تناقلت وسائل الإعلام خبر اعتقال جندي يدعى يوسف أمني يبلغ من العمر 22 سنة بمدينة مكناس، ضبطت بحوزته 7 بنادق كلاشنكوف و 15 ذخيرة، وربطت بعض المنابر الإعلامية الجندي بجماعة أصولية متطرفة حسب زعمها. انتقلنا إلى مكان الحدث رفقة مراسلينا بمكناس « محمد مصباحي» للتحري في الموضوع؛ كانت المفاجأة كبيرة بينت التضليل الإعلامي الذي لف القضية، إذ لا يوجد جندي يحمل إسم يوسف أمني بحي وجه عروس، بل سارق الأسلحة يدعى"ياسين عمي ودي". معاناة بالثكنة العسكرية الجندي الذي قام بعملية السرقة يبلغ من العمر 21 سنة، كما صرحت لنا أسرته، التحق بالعمل العسكري منذ نهاية سنة 1999 وسبق أ ن فر من الخدمة العسكرية، فمكث أربعة أشهر بمنزل أسرته، ليعود إلى العمل تحت ضغط هذه الأخيرة، حسب ما صرحت لنا خالته، التي تحكي عن ظروف عمله قائلة: «درس إلى حدود السادسة ثانوي، كان مولعا بالرقص "السمورف"، وكان من أتباع «الموضة»، وبعد أن رسب في دراسته، أقنعته أمه بالتوجه للعمل بالمؤسسة العسكرية، ففعل، خاصة أن أوضاع أسرته المادية ضعيفة.» التحاق ياسين بالجيش لم يكن برغبته، بل كان الهم هو البحث عن مورد مادي يعول به أسرته خاصة بعد وفاة أبيه، وعن أسباب هروب ياسين من الخدمة العسكرية ومكوثه أربعة أشهر، يقول أخوه بدر: «كان يحكي عن معاناته بالثكنة العسكرية حيث أن بعض المسؤولين يأتون مخمورين فيبدأ السب والشتم، وأحيانا يؤدي بهم السكر إلى أمر بعض الجنود المبتدئين بنزع ثيابهم والاستحمام بالماء البارد ليلا، رغم الظروف القاسية، كما أن التغذية بالثكنة كانت سيئة». ويضيف عادل، الأخ الأكبر لياسين : «أخي أصيب بانطواء وعزلة، منذ توجهه للخدمة العسكرية، فضعف نشاطه المعهود، وفي فترة مكوثه خلال الأشهر الأربعة كانت أمي تريد أن تعرضه على طبيب نفسي غيرأنه كان يرفض ذلك». وحسب أسرته فإن ياسين كان قد تكلف بالحراسة ثلاثة أيام متتالية، الشيء الذي لم يطقه.. ياسين ليس متطرفا و لا من أهل السنة والجماعة تناقلت بعض وسائل الإعلام أن ياسين صرح بانتمائه لأهل السنة والجماعة في حين ذهبت منابر أخرى إلى أنه ينتمي لما يسمى ب"السلفية الجهادية"، يقول أحد القاطنين بالحي : «أهل السنة والجماعة يحرصون على صلاة الفجر، أما ياسين فتدينه عادي، وأحيانا لا يصلي الفجر بالمسجد». كما يضيف أحد المتعاطفين مع "أهل السنة والجماعة" بحي وجه عروس: "ياسين لا علاقة له ب"أهل السنة والجماعة" كما أنه لا يمكن لجندي أن يكون له انتماء محدد، وما أعرف عن ياسين أنه شاب يصلي ومن طبعه العزلة والانطواء" وتضيف خالته :»لو كان متشددا لما ترك الصور ومجسمات بعض الحيوانات معلقة بالمنزل». ياسين لا يتكلم مع أسرته عن أمور الدين، كما يقول أخوه، بل إنه منذ عمله كجندي بدأ منعزلا، كما أنه ليس له أصدقاء، ويضيف ربيع شقيق ياسين: "أخي كان سلوكه عاديا، يصلي، وقد سبق أن صبغ شعره بالأصفر، وأمي هي التي اقترحت عليه الذهاب للخدمة العسكرية، وألحت عليه لأنها فضلت أن يعمل مع الدولةعوض الجلوس بالبيت" ويضيف ربيع موضحا جوانب من شخصية ياسين قائلا: «ياسين لا يحب السيطرة ولا السب والشتم، وكان يحكي عن المعاملة السيئة للمسؤولين بالثكنة، التي سببت له اضطرابات نفسية، كما أنه كان يخضع لعلاج في رأسه». يوم الاعتقال: سبعة كلاشينكوفات وذخيرتها اعتقال ياسين كان يوم الخميس الماضي بعد عودته من تازة على السادسة صباحا إلى البيت، وبعد خروجه لصلاة الظهر، تحكي زوجة أخيه: «أتى رجال الدرك فقاموا بتفتيش البيت وسألوا عن ياسين ، فأخذوا بذلته العسكرية وصورته ، للبحث عنه» وبعد العصر، تضيف زوجة أخيه: «عاد رجال الدرك رفقة ياسين إلى منزله، فأرشدهم إلى مكان السلاح الذي كان يوجد بحقيبة كبيرة وسط أغطية فكانت الصدمة قوية» قام رجال الدرك بتصوير منزل ياسين، كما أنهم سألوا عن عبد الوهاب ربيع، وعن علاقته بياسين تقول خالته: «سكن ربيع بحينا شهرا واحدا ثم رحل».عبد الوهاب ربيع الذي اقتحم جهاز المخابرات منزله ليلة الخميس وأمضوا به الليلة كاملة، ومازالت الآراء تتضارب بخصوص اعتقاله. الصورة المركبة صورة كانت حديث كل الذين تعرضوا للاستنطاق من قبل الدرك الملكي أو المخابرات، يتوسط الصورة عسكري سابق يبلغ من العمر 28 سنة وإلى جانبه عبد الوهاب ربيع وياسين عمي ودي. عن الصورة يقول عادل ربيع شقيق عبد الوهاب :» قاموا باستنطاقي فسألوني عن شخصين رفقة أخي بصورة، والتي تبدو مركبة ومفبركة». كما أن العسكري السابق الموجد بالصورة رفقة ياسين وعبد الوهاب في تصريح ل:» التجديد « أكد أنه لم يسبق له أن التقى بعبد الوهاب. كما تؤكد أسرة ياسين أنه يوم الجمعة أتى الدرك الملكي على الساعة الخامسة صباحا بنسخة من الصورة المذكورة، وهي عبارة عن ورقة مطبوعة، وتبعها سؤال الأسرة عن المرافقين لياسين بالصورة. كيف سرق السلاح؟ «ليس من السهل أن تسرق كمية مثل هذه من السلاح من ثكنة عسكرية إلا بتدبير وتخطيط محكم وبتقنية مضبوطة»،كما يقول أحد الجنود العارفين بطريقة تخزين السلاح، وحسب مصدر مطلع «أن ياسين كان محل ثقة المسؤولين بالثكنة نظرا لحسن سلوكة وسيرته الحميدة»، الشيء الذي دفع بالعريف -المعتقل الثاني في القضية-إلى السماح له بتعويضه لحراسة مخزن الأسلحة. ويضيف المصدر ذاته أن» الثكنة العسكرية رقم 51 بتازة تعرف إهمالا للمسؤولية وتراخيا ولا مبالاة المسؤولين الكبار بأوضاع الشريحة المستضعفة من الجنود». وحسب ما ورد في التحقيق يضيف مصدرنا أن : «ياسين اعترف أنه كان ينوي تسليم السلاح لبعض أصدقائه قصد السطو على بعض الأبناك» وفي السياق ذاته تتساءل أسرة ياسن عن : «من المسؤول الذي ترك الأمور هكذا وأين المراقبون والمسؤولون مما يحدث، خاصة أن ياسين مازال في سن صغيرة 12 سنة، سن طيش ومراهقة ولا مبالاة، علاوة على اضطراباته النفسية، وكرهه الشديد لعمله.»كما أن التهريب بهذه الطريقة يطرح أكثر من تساؤل منها غياب مسؤولية المراقبين من الأمن بالطرق خاصة أن الطريق الرابط بين مكناس وكرسيف يخضع لمراقبة أمنية مكثفة نظرا لما تعرفه المنطقة من تهريب للسلع. كما يضيف مصدر آخرأن :»هناك ثلاث مسؤولين عن حراسة السلاح، وعملية من هذا النوع ليست يسيرة ولا يمكن أن يدبرها شاب في سن 12 سنة وذو اضطرابات نفسية، فلا شك ان الثكنة العسكرية التي عرفت السرقة تعمها الفوضى والامسؤولية». وتحكي أسرة ياسين أنه لما سئل ياسين عن السرقة عند اعتقاله كان جوابه :» الكل يسرق هناك». وعن الطريقة التي تم بها نقل السلاح إلى مدينة مكناس، أكد لنا مصدر مطلع، أن اعتراف ياسين في التحقيق بين أنه «أخذ السلاح في سيارة أجرة إلى الحافلة وأن مساعد السائق لما سأل ياسين عن سر ثقل الحقيبة الكبيرة كان جوابه أن بها بعض الأنابيب الحديدية». الاعتقال: ليلة باردة وضرب وشتم مازالت الحملة الأمنية مكثفة لاعتقال كل المشتبه فيهم ،وحسب مصدر مطلع فإن : المتابعون في قضية السلاح يصل عددهم إلى أربعة عشر فردا منهم الذي اعتقل بطريقة قانونية كماحدث للجندي عمي ودي، والجندي» السارجان» الذي يعمل بتازة وتقطن عائلته بمديونة بالبيضاء.والذي كان مسؤولا عن حراسة مستودع الأسلحة ليلة سرقة الأسلحة الأربعاء 8يناير 2003.. ويضيف نفس المصدر أن هناك اعتقالات تقوم بها المخابرات كما هو الشأن بالنسبة لشاب يدعى مصطفى يقطن بحي الوحدة «سيدي بوزكري» وثلاثة أفراد آخرين. ساهمت قضية سرقة السلاح في اختطاف واعتقال بعض الشباب بحي عروس مكان سكنى ياسين منهم شاب يبلغ من العمر 28 سنة يقطن بحي وجه عروس وهو الموجود بالصورة رفقة ياسين وعبد الوهاب، يحكي هذا الشاب عن اختطافه قائلا : «في ليلة الجمعة اقتحمت عناصر غريبة عددها عشرون فردا منزلنا من فوق سطوح الجيران فكسروا باب منزلنا فأخذوني إلى المركزالأمني الوطني بمكناس حمرية ، وبعد التحقيق معي قاموا بتعصيب عيني وأخذوني لمكان مجهول مسيرة ساعة ونصف بالسيارة، وقاموا باستنطاقي بجميع أنواع وأشكال الضرب من ركل وصفع، إضافة إلى السب والشتم كما ضربني أحدهم بجهة قلبي مع أنني مريض بالقلب ، فأطلقوا سراحي بعد أن قضيت في ضيافتهم 24 ساعة في البرد الشديد وذلك بمكان خال وقريب من» الكوميسارية «وعن طبيعة الأسئلة الموجهة يضيف الشاب : «كانوا يسألونني عن ياسين الذي لم تكن تربطني به علاقة سوى أننا كنا نلعب كرة القدم مع أبناء الحي، وعلاقتي به كانت محدودة وتعرفت عليه منذ ستة أشهر ، كما سألوني عن عبد الوهاب ربيع الذي لا أعرف عنه أي شيء والتقيته مرة واحدة بعد أن عرفني عليه ياسين». ومنهم من اعتقلوا كذلك وأفرج عنهم بعدما تعرضوا للاستنطاق من قبل الأمن الوطني وكانت الأسئلة توجه لهم عن مكان وجود عبد الوهاب وكذا معلوماتهم عن ياسين عمي ودي ومن هؤلاء هشام الصالحي وعبد الهادي باكو ونور الدين والورداني. أخي ليس له أي انتماء يقطن عبد الوهاب ربيع بحي الوحدة « باميلا» بمكناس، الذي أكد لنا مصدرمطلع أنه أثناء التحقيق اعترف الجندي ياسين عمي ودي بعلاقته بعبد الوهاب ربيع. الحي الذي يقطن به عبد الوهاب يبعد عن حي وجه عروس بحوالي أربع كيلومترات ربيع تتضارب الآراء حول اختطاف عبد الوهاب أواعتقاله، فحسب القيادة الجهوية لعين معزة بمكناس فإنه «لم يعتقل بعد»في حين أن زوجته صرحت لنا بقولها:» زوجي لا محالة تعرض للاختطاف ، لأنه ليس من عادته الغياب عن البيت والمبيت خارج المنزل» كما أن وقته مقسم بين العمل والعبادة كما صرح أبوه. وإلى جانب اختفاء عبد الوهاب، طالت الاختفاء بعض شباب الحي، من هؤلاء، توفيق الحنوشي -من مواليد 1979- الذي يعمل إسكافيا مازال لم يظهر منذ خروجه على الساعة التاسعة والنصف صباحا يوم الخميس 9 يناير 2003 يوم العثور على الأسلحة المسروقة، حسب ما صرح لنا به أبوه السيد محمد الحنوشي الذي قال : «ابني لا يفارق دكانه «وتضيف أخته سلوى : «أخي يعاملنا جيدا وليس له أي انتماء». و اختفى كذلك بوعرفة محسن البالغ من العمر 23 سنة حسب قول أخته بشرى -32 سنة طالبة بالسنة الثانية آداب فرنسية -:»يوم الجمعة اقتحم ستة أفراد مجهولو الهوية منزلنا وقدموا أنفسهم على أنهم رجال أمن ولما سألتهم عن الأوراق التي تثبت ذلك كان جوابهم:»كلنا وريقات» فقاموا بتفتيش البيت وسألوا عن محسن الذي اختفى ولم يعد، وغادروا البيت». خديجة عليموسى