أماطت دراسة أمريكية صدرت مؤخرا عن مؤسسة «بيو» الأمريكية لبحوث الأديان، اللثام عن مستوى تدين المغاربة، ومدى رسوخ المعتقدات الدينية وإقبالهم على العبادات وأداء الفرائض التي فرضها الله عز وجل. وتظهر الدراسة الاستطلاعية التي شملت 38 ألف شخص من 39 بلدا حول العالم، يمثلون 67 في المائة من المسلمين في العالم، أن هناك وحدة وتنوع بالنسبة لمسلمي العالم، الذين يظهرون تماسكا كبيرا فيما يتعلق بأركان الدين الأساسية، وتباينا بالنسبة للعقائد والشعائر الدينية حسب مناطق العالم. «التجديد» تنشر ما ورد في الدراسة الأولى من نوعها على مستوى العالم التي تقدم صورة «مقربة» عن تدين المسلمين في بعض الدول العربية والإسلامية، وتعطي لمحة عن معتقدات المغاربة الدينية وتمثلاتهم القيمية. وحدة الهوية.. كشفت دراسة «بيو»، أن أغلب المغاربة لم يترددوا في التعبير عن هويتهم كسنيين، إذ قدم 97 في المائة ممن شملهم الاستطلاع أنهم سنيون، وحدد 30 في المائة هويتهم كمسلم فقط، بينما عبر 1 في المائة فقط عن انتمائهم لطريقة صوفية، واحتل المغرب المرتبة الثالثة بين الدول العربية التي عبر مواطنوها بنسبة كبيرة عن هويتهم السنية، وتفيد المعطيات المقارنة، أن مواطني الدول الإسلامية أكثر تعبيرا عن هويتهم السنية مقارنة مع مواطني العالم العربي، و-على سبيل المثال أكد 89 في المائة من الشعب التركي أنه سني- بينما تقدم الأقلية المسلمة في دول العالم، أنفسهم على أن هويتهم كمسلمين فقط. وبعيدا عن الهوية الدينية التي يجمع عليها المغاربة، اعتبر 89 في المائة أن «الدين مهما في حياتهم»، محتلين بذلك المرتبة الأولى بين الدول العربية، وحلت الأردن وفلسطين في المرتبة الثانية بنسبة 85 في المائة لكل واحدة منهما، تليها العراق بنسبة 82 في المائة، ثم تونس ومصر بنسبة 78 في المائة و59 في المائة على التوالي.. وكشفت معطيات الدراسة التي صدرت مؤخرا بعنوان «المسلمون في العالم: وحدة وتنوع»، أن نسبة المسلمين في الدول الإسلامية الذين يعتبرون «الدين مهما في حياتهم» أكبر من نسبة المسلمين في العالم العربي، إذ يؤكد –على سبيل المثال- حوالي 80 في المائة من الذين ينحدرون من دول إفريقيا جنوب الصحراء وجنوب شرق آسيا أن الدين مهما في حياتهم، بينما لم تتجاوز نسبة 60 في المائة في الدول العربية. وأوضحت الدراسة الأولى من نوعها، أن هناك تباينا في مستوى التدين حسب الفئات العمرية، وتشير النتائج، إلى تفوق نسبة التدين في صفوف الفئة العمرية ما فوق 35 سنة مقارنة مع فئة الشباب في كل الدول العربية، وأظهرت البيانات، أن نسبة 88 في المائة من الشباب «متدين» بينما تصل نسبة التدين في صفوف الفئة العمرية ما فوق 35 سنة إلى نحو 91 في المائة، وأبرزت نتيجة «مفاجئة» حيث ترتفع نسبة التدين في صفوف الشباب في روسيا فقط! إقبال على العبادات وحدة الهوية التي أجمع عنها المغاربة صاحبها إقبال متزايد على العبادات كما تظهر نتائج الدراسة، ويبرز في هذا الإطار الصيام والزكاة بشكل خاص، حيث احتل المغرب الرتبة الأولى في العالم العربي، والرابعة في العالم الإسلامي بعد ماليزيا وإندونيسيا والتايلاند من حيث أداء الزكاة، فقد عبر 92 في المائة من المغاربة أنهم يؤدون الزكاة، وبالنسبة للصيام عبر 98 في المائة أنهم يصومون شهر رمضان. وبخصوص ركن الصلاة، أكد 67 في المائة من المغاربة أنهم يؤدون الصلاة بشكل منتظم، وأظهرت الدراسة، أن 61 في المائة من المغاربة يقيمون الصلوات الخمس في أوقاتها، وأعمارهم تتراوح بين 18 و34 سنة، وترتفع هذه النسبة عند الأشخاص الذين يفوق عمرهم 35 سنة لتصل إلى حوالي 79 في المائة، وأشارت إلى أن نسبة 54 في المائة من المستجوبين المغاربة عبروا عن كونهم يشهدون الصلوات في المسجد مرة أو أكثر من مرة في اليوم، ولم يعبر إلا 7 في المائة من الرجال و9 في المائة من النساء عن كونهم لا يشهدون الصلوات في المسجد، وصرح 26 في المائة من المستجوبين المغاربة أنهم يذهبون إلى المسجد لأداء صلاة الجمعة. وتفيد المعطيات المقارنة، أن المغرب سجل أقل فارق موجود في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بين الرجال والنساء من حيث الإقبال على الصلاة في المسجد، في الوقت الذي يعتبر فيه العراقيون أكثر الشعوب العربية محافظة على الصلاة بنسبة 82 في المائة. أما بالنسبة إلى قراءة القرآن، فلم يعبر إلا 1 في المائة عن كونه لا يقرأ القرآن، في حين عبر 97 في المائة من المغاربة أنهم يقرؤون القرآن ما بين قراءة يومية وقراءة خلال أيام الأسبوع، حيث أكد 39 في المائة من المغاربة أنهم يقرؤون القرآن يوميا مقابل 58في المائة يقرؤونه بصفة متقطعة. رسوخ العقائد أظهرت الإجابات حول أركان العقيدة الإسلامية التي أدلى بها المغاربة ممن شملهم الاستطلاع، إجماعا مطلقا على الإيمان بالله والرسول محمد صلى الله عليه وسلم والقرآن، إذ سجلت العلامة الكاملة بنسبة 100 في المائة، وتراوحت النسبة بين 91 في المائة و100 في المائة بالنسبة إلى بقية الأركان، يتعلق الأمر بالإيمان بوجود الجنة والنار والقدر. أرقام أوردتها الدراسة.. ● عدد المسلمين عبر العالم بلغ مليارا و618 مليون و143 ألف مسلم في السنة ما قبل الماضية، أي ما يشكل نسبة 23.4 في المائة من سكان العالم. ● تعتبر آسيا أكبر تجمع كمي للمسلمين بنسبة 62.1 في المائة، في حين بلغ مسلمو أوروبا حوالي 42 مليون مسلم . ● عدد المسلمين بالمغرب بلغ 32 مليونا و909 ألفا سنة 2010، تشكل نسبة 2.1 في المائة من مسلمي العالم، ولا تتجاوز نسبة الأقليات الدينية الأخرى في البلد 0.2 في المائة. ● شملت الدراسة عينة من المواطنين المغاربة بلغ عددهم 1472 شخصا بين ذكر وأنثى تتجاوز أعمارهم 18 سنة، وجهت إليهم أسئلة باللغتين العربية والفرنسية خلال الفترة الزمنية بين 3 نونبر وفاتح دجنبر من السنة الماضية. الخرافة والاستغاثة بغير الله لا يتجاوز عدد المغاربة الذين يؤمنون بالحماية من الجن باستعمال «التمائم» و»التعويذات» نسبة 7 في المائة، والذين يستعملون وسائل أخرى لطرد شر «العين» ومفعولات السحر نسبة 16 في المائة، بينما عبر نحو 96 في المائة أنهم يرون أن قراءة القرآن الكريم في البيوت أفضل من استعمال التمائم للحماية من العين، وأوضحت الدراسة، أن 86 في المائة من المغاربة يؤمنون بوجود «الجن» ونسبة 78 في المائة يؤمنون بوجود السحر، وحوالي 80 في المائة مقتنعون بوجود «شر العين». وأظهرت أن نسبة 29 في المائة عبروا عن كونهم يستعملون الرقية الدينية في حالة إصابتهم بالمرض، الأمر الذي يفيد أن حوالي 71 في المائة يلجئون إلى الطبيب من أجل العلاج في حالة إصابتهم بالمرض. وأبرزت الدراسة، توجها نحو رفض الطقوس الصوفية في التعبد رغم تواجد بعض الزوايا التي تعرف إقبالا من المريدين على بعض الشيوخ وبلوغ حد تقديس بعضهم والتبرك بهم، إذ عبر 6 في المائة من المغاربة أنهم يقبلون الرقص «الجذبة» ضمن طقوس العبادة، واعتبر نحو 83 في المائة أنها غير مقبولة إسلاميا، وأبدى 2 في المائة فقط قبولهم الاستغاثة بالأموات (ما يسمى السادات والأولياء)، ورأى 29 في المائة أن زيارة قبور الأولياء «أمرا مقبولا». من جهة أخرى، أكد 1 في المائة فقط من المغاربة أنهم ينتمون إلى طريقة صوفية، وصرح حوالي 16 في المائة أنهم لم يسمعوا أو لم يعرفوا بالصوفية.