تعلمت في الجراحة أنه عند وقوع نزيف، فإنه لا يمكن إكمال العملية حتى نعلم مصدره ونوقفه لأن إنقاذ النفس مقدم عن تصليح أوتقويم العضو... وهذا ينطبق أيضا على مصائب الأمة، فإنقاذ مليون ونصف نفس بشرية عربية مسلمة مؤمنة محتلة ومحاصرة مقدم في هذا الظرف من الزمن عن ما سواه من أعمال الخير كل حسب استطاعته... ففلسطين هي جبهة المواجهة مع الكيان الصهيوني الإستطاني الاستعماري الإحلالي الإمبريالي الذي وإن كانت رجله منغمسة فيها فعينه في مصر وسوريا والأردن ولبنان ثم السعودية ثم الأقرب فالأقرب ... فلسطين هوالعضوالمريض الذي يقاوم الورم الإسرائيلي ويحاول منعه من الانتشار ولا علاج لهذا السرطان سوى الاستئصال الكلي من جسم هذه الأمة حان الأوان لكي نعلم علما لا ينتابه شك أنه لا خيار لنا كأمة إسلامية قدسها مدنس وأرضها محتلة سوى مواجهة هذا العدوميدانيا وسياسيا واقتصاديا وعلميا وإعلاميا وأنه لن تجدي معه لا مفاوضات ولا حوارات ولا مؤتمرات ولا تنديدات لأنه لا يفهم إلا لغة البطش والقوة ، بل بالعكس ، هذه المسرحيات لن تمنحه إلا مزيدا من الوقت لبناء مزيد من المستوطنات وقتل المزيد من النساء والأطفال وأسر المزيد من الرجال والولدان حان الأوان لكي نجعل القضية الفلسطينية أولى أولوياتنا وأسمى أهدافنا لأنها معركة طويلة قد يخوضها أبنائنا كذلك وقد يكملها أحفادهم إلى أن يأتي النصر إن شاء الله ، إنها معركة لحفظ الدين والنفس والمال والعرض لأن المخطط الصهيوني يهود ويقتل ويفقر ويهتك ، مرجعيته تلمودية عنصرية إجرامية لا تعرف الرحمة ولا تعترف بحق الأولوية هي معرفة القضية وملابساتها ومعرفة الثغر الذي يجب على كل واحد منا أن يسده وكيف يمكنه فعل ذلك، ثم علينا دراسة كيف يمكن أن نعد جيل النصرة في هذا العالم المشوب بالفتن... والأهم من هذا كله هوالعمل بما نعلم بشكل منتظم وحث الناس عليه عسانا نستوفي شروط النصر والتمكين ... }وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمومنون{. منذ بداية العدوان وأنا أترصد المنظمات التي كان من المحتمل أن تذهب إلى غزة لأني أحسست بواجب تجاه ما يقع ، فلا يعقل أن أكون طبيبا شابا مسلما يرى أشلاء النساء والأطفال تتطاير على مرأى ومسمع من العالم دون أن أستوفي كل الممكنات لإغاثة هؤلاء الناس ،ولوأني لا أتوفر على مهارات أطباء الكوارث ولا خبرة جراحي الحرب ولكنها كانت محاولة بحث عن تبرئة للذمة قد تنفعنا يوم يسأل كل واحد منا عن العمل الذي قدمه يوم كان إخوانه يبادون وفي الأسبوع الثاني من العدوان علمت بأنه من الممكن أن يذهب وفد طبي شعبي إلى غزة وأنه يتوجب علي الاتصال باللجنة المنظمة لإعطائهم جواز سفري في أقرب الأجال ... وكذلك كان.