تكمن أهمية الاستطلاع الذي قامت به مؤسسة «بيو» الأمريكية حول المجتمع المسلم بين الوحدة والتنوع بالنسبة إلى المغرب من أربع زوايا، أولا أهمية العينة، إذ شملت 1472 شخصا بين ذكر وأنثى من 18 سنة فما فوق، وثانيا، التقنية التي اعتمدت في الاستطلاع، وهي أسلوب المقابلات وجها لوجه، وثالثا، أن الإجابات التي استخلصت من المغرب جد حديثة، إذ تمت خلال سنتي 2011 و 2012 بخلاف بعض البلدان التي استخلصت الإجابات فيها ما بين 2008 و2009، ورابعا لأن أسئلة الاستبيان شملت في سياق مقارن، تقريبا كل القضايا المفترض الاشتغال عليها للتوصل إلى معرفة علمية بتمثلات المغاربة حول المعارف والعقائد والعبادات والطقوس. وبتتبع البيانات التي خلص إليها الاستطلاع في التقرير الكامل، بالنسبة إلى المغرب، يمكن تسجيل الملاحظات الآتية: ❒ استقرار ووحدة الهوية الدينية للمغاربة: إذ كشفت إجابات المغاربة بخصوص الهوية عن نفس النتائج التي تم التعبير عنها في دراسات أخرى، إذ حدد 67 في المائة من المغاربة هويتهم كسني، و حدد 30 في المائة هويتهم كمسلم فقط، فيما عبر 1 في المائة عن انتمائهم لطريقة صوفية. ومع أن الدراسات السابقة، يتم فيها التصريح بالهوية الإسلامية فقط، فإن التمييز بين الهوية الإسلامية والهوية السنية إنما أملاه التساؤل الوارد في الاستبيان والذي قصد تحديد التنوعات المذهبية في الهوية الإسلامية في المغرب، وهو ما جعل نسبة 97 في المائة تتوزع على شطرين ما بين هوية إسلامية فقط، وهوية سنية. وبالمقارنة مع بقية بلدان العالم الإسلامي، وخاصة منه العالم العربي، يلاحظ أن إجابات المغاربة بخصوص الهوية الدينية تركزت بنسبة مطلقة حول الإسلام السني، وهو ما يفيد وحدة واستقرار ثوابت الهوية الدينية للمغرب، ومما يؤكد هذا التوجه، ارتفاع نسبة المغاربة الذين عبروا عن أهمية الدين في حياتهم اليومية، إذ عبر 89 في المائة عن أن الدين مهم جدا في حياتهم اليومية، وعبر 4 في المائة أنه مهم نسبيا في حياتهم اليومية، فيما لم يعبر إلا 3 في المائة من المغاربة عن كون الدين ليس مهما في حياتهم اليومية. ❒ رسوخ العقائد الإسلامية لدى الشعب المغربي: إذ أثبتت الإجابات حول أركان العقيدة الإسلامية (الإيمان بالله والرسول محمد عليه الصلاة والسلام والقرآن والجنة والنار والقدر) نسبا جد عالية بلغت إلى 100 في المائة تقريبا بالنسبة إلى الإيمان بالله والرسول والقرآن، وتراوحت ما بين 91 و 100 في المائة بالنسبة إلى بقية الأركان، مع استحضار أن بعض الإجابات التي تدنت فيها النسبة عن 100 في المائة مثل الجواب عن الإيمان بالقدر والذي سجل نسبة 91 في المائة قد تفسر بطبيعة فهم السؤال الموجه، والذي ترجم فيه الإيمان بالقدر بكلمة «قسمة القدر» التي قد تتمثل بشكل مختلف عن مفهوم «المكتاب» الذي يستعمله المغاربة في الغالب. ❒ استقرار ظاهرة تزايد الإقبال على العبادات مع تقلص الفوارق بين الذكور والإناث: ويبرز ضمن هذا الإطار الصيام والزكاة بشكل خاص، إذ احتل المغرب الرتبة الأولى في العالم العربي، والرابعة في العالم الإسلامي بعد ماليزيا وإندونيسيا والتايلاند من حيث أداء الزكاة، إذ عبر 92 في المائة من المغاربة أنهم يؤدون الزكاة، أما بالنسبة للصيام فقد عبر 98 في المائة أنهم يصومون شهر رمضان، أما بخصوص الصلاة، فقد عبر 69 في المائة أنهم يصلون مرات متعددة في اليوم، وعبر 54 في المائة بأنهم يشهدون الصلوات في المسجد مرة أو أكثر من مرة في اليوم، ولم يعبر إلا 7 في المائة من الرجال و 9 في المائة من النساء عن كونهم لا يشهدون الصلوات في المسجد، أما بالنسبة إلى قراءة القرآن، فقد عبر 97 في المائة من المغاربة أنهم يقرؤون القرآن ما بين قراءة يومية وقراءة داخل الأسبوع، ولم يعبر إلا 1 في المائة عن كونه لا يقرأ القرآن. والجدير بالملاحظة، أن المغرب سجل أقل فارق موجود في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بين الرجال والنساء من حيث الإقبال على الصلاة في المسجد.