بمبادرة من حزب العمل في تركيا وحزب العمال الشيوعي التونسي، انتظمت يومي 9 و10 من شهر يونيو/حزيران 2007 بمدينة اسطنبول، ندوة بعنوان "نضال الشعوب ضد الهجمة الامبريالية على الشرق الأوسط". وشاركت في هذه الندوة أحزاب وتنظيمات وشخصيات فكرية وأكاديمية من تركيا وسوريا وفلسطين والعراق وفرنسا والمغرب وتونس وكولمبيا، وتدارس المشاركون الأوضاع الحالية في المنطقة وأصدروا البيان التالي:1 - تشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا منذ حوالي العقدين هجمة امبريالية شرسة، بزعامة الولاياتالمتحدةالأمريكية، اشتدت ضراوتها بعد أحداث أيلول/سبتمبر 2001. وتهدف هذه الهجمة إلى السيطرة على ثروات المنطقة وخيراتها النفطية وأسواقها ومواقعها الاستراتيجية وضمان موقع هيمني إقليمي للكيان الصهيوني وتأبيد حكم الأنظمة الرجعية، العميلة والفاسدة.وتستعمل الامبريالية الأمريكية وحلفاؤها كل الوسائل لتحقيق هذه الأهداف: العدوان العسكري والاحتلال المباشر والضغوط السياسية والدبلوماسية والحصار الاقتصادي وتجويع الشعوب وحرمانها من أبسط متطلبات الحياة، علاوة على إثارة النعرات الطائفية والقومية والدينية بين أبناء الوطن الواحد أو بين شعوب المنطقة لتفتيت وحدتها الوطنية عبر حروب أهلية مدمرة أو دفعها لمواجهة بعضها بعضا بغرض إعادة تشكيل المنطقة وفقا للمصالح الاستراتيجية لتلك الامبريالية.وتحاول الأوساط الامبريالية تسويق هذه الهجمة دوليا تحت شعار مقاومة الإرهاب أو بحجة التصدي لانتشار الأسلحة النووية أو أسلحة الدمار الشامل أو بذريعة نشر الديمقراطية وحقوق الإنسان، وخلق "شرق أوسط جديد ديمقراطي ومزدهر". وهي تبتدع أغطية إيديولوجية لذلك على غرار "نظرية صدام الحضارات" التي تستهدف المسلمين وتعتبرهم عدوا مباشرا ينبغي ضربه وهزمه.2- لقد أدي هذا الوضع إلى إخضاع كامل المنطقة تقريباً للمراقبة العسكرية الأمريكية: بلدان مستعمرة بالكامل، وأخرى فاقدة للسيادة على جزء من أراضيها، وثالثة تأوي قواعد عسكرية أو تمنح الدولة الامبريالية العظمى تسهيلات، ورابعة تابعة بكل المقاييس اقتصادياً وسياسياً، وخامسة تحت التهديد لاستكمال السيطرة على المنطقة وضمان موقع هيمني دائم للامبريالية الأميركية في العالم، وهو مضمون كل مشاريعها في الشرق الأوسط مهما تنوعت تسمياتها.وتعاني شعوب المنطقة إلى جانب الاضطهاد الوطني من الاستبداد السياسي وغياب الديمقراطية. وتستوي في ذلك أنظمة الاحتلال مع الأنظمة الملكية كما المسماة جمهورية، حيث أصبحت الرئاسة مدى الحياة والتوريث عادة. كما تعاني من الاستغلال الأشد، فشعوب البلدان المحتلة تعاني من الفاقة المطلقة، وشعوب البلدان التابعة تعاني، جراء السياسات النيوليبرالية المتوحشة المفروضة عليها، من الفقر والبطالة والمرض والجهل. وفي الآن ذاته تزداد مرابيح الدول والاحتكارات الامبريالية وثروات الطبقات والفئات السائدة.وتتعرض شعوب المنطقة أيضاً إلى حملة تهدف إلى تفسيخ هوياتها الثقافية والقومية، فالامبرياليون ينهبون المتاحف والمكتبات ويدمرون الجامعات والمعاهد ومراكز الأبحاث، ويقتلون العلماء والمثقفين، أو يزجون بهم في السجون، ويخربون المعالم الدينية والحضارية، ويفرضون على السكان أنماط تفكير وعيش معينة، ويعيدون صياغة برامجهم التعليمية، ويوجهون وسائل إعلامهم باتفاق تام مع الحكام الجائرين.3- إن شعوب بلدان الشرق الأوسط لم تبقَ مكتوفة الأيدي، بل أنها هبت للنضال دفاعاً عن كرامتها الوطنية وحقوقها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية. فالمقاومة المسلحة تتقدم في العراق في إفشال المخطط الأمريكي، وتنجح في لبنان في التصدي للعدوان الصهيوني، وتتسع في فلسطين حيث استعصى على المحتل تدجينها، وتتنظم في أفغانستان والصومال وتلحق بالغزاة خسائر فادحة.وفي البلدان الأخرى تنمو حركات احتجاج ضد الحضور الامبريالي، وضد الاستبداد والاستغلال. وهذه الحركات مرشحة للتعاظم مع تطور الوعي السياسي للشعوب. وتخوض الأقليات القومية والثقافية والدينية في بلدان الشرق الأوسط نضالاً مزدوجاً ضد الاضطهاد الامبريالي من جهة، واضطهاد الأنظمة الحاكمة من جهة أخرى.4- إن المشاركين في ندوة اسطنبول يعتبرون أن مسألة التحرر الوطني أصبحت في هذا الوضع أكثر إلحاحية في المنطقة، وهي تعني حق الشعوب في تقرير المصير وتحقيق الاستقلال والتحرر من الهيمنة الامبريالية والصهيونية بمختلف أشكالها. وتتداخل مسألة التحرر الوطني مع المسألة الديمقراطية والاجتماعية ذلك أن رغبة الشعوب في التحرر ليست معزولة عن رغبتها في التمتع بالحرية والديمقراطية ومسك مصيرها بيدها وممارسة سيادتها على ثرواتها وخيراتها الطبيعية واستخدامها لتحقيق نهضتها على مختلف المستويات في إطار العدالة الاجتماعية.وتقتضي هذه المسألة من شعوب المنطقة توحيد جهودها ضد الهجمة الامبريالية والصهيونية والرجعية، وتجاوز الاختلافات الدينية والمذهبية والقومية التي تثيرها الامبريالية وتغذيها. ويلقى على عاتق القوى اليسارية المعادية للامبريالية أن تعمل على بناء جبهة عريضة في المنطقة ضد الثالوث المذكور. وإذ توجد قوى عديدة، إسلامية بالخصوص تشارك، وأحياناً تقود المواجهة مع الامبريالية والصهيونية، فلا بد من البحث عن السبل الكفيلة لتوجيه الجهد نحو الهدف المشترك الراهن دون نفي للاختلافات البرنامجية. وعلى القوى اليسارية أن تعيد بناء جبهة النضال المعادية للامبريالية في المنطقة على أسس سليمة، وتعبئ لها جماهير الكادحين ليصبحوا القوة الرئيسية فيها، ويطبعوا ذلك النضال بطابعهم ضماناً لتماسكه ونجاحه.5- إن المشاركين في ندوة اسطنبول يؤيدون المقاومة في العراق وفلسطينوأفغانستان ولبنان والصومال، كما يدعمون حركات الاحتجاج السياسي والاجتماعي في كافة بلدان المنطقة. ويؤكدون أن مقاومة الاحتلال ليست إرهاباً، بل الإرهاب في الاحتلال وتقتيل الشعوب وتفتيتها، وتدمير مقدراتها الاقتصادية، والسعي إلى القضاء على ثقافتها وحضارتها. وفي هذا الإطار فان المشاركين:- يؤيدون نضال الشعب الفلسطيني من أجل حقوقه الوطنية ويعتبرون قضيته قضية مركزية في المنطقة، لا أمن ولا استقرار إلا بحلها الحل الذي يمكن الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على طريق إقامة دولة فلسطين الديمقراطية على كامل تراب فلسطين، وهم يؤكدون بالمناسبة أن نضال الشعب الفلسطيني ضد الصهيونية هو جزء لا يتجزأ من النضال ضد الامبريالية في المنطقة والعالم، وأن لا فصل بين هذا النضال وذاك. ويدين المشاركون الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني من قبل الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي، ويطالبون برفعه فوراً. كما يدعون الشعب الفلسطيني وفصائله الوطنية واليسارية والإسلامية لتعميق الوحدة الوطنية وتعزيزها، ومعالجة الخلافات الداخلية عبر الحوار الديمقراطي. ويؤيد المشاركين حق الشعب الفلسطيني في استخدام كافة أساليب النضال وفي مقدمتها الكفاح المسلح ضد الكيان الصهيوني الغاصب العنصري.- يعبّر المشاركون عن تأييدهم للمقاومة في العراق، وهم لا يرون من حل للمسألة العراقية إلا بخروج المحتل ورفع يده عن مصير الشعب العراقي، ويهيبون بالقوى المناهضة للاحتلال أن توحد صفوفها، وتتجاوز الخلافات الدينية والطائفية والقومية، وتتصدى لتقتيل المدنيين الذي يشوه نضالها. وأن تدرك أن وحدتها ستعجل بانتصارها الذي سيشكل ضربة قاسمة للمشروع الامبريالي الأمريكي في المنطقة.- كما يعبّرون عن تأييدهم للمقاومة في أفغانستان والصومال ولبنان، ويعتبرونها حقاً مشروعاً لشعوب هذه البلدان، ويحيون بشكل خاص الانتصار الذي حققته المقاومة اللبنانية ضد الكيان الصهيوني. ويدينون التهديدات الأمريكية ضد سوريا وإيران بعناوين مختلفة، ويؤكدون أن الشعبين السوري والإيراني هما المسؤولان أولاً وأخيراً عن تغيير النظامين اللذين يحكمانهما وفقاً لمصالحهما وطموحاتهما. كما يدينون محاولة تقسيم السودان للسيطرة على ثرواته الطبيعية. ويدعون كافة شعوب المنطقة إلى توثيق الصلة بينها، والتصدي المشترك للعدو الواحد، وطرده من المنطقة جيوشاً وقواعد عسكرية ومصالح اقتصادية.- يعبّرون عن مساندتهم لكفاح شعوب المنطقة من أجل حقوقها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ويدينون القمع الذي تسلطه عليها وعلى المعارضات السياسية والمدنية أنظمة الاستبداد. ويطالبون بإيقاف المحاكمات السياسية في المغرب وتونس ومصر وسوريا وإيران وتركيا ودول الخليج، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وتمكين اللاجئين بسبب آرائهم وأنشطتهم السياسية من العودة إلى أوطانهم، وإطلاق الحريات.6) وأخيراً، وبالنظر إلى أهمية هذه المؤتمرات يؤكد المشاركون توافقهم على تحويلها إلى تظاهرة سنوية، وتطويرها بتوسيع المشاركة فيها، وتعميق مضامينها. ولهذا الغرض تم تكوين لجنة متابعة من البلدان التالية: تركيا، فلسطين، سوريا وتونس.اسطنبول في 10 حزيران/يونيو 2007الموقعون: - حزب العمل في تركيا. - مؤتمر الشرق في تركيا. - الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. - هيئة الشيوعيين السوريين. - حزب العمل الشيوعي في سوريا. - الحزب الشيوعي السوري، المكتب السياسي. - حزب العمال الشيوعي التونسي. - حزب النهج الديمقراطي، المغرب. - مؤتمر حرية العراق. - الحزب الشيوعي الماركسي اللينيني الكولومبي. - سلامة كيلة، ماركسي عربي. - جلول عزونة، رابطة الكتاب الأحرار، تونس. - Georges Labica - Philosophe – France