أجرت يومية "أوجوردوي لوماروك" استجوابا مع الأستاذ مصطفى الرميد رئيس الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية نشرته في عددها نهاية الأسبوع الأخير. وقد تطرق الحوار إلى عدة مواضيع تتعلق بتقييمه لحصيلة مائة يوم من عمل حكومة السيد إدريس جطو التي قال عنها الأستاذ الرميد إنها منذ تشكيلها لم تكن تجتمع لديها الشروط الضرورية لتفعيل الإصلاحات والتغييرات القمينة بمعالجة الأوضاع التي يعاني منها البلد. وذلك راجع إلى العدد الكبير من الأحزاب التي تشكلها وإلى مستوى بعض وزرائها. وبالتالي فلم يكن غريبا بعد مرور مائة يوم على تنصيبها أن نعاين ضعف مردوديتها. فالتقويم الاقتصادي يتطلب إجراءات ذات صيغة شمولية ولا يمكن إلا أن يدخل في إطار سياسة عامة. وإلا فما دمنا نتوفر على إدارة كإدارتنا وعلى عدالة مثل عدالتنا، وما دام ليس هناك مدونة شغل تضبط بوضوح العلاقة بين المشغل والأجير فإنه لن يكون هنالك أبدا أي تقويم أو إصلاح اقتصادي حقيقي. وعن اتهام معسكر الأغلبية لحزب العدالة والتنمية بصفته أقوى أحزاب المعارضة بأنه لا يقوم بكامل دوره كقوة اقتراحية، وكذلك في مراقبة عمل الحكومة، وبكونه يكتفي بنقد مبادرات الحكومة لمجرد النقد قال الأستاذ الرميد بأن التهمة تصدق على أحزاب الأغلبية عندما كانت في المعارضة، بل وحتى عندما كانت تشكل حكومة التناوب، أما حزب العدالة والتنمية فقدم الكثير من الاقتراحات ولكن الحكومة التي ترفضها دائما. فقد كان الفريق النيابي للحزب قد تقدم بمشروع قانون يسهل مساطير طلب الطلاق من طرف المرأة، ولكن الحكومة السابقة رفضت هذا المقترح ومازلنا ننتظر من الحكومة الحالية جوابا. وكذلك اقترحنا على الحكومة الحالية عندما تقدمت بمشروع تحرير قطاع التبغ بأن ترفع من الضرائب على التبغ إلى 60% عوض 52% على أن تخصص 8% المضافة للمراكز الوطنية للأنكولوجيا ولكن الحكومة رفضت، وتقدمنا باقتراحات جبائية تهدف إلى تشجيع الاستثمارات ولكن الحكومة لم تعر اقتراحاتنا أي اهتمام. فليس إذن حزب العدالة والتنمية الذي لا يتوفر على القوة الاقتراحية ولكن الحكومة هي التي ترفض كل مقترحاته بشكل منهجي. إن هذه الحكومة مثل سابقاتها وبالتالي فإن التعامل معها كقوة اقتراحية هو تعامل غير مجد. إن الفراغ السياسي يشكل خطورة قصوى على البلاد لأنه يسمح ببروز مظاهر جد سلبية في المجتمع. ولهذا كنا دائما نؤكد على ضرورة توفر البلاد على أحزاب قوية ولها تمثيليتها في المجتمع. فكل ما يضعف الأحزاب يضعف الدولة. وعن ازدياد طموح حزب العدالة والتنمية بعد النتائج التي حصل عليها في الانتخابات الأخيرة قال الأستاذ الرميد: إننا نعتبر أن النتائج التي حصلنا عليها في انتخابات 27شتنبر طوقتنا بمسؤوليات أكبر، مما يتطلب منا بذل مزيد من الجهد حتى نكون في مستوى تطلعات المواطنين الذين وضعوا ثقتهم فينا. ولهذا نحن نعمل بتفان أكثر لمواجهة تحديات وضعنا الجديد. ونحن على كل حال نشكل الفريق الأكثر دينامية وعليه فإن طموحنا يبقى مشروعا. ونحن بالفعل نسعى إلى أن نلعب دورا بناء وإيجابيا أكثر في هذه الحقبة الجديدة التي يدخل فيها بلدنا. ولو كانت جميع الأحزاب تتوفر على هذا الطموح كان هناك هذا الفراغ السياسي الذي نتحدث عنه. وعن الانتخابات الجماعية المقبلة قال الأستاذ الرميد المؤسف أنه من جانب السلطات يبدو أن هناك تحضيرا لميكانيزمات معينة بقصد وضع التقليص إلى أقصى ما يمكن من نتائج حزب العدالة والتنمية خلال الانتخابات الجماعية. بعض هذه الميكانيزمات ظاهرة كما هو الشأن على المستوى التنظيمي. وهنالك ميكانيزمات أخرى خفية. ولكن طبيعة هذه الانتخابات تختلف عن الانتخابات البرلمانية، والمال سوف يلعب فيها دورا كبيرا ومؤثرا. وبالنسبة لحزبنا فإنه على ما يبدو سيحصل مع ذلك على نتائج جيدة، ولكنها لن تعكس حقيقة تجذره في المجتمع. وعن تصوره لجماعة محلية يسيرها حزب العدالة والتنمية قال الرميد إنها جماعة يتم فيها حماية المال العام بحيث لن يستعمل إلا في الصالح العام. ثم إن أعضاء الجماعة يجب أن يكونوا دائما في خدمة المواطن وفي الاستماع إلى همومه ومشاغله، وكذلك فإننا نؤكد على الشفافية في التسيير لتفادي الفساد أو الرشوة. وعن سؤال حول لماذا الأحزاب الإسلامية على العموم ومن بينها حزب العدالة والتنمية تثير المخاوف؟ قال الأستاذ الرميد، إننا لا نخيف أحدا، ولكن المشكل يوجد عند الطرف الخائف. ومن جهتي فإن الأحزاب اللائكية تخيفني، لأن النخب المتغربة لها مبادئ وقيم مختلفة وتريد أن يتجه المغرب في اتجاه معين... والذي يخيفني يقول الرميد هو كون الآخر (الطرف اللائكي) يريد أن يصادر طريقتي في التفكير. وفي هذه الحالة فالخوف متبادل. أما عن تهمة معاداة الحداثة فيقول الرميد بأن الأمر يتوقف على تعريف الحداثة بدقة. فإذا كانت الحداثة تعني وضعية اجتماعية أحسن بالنسبة للمواطن، ومزيد من الحريات المسؤولة، والانفتاح المتوازن، وتشجيع الفنون النبيلة، وتعني كذلك مجتمعا مدنيا متحركا... فإننا في هذه الحالة حداثيون وندافع عن الحداثة. ولكن إذا كانت الحداثة تقوم على الإبعاد المنهجي لقيم الإسلام فإنني أقول بأننا لسنا حداثيين. وعن ادعاء أن حزب العدالة والتنمية طالب بإغلاق المراكز الثقافية الأجنبية، قال الأستاذ الرميد بأن الحزب لم يطالب أبدا بإغلاق هذه المراكز. كل ما في الأمر أن الفريق النيابي أبدى ملاحظة حول هذه المراكز التي كان المفروض أنها فتحت من أجل أبناء الجاليات الأجنبية المقيمة في بلادنا، ولكنها عوض أن تكتفي بهذا الدور، فإن الملاحظ أن أبناء نخب معينة هم الذين أصبحوا يشكلون أغلبية تلاميذ وطلبة هذه المراكز، وهو ما يطرح مشكلة البرامج التربوية، لأن الأمر سوف ينتهي بنا إلى أن تصبح لدينا فئتان من المغاربة وهو سيحدث انفصاما داخل المجتمع الواحد. ولقد سبق لي أن قلت في استجواب سابق مع جريدتكم هذه بأن بعض المغاربة الذين يدرسون في هذه المراكز ينتهي بهم الأمر إلى فقدان "هويتهم". ولم أقل قط يفقدون "وطنيتهم". وعن ظاهرة "عبدة الشيطان" دعا الرميد إلى ضرورة العودة إلى تربية قائمة على مبادئنا وقيمنا، فالآباء والمدرسة والمجتمع بصفة عامة عليهم جميعا أن يعملوا على تكوين مواطن متوازن، مسؤول ومنفتح على محيطه. وعن التراجع الذي عرفه مجال الحريات قال الرميد: لقد كنا الحزب الوحيد، باستثناء موقف "اليسار الاشتراكي الموحد" الذي أدان هذه التجاوزات. ونحن مصممون العزم على مواصلة مواجهة هذه التراجعات عن المكتسبات في مجال الحريات العامة. والتي آخرها مشروع قانون مكافحة الإرهاب الذي يعود بنا إلى الظهير سيء الذكر "كل ما من شأنه". نعم نحن نساند كل ما يضمن سلامة بلادنا واستقرارها. ولكن ذلك لا يكون بالتجاوزات. وعن دفاعه عن ما سمي بالخلية النائمة للقاعدة قال الرميد، إن هناك مبدأ يقول بأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، وهي لم تثبت قط في هذه القضية. ويجب أن أؤكد بأن المغربي الذي كان موكلي في هذه القضية لا علاقة له بما اتهم به. ثم إنه لم يسبق أن شك أحد في مشروعية موقف المحامي الشهير "جاك فرجيس" وهو يدافع عن الإرهابي كارلوس. وعن العداوة للولايات المتحدة قال الرميد: إننا لا نعتبر الولاياتالمتحدةالأمريكية عدوا لنا، ولكننا نعتبر أن الإدارة الأمريكية تعتبرنا عدوا من خلال تصرفاتها وسياساتها. ولا يمكننا في هذه الحالة أن نعتبرها صديقا. وعندما تغير من مواقفها تجاهنا وتجاه قضايانا سوف تتغير عواطفنا تجاهها. إبراهيم الخشباني توضيح من حزب العدالة والتنمية بمناسبة السؤال الشفوي الذي تقدم به الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية يوم 15/01/2003، المتعلق بالمراكز الثقافية للدول الأجنبية في بلادنا، أطلقت بعض وسائل الإعلام حملة تشهير بهدف تشويه موقف حزبنا في هذا الصدد. وعليه فقد وجب توضيح ما يلي: 1 إن حزب العدالة والتنمية يعتبر وجود البعثات الثقافية في بلادنا أمرا مفيدا ويشكل عنصر إغناء لفضائنا الثقافي. 2 إن حزب العدالة والتنمية لم يسبق له أبدا أن طالب بإغلاق المراكز الثقافية الأجنبية كما لم يسبق له أبدا، أن طالب بإغلاق المؤسسات المدرسية التابعة لها. ومن جهة أخرى فإن الحزب لم يسبق له أبدا أن أنكر أو شكك في مغربية المواطنين المغاربة الذين تابعوا دراستهم داخل هذه المؤسسات. 3 وحزب العدالة والتنمية يذكر أن السؤال الشفوي الذي أثار الجدال كان قد انصب على ضعف المراقبة البيداغوجية على التعليم الذي يتلقاه مغاربة داخل بعض هذه المؤسسات. فهذا التعليم يجب أن يضمن لهم حدا أدنى من التربية الوطنية والإسلامية ومن التكوين باللغة العربية. 4 إن حزب العدالة والتنمية ومع كونه حزبا يتسم بالانفتاح والتسامح، فإنه يعيد التذكير بأنه سوف يظل يدافع عن القضايا التي يعتبرها عادلة وذلك انسجاما مع مبادئه وفيما يخدم مصالح البلاد. وحرر بالرباط في: 202 02 2003 نائب الأمين العام الدكتور سعد الدين العثماني