غريب أمر ما يسمى بتيد أو تجمع اليسار الديمقراطي المكون من حزب الطليعة الديمقراطي الإشتراكي والحزب الاشتراكي الموحد وحزب المؤتمر الوطني الاتحادي وحزب النهج الديمقراطي، فقبل أن يتم تأسيس تنسيقيات مناهضة الغلاء والتدهور الاجتماعي من طرف مناضلين قاعديين وعشرات من الحركات الاجتماعية أبرزها أطاك المغرب ومجموعات المعطلين والجمعية المغربية لحقوق الانسان...، كان التجمع يعيش في سبات عميق، حيث تعلوا شخراته على لحظات يقظته، بل كان مناضلوه يطردون الذباب في المقاهي أو يفرغون قينينات البيرة في الحانات أو يطاردون الجنس اللطيف العازبات والمتزوجات. لكن راحة البال هذه لم يعكر صفوها سوى الفشل الذريع الذي حدث خلال انتخابات 07 شتنبر 2007 والتي أرغمت أحد قادة التجمع (محمد الساسي) على الاعتراف بالهزيمة ثم بالتالي الاستقالة من المكتب السياسي لليسار الموحد ومغازلة الاتحاد الاشتراكي على أعمدة جريدة المساء لعله يظفر بعودة مظفرة للحزب الحكومي الذي خرج منه على عهد اليوسفي.لقد أدت الهزيمة الإنتخابية ل 7 شتنبر إلى انتباه تيد إلى جانب النظام الحاكم لدور الاحتجاجات المتصاعدة للتنسيقيات في دفع غالبية الشعب المغربي إلى مقاطعة الانتخابات، وأن ترك التنسيقيات بيد المناضلين القاعديين والحركات الاجتماعية سيلغي دورهم الوهمي في تأطير الشعب المغربي مما سيجعل النظام يمعن في تهميشهم نظرا لتقلص دورهم في الضبط الإجتماعي، لذلك أصبحت مسألة الهيمنة على قيادة التنسيقيات مسألة حياة أو موت، لذلك شاهدنا ذلك الإنزال السافر المنقطع النظير لأشخاص لا علاقة لهم بالتنسيقيات يوم 2 مارس 2008، فقيادة حزب اطليعة نزلت عن بكرة أبيها بحيث جروا ورائهم حتى الشاعرة المحترمة بعدها يأتي الحزب الاشتراكي الموحد الذي استحضر انتهازييه الذين لا علاقة لهم بالتنسيقيات من مختلف الأقاليم ثم حزب المؤتمر الوطني الإتحادي الذي لم يشاهد يوما ضمن مناضلي التنسيقيات وفي ذيلهم حزب النهج الديموقراطي الذي يبدو أن مناضليه لم لم يستسيغوا عن هذه "الوزيعة" السياسية فلم يتحمسوا للحضور بكثافة وانتفض أحدهم (عمر مرشود) بعد ذلك على المسرحية.لقد كانت الصحافة حاضرة وقد انتبهت للأسلوب غير الديمقراطي الذي اعتمده تيد الذي كان يبدي تخوفا وهميا من مناضلي البرنامج المرحلي والمناضلين القاعديين فحاول حسم الملتقى لفائدته واقصاء كل الحركات الاجتماعية، وحتى لا يتم نقل الأجواء غير الديمقراطية للملتقى للرأي العام تم طرد الصحافيين، كما تم الإسراع بالتصويت بالأيدي على قائمة المجلس التوجيهي المكون من 54 عضو من الأحزاب الأربعة دون قراءة الأسماء على الحاضرين.وفي 23 مارس تم توزيع مقاعد لجنة المتابعة الوطنية بين الأحزاب السياسية الأربعة محتفظين بمقعدين لكل من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وللاتحاد المغربي للشغل لتوريطهم سياسيا واكتساب المصداقية بأنهم يمثلون الحركات الاجتماعية فعلا، ولحد الساعة لم يعرف بعد هل المحجوب بن الصديق وخديجة الرياضي قد أرسلا من يمثلهما في لجنة المتابعة الوطنية. الحملة الانتخابية للاستحقاقات الجماعية تقترب وتيد يعرف أكثر من غيره أهمية استغلال فقر المسحوقين والفقراء والغلاء للحصول على بعض المقاعد داخل الجماعات المحلية ولو عبر الخداع والكدب وانتحال شخصية أخرى غير شخصيته، لذلك يحاول تيد أن يستثمر مبكرا في الانتخابات المقبلة ويبدوا أن حزب النهج الديمقراطي سيدخل هو الآخر معمعان الانتخابات الجماعية للظفر ببعض المكتسبات التي سبقته إليها الأحزاب الاصلاحية الأخرى، لذلك نجذه أن النهج هو الأكثر حماسة للهيمنة على التنسيقيات نظرا لما قد تشكله له من سبق للحصول على بعض المقاعد.لكن المناورات تشتد مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية، لذلك نشاهد جزء من تيد: الطليعة المؤتمر والاشتراكي الموحد قد شكلوا مجموعة الستة مع الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية والحزب الاشتراكي، ضاربين عرض الحائط تحالفهم مع حزب النهج الديموقراطي الذي يظهر أن مجموعة الستة تسعى إلى إقصائه من اللعبة نظرا لاختزانه لعدد من المشاغبين الذين حان الوقت لتأديبهم وفي مقدمتهم الحقوقي / النقابي عبد الحميد أمين.الخلاصة هي أن تيد يدمر كل فعل نضالي حقيقي في الساحة المغربية عبر المخادعة ويستهدف الاحتواء والخنق لكل فعل جماهيري صادق. لذلك يبدوا أن أكبر عدو للجماهير الشعبية هم هؤلاء المتياسرين الإصلاحيين من قيادات تيد. لذلك يطرح على المناضلين الجذريين أمر فضح خبث هؤلاء وخطورتهم على تحقيق التغيير الجذري المنشود.