فسر رائد المسرح الفردي بالمغرب عبد الحق الزروالي، سبب ارتباط الجرأة لدى الكثير من الفنانين بالمغرب فقط بالتعري وتصوير المشاهد الجنسية بوصول هؤلاء المبدعين إلى مرحلة من الرغبة في تدمير الذات، الزروالي تابع بإشاراته الفلسفية كعادته بالقول «لم نعد في حاجة للآخر لكي يدمر فينا نشوة الانتماء إلى الإنسان وأصبحنا نعيش نوعا من الفراغ الداخلي والعور الداخلي والكراهية ل»الأنا نتاعنا» فنلجئ إلى تدمير هذه القيم التي بدواخلنا»، الممثل والمؤلف المسرحي قال أيضا «اليوم هناك حالة من الانفتاح إلى حد الانحلال أحيانا، وهذا مشكل لأنه ينبغي التفريق بين الانفتاح والانحلال» كما لم يبدي اعتراضا على مشاهد بعينها متى كانت مبرر وتتخذ من الإيحاء والتلميح منهجا لكن قال إن عليها ألا تعمق التشوه في الموضوع الذي تحاول معالجته. الزروالي، تساءل بهذا الصدد قائلا «هل هناك جدوى وحاجة في أن ننشر غسيلنا ونضع صناديق القمامة فوق طاولة الأكل وأن نتباهى بعاهاتنا وباختراق الآخر لنا» المسرحي تأسف في حواره مع «التجديد» من كون أنه «أصبح يكفي الترويج لفكرة تخدم أغراض الآخر فينا حتى تلقى هذه الأعمال من جهات خارجية الكثير من الدعم والكثير من الدعوات للمشاركة في المهرجانات» الزروالي، أكد أن هناك اليوم من يشتغل على تمييع العمل المسرحي بالمغرب، وهذا أمر وجب أن نعترف به، ثم أن الجيل الجديد في المسرح هو صنيعة للآخر. البدايات الأولى للمسرح بالمغرب وحضور قضايا المجتمع الأساسية فيه، أول مسرحية جسدت باللغة العربية وتدخل الاستعمار لوقف مسرحيات وممارسة الرقابة على أخرى بسبب إزعاجها له...أين هو مسرح القضية والمقاومة بمغرب اليوم؟ أنا دائما كنت أدافع عن فكرة أساسية وهي أن المسرح كثقافة وكفن وكآدات فكرية وإبداعية يجب أن يكون دائما صوت الحال، ولسان التعبير عن المسكوت عنه وعن المشوه في الصورة العامة من المجتمع الذي ينتمي إليه هذا المسرح فكل التجارب المسرحية في العالم هي بنت بيئتها، أي أنها مرتبطة على مستوى الشكل والمضمون بما يحس به الناس في تلك المرحلة، وإن كنت دائما أسعى إلى أن يبقى المسرح في صورته المثلى، أي أن يرقى فوق الاشتغال على القضايا اليومية، فشكسبير على سبيل المثال ما تزال أعماله صالحة إلى يوم الناس هذا، فمسرحه تجاوز زمنه وقضاياه، وهكذا فالإنتاجات المسرحية الحقيقية تتجاوز الأزمنة والأمكنة وتتفاعل مع الحضارات واللغات والأديان والسياسات المتبعة في كل زمن، فهذا هو المسرح في اعتقادي، لكن بحكم واقعنا خاصة في البلدان النامية أو المتخلفة ارتبط المسرح دائما بما يجعله وسيلة وليس غاية، إذن فإشكالية كون المسرح غاية أم وسيلة هو الذي ما يزال يطرح نقاشا واسعا. ماذا عن حقبة الاستعمار والدور الذي لعبه المسرح في مقاومة المستعمر؟ في بداية القرن الماضي بدأ المسرح ينشئ من خلال هذه التجارب التي أشرت إليها ولكن كرد فعل وليس كفعل، وذلك جاء في وقته من منطلق أن البلد كانت تعاني من إكراه الاستعمار ولذلك فكل واحد بطريقته كان يحاول أن يتدخل للمساهمة في دفعه هذا المسرح بالطريقة والشكل الذي يعتقد صوابيته، وكان المسرح بمثابة القاطرة التي من خلالها يمكن للمجتمع أن يتحرك فلم يكن لدينا آنذاك أحزاب كثيرة ولا جرائد كثيرة ولا قنوات، فكان المسرح الوسيلة الأكثر فعالية في تحريك همم المناضلين والمقاومين من أجل أداء الواجب الوطني وتحرير البلاد، إذن فالمسرح منذ 60 سنة وهو يتعرض للضغط من طرف المستعمر وأيضا من طرف عدة جهات وهو في بدايته وكانت محاولات لعرقلته كإبداع ولكن تمكن على العموم من أداء وظيفته في تلك المرحلة بلغة عربية وقد كان اختيار اللغة العربية ليس صدفة بل كان لأن الاستعمار كان يهدف بدرجة أولى إلى القضاء على اللغة، لأن المستعمر إذا استطاع القضاء على لغة شعب ما فسيسهل عليه بعد ذلك أن يستعمره وأن يعبث به كما يشاء، فالدفاع على اللغة وترويج الأغاني والدواوين الشعرية وغيرها من وسائل التعبير باللغة العربية كانت تركز على فكرة أساسية مفادها أن اللغة هي جوهر المسرح من أجل أن يخدم القضية الوطنية من واجهتين، الأولى تعلق بالإبداع والثانية للدفاع عن القيم وهوية الوطن الذي ننتمي إليه، إذن فبداية المسرح كانت بداية واعية وسليمة بدورها في الحياة العامة ببلادنا. بعض الإنتاجات الإبداعية المحسوبة على المسرح في الآونة الأخيرة بالمغرب، أعادت إلى الأذهان سؤال الدور والوظيفة الأصلية للمسرح بين الأعمال الكبيرة وذكرت مثال شكسبير وبين قضايا ذات أجندات سياسية أكثر منها إبداعية؟ يجب أن لا ننسى الآخر على هذا المستوى استطاع أن يفعل بنا ما يشاء، فعندما نتكلم عن الهوية والقيم وعن العادات والتقاليد وكل ما يشكل هذا البلد الذي نحن فيه، نحن واعون بما حصل لنا، فعندما تلتفت الآن لن تجد واجهة ما إلا وقد كتبت باللغات الأجنبية، كما نجد المسرحية التي لمحت لها بسؤالك حيث نجد استغلال المرأة أيضا في الإعلام والصورة من أجل جلب الزبناء لهذا المنتوج أو ذاك، فهناك اليوم من يشتغل على تمييع العمل المسرحي بالمغرب، وهذا أمر وجب أن نعترف به، ثم أن الجيل الجديد في المسرح هو صنيعة للآخر، فصحيح أن هذا الجيل ابن المغرب ويعيش في عائلات مغربية تقليدية أحيانا ولكن تربى في أحضان الآخر، خاصة على مستوى التكوين والتوجيه والدعم الخارجي، وقد شاهدنا ذلك في الأفلام والمسرح، وأصبح يكفي التروج لفكرة تخدم أغراض الآخر فينا حتى تلقى هذه الأعمال من جهات خارجية الكثير من الدعم والكثير من الدعوات للمشاركة في المهرجانات وتوفير المتطلبات الضرورية من أجل توجيه هذه المجموعات نحوى مسرح يخدم رغبة الآخر وهذه الأعمال عادة ما تكون غير معبرة عن هويتنا وحقيقتنا، وهذا الكلام لا أقصد به الانغلاق أو الحجر على خيال المبدع وحريته في التعبير. لكن يطرح سؤال الذات أولا التي تريد أن تنفتح؟ نعم، وأيضا ما الجدوى من هذا، وهو سؤال يلازم كل القضايا، فهل هناك جدوى وحاجة في أن ننشر غسيلنا ونضع صناديق القمامة فوق طاولة الأكل وأن نتباهى بعاهاتنا وباختراق الآخر لنا، فنحن لا ندعي القدرة على صون الوطن من هذه الإكراهات لأن العالم أصبح يربي بالقنوات وأدوات تعبير وتواصل مختلفة أصبحت تتحكم في صناعة الأجيال والحضارات واللوبيات، ولكل هذا فأنا أتحفظ على هذه التجارب ولا أعطي لنفسي الحق في مصادرة خيالها أو رغبتها أو رؤيتها للإبداع والانتماء للعالم. كما أن هناك وسائل أبلغ في إيصال الرسائل دون الإمعان في الشكل الذي يحول الوسيلة إلى غاية؟ نحن نعرف عموما أن الإبداع هو فن الإيحاء والتلميح، فكما لدى الصوفيين الإشارات نحن لدينا أيضا الإشارات الإبداعية، فبنظرة بسيطة أو الكتبة ما بين السطور أو التلميح إلى شيء غير مجسد فوق الخشبة يكون أكثر قسمة وإبداعية من الشيء الذي نجسده بشكل مباشر وفج. في صلة بذات الموضوع لماذا في نظرك ترتبط الجرأة دائما لدى أغلب الفنانين المغاربة بالقرة على تعرية الجسد وممارسة الجس والتعبير باللغة الساقطة أو عن طريق الشذوذ الجنسي، أين هي السياسة قضايا الفساد والرشوة والتحكم...؟ أعتقد أنه في السابق قد يكون هناك مبرر لبعض من هذه الأمور، بالنظر إلى بعض العقد الجنسية التي كان يعيشها البعض، أما اليوم هناك حالة من الانفتاح إلى حد الانحلال أحيانا، وهذا مشكل لأنه ينبغي التفريق بين الانفتاح والانحلال. وسبب هذا النزوع من الجرأة أننا وصلنا إلى حالة من الرغبة في تدمير الذات فلم نعد في حاجة للآخر لكي يدمر فينا نشوة الانتماء إلى الإنسان وأصبحنا نعيش نوعا من الفراغ الداخلي والعور الداخلي والكراهية ل»لئنا نتاعنا» فنلجئ إلى تدمير هذه القيم التي بدواخلنا، وعليه فاعتبر أنه لا ينبغي الاشتغال على هذه القضايا بشكل مباشر إلى حد الفجاجة، ومع الأسف الشديد فالمرأة توظف اليوم في الفن والإعلام كشيء، وأعتبر أن بعض المشاهد إن كانت لها ضرورة إبداعية وتسعى إلى معالجة موضوع ما وليس إلى تعميق التشوه فيه «فلا حياء في طب كما انه لا حياء في دين» فمن يحتج على فقيه يفقه الناس في أمور الدين المختلفة ومن يحتج على طبيب في فلم يعالج امرأة ومن يحتج على لباس امرأة وهي تمارس الرياضة بشروطها خاصة في الجمباز والسباحة والرقص على الجليد، وبالتالي فالناس لا تحتج عندما لا ترى للأمور مبرر وداع ومسوغ. هل تمت من إشكالات أخرى على هذا المستوى؟ هناك إشكالات أخرى مطروحة على هذا المستوى وهي في الغرب مثلا غير مطروحة لأنك تجد 30 قاعة مثلا تشتغل يوميا على موضوع المسرح فالمشاهد والجمهور كل يذهب إلى المسرح الذي يتوافق مع ذوقه وعقليته، فهذا يريد مشاهدة مسرح فلسفي وآخر يريد التجريبي أو الاجتماعي كما أن هناك مسرح الدعارة والعري في قاعات تقدم عروضها في الساعة الثالثة ليلا، لكن من يذهب لتلك الأمور هم أصحاب ذلك التوجه. لكن عندنا بالمغرب هذا الأمر غير ممكن لأننا نجد العروض قليلة ثم عندما يكون هناك عرض على الأقل 10 أذواق واختيارات أمامك، بين الطفل الذي في عمره 10 سنوات والرجل الذي في عمره 70 سنة وقد تجد الأب والجد في نفس القاعة فها أنت أمام ثلاث أجيال. كما تجد المثقف والأستاذ والمحامي وتجد بقربهم من لا يعرف حتى كتابة اسمه وتجد أنا بمستوى مختلف من التربية بين من تربى تربية دينية لها ضوابط على النظر واللسان وعلى خلاياه وبجانبه شخص قد لا يؤمن بأي من هذا كله، وبالتالي عندما تكون أمام جماهير في قاعة العرض وليس جمهور واحد يصبح السؤال أكثر حدة، وبالتالي لا بد من احترام هذه الجماهير وقد نقبل أحيانا ببعض المشاهد حد «الدسارة» لكن شريطة أن تكون هناك قاعات خاصة يذهب لها جمهورها الخاص، لكن في ظل وضعية المسرح الحالية لا يمكن أن نخلط الأوراق وأن نمارس مسرحا يحاول مخاطبة كل الأذواق وكل الأمزجة وبالتالي سنفسد نشوة التواصل مع هذا الجمهور مما سينعكس سلبا على مسار تجربتنا المسرحية. ما العمل عندما يتجاوز المسرح والفن عموما تصوير بعض المشاهد من وسيلة إلى غاية، ما العمل عندما يتحول المسرح إلى مدمر للقيم والقضايا التي يريد أن يخدمها؟ هذه الأمور أصبحت اليوم «موضة» ترتبط بالسباحة ضد التيار والتلذذ بالمعاكسة وعقدة الاضطهاد، كما أن العديد من الأعمال المسرحية والفنية متصلة بخيوط تحركها من الخارج فيكفي أن تنتج فيلما يسيء إلى قيمنا ليجد هذا الفيلم رواجا وجوائز تمنح له بمهرجانات عالمية إذن هناك توجيه من طرف الآخر لنا. ومع الأسف هناك عدد من الأشخاص والمبدعين في السينما والمسرح يتجاوبون مع هذا الطرح ويقدمون للغرب هذه الخدمة أكثر مما كان يهدف إليها الغرب نفسه، ولذلك يقول المغاربة «اربط تصيب ما تطلق» ونحن لم نربط ولم نتحكم في الموضوع خلال السنوات الماضية خاصة في تنشئة المبدع المغربي على أساس الاقتناع بذاتيته، إذن فهو صنيعة الآخر وبالتالي هذا الآخر يتحكم فيه، بل إن المبدع المغربي موضوع الحديث أصبح جاهزا ليؤدي تلك الوظيفة بحكم طبيعة تكوينه، ولذلك لا تستغرب فهم لا يقدمون على ذاك من أجل فقط رغبة شخصية بقدر ما هي تخدم وتندرج ضمن رغبة خارجية ولحد الآن لم نستطع أن نحصن أنفسنا ضد هذه الأطماع الخارجية، ولذلك فالعديد من المبدعين هم أدوات لخدمة أغراض كبيرة وذلك فبحكم التطورات الجارية في العالم العربي والإسلامي الممتد من الخليج إلى المحيط، هناك تحول وهو أن الحركات الإسلامية أصبحت تدير السياسات بالكثير من الأقطار، ولذلك فردة الفعل جاءت أحيانا بشكل موضوعي وأخرى بشكل مفتعل من أجل معاكسة هذا التوجه وذلك بشكل من شأنه أن يجر علينا الفتنة، وقد شاهدت أحد الأفلام بمهرجان طنجة للفيلم المتوسطي القصير وأنا لست وصيا على أحد لكن شعرت وأنا داخل القاعة شعرت بأنني أهان فما جدوى توظيف مشهد للصلاة بشكل كاريكاتوري يثير الضحك والسخرية فما جدوى ذلك، ولماذا نلوم الآخر عندما ينشر صورا تسيء إلى الرسول وللإسلام والأديان بصفة عامة، نلوم الآخر ونأتي نحن وبشكل غير مبرر وبطريقة مقحمة تقدم خدمة للآخر الذي يريد أن يدمر فينا ما تبقى من اعتزاز بهويتنا. أشرت للحركات الإسلامية والسياق الجديد، نتساءل معك سي عبد الحق حول السينما والفن بالمغرب عموما والربيع الديمقراطي فهل أصابت رياح هذا الربيع السينما والمسرح المغربي على الأقل بالدرجة التي أصاب مشهدنا السياسي أم ليس بعد؟ هذا سؤال مهم، وأنا لا أسمي هذا ربيعا بل أسميه بالبركان العربي،لأن كلمة الربيع ترتبط دائما بالطبيعة والخدرة وكل ما هو مفرح، فهو بركان وليس حتى بثورة لان الثورة تكون نتيجة تخطيط وتراكم لتجارب سياسية على مراحل ووفق خطط، وهذا البركان كان لا بد له أن يحدث لأن العديد من حكام العرب عاثوا فسادا في شعوبهم، وهذه أمور عايشناها من القتل إلى السجون والاغتصاب وعاش الإنسان العربي إلى ممارسات لا إنسانية، وقد انعكس هذا البركان في بعض الدول مثل الفيلم الفلسطيني الذي شاهدناه بالمهرجان. «غرفة سمير» نعم، يا سلام، وذلك أولا من الناحية السينمائية قبل جانب التعاطف مع القضية الفلسطينية، وعلى مستوى الصورة والصوت والحبكة والمونطاج، فالصنعة السينمائية كانت موجودة، وأن متأكد أن أي شخص سيشاهد ذلك الفيلم من خارج دائرة نحن المؤمنين بالقضية سيقتنع بأهميته كعمل فني وبطرح لقضية جزء كبير من العالم متآمر عليها، وقد زرت القدس وأعرف جيدا لماذا هي نقطة صراع العالم اليوم، ولذلك فالإبداع الحقيقي بالنسبة إلي في المسرح أو السينما هو الذي يصنع الثورات ولا يبحث لنفسه عن مقعد في الثورات فهو القاطرة هو المفكر وكذلك ينبغي أن يكون، عندي في كتاب «رحلة العطش» في سنة 1984 أتحدث فيه عما حدث في 2011 بالتحديد، ربيع يبحث عن ربيعة من مراكش إلى دمشق إلى بغداد إلى القيروان إلى تلمسان، وربيع هذا كل مرة يتعرض للتضييق من طرف مسؤولي هذه البلدان ويهرب إلى بلد آخر، ولو قدمت ذلك النص الآن لقيل إن الزروالي كتبه بعد أحداث 2011، هناك جهات ترصد بدقة حركة المبدعين المغاربة للتحكم في اختياراتهم ومسارهم وهذه الجهات توفر لهم الدعم الكافي،؟ في حين أن الجانب الآخر من الإبداع يتم تهميشه ووصفه بالتهريج أو أن اللغة العربية لا اهتمام لهم بها ومثل هذه السياسات مع الأسف صنعت جمهورا مهرجا فاسد الذوق ومميع السلوك وراهنوا على خوائه ليهيؤه لهذه المرحلة التي نشتكي منها اليوم. أثار اختيار بعض الأفلام بعينها وخاصة فيلم «كيف ما يقولو» ردود فعل مختلفة لدى الكثري من المخرجين والمتتبعين، كيف نظرت إلى هذا الأمر والسياسة الواقفة وراءه؟ الخطير في هذا الموضوع أن لا تكون هذه الاختيارات مبررة، وأن تخضع لأمزجة مسؤولين معينين، المركز السينمائي يتحدث عن أن الكم يصنع الجودة ولكن نتساءل اليوم إلى متى، ولذلك يبدوا أن هذا التراكم غير مبني على أسس موضوعية، فمن أراد الإخراج عليه التحرك لكن لابد أن يكون ذلك في إطار رؤية مستقبلية لنوع السينما التي نريد، فمتى تصبح لنا بصمة سينمائية واضحة كما نشهد بأن الفيلم التالي إطالي وهذا صيني ولذلك ينبغي أن تصبح لنا بصمتنا وخصوصيتنا المغربية في السينما والإبداع حتى لا يقول لنا الغرب أو الآخر عموما هذه بضاعتنا ردت إلينا وآنذاك قد نجني ثمار مرة لاحقا. على ضوء الحكمة الجديدة واستراتيجية وزارة الثقافة والاتصال ذات الصلة بمجال اشتغالكم ما حجم الرهانات والانتظارات؟ هناك نوايا حسنة لدى العديد من الأطراف بما فيها الإدارة والنقابة والأسماء الفاعلة في الإبداع المسرحي ، والمشكل يكمن في غياب استراتيجية عمل واضحة الأهداف وبجدولة زمنية دقيقة، أعتقد أنه حان الوقت لوضع الحد لعبارات سوف نعمل ونفكر ونعتقد لننتقل إلى زمن الفعل، فلا يمكن الاطمئنان إلى مستقبل المسرح وفق إكراهاته الحالية ولا تستطيع أن تقتنع بواقعه وتتفاءل لمستقبله، ولذلك ينبغي تعداد تغراتنا والوقوف عيلها والعمل على تداركها من أجل إيجاد مقاييس وخطة، ولماذا الرياضة تنجح لأن ليس فيها الادعاء «عندك عندك ما عندكش ماعندكش» فللجري ضوابطه وللفروسية ضوابطها، في المجال الثقافي والفني مع الأسف الشديد أكثر من 80 بالمائة كلها تسيب وادعاء وشغل من لا شغل له وتلويت لهذا المجال، أنا لو كنت أتقن وأصلح للملاكمة لقمت بذلك، فكل ميسر لما خلق له ولكن نحن اليوم نعاكس الطبيعة، فبعضهم يقول لي أحب المسرح، فأسئله هل سألت المسرح إذا كان يحبك أم لا؟ فأنا كنت سأكون مغني أو قاضي أو طبيب لكن لم أوفق في كل ذلك وذهبت منذ وقت مبكر للمسرح وراكمت وطورت حتى أصبح مشاركة الزروالي في مهرجان تعني جائزة للمغرب اليوم مع الأسف السياسة تغلب على العمل المسرحي والمطلوب أن نجتمع حول كيفية صيانة هذا الفن الرفيع وصيانته من كل التشوهات لكي نخطو نحو الأمام باستراتيجية تحترم الكفاءة ولا شيء غير الكفاءة ولا علاقة لها بالنزوات والعلاقات والمحسوبية والرشاوي وغيرها من القيم الفاسدة التي أفسدت علينا نشوة الانتماء لهذا الميدان بالمرة. سؤال تقليدي وكلاسيكي، ما جديد عبد الحق الزروالي؟ انتهينا من «مونطاج» فيلم «الوجه الآخر» الذي كتبته وألعب فيه الدور الرئيسي مع المخرج عبد الكريم الدرقاوي، وسيعرض قريبا إن شاء الله وآمل أن تكون التجربة جوابا على أسئلتك، كما لدي مسرحية «نقطة الصفر» وهي المشروع الذي سأشتغل عليه هذه السنة إن شاء الله ويندرج ضمن إطار المسرح الفردي، مع عدد من الكفاءات الشابة من المعهد المسرحي من قبيل محمد الحر ويوسف العرقوبي وفاطمة عاطف.