قال الشيخ محمد رفيقي عبد الوهاب الملقب ب»أبي حفص» إن الوطن بمكوناته وطاقاته وشبابه كان الخاسر الأكبر في الأحداث الأليمة ل16 ماي، مطالبا بالتحقيق في حقيقة ما وقع في تلك الليلة السوداء.. وأشار أبو حفص أنه كان يتمنى أن لا يدع خلفه أبرياء ذاقوا الظلم وتمنى لو تخلص المغرب من هذا الملف بشكل نهائي وجذري، ويأمل حصول ذلك في الأيام القريبة. ● مرت عشر سنوات على الذكرى الأليمة ل16 ماي 2003 ، ماذا تعني لكم هذه المناسبة؟ ●● لا شك أن هذه المناسبة تشكل لنا نقطة سوداء من تاريخ هذا البلد وتثير فينا ذكريات مأساوية، ليس فقط لما خلفه الحدث من ضحايا والذين أعلنا تضامننا مع عوائلهم أكثر من مرة، ولكن أيضا لما خلفه الحدث من ضحايا الإعتقال التعسفي وللظلم الذي قاساه جزء من الشعب المغربي على إثر هذه الأحداث، وقد كنا ضمن هؤلاء الضحايا، وتجرعنا مرارة ذلك الظلم وعشنا كل ما ترتب على الحدث من ملاحقات ومتابعات ومحاكمات ظالمة، افتقدت أدنى شروط العدالة. وقد عشنا أيضا مع الشعب المغربي الأجواء الإستثنائية وكتم الأنفاس والإجهاز على المكتسبات ومحاولات استئصال الحركة الإسلامية بكل توجهاتها وتياراتها، مع ما زامن ذلك من الإعتداء على الحقوق، وتمرير القوانين الظالمة، ولهذا كله لا يمكن أن تشكل لنا هذه الذكرى إلا كابوسا مزعجا، نرجو أن نكون قد بدأنا في التخلص من آثاره التي مازال كثير منها جاثما على نفوسنا . ** لماذا لم تتبنّ -لحدود اليوم- أي جهة تفجيرات البيضاء؟ ** هذا سؤال يوجه إلى الذين كانوا خلف التفجيرات لماذا لم يتبنوا هذه العمليات، ولماذا لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنها، ولا أي تنظيم جهادي محلي أو عالمي، مما يترك الباب مفتوحا لكثير من التساؤلات ومما لا شك فيه أن الوطن بمكوناته وطاقاته وشبابه كان الخاسر الأكبر، فالذي استفاد بأي شكل من الأشكال من مأساوية الحدث هو من كان خلفه، ولذلك نحن طالبنا مرارا وتكرارا ومازلنا نطالب بالتحقيق في حقيقة ما وقع في تلك الليلة السوداء. ● هل تغير نهج الدولة في التعاطي مع إشكالية العنف الديني أو قضايا الإرهاب؟ ●● لا يمكن بأي حال من الأحوال من باب الإنصاف تشبيه واقع اليوم بما كان قبل عشر سنوات، فرغم حصول بعض الانتهاكات هنا وهناك ورغم ما نسمعه من اعتداءات على حقوق الإنسان فلا شك أن الأحوال قد تطورت بشكل كبير إلى الأفضل، وواضح أن الدولة قد استفادت مما حصل من أخطاء وتجاوزات في تلك الفترة وإن كنا نسعى إلى طي تلك الصفحة طيا نهائيا بإطلاق سراح ما تبقى من الأبرياء وتعويض كل المتضررين والعمل على إدماج المفرج عنهم في الحياة العامة والمجتمع. دون أن ننسى أن السياق الدولي تغير أيضا، فالجمهوريون بالبيت الأبيض الذين أعلنوا حربا تدميرية في العالم تحت مسمى «الحرب على الإرهاب» وانتهكوا فيها كل الحقوق والأعراف، قد ولى عهدهم وتغيرت السياسية الأمريكية نحو صيانة أفضل لحقوق الإنسان، فلم يبق الآن إلا التخلص من آثار تلك الحقبة السوداء. ● متى سينتهي المغرب من كابوس «الإرهاب» ونعود إلى الاستثناء المغربي؟ ●● مع العولمة التي يعرفها العالم ومع سهولة نقل المعلومات وتبادلها عبر مختلف وسائل التواصل الإجتماعي، يصعب الحديث عن أي استثناء، مغربيا كان أو غيره، ثم إن العوالم المغذية للتفكير في مثل هذه الأعمال المستنكرة لا تزال قائمة، بالاحتلال العسكري لكثير من البلاد الإسلامية واستكبار عالمي يقهر الشعوب المستضعفة، ولذلك إذا أردنا تحقيق هذا الإستقلال فلا بد من حسن التعاطي مع هذه القضايا، ولابد من فتح ورشات حوار مع الشباب والتواصل معه وإدماجهم في الحياة العامة، مما يجعلهم محصنين عن كل نزعات الغلو والتطرف. ● بعد العفو عنكم وعن الشيخ حسن الكتاني والشيخ عمر الحدوشي تم استثناء باقي المعتقلين من العفو الملكي، ما قراءتكم لهذه المسألة؟ ●● ليس هناك أي قراءة معينة، الأستاذ مصطفى الرميد وزير العدل والحريات بحكم دفاعه عنا طيلة المحنة واطلاعه التام والدقيق على ملفاتنا دون غيرنا طلب الإفراج عنا دون غيرنا، ولم يكن خروجنا في إطار أي تسوية للملف ولا في إطار أي حل له. كنا نتمنى فعلا أن لا ندع خلفنا أبرياء ذاقوا ما ذقناه من الظلم وتمنينا لو تخلصنا من هذا الملف بشكل نهائي وجذري، ونأمل حصول ذلك في الأيام القريبة. ● أي حل تقترحونه لهذا الملف؟ ●● الحل قد تحدثنا عنه مرارا وتكرارا، وهو مرتبط بجزء منه بملف المعتقلين، وفي جزء آخر بالأبعاد الفكرية والإشكاليات التي يطرحها نوع التعاطي في التعامل مع هذا التيار. أما بخصوص ملف المعتقلين فلابد من إطلاق سراح الأبرياء عاجلا غير آجل، عبر عفو ملكي شامل لهم، علما أن ما يقارب مائة معتقل سيفرج عنهم خلال الأيام القريبة، بعد انقضاء مدة محكوميتهم بعشر سنوات، مما يسهل التعاطي مع الباقي الذين لن يكون عددهم كبيرا. أما بخصوص الأبعاد الفكرية فأؤكد مرة أخرى على ضرورة فتح حلقات وورشات للحوار، وتكسير الحواجز والعوائق النفسية والمعرفية، مما يسهل عملية الإدماج ويساهم في تطوير المجتمع نحو مزيد من السلمية والتعايش.