شهدت سنوات التسعينات من القرن الماضي، موجة كبيرة لهجرة اللاعبين المغاربة نحو البطولات الخليجية، وفي هذه الفترة، كان الأمر يقتصر على عناصر اقتربت من نهاية مشوارها الكروي، وتعتبر هذه التجربة بالنسبة لها محطة لضمان مستقبل مادي مريح، لكن مع توالي السنوات لم يعد الأمر يقتصر على الشيوخ، بل حتى اليانعين وجدوا طريقهم نحو الأندية الخليجية ليبدؤوا مشوارا كرويا غامضا. حسب المهتمين، فإن كرة القدم الخليجية تطورت في العقود الأخيرة بشكل كبير، وتمكنت من فرض وجودها، كما وصلت منتخباتها إلى التصفيات النهائية لكأس العالم مع أنها لم تحقق شيئا يذكر، وهؤلاء يؤكدون أن هذه الطفرة النوعية لم تكن سوى نتاج الأموال الضخمة التي وضعت رهن إشارة الأندية التي لم تعمل سوى على جلب اللاعبين الأجانب وخاصة الأسماء الكبيرة، فمر من هناك جورج وياه وموسى الصايب والعديد من البرازيليين والمغاربة بدورهم لم يترددوا، فرحل البهجة والداودي ورضا الرياحي ومستودع ومصطفى خاليف وبوشعيب لمباركي وعنان ورشيد روكي وبنمحمود وغيرهم، قبل أن يلتحق بهم الشباب من أمثال سعيد خرازي والمهدي عرافي وبنشريفة، أسماء ذهبت لتلعب الكرة وتعود بالحال، دون أن يكون لها حظ في تطوير أدائها الكروي الذي يحتاج إلى تكوين علمي، ومثل هذا التكوين لا وجود له بهذه الدول التي تبحث فقط عن النتائج. هذا المد الخليجي ساهم في إفراغ الساحة الوطنية من لاعبين متميزين صرفت عليهم الأموال لتصدرهم الأندية نحو وجهة غير مضمونة العواقب، وأصبح دور الغرف الوطنية هو خدمة الأندية الخليجية مقابل مبالغ مالية تساهم في إبقاء الأندية على قيد الحياة، أما الفريق الوطني فقد لاحظنا المستوى الذي ظهر به لاعبو الخليج مقارنة مع المحترفين بأروبا، وهذا طبعا مرتبط بقيمة البطولات الأوروبية التي تخضع في الحسبان تكوين اللاعب وتأهيله ليصبح محترفا، وبالتالي فإن النادي يصبح في خدمة اللاعب، أما في الخليج فإن اللاعب يكون في خدمة الفريق، لقد كانت البداية مع الأندية السعودية التي وجدت في المغرب سوقا رائجة وتمكنت من إقناع العديد من اللاعبين بالانضمام إلى صفوفها، ولعل أبرز الذين لعبوا في البطولة السعودية صلاح الدين بصير، الذي قضى هناك أسوأ أيامه، وربما كانت السبب في تعثر مسيرته الاحترافية، وبعد ذلك فتحت أبواب الإمارات وقطر أمام الممارسين المغاربة. فأصبح كل فريق يضم في صفوفه لاعبا أو لاعبين، وقد يحتضن البساط الأخضر حتى خمسة لاعبين مغاربة، وهو ما يطرح أكثر من علامة استفهام، حول مستقبل كرة القدم الوطنية مع استمرار هجرة اللاعبين وخاصة منهم الشباب، وماذا يمكن أن تفعله الجامعة للحد من هذه التظاهرة التي ستنعكس سلبا على الفريق الوطني وعلى اللاعب، الذي لا يفكر سوى في تحسين وضعيته المادية دون اعتبار لما ستتركه هذه التجارب من نتائج عكسية. محمد والي