تفاقمت أوضاع عشرات الآلاف من مسلمي الروهينغا بعد تعرضهم لمزيد من أعمال القتل والتشريد في ميانمار، في وقت حاصرت عصابات مسلحة من البوذيين يرافقها رهبان متعصبون مناطق يقطنها المسلمون، حيث أضرمت النيران في العديد من المنازل. وقالت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين إن نحو 75 ألفا من مسلمي الروهينغا يقيمون في مخيمات مؤقتة، ووصفت ظروف اللاجئين بأنها سيئة للغاية. ودعت المنظمة الدولية حكومة ميانمار إلى اتخاذ خطوات لإعادة النازحين والبدء في منحهم الجنسية. وقالت سارناتا رينولدز، مديرة برنامج منعدمي الجنسية في المجموعة المعنية بشؤون اللاجئين، إن الأوضاع الخاصة بالصحة والصرف الصحي في مخيمات اللاجئين كئيبة. وأضافت: «ذهبنا إلى مدرسة بها 1800 شخص يعيشون في غرفة واحدة كبيرة بها مرحاضان ولا يوجد بها مكان للاستحمام» مضيفة «هناك سوء تغذية حاد وبعض حالات السل». وكانت مصادر إعلامية قد ذكرت أن عصابات مسلحة من البوذيين يرافقها رهبان متعصبون قد حاصرت مناطق يقطنها المسلمون من أقلية الروهينغا. وأكدت على لسان شهود عيان أن أفراد العصابات المسلحين بالسيوف والآلات الحادة أضرموا النيران في عدد من منازل المسلمين. وجاء هذ الهجوم عقب اجتماع للرهبان البوذيين طالب الحكومة بتطبيق القرارات السابقة التي اتخذت بحق الروهينغا، وهدد بالقيام بثورة ضد السلطات في حال عدم تحقيق ذلك. وقال المؤرخ الأراكاني أبو العبادلة السعدي إن اجتماعا ضم الخميس الماضي 5000 من الرهبان البوذيين أعقبه توجيه مجموعات من الشباب البوذيين لمهاجمة ثلاث مناطق يتواجد فيها المسلمون. وأكد السعيدي الذي كان يتحدث لقناة «الجزيرة» من جدة بالمملكة العربية السعودية أن هذه المناطق تظل محاصرة بمشاركة الجيش. وأوضح السعيدي أن اجتماع الخميس خرج بالعديد من القرارات، من بينها المطالبة بسحب المواطنة والبطاقة الشخصية من المسلمين في المنطقة، ودعا الحكومة إلى تطبيق قرارات سابقة تقضي بطرد مسلمي الروهينغا أو تجميعهم في مخيمات تديرها الأممالمتحدة، وهددوا بالقيام بثورة ضد الحكومة إن لم تستجب لهذه المطالب. وعن تأثير وجود منظمات إنسانية وحقوقية في المنطقة، أشار السعيدي إلى أن البوذيين يقومون بمهاجمة المناطق التي لا توجد فيها تلك المنظمات. أصل المشكلة يذكر أن مسلمي الروهينجا والذين يبلغ عددهم حوالي 800 ألف شخص، يعانون من التمييز العرقي منذ عقود، حتى أن حكومة ميانمار تنظر إليهم كأجانب، بينما يعاملهم المواطنون البوذيون بعنف، ويعتبرونهم مهاجرين غير شرعيين من دولة بنجلادش المجاورة لهم، في حين تصفهم الأممالمتحدة بأنهم من أكثر الأقليات تعرضا للاضطهاد في العالم. ويشار إلى أن محنة مسلمي الروهينغا قد جذبت انتباه العالم عندما وقعت اشتباكات في يونيو الماضي خلفت ما لا يقل عن 89 قتيلا، في حين تؤكد منظمات حقوقية أن الحصيلة الحقيقية أكبر بكثير، كما وشردت حوالي تسعين ألف شخص. ويعيش اللاجئون في المخيمات منذ منتصف يونيو الماضي عندما أجبرت المذابح التي تعرض لها المسلمون الغالبية العظمى منهم على الفرار، حيث قتل منهم عدد كبير، في جرائم صنفتها منظمات حقوقية دولية على أنها «جرائم إبادة جماعية». وتشير تقارير منظمات الإغاثة إلى وجود أكثر من مائة ألف مشرد من الأقلية المسلمة في ميانمار، منهم قرابة ثمانين ألفا في مخيم سيتوي بشمال غرب البلاد، ويعاني النازحون من نقص حاد في الأدوية والطعام والملابس وأماكن الإيواء، كما يشكون من أن الحكومة لا توفر لهم الحماية من هجمات البوذيين، فضلا عن تعرضهم لاعتقالات تعسفية. وكان رئيس الهلال الأحمر التركي أحمد لطفي أقار قد أكد أن المسلمين في ميانمار يقطنون في أراض خصبة ولهذا السبب يتم العمل على طردهم من أماكنهم. ويتركز الروهينغا في شمال إقليم أراكان غربي البلاد. وتعود قضية انعدام الجنسية بالنسبة لهم إلى قانون المواطنة الصادر في عام 1982 والذي حدد 135 مجموعة أقلية عرقية في ميانمار، حيث استبعد هذا القانون مسلمي الروهينغا ونص على أن السكان المنحدرين من أصول هندية وصينية والذين لم يتمكنوا من إثبات أصلهم في الفترة التي سبقت فترة 1948-1824 الاستعمارية ليس لهم الحق في الحصول على الجنسية. وعود رسمية في مقابل ذلك، تعهد رئيس ميانمار ثين سين في الأممالمتحدة بالعمل على احتواء التوتر بين البوذيين والمسلمين في ولاية راكان بغربي البلاد. وقال المتحدث باسم الأممالمتحدة إن تعهد ثين سين جاء خلال لقائه الأمين العام للمنظمة الدولية بان كي مون على هامش الجمعية العامة. وذكر المتحدث أن ثين سين وبان كي مون بحثا المواجهات الطائفية في ولاية راكان وإمكانية تشجيع التجانس بين الطوائف ومعالجة أسباب التوتر. وكان رئيس ميانمار قد تعهد في خطابه يوم الخميس الماضي أمام الجمعية العامة، بالسعي لوضع حد نهائي للأزمة.