اللغة من أهم رموز السيادة الوطنية.ومما يؤكد هذا الأمر بالنسبة للغة الفرنسية؛ التي أخذ موقعها الدولي يتراجع منذ سنين لحساب لغات أخرى؛ الإنجليزية، والإسبانية، والصينية ... هذا التناقض الصارخ في التعامل مع لغات فرنسا؛ ففي الوقت الذي يدق فيه «دومينيك هوب»، رئيس هيئة موظفي المنظمات الدولية الناطقين بالفرنسية، ناقوس الخطر، محذرا ليس فقط من تراجع هذه اللغة، ولكن تراجع حتى من لا يزال يدافع عنها في هيئات منظمة الأممالمتحدة؛ نجد المقال الآخر يؤكد على حقيقة العصيِّ الكثيرة التي توضع في فرنسا أمام إمكانية اختيار سكان فرنسا من أبناء المهاجرين العرب تعلم اللغة العربية إلى جانب اللغة الرسمية الفرنسية، مع أن العربية هي ثاني لغة يُنطق بها في فرنسا بعد الفرنسية، إذ أن المتكلمين بها يتجاوز عددهم أربعة ملايين. من حق السيد «دومينيك هوب» أن يدافع عن لغة بلده؛ ولكن من يدافع عن العربية من العرب؟ .. في الوقت الذي تعتبر فيه اللغة الثانية الأكثر تداولاً في فرنسا، فإن تعليم اللغة العربية لا يتوقف عن التراجع المستمرّ مقابل التقدم في قطاع الجمعيّات. إنه تبادل للمواقع يعود إلى منتصف الثمانينات، عندما بدأت الهجرة تحتلّ مكاناً أكبر في الفضاء العام والإعلامي. فهل ستتمكّن اللغة العربية، المرتبطة منذ ذلك الحين بالإسلام وبسكان الضواحي من تغيير صورتها؟ نقص في الإمكانيات من أجل التعليم في 7 فبراير 2011، وخلال تدخله في نقاش تم تنظيمه في مسرح Théâtre du Rond-Point حول موضوع الشعبويّة، صرّح السيد «برونو لو مار» الذي كان حينها وزيراً للزراعة، المكلّف أيضاً بتطوير مشروع حزب الاتحاد من أجل الحركة الشعبيّة (UMP) اليمينيّ للعام 2012:«عندما تتركون أقسام اللغة العربية في الإعداديات التابعة للتعليم العمومي تلقن من طرف نساء محجّبات فإنكم بذلك تغذّون الشعبوية». لم ينتفض أحد على ما يبدو من فداحة تصريح مثل هذا الذي بقدر ما هو خاطىء بقدر ما يكشف عن الخلط الذي تتمّ تغذيته باستمرار بين تعليم اللغة العربية ونشر الدين الإسلامي؛ وهو التباس من شأنه الإساءة إلى تطوير هذا التعليم في القطاع العام. هل من الواجب التذكير بأن مبدأ العلمانية (المادة الأولى من الدستور الفرنسي) ومبدأ حيادية الخدمات العامة يمنعان الموظّف الحكومي في فرنسا من التعبير عن معتقداته الدينيّة خلال ممارسة مهامه. وأنّ وزارة التربية الوطنية والمحاكم لا تبديان أيّ تساهل حول الموضوع، إذ أنّ هنالك اجتهادا قضائيّا واضحا ينصّ على إمكانية الطرد المنهجيّ للمخالفين. تشكّل العربية بالأربعة ملايين من الناطقين بها؛ اللغة الثانية الأكثر تداولاً على الأراضي الفرنسية؛ و نجاح الممثّلين الذين ترتكز سخريتهم جزئياً على استخدام اللغة العربية العامية، أمثال جمال دبوز، يدل على تجذّرٍ فعليّ لهذه اللغة في الثقافة الشعبية الفرنسية. ولكن إذا كانت اللغة العربية قد تم الاعتراف بها كإحدى «لغات فرنسا» في العام 1999، بعد التوقيع على الميثاق الأوروبي للّغات الإقليمية ولغات الأقليات (والذي لم تتمّ المصادقة عليه حتّى اليوم)، فإن من يختار تعلّمها في القطاع العام يبقى أمامه نضال مضنٍ على عكس اختيار لغات الأقليات الأخرى التي عدد الناطقين بها أقل بكثير؛ ولكن سبل تعلمها أيسر. إن العربية لا تُلقّن إطلاقاً في خمس وأربعين مقاطعة (من أصل 101). وفي باريس، هناك فقط ثلاث مدارس إعداديّة توفّر تعليمها. لذا على الطالب الذي يتابع دراسته في إحدى المدارس الإعداديّة الأخرى البالغ عددها مائة وثمانية، أن ينتظر الدخول إلى الصفّ الأول من التعليم الثانوي كي يتمكّن من متابعة الدروس التي فقط تُعطى نهار السبت بعد الظهر أو الأربعاء مساء في إحدى الثانويات الثمانية التي توفّرتعلمها في إطار «التنظيم اللغوي المشترك بين المدارس». والنتيجة: من أصل مجموع طلاّب المرحلة الثانوية في فرنسا، بالكاد يتخطّى عدد الذين يختارون العربية الستّة آلاف، في حين يختار خمسة عشرة ألفاً اللغة الصينيّة، وأربعة عشرة ألفاً الروسية، واثني عشر ألفا البرتغالية. وفي وزارة التعليم الوطني، يتمّ باستمرار تكرار أنّه لا وجود لمشكلة في عرض الخدمة، إنّما في الطلب الضئيل عليها، بحيث لا يمكن الحفاظ على حصص اللغة العربية، سواء في المدارس الإعداديّة أو في الثانويات. هذه الذريعة التي تتخذ لتبرير عدم استبدال الأساتذة (مائتان وستّ وثلاثين في العام 2006، مقابل مائتين وثمان عشرة في العام 2011) ولتبرير التقليص المستمرّ من فرص العمل المخصّصة لشهادة الأهلية لممارسة مهنة أستاذ التعليم الثانوي (Capes)، هي ذريعة لاتصمد أمام الواقع. ذلك أن عدد الشباب الذين يتعلّمون العربيّة في قطاع جمعيّات المجتمع المدني يشهد توسّعاً منذ منتصف التسعينات. فبحسب وزارة الداخلية، يتابع خمس وستون ألفاً حصصاً دراسية في هذه الجمعيّات (سواء كانت دينيّة أم لا)، أي أكثر بعشر مرّات من الطلاب الذين يتعلمون العربية في المدارس الرسمية. بالطبع، في إمكان أولياء التلاميذ الذين يرغبون في أن يتمّ فتح صفّ للّغة العربية في الإعدادية القريبة منهم تقديم طلبٍ خطّي إلى عميد أكاديمية التعليم التابعة لمنطقتهم التربوية؛ إلاّ أنّهم نادراً ما يلجئون إلى ذلك، إمّا لجهلهم بالأمر أو بسبب عدم إتقانهم للفرنسيّة بشكل جيّد؛ أو كما ترى السيدة «كريستين كوكبلان»، أستاذة اللغة الإنكليزيّة في ثانوية «ديدرو» في باريس :«ليست تلك هي شريحة السكّان التي تتحرّك للمطالبة بفتح الصفوف». وحتّى عندما تحثّ الأكاديمية مديري الإعداديات على اقتراح تعليم اللغة العربية، يبقى لمديري المدارس والإعداديات والثانويات كامل الحرية في عدم الانصياع. ففي العام 2010، لم تتطوّع للمهمّة أيّ من المدارس الثانوية الباريسيّة السبعة المتواجدة على الضفّة اليسرى من نهر السين، والتي وصلتها رسالة تشجيع من قبل رئيس الأكاديمية التربوية؛ وذلك لأسباب مختلفة: الوجود المسبق للعديد من اللغات النادرة في تلك المدارس أو الثانويات؛ الخوف من الإساءة إلى صورة الثانوية التخوّف من تدفق شريحة طلابيّة معروفة ب«الصعبة» الخشية من ردّة فعل الأهالي حيث تتواجد نسبة كبيرة من الطلاّب اليهود. في مرحلة التعليم الأساسي، يتابع أربعون ألف طالب حصصاً باللغة العربية ضمن إطار «آلية تعليم اللغات الأم والثقافات الأصلية (Enseignements de langue et culture d'origine (ELCO)»، من طرف أساتذة يتمّ اختيارهم من دول المغرب العربي الثلاث، التي تدفع أجورهم كذلك. و أما في الجامعة فحسب السيد «لوك ديهوفيلز» نائب رئيس المعهد الوطني للغات والحضارات الشرقية (Inalco)فإن مجموع العاملين في الجامعة:«هو تقريبا عشر مرات أكثر مما كان عليه منذ عشرة أعوام». تشجيع غريب على الانطواء الطائفي المشكلة مطروحة إذن في المرحلة الثانوية فقط؛ ولكن الأمر مقلق أكثر لكون «المرحلة الثانوية هي مرحلة أساسية في بناء الشباب». كما لاحظ المستشرق «جاك بيرك» في تقريره الذي رفعه إلى وزير التربية في سنة 1985 تحت عنوان «الهجرة في مدرسة الجمهورية»، و «يفترض الاندماج الناجح في الواقع أيضاً الاعتراف من قبل التعليم الحكومي باللغة والثقافة الأمّ للأهل». ومن المفارقة أنّه، بعد حوالي ثلاثين سنة من الاندماج، غالباً ما يشعر الأبناء المنحدرون من الهجرة وبسبب كونهم مندمجين اجتماعيا بشكل جيد، بالحاجة لاستعادة الارتباط بثقافتهم الأم، في سياق تتراجع فيه نسبة تناقل اللغة العربية بين الأجيال. لكن، وبرفض أخذ هذا الطلب بعين الاعتبار، يتمّ التشجيع على الانطواء الطائفي من حيث الرغبة في محاربته. وإذا كانت بعض العائلات تختار تسجيل أبنائها في الكتاب أو في جمعيّة دينية كي يترافق تلقينهم اللغة بتعليم ديني، فإنّ أهدافهم يمكن أيضاً أن تكون أكثر حيادية. إذ تشير السيدة «زينب غاين»، أستاذة اللغة العربية في ثانوية «فولتير» في باريس، إلى أن:«هنالك أهالٍ يفضّلون أن يتعلّم أولادهم الإنكليزية والإسبانية في المدرسة. لكن بما أنّه يجب أيضاً ملأ أوقات فراغهم (...) فإنهم يسجّلونهم كذلك في دروسٍ اللغة العربية خارج الإطار الرسمي». ومن السذاجة إنكار أنّ الدروس التي يتمّ تلقينها في المدارس القرآنية تلقن في الغالب من قبل أساتذة أجانب، يتّبعون أنظمة مختلفة عن تلك المعتمدة في المجتمع الذي يقيمون فيه؛ كما أن موازين العلاقة السلطوية العتيقة بين المعلم والتلميذ، أو كذلك أدلجة اللغة، هي أمور غالبا ما تؤدي إلى تفاوت حقيقيّ مع التعليم الرسمي. أمّا بالنسبة للجمعيات الطائفيّة، فغالبيتها «تحافظ على التقاليد المغاربيّة في مجال التعليم، أي حصّة للّغة من ساعة ونصف وحصّة للتعليم الإسلامي من نصف ساعة»؛ بحسب ما شرحه السيد يحيى الشيخ، الأستاذ المجاز في اللغة العربية. كيف انتهى بنا الأمر إلى خصخصة تعليم هذه اللغة، في حين كانت فرنسا هي الدولة الأولى في أوروبا الغربيّة التي أنشات كرسياً للّغة العربية، في مدرسة القرّاء الملكيين(Collège des lecteurs royaux التي ستصبح فيما بعد Collège de France) منذ العام 1530؟ عندما أسّس «جان باتيست كولبير» في عهد الملك لويس الرابع عشر، مدرسة اللغات للشباب (التي ستصبح فيما بعد المعهد الوطني للغات والحضارات الشرقية (Inalco) لتلبية حاجات التبادل الدبلوماسي والتجاري مع الإمبراطورية العثمانيّة من خلال تأمين تأهيل المترجمين. وقد تم إحداث إجازة تدريس اللغة العربية منذ العام 1906... ولفهم ما جرى تجب العودة إلى ثمانينات القرن الماضي. ففي العام 1983، اندلعت أعمال شغب في حيّ «لي مينغيت»، في ضاحية مدينة ليون؛ ستفضي إلى تنظيم «المسيرة من أجل المساواة وضدّ العنصرية» التي ستعرف باسم «marche des Beurs» (مسيرة أبناء المهاجرين المغاربة) التي اتّخذت بعداً وطنياً. ثم أصدر آية الله روح الله الخميني، مرشد الثورة الإيرانية، في العام 1989 فتوى تحكم على الكاتب سلمان رشدي بالإعدام لإصداره كتاب «الآيات الشيطانية». وفي العام نفسه، في مدينة «كراي»، طُردت ثلاث طالبات من مدرستهنّ لرفضهنّ خلع حجابهنّ. تصدّرت تلك الأحداث عناوين الصحف وساهمت بتغيير صورة المجتمعات الإسلامية في فرنسا بشكل جذري، لتتحوّل الهجرة المغاربية إلى تحدٍّ وطني. هكذا يتذكّر السيد «برونو لوفالوا»، المفتّش العام لقطاع التربية الوطنية ورئيس مجلس إدارة «معهد العالم العربي»، أنّه:«في تلك الفترة، بدأ إقفال صفوفٍ مليئة بالطلاب. فقد انتاب الخوف الكثير من مدراء المدارس ورؤساء الأكاديميات والمناطق التربوية أمام هذا الكمّ من العرب المقيمين عندنا، والذين كانوا بالضبط يدرسون اللغة العربية». هنا يكمن جوهر السجال. ففي حين يتمّ تكلّم العربية من قبل ثلاثمائة مليون شخص تقريباً عبر العالم، وفي حين تشكّل إحدى اللغات الرسميّة الستّة التي تستخدمها منظّمة الأممالمتحدة، تُعتبر العربيّة في فرنسا أولاً لغة خاصّة مرتبطة بالهجرة، ومن السهل ربطها بالضواحي، وبالقوميّة العربية، وبالإسلام. من هذا المنطلق، لا يمكن لمسؤولٍ سياسي تأييد مسألة تدريسها دون أن يتعرّض للهجوم. وهكذا عندما خاطر السيد «جان فرانسوا كوبيه» بذلك، على قناةBFM TV، في سبتمبر 2009، وهو حينها رئيس للفريق البرلماني لحزب الاتحاد من أجل الحركة الشعبية، سرعان ما قاطعه «أوليفييه مازيرول» صادحاً بنبرةٍ غاية في القلق:«كيف؟ ليست هناك انحرافات محتملة؟ ... أتقول تعليم اللغة العربية؟...». إذا كان صحيحاً بأنّ انتشار الإسلام قد سمح بنشر هذه اللغة بدءاً من القرن السابع الميلادي، فإنّ العديد من المسلمين لا يتكلّمون العربيّة (وهذه هي الحال بالنسبة لغالبيّتهم، سواء كانوا إندونيسيين أو أتراك)، وإنّ العديد من متكلّمي العربية ليسوا مسلمين (على غرار مسيحيي الشرق). وبالتالي فإن حصر العربيّة في وضعها كلغة مقدّسة؛ يعني في نفس الوقت، تجاهل وجودها قبل إنزال القرآن، وتسهيل دور المتطرّفين المغتبطين للغاية باستحواذهم على هذا الإرث الثمين. الوقاية من السلوكات المنحرفة لا شك أن اللغة العربية تعاني كذلك من العدوى الرمزية للتاريخ الإستعماري الفرنسي. فهي لغة الشعوب المستعمَرة، وهنالك كذلك رغبة في تقليص موقعها بشكلٍ أكبر لضمان تلاحم جمهوريّة واحدة غير مجزأة! هذه الإيديولوجية الأحادية اللغة، المتوارثة عن النظام الملكيّ الفرنسي وعن الثورة الفرنسية كذلك، تسيء لنفسها من حيث تريد أن تحسن؛ تماما كما أساءت منذ بضعة قرون إلى اللغات المحلية الإقليمية الفرنسية نفسها. في العام 1999، قدم نائب منطقة «فال دو مارن» في البرلمان، «جاك آلان بينيستي»، إلى السيد «دومينيك دو فيلبان»، الذي كان حينها أمينا عاما لقصر الإيليزيه، تقريراً تمهيديّاً حول الوقاية من الجنوح، يؤكد على وجود علاقة بين الازدواج اللغويّ لدى أبناء المهاجرين وهذا الجنوح. وبغية الوقاية من ظهور «تصرّفات منحرفة» لدى الصغار، اعتبر أنّه على أمّهات الأطفال الذين ينتمون إلى أصولٍ أجنبية «إرغام أنفسهنّ على تكلّم الفرنسية في بيوتهنّ»، كي يعتاد أبناؤهنّ على هذه اللغة فقط. ثمّ تمّ تعديل هذا التقرير الذي انتُقد بشكلٍ كبير من قبل المتخصّصين في التربية، لكنّه يُظهر جيداً ترسّخ إيديولوجيا اللغة الأحادية في فرنسا؛ حتّى أن كاتبه وصف اللغات الأصلية ب»اللهجات المحليّة». وفي الواقع، إنّ النبذ الذي تعاني منه اللغة العربية يجعلها أشبه بلهجة محليّة أكثر منها لغة حيّة، ما يشكّل برهاناً إضافيّاً على «اعتيادية غربتها». وفي العام 2008، وجّه الرئيس السابق «نيكولا ساركوزي» الذي كان غائباً خلال مناظرة اللغة والثقافة العربية مع أنه هو من تمنّى انعقادها الرسالة التالية:«اللغة العربية هي لغة مستقبل وتطوّر، لغة علم وحداثة (...). أتمنّى أن يفضي هذا المؤتمر إلى توجّهات ملموسة لتطوير تدريسها (...) في فرنسا». لكن في بداية العام الدراسي 2012، تمّ إنشاء ثمانية صفوف فقط. علماً أن السيد «ميشال نيرنوف»، المفتّش المدرسي والتربوي المحلّي، يشهد على النجاح الذي لاقته تلك المبادرات:«عندما فتحنا صفّاً ثنائيّ اللغة في إحدى مدارس وسط مدينة «لومان» الإعداديّة، تلقينا أربعين طلباً لخمس وعشرين مكانا متوفرا». لكن هناك تساؤلا يفرض نفسه: هل يمكن للغة العربية أن تستفيد من العولمة؟ فخلال طاولة مستديرة تمّ تنظيمها في «معرض اللغات Expolangues» حول موضوع «اللغة العربية، وسيلة نجاح مهنيّة واقتصادية»، ذكّر المحاضرون بأهميّة تأهيل أشخاص يتكلّمون العربية جيّداً لتلبية الحاجات المتنامية في مجال المصارف الإسلامية المتنامي. كما يؤمِّن إتقان العربية فرصاً لخوض مسيرة في السلك الدبلوماسي، وفي قطاع الفنادق والمطاعم (خصوصاً في فنادق الخليج الكبرى). ويفتح توسّع قطاع الإعلام باللغة العربية آفاقاً للأشخاص الذين يتوجّهون للتخصّص في مهن الصحافة المرئيّة والمسموعة. وإذا ما ترجمت الوعود السياسية إلى أفعال، فإن هنالك حاجزا آخر يجب أن يسقط في آخر المطاف: ألا وهو ذلك الحاجز الذي يجعل اللغة العربية خاصة بالعرب دون غيرهم. فعلى قناة BFM TV أيضاً، وردّاً على السؤال الذي يقضي بمعرفة ما إذا كان يشجّع أولاده على تعلّم هذه اللغة قال السيد كوبيه:«لكنّ ثقافتي ليست عربيّة»! لكن كم عدد الذين ينتمون إلى «الثقافة الصينية»، من أصل آلاف الطلاّب الذين يتعلّمون هذه اللغة في فرنسا؟ إن تخليص العربية من تصنيفها «كلغة خاصّة مرتبطة بالهجرة» وتشجيع تعلّمها في مدرسة الجمهورية؛ هي مرحلة أساسيّة من أجل السماح لكافّة من يرغبون بذلك، أيّاً كان أصلهم أو دينهم، بالاشتراك في هذه اللغة التي تعتبر «من لغات فرنسا». إيمانويل طالون «لوموند ديبلوماتيك»، عدد أكتوبر 2012