أقلع «محمد» عن المخدرات بشكل نهائي، وأقلع عن السجائر أيضا. أصبح له عمل يكسب منه قوت يومه. والأجمل في الأمر أنه توجه صوب الرياضة، يمارس رياضة «الفول كونتاكت» و «البوكس» ولم يعد الفراغ عنوانا ليومياته. بالعمل والرياضة والمشاركة في أنشطة «الجمعية المغربية لمحاربة التدخين والمخدرات»، أصبح محمد أكثر اندماجا في المجتمع وأكثر قبولا من محيطه. لكن كيف استطاع أن يغادر «سجن الادمان»؟ ورطة الادمان يحكي محمد، شاب في العشرين من عمره، خلال لقاء جمعه ب«التجديد»، «عند أول وهلة من استخدام المخدرات، يشعر المتعاطين لها أن كل مشاكلهم قد حلت، أوهام و أحلام زائفة تنتهي بانتهاء تلك الجرعة المخدرة». توقف عن الكلام وكأنه يسترجع ماضيا مؤلما، وقال: «مرت سنتان على هذا الحال، انقلب ليلي إلى نهار، أصبحت أعيش عكس التيار، أنام في النهار إلى ساعة متأخرة من المساء، وحين أستيقظ أبدأ مسيرة البحث عن المال لكي لا أخلف الموعد مع سماسرة الموت». وأضاف بعد أن أخد نفسا عميقا، « كنت أعيش أزمة حقيقية وأنا أتعاطى تلك «البلية» خاصة وأنني لا أعمل، وصارت كل أصابع الاتهام تتجه نحوي كلما ضاع أو سرق شيئ من بيتنا، اتهامات كانت تقتل كبريائي، كما أن المسألة لم تكن تخلو من بعض الشجارات مع أصدقائي وأحيانا إخوتي لأتفه الأسباب». يحكي محمد أنه بعد أن أصبح مدمنا على تدخين السجائر دله أصدقاؤه على التعاطي للمخدرات، فطريق الإدمان يبدأ من أنفاس سيجارة عابرة بقصد التجربة، وينتهي بالارتماء في أحضان تجار وسماسرة لا قلب لهم ولا رحمة.. بكل مرارة وألم تحدث «محمد» مع «التجديد»عن تجربته الأليمة في الوقوع تحت تأثير الإدمان والتعافي منه، وقال: « منذ كنت في السنة الخامسة من التعليم الإعدادي، جربت تعاطي السجائر لأول مرة، كنا مراهقين نسعى لتقليد الكبار، نتناوب على تدخين سيجارة أو سيجارتين أنا وأصدقائي وزملائي الفصل، نستمتع ببعض اللحظات معا، وبعد حين فكرنا في تجريب الحشيش، حيث كنا نخلط السجائر بالحشيش، فنشعر بنشوة خاصة لا مثيل لها..ومنذ ذلك اليوم صارنا على موعد تابث مع جلسات الحشيش». واصل محمد حديثه قائلا:»كنت أشعر بالضياع كلما استفقت من نشوتي الوهمية، أفكر في مستقبلي، فلم أكمل دراستي، ولم أتعلم أي صنعة، يتيه تفكيري بعيدا لأعود بخفي حنين..فلا مستقبل لي ولا ملاذ لي غير تناول جرعات ذلك المخدر الذي يذهب بي بعيدا..إلى عالم بدون عقبات، لا مشاكل، لا طموح..»ّ، لكن «حين ينتهي مفعول المخدر أشعر بتعب ووهن وأحتاج لمخدر آخر..»، يضيف «محمد» بألم. الرياضة منقد توقف محمد مرة أخرة عن الكلام، و رفع عينيه ونظر نحو الأفق كأنه يرى المسار الجديد الذي رسمه لحياته. استأنف الكلام و هو يحاول إخفاء ابتسامة خفيفة فقال «الحمد لله- أقلعت عن هذا الوباء بعد تعرفي على منير، مدرب رياضي بإحدى النوادي التابعة ل»الجمعية المغربية لمحاربة التدخين والمخدرات»، الذي وجهني إلى تفريغ كل طاقتي في ممارسة الرياضة».ومنذ لقاء منير بمحمد إلتزم هذا الأخير بالإقلاع عن المخدرات بعد نقاشات مستفيضة ونصائح شاب صالح، لآخر في طريقه إلى الضياع.. وبسبب رغبة محمد الدفينة في إنهاء حالات الحيرة والباء الذي يشعر به بعد نفث ذلك الدخان المسموم، استطاع «محمد» التخلص من إدمانه، رغم أنه لم يكن يقوى على الحياة بدونه بدعوى أن «دماغه ألف تلك الجرعات المسمومة». في محاولة منه لتوجيه رسالة إيجابية لكل الشباب الطائش الذي يختار تناول المخدرات طريقا للنسيان يقول «محمد» بحرقة: « إذا ما فكر أي مدمن في الإقلاع عن المخدرات، سيتجاوز مرحلة الضياع التي يعيشها، لكن أحيانا تفرض علينا الظروف القاسية الهروب من الواقع عبر هذه السموم لذلك أنصح بالابتعاد عن رفقاء السوء، والهروب من مشاكل الحياة إلى العمل و الرياضة».