دورية جزائرية تدخل الأراضي الموريتانية دون إشعار السلطات ومنقبون ينددون    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا            تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    رشاوى الكفاءة المهنية تدفع التنسيق النقابي الخماسي بجماعة الرباط إلى المطالبة بفتح تحقيق    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    نادي المغرب التطواني يقيل المدرب عزيز العامري من مهامه    العرائش: الأمين العام لحزب الاستقلال في زيارة عزاء لبيت "العتابي" عضو المجلس الوطني للحزب    بلينكن يشيد بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    هجوم ماغديبورغ.. الشرطة الألمانية تُعلن توجيه تهم ثقيلة للمشتبه به    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    الجيش الباكستاني يعلن مقتل 16 جنديا و8 مسلحين في اشتباكات شمال غرب البلاد    بيدرو سانشيز: إسبانيا تثمن عاليا جهود جلالة الملك من أجل الاستقرار الإقليمي    سويسرا تعتمد استراتيجية جديدة لإفريقيا على قاعدة تعزيز الأمن والديمقراطية    ترامب يهدد باستعادة السيطرة على قناة بنما على خلفية النفوذ الاقتصادي المتنامي للصين    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    تفكيك أطروحة انفصال الصحراء.. المفاهيم القانونية والحقائق السياسية    مجموعة بريد المغرب تصدر طابعا بريديا خاصا بفن الملحون    الأستاذة لطيفة الكندوز الباحثة في علم التاريخ في ذمة الله    السعودية .. ضبط 20 ألفا و159 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    المجلس الأعلى للدولة في ليبيا ينتقد بيان خارجية حكومة الوحدة ويصفه ب"التدخل غير المبرر"    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب"ازدواجية المعايير" على خلفية انتقاده ضرباتها في غزة    أمسية فنية وتربوية لأبناء الأساتذة تنتصر لجدوى الموسيقى في التعليم    المغرب أتلتيك تطوان يتخذ قرارات هامة عقب سلسلة النتائج السلبية    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    الممثل القدير محمد الخلفي في ذمة الله    سابينتو يكشف سبب مغادرة الرجاء    التقلبات الجوية تفرج عن تساقطات مطرية وثلجية في مناطق بالمغرب    الدرك الملكي يضبط كمية من اللحوم الفاسدة الموجهة للاستهلاك بالعرائش    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    توقيف شخص بالناظور يشتبه ارتباطه بشبكة إجرامية تنشط في ترويج المخدرات والفرار وتغيير معالم حادثة سير    علوي تقر بعدم انخفاض أثمان المحروقات بالسوق المغربي رغم تراجع سعرها عالميا في 2024    جلسة نقاش: المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة.. الدعوة إلى تعزيز القدرات التمويلية للجهات    نشرة إنذارية: تساقطات ثلجية على المرتفعات وهبات رياح قوية    بطولة انجلترا.. الإصابة تبعد البرتغالي دياش عن مانشستر سيتي حوالي 4 أسابيع    دراسة: إدراج الصحة النفسية ضمن السياسات المتعلقة بالتكيف مع تغير المناخ ضرورة ملحة        اصطدامات قوية في ختام شطر ذهاب الدوري..    بريد المغرب يحتفي بفن الملحون    العرض ما قبل الأول للفيلم الطويل "404.01" للمخرج يونس الركاب    جويطي: الرواية تُنقذ الإنسان البسيط من النسيان وتَكشف عن فظاعات الدكتاتوريين    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    مؤتمر "الترجمة والذكاء الاصطناعي"    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    المستشفى الجامعي بطنجة يُسجل 5 حالات وفاة ب"بوحمرون"    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جرائم أمريكا في العراق هي سبب سقوطها المدوِّي (2/1)
نشر في الوجدية يوم 30 - 01 - 2011


سقوط أمريكا 1/2
المحور الأول :العدوان والاحتلال.
المحور الثاني:جريمة الإبادة الجماعية
تحل علينا الذكرى لجريمة غزو واحتلال العراق ونحاول في هذا البحث تسليط الضوء عليها التي بفعل المقاومة العراقية الباسلة انتهت بهزيمة أمريكا عسكريا في العراق وسقوطها أخلاقيا واعتباريا في العالم بسبب الجرائم التي ارتكبتها قواتها الغازية وهزيمة مشروعها السياسي ببناء الشرق الأوسط الجديد.
المحور الأول :العدوان والاحتلال
اجتمع مسئول كبير في مجلس الأمن القومي الأميركي مع وزير صهيوني الذي قال: «أن معلوماتنا تقول أن العراق يمتلك صواريخ يمكن أن تصل إلى الأراضي الصهيونية وأن هذه الصواريخ لها القدرة على حمل رؤوس نووية وكيميائية ونحن لو انتظرنا قيام العراق بذلك فإننا سنرد بالسلاح النووي ونحن نعرف أن أصدقائنا الأميركيين لا يرغبون بذلك لأننا لو استخدمنا أسلحتنا النووية فأن تأثيرها لن يتوقف عند العراق بل سيصل إلى أصدقائكم في الخليج وربما مصر ونحن لا نريد أن يقال عنا أننا السبب في عدم الاستقرار والأمن في المنطقة.
ورد المسئول الأميركي مؤكداً «أننا نخطط لاجتثاث الجيش العراقي بالأصل سلاحاً وعدداًَ وعدة ونخطط لعزل صدام حسين عن شعبه لأننا نرى في العلاقة التي تربطه بالشعب العراقي خطراً يهدد مصالحنا حيث أن الشعب العراقي يثق به ثقة عمياء ويراه قائداً وبطلاً وأن صدام يوجه شعبه ضدنا وضد أصدقائنا وأننا نخطط لضرب العراق (بالزناد العربي) وأن هذه العملية ستكون بإشرافنا المباشر وسنكون كمشرط الجراح الذي يقطع (الورم الخبيث) من الجسم دون أن يمس الأعضاء الأخرى ولن نترك العراق بعد عزل صدام حسين واجتثاث جيشه قبل أن ننفذ أهدافنا بخلق عراق «يفكر بالأمن الداخلي» ولا يفكر خارجياً واستمرار وحدته الداخلية وتقاسم الثروات والسلطات والمناصب بين أبنائه كما أننا عندما نقوم بهذا العمل لا بد أن نكون نحن أصحاب الحق في ضرب العراق.
وأضاف المسئول الأميركي «نحن مصممون على ضرب العراق وخلق حرب داخلية لينشغل عن جيرانه»، «ونحن نفكر باستخدام الورقة الإيرانية إضافة للعراقيين المقيمين في إيران إضافة إلى استعمال الدول العربية بشكل مباشر في ضرب العراق»
لم تبدأ الولايات المتحدة حملتها ضد الشعب العراقي إلا بعد أن رفض العراق إتباع الأجندة الأميركية بدءاً من انتهاء الحرب الإيرانية العراقية سنة 1988 وجاء التعبير الأول عن هذه الحملة في استخدام القوة ضد العراق عام 1991 وسنوات العقوبات الجائرة التي تلت ذلك والتي جاءت بعد العدوان الثلاثيني في 3 آذار 199واستمرت نافذة حتى الغزو والاحتلال في 9/4/2003، حيث قتلت العقوبات مئات الآلاف من العراقيين أطفالاً ونساءً وشيوخاً.
في الفترة من 1012/6/1990 عقد مؤتمر اللجنة الأميركية الإسرائيلية للشؤون العامة (إيباك) وقد حذر زعيم الأقلية الجمهورية في الكونغرس أن عدو إسرائيل الأول هو العراق,
وفي اجتماع برئاسة سكروكروفت لمجلس الأمن القومي بعد مؤتمر إيباك قدم الخبير الاستراتيجي كيرتن الأهداف الأميركية:
«أولاً ضمان تواجد دائم في الخليج والشرق الأوسط دون أن يقلقنا أحد ويطلب منا الخروج.
ثانياً ضمان تدفق النفط العراقي والخليجي إلى الولايات المتحدة ولا يهم ما تقرره منظمة الأوبك من تحديد سقف الإنتاج أو الأسعار.
ثالثاً إزاحة صدام حسين ونظامه من الخريطة السياسية للمنطقة والذي يعتبر زعيم القادة الراديكاليين العرب الرافضين للتفاوض مع إسرائيل والداعين للوحدة العربية وتحرير فلسطين.
رابعاً اجتثاث البعث في العراق وسوريا لما يمثله من خطر بالغ على مصالح إسرائيل والولايات المتحدة ولإعطاء فرصة أمام أحزاب مواليه لنا كي تتقلد مناصب قيادية في العراق وسوريا والعزف على أوتار الطائفية والقومية والأثينية في العراق وسوريا بعد العراق تحت شعارات الحرية، الديمقراطية، حقوق الإنسان، التعددية، محاربة الدكتاتورية.
خامساً إزاحة الجيش العراقي بالكامل من طريقنا وذلك بحل هذا الجيش لأن الخبرات التي اكتسبها من حربه مع إيران لا يمكن أن تمحى إلا بإزالته من الوجود نهائياً وملاحقة قياداته بالاعتقال أو القتل ومنع أية محاولة لعودة هذا الجيش واستبداله بقوات طائفية أو ميليشيات موالية لنا يسهل السيطرة عليها ويسهل إزاحتها لو اقتضت الضرورة».
كان الهدف من الاجتماع الذي دعا إليه وزير الدفاع الامريكي التفكير في خطة حربية ضد عدو آخر محتمل كان الجنرال غريغ ليوبولد الذي خدم كنائب رئيس العمليات في هيئة أركان الحرب المشتركة مكلفاً بالمهمة الرئيسية في تلك الجلسة فقد كان مكلفاً بعرض الخطة أوبلان 1003 98 التي وضعتها القيادة المركزية وهي خطة الطوارئ التي أعدها الجيش في حال اندلاع حرب مع العراق.
في 16 سبتمبر / أيلول 2001 اتصل بوش بكوندوليزا رايس وطلب أن ينصب التركيز على أفغانستان ولكنه أراد أعداد خطة خاصة بالعراق في حال ثبوت تورطه بطريقة أو بأخرى في هجمات 11 سبتمبر /أيلول وفي اليوم التالي عقد الرئيس اجتماعاً لمجلس الأمن القومي ناقش فيه الهدف التالي المحتمل بعد الحملة الأفغانية وأعاد بوش التأكيد على قراره بوجوب أعداد خطط طارئة للتعامل مع العراق بما في ذلك خطة تقضي بالاستيلاء على حقول النفط العراقية.
وفي يوم 20 آذار 2003 صعدت الولايات المتحدة عدوانها ضد العراق بأن شنت هجوماً مسلحاً شاملاَ ضد الشعب العراقي وقد اعترفت الولايات المتحدة وعلى أعلى المستويات الحكومية بمسؤوليتها عن هذه الهجمات.
وقد برر المستشارون القانونيون لحكومة الولايات المتحدة ذلك الهجوم بأنه ضربة استباقي لحيازة العراق واستخدامه لأسلحة الدمار الشامل، وأثر خروجه من اجتماع مع جورج تينت مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية سنة 2002 فأن رئيس الاستخبارات البريطانية ريتشارد ديرلوف قد أعلن أن «بوش أراد إزاحة صدام حسين عن طريق عمل عسكري تم تبريره بالعلاقة مع الإرهاب وبأسلحة الدمار الشامل».
أن الهجوم الأميركي على العراق سنة 2003 واحتلاله بحسب تقديرات وإحصائيات يمكن الركون إليها سبب مقتل أكثر من مليون وثلاثمائة ألف شخص وتشريد أربعة ملايين في داخل العراق وفي الشتات .
أن استخدام القوة ضد العراق من قبل الولايات المتحدة ومن تحالف معها قد هدد السلم والأمن الدوليين وشكل تدخلاً سافراً في وحدة أراضي العراق واستقلاله السياسي وقد تهدد الأمن والسلم الدوليين نتيجة نشر مئات الآلاف من الجنود تحت قيادة أميركية بطريقة أدت إلى تهديد حياة كل مواطن عراقي بالقتل أو الاعتقال أو الجزافي الإخفاء ألقسري أو التهجير أو الخطف أو الحط من الكرامة والاهانة .
أما وحدة العراق واستقلاله السياسي فقد تعرض إلى الانتهاك نتيجة العدوان والاحتلال الذي لا يزال مستمراً ونتيجة إدارته من قبل حكومة تتواطأ علناً مع سلطات الاحتلال التي شنت العدوان على الشعب العراقي والتدخل السافر من قبل إيران في شؤونه الداخلية.
أن الأغلبية من رجال القانون وزعماء الحكومات والشعوب في العالم وشخصيات في الولايات المتحدة يعتبرون هذا الاحتلال انتهاكاً لأكثر النصوص أساسية في القانون الدولي كما جاء في ميثاق الأمم المتحدة.
حيث حرم ميثاق الأمم المتحدة استخدام القوة أو التهديد باستخدامها في العلاقات الدولية وقد ورد هذا التحريم في العديد من مواد الميثاق لاسيما في الفقرة الأولى من المادة الأولى إلا أن الميثاق أجاز استخدام القوة أو التهديد في استخدامها في حالتين أساسيتين:
الأولى:
حماية الأمن الجماعي وما يتطلبه هذا الأمن من إجراءات عسكرية كما ورد في المادتين 41 و42 من الميثاق إذا فشل مجلس الأمن في التصدي لخرق الأمن الدولي.
الثانية:
في حالة الدفاع عن النفس كما ورد في المادة 51 من الميثاق وحق الدفاع عن النفس يمكن أن تقوم به الدولة المعتدى عليها منفردة أو بالتعاون مع مجموعة من الدول وبإشراف مجلس الأمن الدولي.إلا إن الحالتين لا تنطبق على وضع العراق في عام 2003 حيث إن العراق لم يكن يشكل خطرا على الأمن الجماعي ولم يصدر قرار من مجلس الأمن بذلك كما إن العراق لم يشن هجوما على الولايات المتحدة لكي تلجا إلى حالة الدفاع عن النفس .
إلا أن ميثاق الأمم المتحدة لم يحدد مفهومه للأعمال التي تعتبر مهددة للسلم الدولي، إلا أن الجمعية العامة للأمم المتحدة وافقت على القرار 375 لسنة 1949 الذي يتضمن إعلاناً بحقوق الدول وواجباتها.
نصت المادة التاسعة من الإعلان على أن من واجب كل دولة الامتناع عن اللجوء إلى الحرب أو التهديد باستخدام القوة في العلاقات الدولية كما أن على كل دولة واجب الامتناع عن انتهاك حرمة أراضي أية دولة أخرى أو تهديد سلامتها أو انتهاك استقلالها وسيادتها أو القيام بأعمال تتنافى مع القانون والنظام الدوليين.
كما حظرت المادة العاشرة من الإعلان تقديم المساعدة لأية دولة لا تحترم مضمون المادة التاسعة.
أن العدوان على العراق واحتلاله كان من أشد الأعمال خطورة على المجتمع الدولي وانتهاكاًَ للقانون الدولي وأن الدول والأفراد الذين تورطوا في هذا العمل ومن دعمهم بشكل مباشر يكونون قد ارتكبوا جريمة العدوان الدولية التي وصفتها محكمة نورمبرغ «أن الحرب من حيث الجوهر هو عمل شرير وأن عواقبها لا تقتصر فقط على الدول المتحاربة ولكنها تطال العالم بأجمعه ولذلك فإن شن حرب عدوانية لا يعتبر جريمة دولية فحسب بل إنه الجريمة الدولية الأولى لا تختلف عن غيرها من جرائم الحرب إلا من حيث إنها تنطوي في داخلها على الشرور المتراكمة كلها».
وقد نصت الفقرة 4 من المادة 2 من ميثاق الأمم المتحدة على:
«يمتنع أعضاء الهيئة جميعاً في علاقاتهم الدولية عن التهديد، باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة».
أن هيمنة الولايات المتحدة على النظام الدولي جعلتها تتناقض مع قوة الأمم المتحدة فبات من مصلحة الولايات المتحدة إضعاف الأمم المتحدة لضمان تحويلها إلى أداة تخدم سياستها الخارجية رغم أن حضر استخدام القوة هو واحد من أكثر المبادئ الأساسية من مبادئ ميثاق الأمم المتحدة كما أنه مبدأ من مبادئ القانون الدولي.
وبذلك تكون الولايات المتحدة ونتيجة استخدام القوة ضد العراق قد انتهكت الالتزامات القانونية المترتبة عليها بموجب الفقرة الرابعة من المادة الثانية من الميثاق.
كما أن الإحجام عن استخدام القوة في العلاقات الدولية ورد أيضاً في المادتين الأولى والثانية من المعاهدات العامة لنبذ الحرب وهي المعاهدة التي صادقت عليها الولايات المتحدة ولا تزال نافذة لحد الآن. حيث نصت المادة الأولى منها على:
أن الأطراف السامية المتعاقدة تعلن بكل فخر باسم شعوبها المعنية بأنها تدين اللجوء إلى الحرب من أجل حل النزاعات الدولية ونبذ اللجوء إلى الحرب كطريق لحل النزاعات الدولية وتنبذ الحرب كسياسة وطنية قد تتبناها دولة ما في علاقاتها مع الدول الأخرى.
وحيث أن مجلس الأمن بموجب القرار 1441 لسنة 2002الذي قبله العراق دون قيد أو شرط لم يمنح الترخيص في استخدام القوة فإن الولايات المتحدة بنت حجتها على افتراض أن قرار مجلس الأمن 678 لسنة 1991 الذي استند إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة قد تعرض إلى الانتهاك ولغرض إصلاح هذا الانتهاك فإن القرار 1441 لسنة 2002 رخص «ضمناًَ» باستخدام القوة وذلك بإعادة تفعيل القرار 678 لسنة 1991.
أن هذا التبرير يتناقض كلياً مع موقف الولايات المتحدة على لسان سفيرها في الأمم المتحدة عند مناقشة القرار 1441 حيث قال:
«ولا يتضمن هذا القرار كما قلنا لأعضاء المجلس في مناسبات عديدة أية «زنادات خفية» أو «تصرف تلقائي» فيما يتعلق باستخدام القوة وفي حالة إبلاغ اللجنة أو الوكالة أو أحدى الدول الأعضاء المجلس بحدوث انتهاك عراقي آخر, سيعود الأمر إلى مجلس الأمن لإجراء مشاورات على النحو الذي تقتضيه الفقرة 12.
أن الغرض الذي يرمي إليه هذا القرار هو فتح الطريق أمام حل هذه المسألة بطريقة سلمية وذلك مقصد حكومتي ورغبتها».
أما سفير المملكة المتحدة جيريمي غرينستوك فقال «أن الغرض الذي يرمي إليه هذا القرار هو فتح الطريق أمام حل هذه المسألة بطريقة سياسية وذلك هو مقصد حكومتي ورغبتها.
لقد استمعنا أثناء المفاوضات إلى أصوات عالية وواضحة تعبر عن شواغل حول «تصرف تلقائي» و«الزناد الخفي» أي الانشغال عن البت في قرار حاسم إلى هذا الحد لا ينبغي أن نندفع بالقيام بعمل عسكري ينبغي أن يناقش المجلس أية انتهاكات عراقية واسمحوا لي أن أكون واضحاً بنفس القدر في ردي بصفتي مشاركاً مع الولايات المتحدة في تقديم النص الذي اعتمدنها منذ قليل.
أن هذا القرار لا يتضمن أي «تصرف تلقائي» وإذا حدث انتهاك آخر من جانب العراق لالتزاماته المتعلقة بنزع السلاح فسترد المسألة إلى مجلس الأمن لمناقشتها كما نصت عليه الفقرة 12 وسنتوقع من المجلس أن يفي بمسؤولياته.
أما مندوب فرنسا لفيت فقال:
ترى فرنسا أن القرار الذي اتخذناه منذ قليل بالإجماع قرار لا بأس به وذلك للأسباب التالية، أن القرار يعزز دور مجلس الأمن وسلطته وهو ما كان دائماً الهدف الرئيسي والثابت لفرنسا طوال المفاوضات التي اختتمت من فورها وقد انعكس ذلك الهدف في طلبنا أعداد نهج من مرحلتين وتطبيقه بما يكفل بقاء مجلس الأمن متحكماً في العملية في كل من المرحلتين.
وفي ظل هذه الخلفية ينبغي أن تتواصل جهود المجتمع الدولي من أجل نزع سلاح العراق من خلال المسؤولية الجماعية ولا يجوز اللجوء إلى الحرب إلا كملاذ أخير.
أما مندوب الاتحاد الروسي لافروف فقال: في كل مراحل هذا العمل استرشدنا بالحاجة إلى توجيه عملية التسوية إلى طريق دبلوماسي وسياسي وسد الطريق على السيناريو العسكري ونتيجة للمفاوضات المكثفة لا يحتوي القرار الذي اعتمد على أحكام للاستخدام التلقائي للقوة ومن المهم أن مقدمي مشروع القرار أكدوا رسمياً اليوم في مجلس الأمن أن ذلك هو فهمهم. والأشد أهمية أن القرار يتجنب التهديد المباشر بالحرب ويفتح الطريق أمام المزيد من العمل لصالح تسوية دبلوماسية سياسية.
أما مندوب الجمهورية العربية السورية السيد مقداد فقال: وكان تصويت سوريا على القرار إيجابياً بعد أن تلقت من مقدمي مشروع القرار الولايات المتحدة وبريطانيا ومن كل من فرنسا وروسيا وعبر اتصالات على أعلى المستويات أن هذا القرار لن يستخدم ذريعة لضرب العراق ولا يشكل أساساً لتوجيه ضربة تلقائية إليه ولا يفسر على أن بعضاً من فقراته تعطي تفويضاً لأحد باستخدام القوة.
أما مندوب الصين جانغ يشان الذي كان رئيساً لمجلس الأمن في الجلسة 4644 في 8 تشرين الثاني/ نوفمبر 2002 فقد أدلى ببيان بوصفه ممثلاً للصين فقال: الصين تتمسك بشدة بالحل السلمي لقضية العراق من خلال الوسائل السياسية والدبلوماسية وضمن إطار الأمم المتحدة ولقد حثت الصين العراق دائماً على التنفيذ الكامل والصارم لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة والتعاون الكامل مع الأمم المتحدة.
وكانت الصين ترى دائماً في السعي إلى تسوية شاملة لقضية العراق أنه ينبغي احترام سيادة العراق وسلامة أراضيه وكذلك شواغله المشروعة وانه ينبغي لمجلس الأمن هنا بعد تنفيذ العراق للقرارات ذات الصلة أن ينظر في رفع الجزاءات المفروضة على العراق والسارية منذ 12 عاماً.
وحيث أن استخدام القوة بموجب القرار 678 لسنة 1991 قد انتهى بعد صدور قرار مجلس الأمن 687 في 3/4/1991. وبالتالي تكون تلقائية استخدام القوة ليس لها سند من القانون الدولي ومشوب بعيوب قانونية فادحة لذا فإن الفعل الذي قامت به الولايات المتحدة وحلفائها بحق العراق في عام 2003 لم يكن مبرراً ويشكل انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي.
ففي اليومين الأولين من شهر آب /أغسطس 2002 عقد تومي فرانكس مع كبار القادة في تامبا لمناقشة النموذج الأخير لخطة الحرب وان الهدف النهائي لهذه الحملة هو تغيير النظام في العراق بقوة السلاح .
وحيث إن المادة (41/2) من مواد مفوضية القانون الدولي وكقاعدة من قواعد القانون العرفي الدولي نصت على:
«ما ينبغي لأية دولة أن تعترف بقانونية وضع نشأ عن انتهاك خطير» وقد قبلت أمريكا هذا المبدأ صراحة وفقاً للمادة (11) من اتفاقية مونتيفيديو حول حقوق وواجبات الدول كما أيدت ووافقت على قرار المؤتمر الدولي السادس للدول الأميركية والذي أدان «العدوان» وذلك في 18/2/1928.وبالتالي تكون الولايات المتحدة الأمريكية ومن تحالف معها قد ارتكبوا جريمة العدوان بحق دولة العراق ذات السيادة .
ولأن العراق دولة محتلة من قبل الولايات المتحدة وحلفائها وذلك بموجب القانون الدولي حيث أن المادة (42) من اتفاقية لاهاي 1907 الخاصة باحترام قوانين وأعراف الحرب البرية نصت على «تعتبر أرض الدولة محتلة حين تكون تحت السلطة الفعلية لجيش العدو ولا يشمل الاحتلال سوى الأراضي التي يمكن أن تمارس فيها هذه السلطة بعد قيامها».
ولأن الفقرة (ب) من المادة (6) من ميثاق نورمبرغ عرفت مصطلح جرائم الحرب بأنه «التدمير الشامل للمدن أو البلدان أو القرى أو التعظيم غير المبرر بضرورات عسكرية».
وبالتالي تكون الولايات المتحدة بموجب ميثاق نورمبرغ 945وحكم نورمبرغ 946 ومبادئ نورمبرغ 1950 والفقرة498 من الدليل الميداني للجيش الأمريكي رقم27 10 سنة 1956. قد ارتكبت جريمة ضد السلام.
«في اليوم الأول من أيار مايو 2003 هبط الرئيس بطريقة مسرحية على ظهر حاملة طائرات أمريكية قبالة سان دييغو ليعلن «لقد انتهت العمليات القتالية الرئيسية في العراق» تحدث أمام لافتة ضخمة تعلن «المهمة أنجزت» وباعتراف صريح لا لبس فيه بارتكاب الجريمة ومنذ ذلك اليوم وحكومة الولايات المتحدة أصبحت محتلاً محارباً للعراق بمقتضى القانون الدولي والممارسة»
أن الالتزامات الدولية الملزمة قانونيا للعراق ولدول الاحتلال هي:
- ميثاق الأمم المتحدة.
- العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والملحقان الإضافيان 1966 و1989.
- العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية 1966.
- اتفاقية حقوق الطفل 1989 والملحقان الإضافيان الاختياريان 2000.
-اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة 1979 والبروتوكول الإضافي 1999
اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
- اتفاقية لاهاي 1907.
-اتفاقية جنيف الثالثة1949 .
- اتفاقية جنيف الرابعة 1949.
- البروتوكولات الإضافية لاتفاقيات جنييف1977.
-الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.
كما أن الولايات المتحدة ملزمة بأحكام القانون الدولي العرفي بموجب الإعلان الأمريكي حول «حقوق وواجبات الإنسان».
ولم يغير إقدام حكومة الولايات المتحدة في صيف عام 2004 على إقامة ما سميت بحكومة العراق المؤقتة هذا الوضع القانوني على أي نحو مادي وبمقتضى قوانين الحرب فإن هذه الحكومة المسماةُ حكومة العراق المؤقتة ليست أكثر من «حكومة ألعوبة» فالولايات المتحدة كمحتل محارب للعراق حرة في إقامة حكومة ألعوبة إذا ما كانت هذه رغبتها إما بمقتضى قوانين الحرب فإن حكومة الولايات المتحدة تبقى خاضعة لمسائلة كاملة عن سلوك حكومتها الألعوبة هذه.
منذ انهيار الاتحاد السوفيتي وانفراد الولايات المتحدة كقطب أوحد في العالم منذ عام 1989 فقد تعطل دور الأمم المتحدة في إنهاء النزاعات الدولية وأصبح مجلس الأمن أداة طيعة بيد الولايات المتحدة الأمريكية.
وبدلاً من إدانة مجلس الأمن غزو واحتلال العراق الدولة العضو في الأمم المتحدة والطلب من الدول الغازية سحب قواتها من العراق إلا أنه وبتأثير من واشنطن أصدرت القرار 1483 في 22/أيار/ مايو 2003 وبدلاً من التنديد بالغزو والاحتلال وانتهاك ميثاق الأمم المتحدة وتحميل الدول الغازية التبعات القانونية المترتبة على الانتهاك فقد جاء في ديباجة القرار ما يأتي:
«وقد عقد العزم على أن تقوم الأمم المتحدة بدور حيوي في إنشاء مؤسسات وطنية ومحلية للحكم الممثل للشعب».
كما ورد أيضاً:
«وإذ يلاحظ الرسالة المؤرخة 8 أيار/ مايو 2003 الموجهة إلى رئيس مجلس الأمن من الممثلين الدائمين للولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية (538/2003/ s) وإذ يسلم بالصلاحيات والمسؤوليات والالتزامات المحددة بموجب القانون الدولي المنطبق على هاتين الدولتين بوصفهما دولتين قائمتين بالاحتلال تحت قيادة موحدة (السلطة)».
كما ورد أيضاً:
«وإذ يقرر أن الموضوع في العراق لا يزال رغم تحسنه يشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين».
وورد أيضاً:
«وإذ يتصرف بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة» .
كما ورد في الفقرة العاملة رقم 4 ما يأتي:
«4 يطلب من السلطة أن تعمل بما يتسق مع ميثاق الأمم المتحدة والقوانين الدولية الأخرى ذات الصلة على تحقيق رفاه الشعب العراقي عن طريق الإدارة الفعالة للإقليم بما في ذلك بصفة خاصة العمل على استعادة الأحوال التي يتوافر فيها الأمن والاستقرار وتهيئة الظروف التي يمكن فيها للشعب العراقي أن يقرر بحرية مستقبله السياسي».
أما الفقرة العاملة 5 فقد نصت على:
«5 يطلب من جميع المعنيين أن يتقيدوا تقيداً تاماً بالتزاماتها بموجب القانون الدولي بما في ذلك بصفة خاصة اتفاقيات جنيف لعام 1949 وقواعد لاهاي 1907».
ولو عدنا إلى ميثاق الأمم المتحدة لوجدنا أن المادة الأولى نصت على:
«مقاصد الأمم المتحدة هي:
1 حفظ السلم والأمن الدولي وتحقيقاً لهذه الغاية تتخذ الهيئة التدابير المشتركة الفعالة لمنع الأسباب التي تهدد السلم ولإزالتها، وتقمع أعمال العدوان وغيرها من وجوه الإخلال بالسلم..الخ».
كما نصت المادة الثانية منه على:
«1 يمتنع أعضاء الهيئة جميعاً في علاقاتهم الدولية عن التهديد، باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة».
2 ليس في هذا الميثاق ما يسوغ للأمم المتحدة أن تتدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي لدولة ما وليس فيه ما يقتضي الأعضاء أن يعرضوا مثل هذه المسائل لأن تحل بحكم هذا الميثاق على أن هذا المبدأ لا يخل بتطبيق تدابير القمع الواردة في الفصل السابع».
كما نصت المادة السابعة والثلاثون من الميثاق على:
«1 إذا أخفقت الدول التي يقوم ببينها نزاع من النوع المشار إليه في المادة الثالثة والثلاثين في حله بالوسائل المبينة في تلك المادة وجب عليها أن تعرضه على مجلس الأمن».
كما نصت المادة التاسعة والثلاثون (الفصل السابع) منه على:
«يقرر مجلس الأمن ما إذا كان قد وقع تهديد للسلم أو إخلال به أو كان ما وقع عملاً من أعمال العدوان ويقدم في ذلك توصياته أو يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير طبقاً لأحكام المادتين 41، 42 لحفظ السلم والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه».
ومما تقدم يتبين لنا الآتي:
1 أن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ومن تحالف معهما هي دول محتلة للعراق.
2 أن احتلال العراق كان انتهاكاً لميثاق الأمم المتحدة.
3 أن العراق دولة واقعة تحت الاحتلال.
4 على الدولة المحتلة الالتزام بالقانون الدولي في إدارته للإقليم المحتل.
وحيث أن مجلس الأمن الدولي لا يملك القوة أو السلطة لتغيير قوانين الحرب لأنها أعراف ملزمة للقانون الدولي كما أن تخويل مجلس الأمن الولايات المتحدة انتهاك قوانين الحرب في العراق يجعل من أعضاء مجلس الأمن والمصوتين على قراراته شركاء ومحرضين على جرائم الحرب الأمريكية وبالتالي مذنبين بارتكاب جرائم حرب وجرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية.
وإن أي قبول من مجلس الأمن أو الموافقة أو منح الشرعية لانتهاكات القوانين الدولية والقانون الإنساني الدولي من جانب أية دولة بصورة عامة ومن جانب الولايات المتحدة وبريطانيا في العراق يعد انتهاكاً فاضحاً وخطيراً وعملاً خارجاً على الأعراف الدولية وإلغاءًا لميثاق الأمم المتحدة وبالتالي تصبح هيئة الأمم المتحدة شريكة وضالعة في الجرائم الدولية التي ارتكبتها الولايات المتحدة في العراق وخاصة تلك الواردة بوضوح في الفقرة (500) من الدليل الميداني للجيش الأمريكي رقم 27 10 (1956) والتي تعاقب على ارتكاب الجرائم ضد السلام وجرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
ولدى الرجوع إلى المواد (42) و(43) من اللائحة المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية 1907 وإلى ميثاق الأمم المتحدة والقوانين الدولية الأخرى نتأكد بأن العراق دولة ذات سيادة لا وجود لها وأن أي ادعاء بتمتع العراق بالسيادة ليس له سند من القانون .
فالأصل أن القرار 1483 لعام 2003 وصف الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية بأنهما دولتين قائمتين بالاحتلال ويسلم بالصلاحيات والالتزامات المحددة بموجب القانون الدولي المنطبق على هاتين الدولتين وبالتالي فالإدعاء في القرارات اللاحقة بأن القوات الأجنبية موجودة بناء على طلب ما تسمى بالحكومة العراقية لا سند له من القانون لأن الاحتلال من أساسه باطل وكل ما يبنى على الباطل فهو باطل طبقاً للقاعدة القانونية.
المحور الثاني:جريمة الإبادة الجماعية
يقول الرئيس الامريكي السابق بوش «العثور على أسلحة دمار شامل في العراق أو عدم العثور عليها ليست هي القضية وإنما القضية هي وجود صدام حسين أو عدم وجوده في العراق حالياً».
يقول السيناتور الأمريكي تيد كيندي «أصبحت مقتنعاً أكثر من أي وقت مضى بأن مزاعم الإدارة قبل الحرب بأن العراق كان يمثل خطراً عاجلاً لم يكن لها أساس من الصحة.
وقال وزير الدفاع الصهيوني ديان في 6/6 /967 بعد دخول العصابات الصهيونية القدس:
«لقد استولينا على أورشليم ونحن في طريقنا إلى بابل».
وقال الرئيس الأمريكي الأسبق كلينتون:
«إن أحد أسباب الحصار على العراق أنه أطلق الصواريخ على إسرائيل» وقال الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر أمام الكونغرس في 23، كانون الثاني/ يناير 1980:
«إن أية محاولة من جانب أية قوى للحصول على مركز مسيطر في منطقة الخليج سوف تعتبر في نظر الولايات المتحدة هجوماً على المصالح الحيوية بالنسبة لها وسوف يتم رده بكل الوسائل بما فيه القوة المسلحة».
وحيث إن احتلال العراق غير المستند إلى قانون يعد استمراراً لسياسة الولايات المتحدة التي اعتمدتها حيال العراق منذ قرار التأميم ثم تصاعدت منذ 2/8/1990 وأخذت طابع التدمير المنظم للبنى الارتكازية العراقية وللقدرات العسكرية والبشرية حتى طالت كيان العراق كدولة وشعب.
وتشكل الكارثة الإنسانية في العراق عنصراً مهماً في السياسة الأمريكية التي تسعى مع سبق الإصرار على الإبادة الجماعية للشعب العراقي وتكمن الكذبة الكبرى في وصف الاحتلال الأمريكي للعراق بكونه مجرد خطأ. ففي الواقع لم يحد الاحتلال عن أهدافه في تلك الحرب الرامية إلى تدمير العراق كشعب ودولة.
فإذا كان الشعب العراقي قد قاوم التدمير بكل ما أوتي من وسائل متاحة فإن هذا يتماشى مع حقه الشرعي في المقاومة الذي يتضمن لجوءه إلى المقاومة المسلحة.
كان الغزو الأمريكي غير المشروع للعراق ومازال كارثة إنسانية وأن ستار الصمت الذي يحيط بهذه الجريمة الدولية المريعة تساهم في موت مئات ألاف من العراقيين كل يوم.
المقصود بجريمة الإبادة الجماعية كما عرفتها المادة 6 من نظام روما الأساسي «أي فعل من الأفعال التالية يرتكب بقصد إهلاك جماعة قومية أو عرقية أو دينية بصفتها هذه إهلاكاً كلياً أو جزئياً». وهي:
أولاً
الإبادة الجماعية بالقتل وأركانها هي:
1 إن يقتل مرتكب الجريمة شخصاً أو أكثر.
2 أن يكون الشخص أو الأشخاص منتمين إلى جماعة قومية أو أثنية أو عرقية أو دينية معينة.
3 أن ينوي مرتكب الجريمة إهلاك تلك الجماعة القومية أو الأثنية أو العرقية أو الدينية كلياً أو جزئياً بصفتها تلك.
4 أن يصدر ذلك التصرف في سياق نمط سلوك مماثل واضح موجه ضد تلك الجماعة أو من شأن التصرف إن يحدث بحد ذاته إهلاك الجماعة.
والتهم هي:
الاستخدام المفرط للقوة المسلحة دون التمييز بين المدنيين وغيرهم.
قتل أعضاء من طائفة السنة على اعتبار أنهم منتمين إلى جماعة دينية معينة.
قتل أعضاء في حزب البعث كلياً أو جزئياً بصفتهم تلك.
القتل من قبل الميليشيات الطائفية المدعومة من سلطة الاحتلال الأميركية لطائفة من السنة بصفتهم تلك.
القتل من قبل الميليشيات الطائفية المدعومة من الاحتلال الأميركي لأفراد من حزب البعث بصفتهم تلك.
قتل جماعات من الأطباء والمحامين والصحفيين والمثقفين والأكاديميين من قبل فرق الموت المدعومة من سلطة الاحتلال الأميركي باعتبارهم أعضاء في جماعة وطنية وبصفتهم تلك.
إثارة النعرة الطائفية التي أدت إلى القتل أخذاً بالثأر لمجموعة قومية ودينية من السكان بصفتهم تلك.
* إن هذه الأفعال التي ارتكبتها سلطة الاحتلال هي متعمدة وتم التخطيط لها منذ نحو 1990.
يقول سكروكروفت في اجتماع لمجلس الأمن القومي الأميركي: «أن قرار ضرب العراق متخذ منذ فترة وما علينا إلا اختلاق الذريعة التي سيتم تسويقها على مجلس الأمن لاستصدار قرار دولي بالأمر»
ثانياً
الإبادة الجماعية بإلحاق الأذى البدني أو المعنوي وأركانها هي:
1 أن يسفر فعل مرتكب الجريمة عن إلحاق أذى بدني أو معنوي جسيم بشخص أو أكثر.
2 أن يكون الشخص أو الأشخاص منتمين إلى جماعة قومية أو دينية أو عرقية معينة.
3 أن ينوي مرتكب الجريمة إهلاك الجماعة القومية أو الأثنية أو العرقية أو الدينية كلياً أو جزئياً بصفتها تلك.
4 أن يصدر هذا التصرف في سياق نمط سلوك ماثل واضح موجه ضد تلك الجماعة أو أن من شأن التصرف أن يحدث بحد ذاته إهلاك الجماعة.
والتهم هي:
التعذيب بكل أشكاله ووسائله وبسبق القصد.
النهب والسلب المتعمد لكل مرافق وموارد مؤسسات الدولة العراقية وبسبق القصد.
استخدام القوة المفرطة دون تمييز وبسبق القصد.
استخدام الأسلحة المحرمة دولياً مثل اليورانيوم المستنفذ والفسفور الأبيض وغيرها وبسبق القصد.
التدمير المتعمد للبنى الارتكازية للماء والكهرباء وبسبق القصد.
التدمير المتعمد للبنى الارتكازية للصرف الصحي وبسبق القصد.
التدمير المتعمد للآثار والتراث وبسبق القصد.
تدمير المواقع الدينية عمداً وبسبق القصد.
التدمير المتعمد وبالقصد المسبق للبنى الارتكازية المدنية العراقية.
القتل دون تمييز لأعضاء من الطبقة الوسطى.
القتل دون تمييز لجماعة من السنة.
الإخفاء قسرا لأعضاء من الجماعة القومية والدينية والاثنية والسياسية بصفتهم تلك.
دعم الاحتلال الأميركي لفرق الموت.
دعم الاحتلال الأميركي للميليشيات الطائفية.
إثارة الصدمة والرعب العام.
التحريض على الفتنة الطائفية.
الاعتقال الجزافي والعشوائي الواسع وفي ظروف وأساليب سيئة.
الاختطاف على نطاق واسع.
الاغتصاب على نطاق واسع.
المداهمة غير المبررة واستخدام العنف والإهانة والحط من الكرامة في عمليات التفتيش.
تقيد الحركة بنشر الحواجز وتقطيع أوصال المدن والقصبات إلى كانتونات صغيرة.
التدمير المدني والاجتماعي والسياسي والتاريخي المتعمد لدولة العراق.
الاغتيال المتعمد لعناصر من الجماعة وبخاصة الكفاءات العلمية والصحفية والقانونية والطبيعة بهدف تدمير قدرات المجتمع.
- سرقة وثائق الدولة العراقية ونقلها إلى جهة مجهولة .
ثالثاً
الإبادة الجماعية بفرض أحوال معيشية يقصد بها التسبب عمداً في إهلاك مادي وأركانها هي:
1 أن يفرض مرتكب الجريمة أحوالاً معيشية معينة على شخص أو أكثر.
2 أن يكون الشخص أو الأشخاص منتمين إلى جماعة قومية أو أثنية أو عرقية أو دينية معينة.
3 أن ينوي مرتكب الجريمة إهلاك تلك الجماعة القومية أو الأثنية أو العرقية أو الدينية كلياً أو جزئياً بصفتها تلك.
4 أن يقصد بالأحوال المعيشية الإهلاك الفعلي لتلك الجماعة كلياً أو جزئياً.
5 أن يصدر هذا التصرف في سياق نمط سلوك مماثل واضح موجه ضد تلك الجماعة أو أن من شأن التصرف أن يحدث بحد ذاته إهلاك الجماعة.
والتهم هي:
استخدام القوة المفرطة بدون تمييز.
استخدام الأسلحة المحرمة دولياً مثل اليورانيوم المستنفذ والنابالم والفسفور الأبيض وغيرها لإهلاك جماعة قومية أو دينية أو اثنية كلياً أو جزئياً بصفتها تلك.
أعمال النهب والسلب المتعمد لكل موارد الدولة.
التدمير المتعمد للبنى الارتكازية للماء والكهرباء.
التدمير المتعمد للبنى الارتكازية للصرف الصحي.
التدمير المتعمد للآثار والتراث العراقي وسرقتها .
التدمير المتعمد للمواقع الدينية.
التدمير المتعمد للبنى الارتكازية المدنية في العراق.
القتل من دون تمييز للسنة.
القتل من دون تمييز للشيعة.
الإخفاء قسرا لجماعة من المواطنين.
اغتيال أعضاء من حزب البعث.
اغتيال الأطباء والمحامين والصحفيين والأكاديميين.
دعم قوات الاحتلال لفرق الموت.
دعم قوات الاحتلال للميليشيات الطائفية.
إثارة الرعب والصدمة والفزع العام.
المداهمات والاعتقالات العشوائية الواسعة.
الاعتقال الجزافي دون توجيه التهم.
اعتقال النساء.
اعتقال الأطفال.
التحريض على الفتنة الطائفية.
الاختطاف بشكل واسع النطاق.
الابتزاز.
الاغتصاب بشكل واسع في المعتقلات وأثناء المداهمات.
نشر الفساد بشكل واسع.
الحط من الكرامة والإهانة الواسعة.
نشر المخدرات والتحريض على تعاطيها.
التحريض على البغاء.
رابعاً
جريمة الإبادة الجماعية المتمثلة بفرض تدابير تستهدف منع الإنجاب وأركانها هي:
1 أن يفرض مرتكب الجريمة تدابير معينة على شخص أو أكثر.
2 أن يكون الشخص أو الأشخاص منتمين إلى جماعة قومية أو أثنية أو عرقية أو دينية معينة.
3 أن ينوي مرتكب الجريمة إهلاك تلك الجماعة القومية أو الثانية أو العرقية أو الدينية كلياً أو جزئياً بصفتها تلك.
4 أن يقصد بالتدابير المفروضة منع الإنجاب داخل تلك الجماعة.
5 أن يصدر هذا السلوك في سياق نمط سلوك مماثل واضح موجه ضد تلك الجماعة أو يكون شأن السلوك أن يحدث بحد ذاته ذلك الإهلاك.
والتهم هي:
استخدام الأسلحة المحرمة دولياً وخاصة اليورانيوم المستنفذ الذي أدى إلى انتشار الأمراض السرطانية والإصابة بالعقم وتشوهات الولادة.
إثارة الرعب والصدمة والفزع العام.
الاعتقالات والمداهمات العشوائية الواسعة.
انتشار سوء التغذية.
تقيد حرية الحركة من خلال تقطيع أوصال المناطق بالكتل الخرسانية الضخمة.
انتشار أعمال خطف الأطفال وقتلهم.
«حيث أن الولايات المتحدة الأمريكية هي التي ارتكبت جريمة الإبادة الجماعية في العراق فإنه يصبح من المناسب استخدام تعريفات قانون الولايات المتحدة لجريمة الإبادة الجماعية فتحت البند رقم (18) الفقرة رقم (1093) من قانون الولايات المتحدة الذي يتناول تعريفات الإبادة الجماعية يقول النص «أن مصطلح جزء جوهري يعني جزءاً من الجماعة على درجة من الدلالة العددية بحيث أن تدمير أو فقدان ذلك الجزء يؤدي إلى تدمير الجماعة ككيان حيوي في داخل الأمة التي تمثل تلك الجماعة جزءاً منها.
بالالتزام الحازم بالتعريف الوارد في قانون الولايات المتحدة للجماعة الأثنية فإن الشعب العراقي ككل يستوفي شروط ذلك التعريف من دون استثناء فئة الجماعة الوطنية وفي وسط ذلك الشعب يمكننا القول أن الشيء نفسه ينطبق على الطبقة الوسطى العراقية والطبقة الفلاحية الفقيرة.
أما أعضاء حزب البعث العراقي فعلى رغم كونهم جماعة سياسية إلا أنه ينطبق عليهم تعريف الجماعة الوطنية كذلك. من الواضح أن العرب السنة كجماعة دينية كانوا ومازالوا إلى الآن المستهدف الرئيسي من قبل الاحتلال الأمريكي.
ونصت المادة الثالثة من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقب عليها النافذة من 12 كانون الثاني/يناير 1951 على ما يأتي:
«يعاقب على الأفعال التالية:
(أ) الإبادة الجماعية
(ب) التآمر على ارتكاب الإبادة الجماعية
(ج) التحريض المباشر والعلني على ارتكاب الإبادة الجماعية
(ه) الاشتراك في الإبادة الجماعية
كما نصت المادة الرابعة منها على ما يأتي:
«يعاقب مرتكبو الإبادة الجماعية أو أي من الأفعال الأخرى المذكورة في المادة الثالثة سواءً كانوا حكاماً دستوريين أو موظفين عامين أو أفراداً».
من كل ما تقدم يتضح أن الولايات المتحدة والدول المتحالفة معها والحكومات العميلة المنصبة قد ارتكبت جريمة الإبادة الجماعية المعاقب عليها في القانون الدولي.
يتبع
مصادر البحث
ميثاق الأمم المتحدة,قانون المحكمة الجنائية الدولية ,الحرب على العراق(مركز دراسات الوحدة العربية),كوبرا2(مايكل غوردن),فرانسيس.ا.بويل(مجلة المستقبل العربي),أيان دوغلاس (المستقبل العربي).موقع منظمة الأمم المتحدة.خيانة القسم(د.ستيفن.ه.مايلز).تقارير بعثة الأمم المتحدة في العراق .تقارير منظمة العفو الدولية.
محام وباحث قانوني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.