أكد الدكتور عباس الجراري في مداخلة له خلال ندوة نظمتها جمعية أئمة المالكية للأبحاث والتراث، بمشاركة ثلة من العلماء المغاربة واحتضنتها دار الثقافة بتطوان حول «المذهب المالكي وجهود علمائه «، أن المذهب المالكي شكل في المغرب على مدى 12 قرنا أحد المكونات والمقومات الرئيسية للهوية المغربية بعد أن اقتنع به المغاربة على مختلف مستوياتهم مذهبا وفكرا وسلوكا، مبرزا أن المذهب المالكي شكل أيضا على مدى عصور من الزمن والى يومنا هذا جزء لا يتجزأ من كيان المغاربة وشخصيتهم وهويتهم الدينية ورمزا للوحدة الفكرية والعقائدية والسياسية. واعتبر المستشار الملكي أن تمسك المغاربة بالمذهب المالكي عن قناعة راسخة يرتبط أساسا بشخصية المغربي، التي تتميز بالوسطية والاعتدال والاجتهاد الفكري والتنور، مشيرا إلى أن تاريخ العالم الإسلامي يشهد بما لا يحتاج إلى تأكيد بأن المغاربة ومنذ تبنيهم هذا المذهب السمح شكلوا الحصن الحصين له فكرا وعملا وعرفوه ونشروه في مختلف الأنحاء. ورأى الجراري أنه على العلماء المغاربة والمجالس العلمية أن يبذلوا جهدا علميا وفكريا خاصا من أجل تصحيح بعض المعتقدات الخاطئة لدى بعض أفراد المجتمع وإبداء الرأي في القضايا الآنية وفقا للمذهب المالكي، خاصة وأن هذا المذهب يتيح باب الاجتهاد وإعمال النظر والتجديد من أجل إيجاد الحلول للقضايا الطارئة وسد الباب أمام الأفكار المتطرفة التي تسيئ إلى الدين الاسلامي الحنيف من جهته استعرض مدير الخزانة الملكية أحمد شوقي بنبين مناقب علماء مغاربة الذين اشتهروا بدفاعهم عن المذهب الملكي وكتاباتهم الغزيرة في هذا المجال،مشيرا إلى أن العالم والفقيه المغربي عبد الحي الكتاني كنموذج شكل بفكره وعلمه الغزير ومعارفه الواسعة مدرسة قائمة الذات تعكس تشبث المغاربة، من مختلف الفئات والطبقات، بالمذهب المالكي لتدبير أمورهم الدينية والدنيوية ومنهجا وسلوكا في الحياة. وأبرز بدوره أن المسؤولية ملقاة الآن على عاتق علماء المغرب للتعريف برواد المذهب الملكي الذين كانوا عبر قرون من الزمن قلعة علمية شامخة للدفاع عن الدين الإسلامي ومنبرا فكريا للدفاع عن السلوك الديني الوسط عقيدة وسلوكا ومعرفة حفاظا على وحدة الأمة الإسلامية من الغلو والتطرف الفكري. وقدم العلامتان اسماعيل الخطيب وعبد الغفار الناصر رئيسا المجلسين العلميين لتطوان والمضيق الفنيدق نبذة عن أهم أعلام تطوان وسبتة في مجال التأليف في المذهب المالكي والمدارس الرائدة في المنطقة في هذا المجال، مشيرين إلى أن المذهب المالكي شكل كما وثقته مؤلفات علماء وفقهاء المغرب عامة والمنطقة الشمالية خاصة في الفترات الذهبية من تاريخ الفكر الاسلامي، رمزا للوحدة الوطنية وضمانا للتطور المعتدل للمجتمع الاسلامي، وهو ما سار عليه إلى يومنا هذا المجتمع المغربي عامة وحصنا له من كل النزاعات والصراعات التي تعيشها عدد من مناطق العالم الاسلامي