أسيف:محمد امزيان إذاعة هولندا العالمية من منفاه الاضطراري في فرنسا يدعو الصحفي المغربي حميد نعيمي السلطات المغربية لتوضيح مواقفها المتناقضة تجاه قضيته ورد الاعتبار له. هناك جهة تسعى للتسوية وجهة أخرى تصر على الممانعة، في حين يغيب المجلس الأعلى لحقوق الإنسان تماما من المشهد. "المطلوب مني أن أجد حلا ليرجع (نعيمي) إلى المغرب وتسوية جميع ملفاته"، يقول محمد زيان محامي الصحافي المنفي. أطراف على الخط كاد ملف الصحافي حميد نعيمي يطوى قبل حوالي سنة عندما اتصل به سفير المغرب في فرنسا يطلب منه الاستعداد للعودة إلى بلده المغرب، غير أن "أطرافا أخرى دخلت على الخط" لتحبط مساعي العودة: "في يونيو 2010 اتصل بي السفير المغربي في فرنسا والذي كان وزيرا للداخلية أيام محنتي في المغرب ووراء دعاوى قضائية رفعها ضدي بتهمة المس بمسئولين سامين في وزارته، وعلى أساس ذلك أدانتني المحكمة بالحبس ستة أشهر. التقيت هذا المسئول وأكد لي أن السلطات المغربية قررت طي صفحة الماضي وستقوم الحكومة المغربية برد الاعتبار لي، وحدد لي موعد 12 يوليو للسفر رفقة مسئولين من السفارة إلى الرباط". وباعتباره لاجئا سياسيا، أطلع حميد نعيمي السلطات الفرنسية بقرار العودة إلى المغرب، إلا أن "مسئولا من السفارة" عاود الاتصال به مرة أخرى قبل يوم واحد من موعد السفر ليعتذر له، "لأن أطرافا أخرى دخلت على الخط لتطلب من الحكومة المغربية عدم السماح لي أنا بالذات بالعودة إلى المغرب". يؤكد السيد نعيمي أن جهاز "حماية التراب الوطني" هو من يقف وراء متاعبه وبالتالي نفيه من المغرب، نظرا للانتقادات التي كان يتعرض لها هذا الجهاز على صفحات "كواليس الريف" المتوقفة عن الصدور منذ 2005. قضايا بالجملة أسس حميد نعيمي (36 سنة) صحيفة 'كواليس الريف‘ عام 1998 في مدينة الناظور (شمال - شرق) وتوقفت عند العدد رقم 200. يعد نعيمي من الأوائل الذين ولجوا طريق الصحافة المستقلة في منطقته المعروفة أصلا بشح الإصدارات الصحفية. طبيعة الملفات التي كان يتطرق لها في 'كواليس الريف‘ كانت مزعجة لأطراف من السلطة ولتجار المخدرات، حسب ما أكد لإذاعة هولندا العالمية. وبعد فشل الإغراءات المادية لإسكاته أو تليين ريشته، استخدم المنزعجون سطوة القضاء ليسكتوه نهائيا. "السب والقذف" في حق مسئولين وموظفين هي التهمة الرئيسية التي رفعت ضد حميد نعيمي، ثم تناسلت التهم ليتجاوز عددها الأربعين. ثلاث سنوات سجنا في المجموع وغرامة مالية فاقت 40 ألف يورو هي حصيلة الأحكام الصادرة في حق الصحافي نعيمي الذي يقيم الآن لاجئا في مدينة تولوز الفرنسية منذ 2005. ويؤكد المحامي محمد زيان في تصريح لإذاعة هولندا العالمية أن نعيمي كان "موضوع عدة متابعات في آن واحد أدت به في النهاية إلى مغادرة المغرب مع الأسف". ولكن "هذا هو الماضي" يتابع المحامي زيان والوزير السابق لحقوق الإنسان في عهد الحسن الثاني. أما المستقبل، يضيف زيان، فهو "أننا دخلنا في حوار لإيجاد حل حبي مع جميع الأطراف والسماح له (نعيمي) بالرجوع إلى وطنه". وعود مع تأسيس المجلس الأعلى لحقوق الإنسان (3 مارس 2011 ) وتعيين الملك محمد السادس لأعضائه، راسل نعيمي أمينه العام محمد الصبار ولم يصله الجواب بعد رغم مرور أكثر من شهرين. "الصبار معذور لأن هناك أطرافا أخرى أقوى منه"، يوضح نعيمي مضيفا: "قال لي الصبار بعد أيام سنفصل في قضيتك، وبعد مرور حوالي شهرين لحد الآن لم يظهر أي جديد. ما زلت أنتظر، وللأسف هذه هي السياسة في المغرب، والصبار – وهو حقوقي ومحامي معروف – معذور، لأن هناك أطرافا أخرى أقوى منه". يستغرب الصحفي حميد نعيمي وهو متزوج وأب لطفلين، من غياب سلطة القانون في المغرب ويتساءل عمن يكون صاحب السلطة الفعلية. فإذا كان سفير المغرب في باريس مصطفى الساهل هو من بادر شخصيا بالاتصال به عن طريق صحفي مغربي يعمل في فرنسا والاجتماع به في القنصلية المغربية في تولوز، فلماذا حنث بوعده؟ وهل سلطة جهاز "حماية التراب الوطني" المعروف اختصارا بال دي. إس. تي. تعلو فوق سلطة القضاء وسلطة الدولة التي ترغب في طي هذه الصفحة، يتساءل نعيمي؟ "طبعا أنا أريد العودة إلى المغرب" يؤكد حميد نعيمي في لقاء مع إذاعة هولندا العالمية، "ولكنني لست أنا من طلب ذلك، هم اتصلوا بي وهم من خالف". ألعوبة تجربة الخروج من المغرب ومحاولة طلب اللجوء في كل من إسبانيا وألمانيا قبل أن يحصل على وضعية اللاجئ السياسي في فرنسا، تطرق إليها حميد نعيمي في كتاب جاهز للنشر. "كنت أنوي نشره في فرنسا إلا أن من تحدثت لهم من مسئولي السفارة المغربية طلبوا مني التريث حتى أعود إلى المغرب، لأن نشره في الخارج قد يُستخدم للإساءة للقضية المغربية". ومن جانبه ينصح محمد زيان موكله بأن يبدي "حسن نيته" من أنه "ليس ألعوبة بين يدي مصالح أجنبية". " على نعيمي أن يبدي حسن نيته في ما يقول وفي رغبته أن يتعامل بصدق مع بلاده لإيجاد حل، وأنه ليس ألعوبة بين يدي مصالح أجنبية كما حدث للكثير من الإخوان الموجودين في الخارج. الصعوبة تكمن في أن هناك أشخاصا يتعاملون مع خصوم المغرب علما أنني على يقين من أن نعيمي ليس من بينهم، ولكن تصرفات الآخرين تنعكس سلبا على نعيمي مع الأسف".