبقة الفلاحين العريضة أفرزت حركة تحررية مسلحة مستقلة في غالبيتها عن الأحزاب السياسية حتى حين... وعن طريق منظمات المقاومة المسلحة وجيش التحرير في الشمال وفي الأطلس الكبير وفي الجنوب انتصر الشعب المغربي كله جميعا بنيله الاستقلال وبعودة الملك المحبوب محمد الخامس وأسرته الكريمة منتصرا بإرادة الشعب المغربي. الأستاذ محمد شفيق، عميد المعهد الملكي لثقافة "تمزيغت" إننا كلنا نتذكر كيف توجه الملك محمد الخامس إلى "الظهير البربري" الاستعماري فألغاه نهائيا بظهير آخر عين بواسطته قضاة شرعيين لمحاكم عرفية كانت تسير من طرف حكام عسكريين أجانب في أغلبهم، مع مجلس "أيت الأربعين" كما كان يسميهم الناس وب"أيت العرف" كذلك. كما أن جلالته قد استعرض قوات جيش التحرير في عدة مناطق من التراب الوطني الناضور، أجدير، أولاد نطع بناحية أمزميز وبمحاميد الغزلان... وما المسيرة الخضراء بقيادة المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني على الصحراء الجنوبية الغربية إلا خطوة أخرى في البرنامج الوطني التوحيدي لكل تراب الوطن من طنجة إلى الكويرة على السعيدية على البحر الأبيض المتوسط. الأستاذ المحترم، إننا في جمعية المطالب الاجتماعية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير على وعي وعلى يقظة بما يجري في بلدنا المغرب الحبيب وبما يجري من حواليه من أحداث سياسية إيجابية كانت أم سلبية. وإن لما يثلج الصدور أن ملكنا المنصور بالله، صار على درب جده ووالده المنعمين وليس هذا بمكان لعد منجزات جلالته الملك محمد السادس الكبرى ومن ضمنها: ظهير تأسيس معهد وطني للغة "تمزيغت"، كلغة هي ملك ثقافي لكل المغاربة مثلها في ذلك مثل اللغة العربية، والذي أصبح لكم شرف تبوء أول مقعد عميد به، وهي لعمري رسالة وأمانة طوقكم بها أمير المؤمنين تشريفا لشخصكم من بعد تشريف الثقافة الوطنية "تمزيغت". السيد حمد شفيق، عميد المعهد الملكي لثقافة "تمزيغت" إننا كجمعية مطالب اجتماعية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير مازلنا وكما كنا في الخنادق الأمامية للدفاع عن الثوابت الوطنية كما جاءت في دستور المملكة التي اكتسبت قدسيتها ورسوخها من هذا الإجماع الوطني الذي لا نظير له. ووفقكم الله والسلام. مراكش في: 02/02/2003 إمضاء: أطلس محمد بلحاج رئيس جمعية المطالب الاجتماعية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير