تناول الباحث عبدالله روحمات في الجزء الأول من هذا المقال التعريف ببعض المصطلحات الفقهية والقانونية، وحدد الهدف من وكالة الصلح بين الزوجين، وفي هذا الجزء الأخير سيتعرض الباحث إلى بعض الإشكالات القانونية والعملية لهذه الوكالة. الجزء الثاني يتبين من خلال عرضنا لهذا التقسيم أن الصلح يندرج ضمن الأعمال والتصرفات التي تجوز فيها الوكالة باتفاق العلماء، وقد حاول الفقهاء حصر الأمور التي لا تجوز فيها النيابة، وذكروا من ذلك العبادات (15) والشهادات (16) والإيمان) (17) بأنواعها من نذر وإيلاء وقسامة ولعان، والنكاح بمعنى الوطء (18). وهكذا يظهر أن الأعمال التي لا تصح فيها الوكالة هي تلك التي تتعلق بالشخص وترتبط به، بحيث لا يتصور أن تأتي من غيره وتعود بالمصلحة عليه، وبعبارة أخرى فإنه يستحيل أن تحل إرادة الغير محل إرادة النفس في تحقيق الأهداف المتوخاة منها أو تحصيل المصلحة التي شرعت من أجلها، فاليمين مثلا تعبر عن صدق الحالف ولا يتصور العقل أن تعبر هذه اليمين عن صدق الموكل حتى لو فرضنا صحة الوكالة فيها. هذا من جانب الفقه، أما من جانب القانون فإن الفصل 882 من قانون الالتزامات والعقود (ق ل م ) نص على أنه "تعتبر الوكالة كأن لم تكن إذا كان محلها عملا لا يجوز إجراؤه بطريق النيابة كأداء اليمين". فالفصل وإن لم يعدد الأعمال التي يمنع فيها التوكيل على سبيل الحصر فهو أعطي مثالا بأداء اليمين، ليدخل في هذا المنع ما شابهها من الأعمال كالشهادة وما في حكمها، مما لا تتحقق المصلحة المتوخاة منه إلا بمباشرته من الشخص نفسه، كالنكاح بمعنى الوطء. وبالمقابل فإن المشرع المغربي نص على الأعمال التي يمنع فيها التوكيل على سبيل الحصر فهو أعطي مثالا بأداء اليمين، ليدخل في هذا المنع ما شابهها من الأعمال كالشهادة وما في حكمها، مما لا تتحقق المصلحة المتوخاة منه إلا بمباشرته من الشخص نفسه كالنكاح بمعنى الوطء. وبالمقابل فإن المشرع المغربي نص على الأعمال التي تكون قابلة للتوكيل، وإن كان ذلك بصفة عارضة، فقد جاء في الفصل 893 من قانون الالتزامات والعقود "والوكالة العامة هي التي تمنح الوكيل صلاحية غير مقيدة لإدارة كل مصالح الموكل، أو هي التي تمنحه صلاحيات عامة غير مقيدة في قضية معينة. وهي تمنح الصلاحيات لإجراء كل ما تقتضيه مصلحة الموكل وفقا لطبيعة المعاملة وعرف التجارة وعلى الأخص قبض ما هو مستحق له، ودفع ديونه،واتخاذ كل الإجراءات التحفيظية، ورفع التعاقد الذي من شأنه تحمل الموكل بالالتزامات في الحدود التي يقتضيها تنفيذ المعاملات التي كلف الوكيل بإجرائها". ونص الفصل 892 من ق ل ع على أن "وكالة التقاضي وكالة خاصة، وهي تخضع لمقتضى أحكام هذا القانون وهي لا تخول صلاحية العمل إلا بالنسبة إلى الأعمال التي يعنيها، وعلى الأخص فهي لا تعطي الصلاحية في قبض الدين وإجراء الإقرار أو الاعتراف بالدين أو إجراء الصلح، ما لم يصرح بمنحها للوكيل". ونص الفصل 894 على أنه "لا يجوز للوكيلا ياما كان مدى صلاحياته، بغير إذن صريح من الموكل توجيه اليمين الحاسمة، ولا إجراء إلا قرار القضائي ولا الدفاع أمام القضاء في جوهر الدعوى، ولا قبول الحكم أو التنازل عنه، ولا قبول التحكيم أو إجراء الصلح ولا الإبراء من الدين..." يتبين من خلال استقرائنا لهذه النصوص أن الصلح يندرج في الأعمال التي يجوز إجراؤها بطريق الوكالة إلا أنه من الأعمال والتصرفات التي لا تشملها عقود الوكالة العامة إذا بقيت على عمومها، كما تشمله وكالة التقاضي، بل لابد من التنصيص عليه صراحة مثله مثل باقي التصرفات القانونية التي تحتاج إلى تخصيص، وذلك لأن الوكالة العامة تشمل فقط أعمال الإدارة، بالرغم من أنها تمنح صلاحيات غير مقيدة، فهي تظل محددة بإدارة كل مصالح الموكل وفق المعاملة وعرف التجارة. كذلك لا يندرج الصلح ضمن وكالة التقاضي بالرغم من أنها خاصة، إذ أنها تشمل مجرد الأعمال التي تعنيها مما يتعلق بإجراءات الخصومة، اللهم إذا نص الموكل بمنحه صراحة للوكيل، فإنه يكون حينئذ مشمولا بالتوكيل، وعلى هذا الأساس فإن إجراء الصالح لابد لقبوله بطريق الوكالة ممنوحا صراحة، وذلك بواسطة توكيل خاص فيما إذا كان مقصودا لوحده، أو بواسطة الإذن في إجرائه عندما يكون مقصودا مع غيره، سواء بطريق التوكيل العام أو التوكيل الخاص، كما رأينا سابقا في الفصلين 892 و894 السابقين. وفي نفس السياق ذهب القانون المصري بصياغة قريبة للفصل 894 من ق ل ع في المادة 76 من قانون المرافعات إلى أنه "لا يصح بغير تفويض خاص الإقرار بالحق المدعي به ولا التنازل عنه ولا الصلح ولا التحكيم فيه ولا قبول اليمين ولا توجيهها ولا ردها ولا ترك الخصومة ولا التنازل عن الحكم أو عن طريق من طرق الطعن فيه...". مدى صحة الوكالة في صلح الزوجين يتبين من خلال ما سبق أن الصلح باعتباره تصرفا من التصرفات القانونية يجوز أن يكون محلا لعقد الوكالة بصفة عامة، وليس هناك أي مانع، وإذا كان الأمر كذلك، فماذا يمكن القول عن الوكالة في إجراء الصلح إذا تعلق الأمر بالحالة الشخصية للأفراد الصلح بين الزوجين ؟ خاصة إذا تعذر على الأطراف أو أحدهم حضور جلسة الصلح. إن القول بإجراء الصلح بين الزوجين يقتضي دائما وجود نزاع قائم بينهما، وإلا لما احتيج إلى إجراء محاولة التصالح بينهما. نص الفصل 56 من مدونة الأحوال الشخصية على أنه "إذا ادعت الزوجة على زوجها إضراره بها بأي نوع من أنواع الضرر الذي لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالها وثبت ما ادعته وعجز القاضي عن الإصلاح بينهما طلقها عليها". يستفاد من النص أن القاضي يلجأ إلى إصلاح ذات البين بين الزوجين كلما ادعت الزوجة على زوجها أنه يضر بها، وثبت ادعاؤها، ولم يشر النص إلى ضرورة إجراء الصلح شخصيا بين الزوجين، كما لم يشر إلى منع ذلك مما يبقى معه الأمر خاضعا للقواعد العامة المتعلقة بعقدي الصلح والوكالة، وقد سبق لنا أن فصلنا الكلام على إمكانية إجراء الصلح بطريق الوكالة، وخلصنا إلى أن الصلح من الأعمال التي تجري فيها الوكالة، ولم نجد خلافا بين القانون والفقه. وجاء في الفصل 212 من قانون المسطرة المدنية: "... يستدعي القاضي بعد تقييد المقال الزوجين قصد محاولة التصالح بينهما، إذا تم التوفيق بينهما أثبت القاضي ذلك بأمر تنتهي به إجراءات الدعوى، إذا فشلت المحاولة أو بعد استدعائين وتخلف الزوجين أو أحدهما عن الحضور اصدر القاضي أمرا بعدم التصالح وأذن لمدعي بمواصلة الدعوى". كذلك تميز هذا النص بالشمولية والعموم فيما يخص إجراء الصلح، فبغض النظر عن إغفال المشرع للإجراءات المسطرية الواجب اتباعها بشأن الصلح، نلاحظ أنه لم يفرد لمحاولة الصلح جزءا يحظى ببعض التفصيل، الأمر الذي لم يتطرق معه إلى إمكانية توكيل الأطراف أو عدم إمكانية ذلك، لحضور مجلس الصلح، في حين أن هناك بعض التشريعات خصصت لمجلس الصلح حيزا مهما في قانون المرافعات كما فعل المشرع المصري. ويأتي الفصل 179 من قانون المسطرة المدنية ( ق م م ) كما غير بمقتضى ظهير 10 شتنبر 1993 بنفس الشمولية، ما عدا ما يتعلق بمسطرة بعث الحكمين، والتي جاءت هي الأخرى جد متواضعة فبعبارة "القيام بمحاولة إصلاح ذات البين بين الزوجين "لا يفيد أكثر من قيا القاضي بهذه المحاولة، باعتبار أن النزاع يدخل في نطاق العلاقة الشخصية بين الزوجين. لكن هذا العموم الذي طبع الفصول السابقة يخصه ما نص عليه الفصل 180 من قانون المسطرية المدنية الذي جاء فيه "إذا أحيلت القضية على القاضي استدعي حالا الأطراف إلى الجلسة، يجب على الأطراف أن يحضروا في هذه الجلسة الأولى شخصيا أو بواسطة ممثلهم القانون وتجري دائما محاولة التصالح، وإذا حصل التصالح أصدر القاضي حالا حكما يثبت الاتفاق وينهي النزاع وينفذ بقوة القانون ولا يقبل أي طعن". إذا وقفنا عند هذا النص، وسجلنا أن النزاع بين الزوجين هنا نزاع شخصي، أي يتعلق بعلاقتهما الزوجية وليس بغيرها، فإننا نقرر أن إجراءات الصلح الواجب القيام بها في مجال أحكام الأسرة، كما يعتد بها قانون بحضور الأطراف، يتعد بها بحضور الممثلين القانونيين وفق ما صرح به الفصل 180 السابق، سواء تعلق الأمر بالالتزامات المترتبة على الطلاق كما في هذا الفصل، أو تعلق الأمر بالضرر كسبب لطلب التطليق كما في الفصل 56 من مدونة الأحوال الشخصية ( م ح ش)، مع أننا نرى أن مسطرة الصلح ليست خاصة بدعوى التطليق للضرر إنما هي مقررة في جميع دعاوى التطليق بنص الفصل 212 من ق م م باعتباره النص العام الواجب التطبيق في جميع دعاوي التطليق. وبما أن الطلاق والتطليق نتيجتهما واحدة، وهي فك عصمة الزوجية وحل عقدة النكاح، وأن الفصل 180 من ق م م جاء مخصصا لعموم الفصول 56 من م ح ش و179 212 من ق م م فيما يتعلق بإجراءات الصلح بين الزوجين بخصوص علاقتهما الزوجية، فإن إجراءات الصلح كما يباشرها القاضي بحضور الأطراف يجوز أن يباشرها بحضور من ينوب عنهما إذا كانت نيابتهما خاصة في إجراء محاولة الصلح، حيث يرتكز عمل الوكيل على تحقيق رغبة موكله في إجراء الصلح وفقا للشروط التي يمليها عليه. ويطابق هذا الفهم ما حكمت به محكمة النقض المصرية في قرارها الصادر بتاريخ 1980/03/05 الذي جاء في "التفويض بالصلح يستتبع التفويض برفضه. لما كان ذلك وكان البين من الأوراق [1]أن وكيل المطعون عليها المفوض بالصلح قد رفضه فإن ذلك يكفي لإثبات عجز المحكمة عن الإصلاح بين الزوجين (19). ولا يخفى أن مهمة الوكيل في إجراءات الصلح هي نفسها مهمة الحكمين، سواء كان الوكيل من الأقارب أو من الأجانب، لأن مركزه لا يبتعد كثيرا عن مركز الحكم. لذلك فإن توكيل الزوجين وكيلين عنهما للقيام بمحاولة الصلح لا يختلف عن بعث القاضي حكمين، خاصة وأن الحكمين في مفهوم القانون المغربي وكيلان وليس قاضيين، علما أن الوكيلين يكونان دائما يحملان عبارات موكليهما،وتحل إرادتهما محل إرادة الأصيل امثثالا لأوامره وتحقيقا لإرادته ورغبته. فإذا جاءت الوكالة بنص خاص لإجراء محاولة التصالح بين الزوجين، فإنه من البديهي أن إرادة الوكيل تحل محل إرادة الأصيل في إجراء هذه المحاولة، وهنا لا يختلف دور الوكيل عن دور الحكم في البحث عن السبل الكفيلة للتقريب بين الشروط التي يمليها كل من الزوجين رغبة في إصلاح ذات البين بينهما بما يرضي كل طرف. وإذا كان بعث الحكمين مما ينص عليه القانون، ويستساغ عقلا، فما تنصيب الوكيل سوى جزء من هذا المنظور، الذي لا يختلف عنه في الجوهر وإن كانا مختلفين شكلا مع العلم أن حضور الوكيل أو حضور الحكم بصفته وكيلا، يغني عن حضور الأصيل بداهة، والإ لما كان للوكالة معنى. لذلك فإن توكيل الزوجين في إجراءات الصلح كما يجد أساسه في القانون يجده في المنطق. أما القول بأن اجراءات الصلح مسألة شخصية لا ينبغي لأحد أن يطلع عليها، كما ذهب إلى ذلك أصحاب الاتجاد الثاني وإنها تقتضي تنازلات من الطرفين تستلزم وجودهما شخصيا، من أجل استرشاد القاضي بالتفسيرات التي يبديها الزوجان (19)، فإن هذا الدفع حتى لو لم نقل بوهانته، لأن جل القضايا التي تثار بشأنها نزاعات بين الزوجين هي شخصية محضة، ومع ذلك يجوز مباشرتها عن طريق الوكالة كما يجوز ذلك بالزصالة، فإنه لا يرقى سببا لرفض الوكالة في إجراءات الصلح بين الزوجين بمجرد الاجتهاد الذي لا يساير المنطق من جهة، ولا يساير القواعد القانونية والشرعية العامة التي تتسم بذلك من جهة ثانية، علاوة على كون الاجتهاد الذي ذهب إلى منع الوكالة في اجراءات الصلح بين الزوجين، يقر كبديل بإمكانية الاستغناء عن مرحلة الصلح بدل اعتماد الوكالة في اجراءاته، وذلك كلما تعذر اجراؤه شخصيا، وهذا لم يقل به أحد، فهو بالإضافة إلى كونه يخرق مقتضيات الفصل 179 الذي أوجب القيام بمحاولة الصلح، فإنه لا يساير القاعدة العامة القائمة "ما لا يدرك كله لا يترك بعضه"، لأن إقامة الصلح بين الزوجين ولو عن طريق الوكالة خير من اهماله بالمرة، وفي ذلك مصلحة لا تخفى على أولى النهي. وقد رأينا أن الوكالة ما شرعت إلا في حالة وجود اعذار تمنع الشخص من مباشرة مصالحه بنفسه، طبقا للقاعدة "من ملك حقا ملك التوكيل فيه"، كما رأينا أن القضاء المصري اعتبر الوكيل في إجراءات الصلح بين الزوجين بمثابة الأصيل في صلاحيته المفوض له بها، وبالتالي اعتبر رفضه للصلح بمثابة رفض الأصيل 0الطرف المعني)، مع العلم أن المنظومة القانونية والقضائية المغربية شقيقة المنظومة المصرية ليس إلا. والقول بإمكانية الاستغناء عن إجراء محاولة الصلح لمجرد كونه يقتضي تنازلات تستلزم حضور الطرفين شخصيا، غير مؤسس على مبرر معقول، لأن التنازل نفسه مما يقبل اجراؤه عن طريق الوكالة كيفما كانت طبيعة التنازلات، فحضور نائبين عن الزوجين لإجراء مسطرة الصلح أفضل بكثير من الاستغناء نهائيا عن مرحلة الصلح، لأن اجراء هذه المحاولة كما قد يؤدي إلى فشلها قد يؤدي إلى نجاحها، وبالتالي يبقى احتمال حصول الصلح قائما بخلاف ما إذا تم الاستغناء عنها، فيه ضرب لكل الجهود التي بذلها المشرع ومعه المنظمات الحقوقية لإقرار مؤسسة الصلح بين الزوجية تشريعيا. الحضور القانوني في مفهوم قانون المسطرة المدنية هذا بالإضافة إلى أن الحضور القانوني في مفهوم قانون المسطرة المدنية يتم إما شخصيا، بأن يحضر الأطراف مباشرة، وإما بواسطة من يمثلهم قانونا، سواء كان هذا الممثل القانوني، وكيلا عاديا أو محترفا (20)، وسواء كانت الخصومة ذات طبيعة مالية أو شخصية، لأن المطلوب قانونا هو توفر الصفة والأهلية. وفي هذا الصدد نجد الفصل 112 من قانون المسطرة المدنية ينص على ما يلي: >يحضر الأطراف في اليوم المحدد بالاستدعاد شخصيا أو بواسطة وكلائهم " فالحضور بالصفة القانونية المطلوبة يتم شخصيا من الأطراف، وإذا تعذر عليهم ذلك فبواسطة الوكيل الذي يعتبر حضوره بمثابة حضور المعني بالأمر، كما يعتبر غيابه بمثابة غياب المعني بالأمر، ويترتب على غيابه ما يترتب على غياب الطرف المعني، وفي هذا المعنى جاء الفصل 48 من ق م م يقول "إذا تعدد المدعى عليهم ولم يحضر أحدهم بنفسه أو بواسطة وكيله أخر القاضي القضية إلى جلسة مقبلة وأمر من جديد باستدعاء الأطراف طبق للقواعد المقررة...<. كما تكتفي تصريحات الوكيل نيابة عن موكله في ترتيب الآثار القانونية على إجراءات الدعوى، وتغني أقوال عن أقوال الأصيل حتى فيما يتعلق بالموضوع، مما ينبغي معه الحسم بأن الوكيل في القواعد العامة للتقاضي كالأصيل، ويسري ذلك على قضايا الأحوال الشخصية بالضرورة لأنها غير مستثناة بنص صريح. نص الفصل 50 من ق م م "تصدر الأحكام في جلسة علنية... تتضمن أيضا الاستماع إلى الأطراف الحاضرين أو إلى وكلائهم وكذا مستنتجات النيابة العامة عند الاقتضاء... هكذا يمكننا التدليل على صحة الوكالة في إجراء الصلح بين الزوجين، سواء تعلق الأمر بالوكالة العادية، التي ينوب فيها أحد الزقرباء، مما نص عليهم الفصل 33 من ق م م، أو تعلق الأمر بالوكالة بالخصومة المتخصصة التي يكون نائبا فيها أحد المهنيين في ميدان المرافعات، حيث يعتبر المحامون والوكلاء الشرعيون من ذوي الصلاحية بالضرورة في إجراء الصلح بين الزوجين كلما أعطيت لهم هذه الصلاحية كتابة. ويتبين في إجراء الصلح بين الزوجين كلما أعطيت لهم هذه الصلاحية كتابة. ويتبين من خلال هذه المعطيات أن إجراءات الصلح بين الزوجين كما تصح من الأطراف شخصيا تصح من نوابهم، ولا مجال للقول بخصوصية قضايا الأحوال الشخصية في هذا المجال، لأن المشرع وهو يذكر القضايا التي لا تجوز فيها الوكالة. لم يتطرق إلى قضايا الأحوال الشخصية وبالأحرى قضية الصلح بين الزوجين، علاوة على أن الفصل 180 من ق م م وهو ينظم قواعد الخصومة بين الزوجين في أمورهما الشخصية، نص على أن الجلسة الأولى بعد إحالة القضية على القاضي يحضرها الأطراف شخصيا أو ممثلهم القانوني، وتجر دائما محاولة التصالح، مع العلم أن هذه الجلسة الأولى مخصصة لإجراء محاولة الصلح بين الزوجين، ومع ذلك فإن حضور الممثل القانوني لم يستبعده النص بل نص على اعتماده صراحة وهذا هو القرينة القاطعة على صحة الوكالة في اجراءات الصلح بين الزوجين. وزيادة على ذلك فإن المشرع لوكانت له رغبة في منع الوكالة في اجراءات الصلح، أو جعل حضور الزوجين شخصيا لجلسة محاولة الصلح واجبت، لنص على ذلك صراحة، ولما ترك للاختلاف مجال، ولكن لما كان الصلح مماتدخله النيابة بصفة عامة، وكذا التصالح بين الزوجين بصفة خاصة، كما تقرره النقول الفقهية والنصوص القانونية المختلفة، فإن المشرع لم تتولد له رغبة واضحة في منع لوكالة في مسطرة الصلح بين الزوجين علما أن ذلك يقتضي مراجعة مجموعة من النصوص ذات الصلة. هذا ونذكر في الختام بأن منع التصرفات لا يكون إلا بنص، وإلا فالأفعال والتصرفات على بيعتها في الإباحة إلى أن يتم تقييدها أو منعها تشريعا وليس اجتهادا. عبد الله روحمات