أكثر من علامة استفهام تطرح على سياق إنتاج فيلم براءة المسلمين الذي أخرجه الصهيوني الأمريكي سام باسيل بتزامن مع ذكرى 11 شتنبر الأليمة، لاسيما وأن رسالة الفيلم الوحيدة هي الإساءة إلى الإسلام ونعته بأنه «سرطان»، وأنه «دين الكراهية»، ووصفه العقيدة الإسلامية بأنها:»مدمرة» هذا فضلا عن إساءته للنبي صلى الله عليه وسلم. توقيت إنتاج الفيلم ليس بريئا، ومضمونه هو امتداد لسلسلة الاستهدافات التي مست بشكل خاص الإسلام ونبيه محمد عليه الصلاة والسلام، والتي كان آخرها إقدام القس الأمريكي تيري جونز بإحراق القرآن في أبريل الماضي وقيامه بحملة كراهية ضد المسلمين لعرقلة إقامة مسجد قريب من موقع برجي التجارة العالمي في نيويورك. فالمعطيات التي كشفت عنها صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية تؤكد بأن مخرج الفيلم جمع خمسة ملايين دولار من مائة مانح صهيوني من أجل تمويل هذا الفيلم، مما يعني أن الأمر يندرج ضمن مخطط مدروس للإساءة إلى الإسلام ورموزه ونشر ثقافة الكراهية ضده وضد أتباعه. الملفت هذه المرة أن المظاهرات التي خرجت في مصر، تندد بهذه الاستهدافات، جمعت مختلف الطيف الفكري والديني والسياسي، وكان من ضمن فعالياتها الناشطون الحقوقيون الذين كانوا جزءا أساسيا من فعاليات الثورة المصرية، لأنهم أدركوا أن قضية مواجهة الإساءة إلى الأديان تدخل ضمن أهم انشغالاتهم الحقوقية، كما أدركوا خطورة المرامي التي تسعى إلى تحقيقها هذه الاستهدافات، ومن ضمنها، بل في مقدمتها، إثارة النعرات الطائفية بين المسيحيين والمسلمين. خلافا لمصر، فالأحداث التي عرفتها مظاهرات بنغازي التي احتجت على السفارة الأمريكية، مع قوتها في التعبير عن الاحتجاج على حملة الكراهية ضد الإسلام والمسلمين، إلا أنها قد خرجت عن قواعد السلمية والتحضر. طبعا، لا أحد يريد أن تنحرف ردود الفعل هذه، وتتحول إلى أداة لتكريس ثقافة العداء للغرب ولكل ما يخرج منه، لأن أي انحراف عن التعبير السلمي بانتهاج العنف لا يمكن أن يحقق إلا الأهداف التي يسعى مخرج الفيلم ومن وراءه إلى تحقيقها، لكن في الوقت ذاته، هناك حاجة إلى قراءة هذه التطورات من زاوية أخرى يمكن أن تجد الطريق لنبذ النمطية واجترار نفس ردود الأفعال كلما صدر استهداف للإسلام ورموزه. القضية واضحة، لا تحتاج أكثر من التحول من الانفعال إلى عمل منظم يسلك كل الآليات القانونية والحقوقية الدولية، فقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في الدورة الخامسة والستين الصادر في 25 مارس2010 تحت مسمى مناهضة تشويه الأديان، والمنشور بتاريخ 11 أبريل 2011، يعتبر أن الحط من الأديان فيه إهانة بالغة لكرامة الإنسان، ويؤكد بأن الحط من شأن الأديان يمكن أن يؤدي إلى التنافر الاجتماعي وانتهاك حقوق الإنسان، ويدعو إلى ضرورة العمل بشكل فعال لمناهضة كل شكل من أشكال الحط من الأديان، بل إن القرار يذهب أكثر من ذلك ليزيل الالتباس الذي يمكن أن ينشأ حول علاقة مناهضة الخط من الأديان وحرية التعبير، إذ ينفي أي علاقة بين منع النشرات التي تسيء إلى صورة الأديان وبين تقييد حرية التعبير أو استهدافها. بل، إن النصوص الحقوقية الدولية في مناهضة نشر ثقافة الكراهية والحقد هي أكثر من أن تحصى، مما يعني، بأن عملا حقوقيا منظما وضاغطا يمكن أن يكون له مفعوله في وقف هذه الاستهدافات وإفشال رهاناتها. الكرة اليوم في ملعب الناشطين الحقوقيين في بلادنا العربية، حتى يعيدوا تركيب أجنداتهم، ويفكوا الالتباس المضلل في العلاقة بين حرية التعبير ونشر الكراهية عبر الإساءة إلى الأديان، ويعلنوا عن مبادرات قوية لتفعيل النصوص الدولية التي تناهض الحط من ألأديان. واجب الحركات الإسلامية، والهيئات الدعوية، أن تقوم بدورها الترشيدي حتى تسيج الغيرة على الدين بضابط السلمية في التعبير والتحضر في الحراك، والانتقال بردود فعلها من الانفعال إلى عمل مدني ضاغط ذي مردودية. في تقرير دولي يرصد رشاوى الشركات الأجنبية في 30 دولة