من آثار معرفة اسم الله الرزّاق على العبد: الموحّد لله تعالى باسمه الحكيم يعلم أن الشريعة حكمة كلهاّ، فيطيع ربه فيما يأمره وينهاه، لعلمه أنه جلّ وعلا لا يكلف عبده إلا بما فيه صلاح أمره في الدنيا والآخرة بمقتضى حكمته التي إن خفيت على العبد فلقصور عقله وفهمه عن إدراكها. ، إذا عرف العبد ربه الحكيم الذي يضع الأشياء في موضعها - ومن شأنه أن يكون عليما بخلقه رحيما بهم – فإنه يسلم الأمر ابتداء وانتهاءً إلى الحكيم فيما يجريه عليه من أقدار وإن بدت في الظاهر شرّاً فلعلّ فيها الخير الكثير. قال تعالى }وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ{. وقد قيل: "أقدار الله وإن خفيت علينا حكمتها فهي عين الخير ولو اطلعنا على الغيب لاخترنا الواقع". ولذلك فالمؤمن إذا أشكل عليه أمر هل يقدم عليه أم لا فإنه يستخير ربه جل وعلا بدعاء الاستخارة الذي علمه إياه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ودعاؤها كما في الصحيحين حديث جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا كَالسُّورَةِ مِنْ الْقُرْآنِ إِذَا هَمَّ بِالْأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَاقْدُرْهُ لِي وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ". وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ. لذلك تجده يدعو الله تعالى ولا يستعجل لعلمه أنه جل وعلا يستجيب لعبده في الوقت الذي يريد هو يتقديره الحكيم. فإمّا أن يعطيه سؤله، أو يصرف عنه من السوء مثل ذلك أو يدّخر له أجره عنده يوم القيامة. من أثر معرفة اسم الله الحكيم على العبد أن يدعو إلى ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن، كما قال تعالى، ادْعُ إِلى سَبِيل رَبِّكَ بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلهُمْ بِالتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلمُ بِمَنْ ضَل عَنْ سَبِيلهِ وَهُوَ أَعْلمُ بِالمُهْتَدِينَ ، .ولنا أن نتأمل في هذا الترتيب الجميل وكيف إن الحكمة لم توصف بالحسن لأن الحسن أصل فيها أصلاً، خلافا للموعظة والمجادلة لأن الواعظ قد يكون فظّاً غليظاً، أما الجدال ففيه أخذ ورد، وحظوظ للنفس.