يا جماهير * أوضحت حركة القوميين العرب دائما؛ أكان في أدبياتها أو في استقراءاتها للوضع الإقليمي والعالمي وانعكاساته على المنطقة: أن احتلال فلسطين وتشريد أهلها وإيجاد الكيان الصهيوني على أرضها، ليس سوى نتائج لمخططات القوى العالمية وأطماعها على حساب الغير.أن احتلال عراق العرب ونشر الفوضى فيه وتدميره وقتل قياداته، لا يمكن اعتباره سوى استكمال لهذه المخططات.إن حالتي الاضطراب والحصار الدائمتين اللتين فرضتهما القوى الدولية على الحكومات التحريرية العربية طيلة سنوات ولم تزل منذ قيام الثورة المصرية عام 52 إلى احتلال بغداد في نيسان2003 بما فيها اعتداءات إسرائيل واستفزازاتها المتكررة في الداخل وعلى حدودها إلى الاعتداء الأمريكي الأخير على حدود الإقليم السوري، إنما يندرج ضمن المساعي الهادفة إلى الحيلولة دون نهوض شعب العرب وتقدمه وتحقيق أمانيه في الوحدة والتحرر والديمقراطية، ومجمل هذه الممارسات لا يمكن أن تشكل معطيات تبرهن أن هنالك متغيرات مستجدة في صالح الإخاء الإنساني واستنهاض الشعوب المحرومة وإطلاق حرياتها لتحقيق طموحاتها.إن نقل الحلم الديمقراطي الوردي من الغرب الأورو الأمريكي إلى شعوب الدول الفقيرة لا يمكن أن يشكل لقاحا مجديا ضد التخلف والبؤس، وسيبقى مجرد حلم مخدر يمكن أن تزاد جرعاته التخديرية إن تطور الوعي لدى هذه الشعوب إلى تصاعد في ممانعتها.إن الإيمان بضرورة التحرر لتحقيق العدالة والديمقراطية، لا يعني هذا حصول تحققهما، وإن هذا يستدعي كفاحا طويلا وتربية معمقة في ثقافة المقاومة والتحرير.إن مكمن الخطر (وهذا هام):هو في بقاء شرائح سكانية خارج المجتمع أي في حالة العطالة الإنتاجية والفكرية والأخلاقية، بما يمكن أن تفسح هذه من مجال لتفشي ظاهرتي القطيع والمرياع، ولرسوخ الأقوال والتهويمات المريضة والعقائد العصبوية والتكفيرية - مضمرة كانت أم معلنة - تلك التي تحلل لنفسها إلغاء الآخر للحلول مكانه، أي استباحته ووضع يدها على مقتنياته، وهذه قد حللت وتحلل لنفسها استيراد القوى التدميرية بتعدد مسمياتها المموهة من التحريرية والديمقراطية إلى العادلة ضد الغير المجاور والعائش على أرض الوطن، كما حدث في العراق من أجل ما تحسب أنه نصرة للجماعة.إن الصراع في المنطقة هو بين الشعب العربي الطامح في إقامة دولة التقدم المحررة، دولة الوحدة والعدالة والرفاه، وبين قوى الاستثمار العالمية التي تمنع تقدمه. إن مسار التاريخ العالمي يتجه كما هو مرجح إلى انتصار القوى الربحية الاستثمارية، وأن الرأسمال لم يصل إلى أعلى مراحله، بل أنه في كل منعطف لأي تطور مرحلي نوعي له تنكشف أمامه آفاق جديدة، إن صراعه الآن يتجه إلى فك أسره من هيمنة الدولة التي ساهم في ترسيخها من أجل مرحلة أخرى، وأن الصراع على السلطة في الولاياتالمتحدة قد أنتج في انتصار أوباما حالة حسم جديدة لصالح الرأسمال العالمي ضد دوله الوطنية.إن صراع القوى العالمية، إنما هو صراع بينها على الضحية والضحية هي دائما الشعوب الفقيرة ومنها العربية، وإن حسم الصراع بين هذه القوى لا يمكن أن يُجَير لمَصلحة هذه الشعوب، وإنما هو نذير لظهور قوى وحشية جديدة متفردة يمكن أن تكون أكثر بطشا وفتكا ضد هذه الشعوب. وكما هو واضح فإنه من الخطأ تبنى انتصار أوباما في الولاياتالمتحدة، كما أنه من الخطأ اعتبار انتصاره انتصارا للعرب وقضاياهم ولقضايا الديمقراطية والعدالة في العالم كما يذهب البعض، إن انتصار أوباما الأمريكي في حقيقته، ليس سوى حلقة (مُجَمّلة) في سلسلة انتصارات الرأسمالية (الهمجية) ضد ما يعيقها في العالم، بما يعني هذا المزيد من التوحش الرأسمالي لتنفيذ مخططاته الربحية، والمزيد من استخدام قوى الدول المتطورة وآلتها العسكرية أداة في قمع الشعوب الممانعة، إذن فليس للشعوب المحرومة أن تستبشر خيرا، وإنما عليها اليقظة على مآل مصيرها، وإلى مزيد من التحصّن والممانعة الخلاقة، كي تبقي على مكاسبها الاقتصادية والثقافية والإنسانية التي حققها أبناؤها عبر نضالات السنين. عاشت العروبة، عاش الشباب القومي العربي رافع راية العدالة والكفاح من أجل التحرر والوحدة والديمقراطية.حركة القوميين العرب – مكتب الارتباط5-11-2008http://kawmyen-arab.blogspot.com/http://kawmyeen.blogspot.com/