أكد الأستاذ عبد الرحمن حيسي رئيس شعبة الدراسات الإسلامية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية (جامعة مولاي إسماعيل) بمكناس ، اليوم الثلاثاء، أن المذهب المالكي شكل على مدار التاريخ إحدى معالم الهوية الدينية والثقافية والحضارية للمغاربة. واعتبر الأستاذ حيسي، في افتتاح أشغال ندوة علمية دولية بمكناس حول موضوع "الاجتهاد في المذهب المالكي ومقتضيات التنمية" نظمت بمبادرة من شعبة الدراسات الإسلامية بالكلية في إطار الاحتفال بالذكرى العشرين لتأسيسها، أن المذهب المالكي أجل المذاهب الفقهية الإسلامية مكانة وأعرقها أصالة وأغناها تراثا وأزخرها أعلاما وأوسعها ذيوعا وانتشارا. وأضاف الأستاذ حيسي أن هذه الشهادة لهجت بها ألسنة كل الباحثين المنصفين وتردد صداها في كل المحافل العلمية. وأبرز أن المذهب المالكي حظي بهذه المنزلة لسببين أولهما أن مؤسس المذهب الإمام مالك كان أعلم الناس في زمانه بكتاب الله وبسنة رسوله (ص) وبفقه الصحابة رضوان الله عليهم، وأوسعهم معرفة بأحكام الشريعة جليلها ودقيقها، وفهما لمقتضيات تنزيلها، إلى جانب امتيازه برجاحة العقل وخصوبة الفكر فحصل له من الفهم التام والعلم الصحيح والعمل الصالح ما لم يحصل لغيره، مما وفر للمذهب سلطة علمية قوية في أصوله المرجعية ومستنداته الفكرية. أما السبب الثاني، يشير المتدخل، فيكمن في ما يتميز به المذهب المالكي في بنائه العلمي والمنهجي من عمق في التأصيل وبعد في النظر وشمولية في التصور، وهو ما يفسر كثرة أصوله وتنوعها ووفرة القواعد المدعمة لها، والتي تستوعب كل أبواب التشريع وتيسر فهم مقاصده وأهدافه وتوضح المنهج الأمثل لتطبيق أحكامه موضحا أن هذا المذهب تميزه الحركية والمرونة في التعامل مع واقع كل البيئات مهما اختلفت وتنوعت الظروف المحيطة بها عبر الاجتهاد في توسيع دائرة فهم أحكام الشريعة. ويتوخى المنظمون لهذه الندوة العلمية من اختيار موضوعها من خلال تدارس مواضيع حول الاجتهاد في المذهب المالكي ومقتضيات التنمية، تحقيق هدفين أساسيين الأول يكمن في الكشف عن الجوانب المشرقة في اجتهادات فقهاء المذهب في مختلف مناحي الحياة وتجلية أصولها وضوابطها العلمية والمنهجية، والثاني في الاستفادة من هذه الاجتهادات في توفير المرجعية التشريعية لكل المشاريع والمبادرات التنموية التي انخرطت فيها بلدان العالم الإسلامي حديثا وفي مقدمتها المغرب لمواكبة العصر ومقتضياته. ويتناول برنامج الندوة عددا من المحاور الأساسية تهم "التفسير المصلحي للنصوص الشرعية في المذهب المالكي" و"رعاية المصالح في المذهب المالكي" و"أصول الاجتهاد في المذهب المالكي وتدبير الخلاف" و"التخريج الفقهي عند علماء المالكية: ضوابطه وآثاره" و"الفقه المقاصدي وأثره في التنمية". وعلى مدى ثلاثة أيام، سيناقش المشاركون في الندوة، القادمون من جامعات بالمغرب وليبيا وسورية وموريتانيا وقطر، مواضيع منها "فقه الأسرة ورعاية المصالح في المذهب المالكي" و"أهمية تفعيل المصالح في القضايا الفقهية المعاصرة" و"التعليل المصلحي عند المالكية" و"خصوصية الأدلة المالكية وأثرها في توجيه مسائل الاختلاف" و"المالكية وتفسير نصوص الحديث" و"رعاية المصلحة وأثرها في فقه النوازل عند فقهاء المالكية". كما سيتناولون مواضيع "الكد والسعاية بين اجتهاد الفقهاء وتهافت الأدعياء" و"الصرف وأثره في فقه المعاملات" و"خصائص النوازل عند المالكية" و"مذهب مالك وعمل الخلفاء الراشدين" و"دور المذهب المالكي في نجاح العمل المصرفي الإسلامي".