فيما كان أنصار حزب العدالة والتنمية وحواريوه يصلون التراويح ويدعون جموع المصلين للتصويت للائحتهم الانتخابية والالتحاق بساحة البلدية لحضور المهرجان الخطابي الذي أطره أمينه عبد الإله بنكيران و كوكبة من أعضاء مكتبه التنفيذي في إطار الحملة الدعائية لحشد التأييد لمرشحيهم في الانتخابات الجزئية لدائرة اسفي الجنوبية , وفيما كان مريدوه يشنفون أسماعهم بالأناشيد والأهازيج الاسلاموية ويستمعون بين الفينة والأخرى لخطب وعضيه تتخذ من الدين والتقوى والإيمان لبوسا و تصب جام غضبها على من أسمتهم باللصوص و العلمانيين والزنادقة و المفسدين في الأرض من المنافسين .. كان هناك على مرمى حجر منهم تجمع جماهيري آخر لا يقل عنهم عددا حوصر بطوق سميك يفوق المائة نفر من البوليس العلني والسري وأفراد القوات المساعدة وأعوان المخزن و البصاصين ... تجمع شعبي يتكون من جموع الكادحين والمقهورين و البسطاء من حملة الشهادات المعطلين والمعطلين من دون شهادات ومناضلي الأحزاب اليسارية ونشطاء الجمعيات المحلية و ممثلي المجتمع المدني والطلبة و المتذمرين من المشهد الانتخابي وضحايا الوضع الاقتصادي المتردي والغلاء المعيشي والقمع المخزني يرتلون كلهم ما تيسر من سورة الغضب الشعبي ويرددون صلوات الغائب على المشهد البرلماني والعملية الانتخابية برمتها انتخابات برلمانية وجماعية لم تفلح في تغيير فسيفساء الخريطة السياسية طيلة أربعين سنة خلت استنفذت فقط خلالها خيرات البلاد واستنزفت طاقاتها وخزائنها في برامج اقتصادية ترقيعية هشة افقرت الوطن وأغنت لصوص المال العام .. و أفرزت أغلبيات برلمانية ومجالس جماعية فاشلة وفاسدة ومزورة هاجسها المشترك التصويت على ميزانيات الدولة وتمرير المخططات العشوائية والتوقيع على القوانين والمساطر , وتفويت المرافق العمومية و الخدماتية و وبيع أملاك الدولة في ' الصولد ' كما يعبر عن ذلك البروفيسور المهدي المنجرة ... انتخابات مشبوهة لم تأت سوى ببرلمانيين مزورين فاسدين عاجزين قاصرين لا يمثلون إرادة الجماهير الشعبية بقدر ما يمثلون أنفسهم , اذ استطاعوا فقط بشطارتهم وثعلبيتهم النفخ في رواتبهم الشهرية و مراكمة الثروات و الإفلات من العقاب والتملص من الضرائب والمحاسبة وتوريت الكراسي البرلمانية لذويهم والتحصن ضد شوكة المخزن وجبروته .. و الرقي بمراكزهم الطبقية من الانسحاق والبؤس والرذالة الى مراكز القرار و الجاه والتنبلة مما يبرهن على ان المغرب الجديد لم بقطع بعد مع السلوكات النمطية و الممارسات الإقطاعية والبيروقراطية المتعفنة البائدة .. بل و لا يزال بعيدا كل البعد عن شعارات الديمقراطية والشفافية والعدالة التي تتشدق بها دوائر الحكومة .. وتروج لها مجندة لذلك كل ما استطاعت من المنابر والأبواق و السماسرة والأقنعة والمساحيق وكل ما أوتيت من البرلمانات المزورة و الأحزاب الهشة والجمعيات اللقيطة والتجمعات المشبوهة التي لم تتمكن في غالبيتها من التوسع والتفتح على كافة شرائح المجتمع المدني ولم تتمكن بالتالي من كسب ثقة وود الجماهير الشعبية هكذا اذن كان ليل اليوسفية الفصيح والبطيء والرتيب .. وهكذا كان رد فعل جموع اليوسفيين الغاضبين من مسلسل التفقير والنهب والتجويع والإقصاء والقهر الذي طالهم وطال مدينتهم حيث تعالت حناجرهم مرددة شعارات جماهيرية صاخبة وساخطة ضد برلمان شكلي لم يجر البلاد الا الى مزيد من التخلف والفقر والقهر والبطالة والتجويع والارتشاء وإغراقها في المديونية بمباركة من برلمانيين توحد بين أغلبيتهم الأمية والجهل والجشع والفساد الإداري, جموع شعبية هادرة بشعارات مناوئة للعملية الانتخابية الفجة التي لم تستطع في مجمل تاريخها ان تجلب لمدينة اليوسفية سوى شرذمة من المفسدين و الأميين وذوي الجيوب المتسخة .. و مزيد ا من التهميش والإقصاء الاجتماعي والفقر والبطالة والتزوير والغبن والحكرة وتردي الخدمات الاجتماعية وهشاشة البنيات التحيتة من قبيل : - أش درتي يا بنكيران / أش درتي في البرلمان - بنكيران في البرلمان / والعثماني في الماريكان - هذا عار هذا عار / خليو الدين في التيقا ر عليك أمان عليك أمان / لا حكومة لا برلمان - - الانتخابات مشات وجات / والحالة هي هي عييتونا بالشعارات / واحنا هو ما الضحية - شوف شوف يا بيطالي / شوف الفلوس بالعلالي يا بنكيران يا وديع / اليوسفية ماشي للبيع - - فلوس الشعب فين مشات / في البهرجة والكات الكات شعارات تندد في مجملها بمن يستغلون مناصبهم و حصانتهم البرلمانية وثرواتهم لإذلال الشعب وتفقير البلاد ونهب المال العام والاغتناء اللامشروع عن طريق سرقة قوت الفقراء والمحتاجين و المستضعفين .. و بمن يستغلون ثالوث الدين - والسلطة - والمال إما لاستمالة الناس أو ترهيبهم أو شراء ذممهم وضمائرهم وأصواتهم وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ... نقوس المهدي