السلام عليكم، إخوتي، آفتنا الخطيرة الكبيرة، العادة والرتابة والإلف، وقد قيل: من أَلِفَ تَلِفْ، نعم هذا حالنا نقوم ونذهب ونجيء ونأكل ونشرب، وتشرق الشمس ثم تضحى ثم تزول ثم العصر فالمغرب ثم العشاء ثم الصبح وهكذا دواليك، ونعتقد أن الأمر غاية في البساطة، وكأن الأمر عادي بديهي مكتسب، في حين أن كل ظاهرة من هذه الظواهر وكل نعمة من هذه النعم، من العظمة والأهمية بمكان بالنظر إلى المنعم سبحانه وتعالى الذي أنعم بها، إذ كل هذه النعم: الأكل والشرب والأمن والشمس والقمر والليل والنهار و.. وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها، وكل واحدة من هذه النعم بالنسبة لكل واحد منا تحديدا تحصل بعلم الله وفضل الله وإذن الله وقدرة الله وفي كل لحظة وحين بل وفي كل نعمة مهما دقت وصغرت، إذ لا يصلنا شيء إلا بحول الله وقوة الله وأمره وعلمه، وبصيرتنا في ذلك قول ربنا وحبيبنا وراحمنا سبحانه وتعالى وهو يزيل الغشاوة عن قلوبنا، إذ قال: }لِإيلافِ قُرَيشٍ، إيلافِهِم رِحلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيفِ، فَليَعبُدوا رَبَّ هذَا البَيتِ، الَّذى أَطعَمَهُم مِن جوعٍ وآمَنَهُم مِن خَوفٍ{..صحيح أن الله تعالى يذكر كفار قريش بنعمة تيسيره لهم أسباب نجاح قوافل تجاراتهم لليمن وللشام، لما علمه فيهم وهو اللطيف الخبير، من استمراء ثم ازدراء واستصغار نعمة تيسير سبل القوافل لهم بسبب الإلف الذي إذا اعتاده المُنْعَمُ عليه تَلِفَ، واعتقد أن ذلك حاصل طبيعة وبديهة وعادة مع الإلف الحاجب، أو نتيجة للإعتقاد بأن الأسباب التي بذلها هو فحسب، هي فحسب التي جاءت بالنعم، فينسى خالق الأسباب وممضيها ومعطلها، المنعم الحي القيوم الكريم الحليم الذي يمهل ولا يهمل، وإن كان الكلام هنا بمناسبة سورة قريش عن كفار قريش، فإنه يعمنا جميعا، إذ العبرة بعموم المعنى وليس بخصوص السبب، إذ كم من تيسير نحن غارقون فيه مع بذلنا للأسباب بل وكثيراً من غير أن نتحرك من أماكننا، فملايين وملايير الأجهزة والأعضاء والغدد والمفاصل والعضلات والأعصاب والخلايا والسحايا و.. و.. و.. من يشغلها لنا ويحرصها ويقوم على أمرها في الصغر والكبر والصحة والمرض واليقظة وحال النوم، من يقوم بذلك، من يحفظنا في بيوتنا وفي شوارعنا وطرقاتنا وفي سفرنا في بحارنا وجوِّنا، من،؟ من،؟ هو الله الحي القيوم..فأين وعينا وأين ذكرنا لهذه النعم التي لا تعد ولا تحصى أين حمدنا وشكرنا؟!، الحمد لله حمدا كثيراً مباركاً كما ينبغي لجلالك وعظيم سلطانك، الحمد لله عدد نعمك وعدد آلائك، اللهم لك حمداً وشكراً يوافي نعمك ويكافئ مزيدك.. الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا، وأشبعنا وأروانا وكسانا وهدانا، وجعلنا مسلمين. اللهم أطعمت وأسقيت، وأشبعت وأرويت، وكسيت وهديت، فلك الحمد ربنا على ما أعطيت، اللهم كما أطعمتنا طعاما حلالا طيبا فاجعله قوة وعونا لأبداننا على طاعتك. وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اّله وصحبه أجمعين. والحمد لله رب العالمين