اعتبر فؤاد بوعلي، رئيس اللجنة التحضيرية للإئتلاف المغربي من أجل اللغة العربية، أن مهمة الائتلاف الأساسية والتي وجد من أجلها، إضافة إلى تجميع القوى، الحريص على التنزيل السليم للدستور، بتفعيل الطابع الرسمي للعربية، وذلك على ثلاث مستويات، وهي «الحماية القانونية والتشريعية التي تضمن للعربية قدرا من الاحترام والتقدير»، من خلال وضع وضع آليات لمراقبة التزامات الدولة بحماية اللغة العربية باعتبارها لغة رسمية،ثم «التطوير المطرد للمتن اللغوي العربي»، بالمساهمة العلمية في تنسيق جهود المؤسسات العلمية والبحثية المختلفة، وكذا من خلال «تنمية الاستعمال»، بإبراز مكانة اللغة العربية في المجتمع المغربي ونشر الوعي بأهميتها وإعادة الاعتبار لها باعتبارها مقوما وجوديا وهوياتيا.وأفاد بوعلي، خلال الندوة الصحفية للإعلان عن مبادرة تأسيس الإئتلاف، مساء أول أمس بنادي المحامين بالرباط، أن الإئتلاف هو بمثابة «منسقية شعبية تضم الجمعيات والمؤسسات والشخصيات والاتحادات وكل المكونات التي تؤمن بقضية اللغة العربية»، وقال، «جئنا اليوم لنعلن ميلاد منسقية شعبية تضم الجمعيات والمؤسسات والشخصيات والاتحادات وكل المكونات التي تؤمن بقضية اللغة العربية». وفيما يلي النص الكامل لكلمة رئيس اللجنة التحضيرية للإئتلاف: نلتقي لننزل ما كان حلما على أرض الواقع، نلتقي لنعلن عن ميلاد ائتلاف وطني يضم كل الغيورين على لسان الضاد والانتماء العميق للمغرب. نلتقي لنُطلقُ نجمة في سماء وطن عرف ويعرف تغيرات كثيرة أثرت على وجوده وبناء مقوماته وترتيب أولوياته، نلتقي لنشرع على بركة الله في لم شمل كل المؤمنين بجوهرية العربية في الانتماء الحضاري والعقدي للوطن والمجتمع، المقتنعين بقدرة لغة القرآن على مواكبة عالم التنمية وولوج مجتمع المعرفة. لقد غدا النقاش اللغوي جزءا لا يتجزأ من النقاش الاجتماعي والسياسي في العالم العربي وفي المغرب على وجه الخصوص. إذ لم يعد خافيا ما أصبحت تثيره بعض المواقف السياسية والمنابر الإعلامية من آراء عن الهوية وضرورة إعادة النظر في مكوناتها وعلاقتها بالتنمية البشرية، بل وإعادة تعريف وضبط الهوية الحضارية للأمة. وليس بخاف كذلك ما أثير من تجاذبات هوياتية مع التعديل الدستوري الأخير، مما خلق اصطفافات إيديولوجية ومذهبية ستؤثر لو تركت على لحمة المجتمع وانسجامه ومصيره. وقد أثبت هذا النقاش، أمورا عديدة من أهمها ضرورة التخلص من الآراء الأحادية الجانب والنظر من الزوايا المغلقة والانفتاح على الخيارات التوافقية. لذا فالائتلاف هو جواب واقعي على تحديات المرحلة الجديدة. إن واقع العربية في مغرب العهد الجديد ودستور 2011 يحتاج منا إلى وقفة تأمل وتدبر بغية الخلوص إلى منهجية شاملة تعيد الاعتبار إليها باعتبارها أولا لغة دين وعقيدة، وثانيا لغة رسمية بنص الدستور، وثالثا لغة الوحدة الوطنية والاجتماعية بين كل أطياف الشعب المغربي. فما تعانيه العربية اليوم من أزمات يرتبط بعضها بوضعها اللساني وقدرتها على مواكبة زمن الحداثة والتقنية والعلم، ويرتبط جزء آخر منها بالحروب المعلنة عليها تحت مسميات مختلفة تارة باسم الخصوصية المحلية وأخرى باسم الكونية والحداثة، ويرتبط جزء آخر بغيابها المتعمد أو التهميش المقصود عن الشأن العام والإدارة والإعلام والتربية، يجعلنا نقف وقفة تأمل ومحاسبة للذات والواقع عن دورنا في الحفاظ عليها. لذا أتى الائتلاف للرد على كل محاولات التهميش والتحقير التي تمارسها الأطراف المختلفة مذهبا والمشتركة مقصدا. وهو كذلك محطة في مسار طويل نروم من خلاله فتح نقاش علمي واجتماعي تشارك فيه كل أطياف المجتمع المغربي . فبعد أن ظل النقاش اللغوي حول العربية وقضاياها لردح من الزمن منحصرا في المنتديات الفكرية والعلمية سينقلنا الكيان الجديد إلى جعل النقاش حالة مجتمعية تشارك فيه كل الأطراف: من هيئات أكاديمية وجامعية، ومؤسسات دينية وعلمية، ومجالس محلية ومنتخبة، ومؤسسات المجتمع المدني بكل تشكيلاتها. وبعبارة أوضح، إن العربية لم تعد قضية نخبوية بل ستغدو مع الائتلاف حالة اجتماعية بامتياز يشارك في خدمتها والدفاع عنها والتعريف بها والاشتغال العلمي على قضاياها العلماء والأساتذة والمفكرون والسياسيون والمنتسبون إلى المجتمع الأهلي.. إنها بداية مشوار النهوض بلغة الهوية والتنمية التي رسمت عبر قرون معالم وجودنا ووحدتنا. لقد أتى الائتلاف تعبيرا عن حاجة أكاديمية ومجتمعية تروم النهوض بواقع العربية علما وتعليما وممارسة. وقد تأسس ليس في وجه لغات أخرى أو لمحاربة استعمالات لغوية معينة بل لإعادة الاعتبار للغة العربية وإعادة النظر في مكانتها بين اللغات الاستعمالية وللمساهمة الفعالة في خلق سياسة لغوية راشدة ومندمجة تحفظ للمغرب عمقه الحضاري وتعدديته اللغوية وأفقه التنموي. فليس من المعقول ولا من المنطقي أن تظل لغة الدستور والأمة بنص القانون والمراسيم الوزارية حبيسة الكتب القديمة والخطابات الأدبية بعيدة عن الواقع العلمي والمهني للأمة. ولن ندعي أن الائتلاف سيكون الوحيد القادر على رفع هذا التحدي الحضاري ومواجهة أتون الفوضى اللغوية، إذ ينبغي تضافر جهود كل المؤمنين بروح الانتماء العربي والحضاري للأمة ، كيفما كانت قناعاتهم الإيديولوجية والفكرية وكيفما كانت منطلقاتهم الإثنية واللغوية. الائتلاف مقصده التجميع وليس الصراع. ينبغي أن نعترف بأننا أمام واقع دستوري جديد مؤسس على التوافق، وفي كل حالة توافقية تتنازل المواقف الذاتية من أجل المصلحة العامة، وقد أنجز هذا التوافق سياسة لغوية تعتز بالعربية التي «تظل اللغة الرسمية للمغرب» وتعترف بالأمازيغية «رصيدا مشتركا لجميع المغاربة»، وسيعرف التوافق تجسيده الأمثل في المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية الذي سيحدث للقيام أساسا بحماية وتطوير اللغتين الرسميتين العربية والأمازيغية، ومختلف التعبيرات الثقافية المغربية، تراثا أصيلا وإبداعا معاصرا. لذا فمهمة الائتلاف الأساسية والتي وجد من أجلها إضافة إلى تجميع القوى، الحرص على التنزيل السليم للدستور بتفعيل الطابع الرسمي للعربية عبر مستويات ثلاثة: 1. الحماية القانونية والتشريعية التي تضمن للعربية قدرا من الاحترام والتقدير من خلال وضع وضع آليات لمراقبة التزامات الدولة بحماية اللغة العربية باعتبارها لغة رسمية ؛ 2. التطوير المطرد للمتن اللغوي العربي بالمساهمة العلمية في تنسيق جهود المؤسسات العلمية والبحثية المختلفة 3. تنمية الاستعمال بإبراز مكانة اللغة العربية في المجتمع المغربي ونشر الوعي بأهميتها وإعادة الاعتبار لها باعتبارها مقوما وجوديا وهوياتيا. وبذلك سيكون الائتلاف تعبيرا عن مكنون الدستور الجديد وعن روح التوافق التي عبر عنها. لا نزعم أن الدفاع عن العربية قد انطلق مع انطلاقة الائتلاف، ولن نزعم أننا قد شرعنا فيما لم يؤت به من قبل، بل من حق كل الغيورين على هذا الوطن والذين وضعوا لبنات في مسار الوحدة الهوياتية وبنو مشاريع النهوض بالعربية إما بالتأسيس العلمي وإما بالمدافعة المدنية والسياسية، من حقهم علينا أن نشيد بهم ونعبر لهم عن شكرنا وتقديرنا لما قاموا به وما جاهدوا من أجله، ولسنا في نهاية المطاف إلا جزءا من حلم آمن به علال الفاسي واليوسي والمختار السوسي وبنبركة وبنجلون.. والحلم لم ولن يتوقف. والإشادة ضرورية ممن كان وراء هذا العمل وفتح له نهجه وسبيله ألا وهو الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية في شخص رئيسها الأستاذ موسى الشامي صاحب الفكرة والمبادرة في مجال المدافعة المدنية وفروعها المختلفة والتي أنارت طريق كل الغيورين على الضاد، وجمعت بينهم في ظلام ضياع الهوية فقرروا أن يلتئموا في ائتلاف ليضمهم بأمانيهم ورؤاهم المختلفة تنظيما وفكرا والمتحدة فكرة ومقصدا. فالائتلاف محاولة للجواب عن أسئلة اللحظة التوافقية بعيدا عن التصنيفات الجاهزة. جئنا اليوم لنعلن ميلاد منسقية شعبية تضم الجمعيات والمؤسسات والشخصيات والاتحادات وكل المكونات التي تؤمن بقضية اللغة العربية في مستوياتها المختلفة العلمية والمجتمعية والبحثية والقانونية. فبتكتلنا جميعا سنحقق المراد. فشكرا لكل الأساتذة الأفاضل الذين لبوا الدعوة بمجرد ما عرفوا أن الأمر يتعلق بلغة أحبوها وناضلوا من أجلها، وبوطن حماها وعشق أريجها.