حذّر بيان المجلس الأوروبي للبحوث والإفتاء من خطورة شن حرب جديدة ضد العراق، مؤكداً أنه لا تمتلك أي مشروعية من ناحية الشرعية الإسلامية، أو الأخلاقية، أو القانونية، كما أنها تفتقر للمبررات المقبولة. وجاء في البيان أن المجلس "يتابع بقلق بالغ الاستعدادات العسكرية الأمريكية لشن حرب على العراق، وتصاعد لغة التهديد بدل الجنوح نحو السلم والسلام ولغة الحوار والتعايش، على الرغم من تصاعد مسيرات الاحتجاج في أرجاء المعمورة ضد هذه الحرب العدوانية الهادفة لتحقيق الهيمنة الأمريكية على منابع البترول، والتحكم في العالم أجمع". وأوضح بيان المجلس، الذي يترأسه العلامة الدكتور يوسف القرضاوي، ويضم لفيفاً من العلماء والفقهاء البارزين والباحثين المسلمين المتخصصين من عموم أوروبا ومن أرجاء العالم الإسلامي وأمريكا الشمالية؛ أنّ موقفه هذا يأتي "انطلاقاً من رفضه العنف والإرهاب وترويع الآمنين، أياً كان مصدره (...) وحرصاً على كرامة الإنسان وحقوقه وعدم إذلاله وإهانته". وحذّر المجلس، الذي عقد دورته العاشرة في العاصمة الأيرلندية دبلن وسط اهتمام كبير، من "خطر اندلاع حرب شاملة مدمرة على العراق والمنطقة العربية والإسلامية، وما يترتب عليها من قتل وجرح وتعويق لعشرات الآلاف من الأطفال والنساء والأبرياء، وتدمير وترويع وتهجير، ومع ما تحمله من انعكاسات سلبية على العلاقات بين الدول والحضارات والأديان والمجتمعات، ومن إشعال روح الكراهية والعنصرية بين الشعوب". وأكد المجلس، كما أفادت وكالة قدس برس للأنباء، أنّ "ضرب العراق وتدمير بنيته التحتية، وما يترتب على ذلك من مآس إنسانية للآدميين؛ حرب غير مشروعة، وهي ليست موجهة ضد العراق وحده، إنما تطال العالم الإسلامي بصفة خاصة، وتخلخل الأمن والسلام العالميين بصفة عامة، وهي حرب لا سند لها من شرعية أخلاقية أو قانونية، ولا مبرر لها من حيث الواقع". وشدد المجلس على أنّ "أي إسهام في هذه الحرب غير جائزشرعا"، لأنه تعاون على الإثم والعدوان"، مشيراً إلى معارضته لهذه "الحرب من منطلقاته الدينية والأخلاقية والإنسانية"، وموضحاً أنه "يقف مع السلم والسلام والأمن للجميع، وهو يشارك الشعب العراقي في آلامه، وتطلعاته للانعتاق من الاستبداد، وللعيش الكريم الآمن من خلال جهود أبنائه، وللمحافظة على حقه في اختيار النظام الذي يحكمه"، كما جاء في البيان الصادر عنه. ودعا المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث جميع الشعوب الإسلامية وكل المحبين للخير والسلام للوقوف "صفاً واحداً في وجه قوى الحرب والشر والظلام، بكل الوسائل المشروعة، كما يدعو المسلمين في أوروبا وغيرها إلى التعبير عن معارضتهم لضرب العراق بالتعاون مع قوى الخير والسلام، في إطار الالتزام بالقوانين المرعية في تلك البلاد، والحفاظ على الأمن الاجتماعي لمجتمعاتهم الأوروبية، التي أصبحواجزءاً لا يتجزأ منها". من جهة أخرى أكد المشاركون في ندوة "ضرب العراق والشرعية الدولية" التي عقدت بالأزهر الأربعاء المنصرم أن الحشود العسكرية الأمريكية الموجودة في الخليج والشرق الأوسط وتلك التي لا تزال تتدفق على المنطقة تفتقد لأي أساس شرعي، سواء من الناحية الدينية أو استنادا إلى القانون الدولي؛ حيث تأتي هذه الحشود في إطار تهديدات أمريكية صريحة بالاعتداء على بلد عربي مسلم هو العراق، وهو أيضا دولة مستقلة ذات سيادة وعضو في الأممالمتحدة التي يحظر ميثاقها القيام أو حتى التهديد بأي عمل حربي ضد دولة أخرى. كما أكد المشاركون حسب ما ذكر موقع "إسلام أون لاين" أن القرارات الدولية المفروضة حاليا على العراق تفتقد هي الأخرى للشرعية وفقا للقوانين الدولية؛ حيث كان يتعين وقف العمل بها عقب تحرير الكويت وخروج القوات العراقية منها. وربط مساعد وزير الخارجية المصري بين ما يحدث في العراق وما يجري في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مشيرا إلى أن كل دول المنطقة سوف تخسر بسبب اندلاع المواجهات العسكرية باستثناء الكيان الصهيوني، فهو الوحيد الذي سيحصد النتائج من كل ما يجري؛ ولذلك هو الأكثر تحمسا وتشجيعا للولايات المتحدة للدخول في مغامرة الحرب. ووجه المشاركون في الندوة نداء إلى المجتمع الدولي لبذل كل الجهود الممكنة لمنع العدوان الأمريكي المتوقع على العراق، باعتباره مخالفا لكل الشرائع السماوية ويتعارض مع القوانين والمواثيق الدولية. وكان الشيخ يوسف القرضاوي، الذي يرأس المجلس، قد دعا لاعتبار يومي 14 و15 فبراير القادمين، يومي تضامن واسع النطاق مع الشعب العراقي وضد الحرب، وحث مسلمي أوروبا على المشاركة الفعالة في ذلك. وحسب آخر الأنباء الإعلامية الأخيرة فإن السلطات البريطانية متخوفة من المظاهرات التي دعا إليها الشيخ القرضاوي وستتدخل لمنعها، هذا في الوقت الذي تشهد فيه عدة عواصم دولية واسلامية مظاهرات حاشدة ومنددة بالعدوان المحتمل على العراق. إعداد:ع.ل