كيف تقرؤون المجزرة التي ارتكبت في حق أنصار الشرعية أمس، وما تداعيات ذلك على دول الربيع العربي؟ ❍ ما حصل صباح أمس والذي بدأ بعملية تشويش واضحة على القنوات الفضائية التي يمكن أن تقدم صورة أقرب إلى الحقيقية تدل على نية مبيتة في إغراق مصر في الدم، وحل مشكل المعتصمين بالطريقة المتخلفة المعهودة في مصر منذ قيام انقلاب سمي زورا وبهتانا بأنه ثورة يوم 23 يونيو 1952. ما يحصل الآن هو دليل على أن مصر تراوح مكانها منذ سبعين عاما. لم يتغير شيء؛ فالولاء هو الولاء والتحكم الخارجي هو التحكم الخارجي ومركزية الأمن الإسرائيلي هي المركزية نفسها، وما يزال نفس العسكريين المتعطشين للسلطة والدم والجماعة من الإيديولوجيين الخائبين سياسيا واجتماعيا الحاقدين نفسيا، وأيضا ما يزال الضحايا هم الضحايا والشعب المصري وقواه الحية والحركات الإسلامية التي تمثل العمق الأصيل والفطري لهذه الشعوب. الأكيد أن ما يحصل هو نتيجة تواطؤ العالم أجمع إلا ما ندر، والأكيد أيضا أنه من ضوء أخضر أمريكي وإسرائيلي وأوروبي غير مرئي، مع نفاق معهود ألفناه في الموقف من الانقلاب العسكري في الجزائر وما حصل قبل ذلك في طاجكستان وما حصل بعد ذلك في كثير من بلدان الدنيا. انعكاس ما حصل أمس على دول الربيع العربي سيكون سلبيا لأنه يجعل القوى المعادية للديمقراطية والحاقدة على فشلها في اختبار صناديق الاقتراع تتشجع وتتجرأ أكثر.ما حصل في مصر تعبير على ما يراد في تونس وليبيا وما يخشى أن يقع في الجزائر فيكال له بنفس المكيال، والاتجاه الأمريكي والصهيوني ماض في إفشال ثورات الربيع العربي على طريقة إفشال ثورات أمريكا اللاتينية. بعض الدول المستقرة والمتوازنة مثل المغرب يمكن أن تنجو من هذا المصير القاتم، وقد تنجو تونس لسبب بسيط وهو أن الجيش ليس مستعدا للدخول في لعبة سياسية إلا إذا قررت القوى الغربية إقحامه رغم أنفه، وآنذاك سوف يزاح الجنرالات الذين مازالو مصرين على الخط الإيديولوجي للجيش التونسي وهو الابتعاد عن السياسية، وسوف يأتي الغرب بجنرالات نزقين وحتى بضباط دونهم أخف عقلا وأقلهم تقديرا للعواقب كي يحاولوا أن يلعبوا هذه اللعبة القذرة في تونس. ● هل يمكن أن يوقف هذا المسار الذي يسلكه الانقلابيون إذا تواصل الحراك الشعبي؟ ❍ تأكد عبر التاريخ أن الحق وحده بدون قوة لن يفعل شيئا في وجه القوة العمياء المجردة من الحق، إنها سنة الله في الكون منذ أيام الفراعنة بل منذ أيام الآشوريين، أينما انفصل الحق عن القوة وافترقا صارت الحرب بينهما حرب سجال بين الحق والباطل، وهكذا هو الأمر مادام الحق في جانب والقوة في جانب مقابل، والحق يستمد قوته من ذاته والقوة تستمد قوتها من ماديتها الرعناء، ولا أظن إلا أن يبقى المثل الأفغاني الخالد مستمرا مثل سنة كونية «إن الكلمات لا توقف الرصاصات ولكن الرصاصات أيضا لا توقف الكلمات»، وها هي أفغانستان شاهدة على ه?ه الكلمات منذ سنة 1861 وإلى يومنا. ● هل يمكن أن نعتبر هذه المرحلة القاتمة من تاريخ مصر محطة من مسار طويل يتوج بالحرية والكرامة والاستقرار. ❍ صحيح هي جولة خاسرة للطرفين لأن الحق أقصي فيها، ولأن القوة مجردة عن الحق استعملت أداتها العمياء وهي العنف المؤسس والمشرعن بمهزلة ثلاثين يونيو بتواطؤ دولي منافق وعريض. ولاشك أنها مرحلة ومحطة فقط لكن لن يعود الأمر إلى ما كان عليه من قبل، مستحيل أن يقبل الشعب المصري بتسعين مليون من الموارين بالأمل والسخط والوعي والطموح أن يكونوا خارج بقية الشعوب المكرمة، لن يقبل الشعب أن تعود الأمور إلى ما كانت عليه أيام الملك فاروق وجمال عبد الناصر والسادات وحسني مبارك. لن يكون السيسي أقوى من هؤلاء وسوف يذهب كما ذهبوا هؤلاء و?وف يكون للشعب كلمته لأنه لأول مرة يسقط طاغية بحراك شعبي كما سقط مبارك والسيسي لن يكون أسعد منه وسوف تكون نهايته في ثلاث سنوات إذا كانت نهاية مبارك بعد 30 عاما.