اليسار العربي يجتمع في لبنان لمناقشة الثورات العربية ويعلن 20 مارس يوما عربيا للاحتجاج بدعوة من الحزب الشيوعي اللبناني، وتحت عنوان: «مهمة اليسار العربي في الثورات الاجتماعية الراهنة وكيفية مواجهة الهجمة الإمبريالية – الصهيونية»، انعقد اللقاء اليساري العربي الاستثنائي في بيروت (18 – 19 فبراير 2011 )، في ظروف ثورية جديدة تعيشها المنطقة العربية بعد نجاح الثورتين الشعبيتين في كل من تونس (بإسقاط زين العابدين بن علي) ومصر (بإسقاط حسني مبارك). وركزت نقاشات اللقاء على أهمية استمرار الثورتين في مواجهة محاولات الثورة المضادة التي تقوم بها القوى الرجعية وفلول النظم المتداعية المدعومة من الامبريالية، وأكد عبد الواحد سهيل عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية, في مداخلة له خلال أشغال اللقاء, أن العالم العربي يعيش ظروفا مختلفة من حيث النشاط السياسي والحراك الاجتماعي. وأكد سهيل, على ضرورة تفادي خطر استنساخ تجارب بلدان أخرى. وأضاف أن من خصائص بلدان العالم العربي الدرجات المتدنية في مؤشر التنمية البشرية, وعدم توفيرها لمقومات المجال الواحد كما يتجلى في ضعف التجارة البينية وإغلاق الحدود وضعف تنقل الأشخاص والرساميل بالرغم من بعض المحاولات المحدودة (اتفاقية أكادير على سبيل المثال). وأشار عبد الواحد سهيل إلى غياب تحليل معمق من خلال استحضار الأولويات والعناصر لما وقع في كل من تونس ومصر, لكن الانطلاق بدأ من غياب الديمقراطية والحاجيات الاجتماعية ومكافحة الفقر. وأوضح سهيل أن التجربة التونسية انطلقت من منطلقات اجتماعية قبل أن تتحول إلى المطالبة بتغييرات سياسية، فيما أن التجربة المصرية, بخلاف ذلك, انطلقت من مطالب سياسية بالدرجة الأولى. وتحدث القيادي في حزب التقدم والاشتراكية عن انفتاح آفاق أمام الشعوب تجلت في «زوال الخوف من التسلط وصعوبة القضاء على التحركات بسبب وسائل الإعلام ووسائل الاتصال الحديثة مما يفتح الباب مستقبلا أمام احتجاجات تعرف نوعا من النضج». كما تحدث عن انفتاح آفاق إقرار الديمقراطية والدساتير والحريات الفردية والجماعية وإتاحة فرص النضال الديموقراطي, وضخ دم جديد في الحركة التقدمية من خلال المشاركة الشبابية التي تؤدي إلى إفراز قيادات مستقبلية. وأشار أيضا إلى انفتاح آفاق محاربة الفساد واقتصاد الريع وتوسع مواجهة ميكانيزماتها, وإعادة الحركة المدنية غير الطائفية مع توسع آفاق دور وسائل الإعلام والسياسة والنقابات مما ستكون له بالتأكيد تبعات ليس على الصعيد العربي فحسب بل في إيران وبلدان آسيا الوسطى. أما بخصوص السلبيات, فقد تطرق عبد الواحد سهيل إلى مخاطر الحروب الأهلية ومحاولات «الالتفاف والاحتواء من قبل العناصر الرجعية والشعوبية وغيرها»، مشيرا إلى أن الشارع يحتاج إلى تنظيم وقيادة المعارك وتوحيد الجهود التغييرية وصياغة البرامج المرحلية. وأوضح أن ذلك يتم من خلال التنسيق والتفكير الجماعي والاشتغال على وسائل الإعلام والتضامن والصراع الفكري والاعتماد على الديمقراطية وتطويرها لإدراك المطالب الاجتماعية من جهة والتصدي للعدوان الإسرائيلي من جهة ثانية. ومن جهتها, تحدثت شرفات أفيلال عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية عن دور الشباب في التغيير من خلال معاينة ميدانية, مشيرة إلى ضعف التأطير والتعبئة في أوساط الشباب. كما تحدثت أفيلال عن اختلاف ميكانيزمات العمل لديهم عن نظرائهم في الستينات والسبعينات وغوصهم في العالم الافتراضي وعدم استيعابهم بشكل كامل للخطاب السياسي والتحليل الإيديولوجي لقوى اليسار. وأكدت على عدم جدوى فكرة استنساخ التجارب السابقة في أقطار أخرى باعتبار أن الشمولية تسقط السلطة لكن الأنظمة مختلفة من بلد لآخر مما لا يمكن معه تعميم تجارب الشعوب ومحدودية السقف في أقطار أخرى. كما دعت القيادية الحزبية في الختام إلى ضرورة الاهتمام بالعمل الشبابي, وتكييف آليات العمل من أجل استيعاب الشباب, وتسخير آليات التواصل التكنولوجية الحديثة من أجل خدمة أهداف محددة. وفي ختام أشغاله أصدر اللقاء بيانا ختاميا تضمن دعم الأحزاب اليسارية العربية لثورتي تونس ومصر. ووجه تحية إجلال لشهيدات ولشهداء وجرحى الثورتين. كما وجه تحية إجلال لشهداء الانتفاضات الشعبية في وجه الأنظمة القمعية في اليمن والبحرين والعراق والأردن وليبيا والكويت وشهداء المقاومة في فلسطين ولبنان. وقرر التحرك من أجل تحرير جميع سجناء الكلمة والموقف السياسي في البلدان العربية والمعتقلين الفلسطينيين والسوريين والعرب في السجون الصهيونية. كما أعلن أن المهمة الأولى لقوى اليسار العربي، اليوم، «تكمن في تحصين الحالة الثورية التي يعيشها عالمنا العربي وتجذيرها، باتفاقها على برنامج للتغيير يتحقق فيه الربط المنهجي النضالي بين المهام الوطنية ومهام التغيير الديمقراطي والاجتماعي. كما جدد اللقاء اليساري قراره عقد لقاء اقتصادي متخصص لبحث تطورات الأزمة الاقتصادية العالمية وتداعياتها على البلاد العربية وبلورة رؤية بديلة ذات بعد اشتراكي». كما أكد اللقاء على «أن القضية الفلسطينية كانت ولا تزال هي القضية المركزية للصراع العربي – الصهيوني، بما يتطلب إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية، والعمل على إعادة بناء النظام السياسي على أسس ديمقراطية. كما توقف اللقاء اليساري عند دور الشباب في إطلاق الثورة الشعبية في كل من تونس ومصر، وفي الانتفاضات العربية الأخرى، ورأى أن هذا الدور يضع الأحزاب والقوى اليسارية أمام مهمة تقديم نفسها معبراً حقيقياً عن طموحات الشباب وأحلامهم، عبر تضمين برامجها مطالبهم وهمومهم الحياتية المباشرة وكذلك تطلعاتهم إلى التغيير، بحيث يستعيد اليسار موقعه ودوره بين الشباب. كما قرر اللقاء اعتبار يوم الأحد 20 مارس المقبل يوماً عربياً للاحتجاج على السياسات القمعية وسياسات الإفقار والتجويع والتبعية التي تنتهجها الأنظمة العربية. وكان اللقاء اليساري العربي الأول انعقد قبل حوالي أربعة أشهر ببيروت تحت عناوين ثلاثة هي مواجهة العدوان والاحتلال والسيطرة الامبريالية, وتفعيل العمل بين صفوف الطبقة العاملة والفئات الشعبية والمثقفين وصيانة برنامج النهوض في الميادين كافة, والدفاع عن الديمقراطية والحريات العامة والمساواة. وفي ما يلي النص الكامل للبيان الصادر عن هذا اللقاء: البيان الصادر عن اللقاء اليساري العربي الاستثنائي مهمة اليسار العربي في الثورات الاجتماعية الراهنة وكيفية مواجهة الهجمة الامبريالية - الصهيونية بدعوة من الحزب الشيوعي اللبناني، وتحت عنوان:»مهمة اليسار العربي في الثورات الاجتماعية الراهنة وكيفية مواجهة الهجمة الإمبريالية – الصهيونية»، انعقد اللقاء اليساري العربي الاستثنائي في بيروت (18 – 19 شباط \ فبراير 2011 )، في ظروف ثورية جديدة تعيشها منطقتنا العربية بعد نجاح الثورتين الشعبيتين في كل من تونس (باسقاط زين العابدين بن علي) ومصر ( باسقاط حسني مبارك). وركزت نقاشات اللقاء على أهمية استمرار الثورتين في مواجهة محاولات الثورة المضادة التي تقوم بها القوى الرجعية وفلول النظم المتداعية المدعومة من الامبريالية، بزعامة الولاياتالمتحدة الأميركية، والصهيونية والرجعية العربية للالتفاف عليهما، ومن أجل تحقيق الأهداف التي قامتا عليها وهي اسقاط النظام في البلدين وبناء حكم وطني ديمقراطي تتحقق فيه العدالة الاجتماعية والمساواة والاستقلال الوطني. لقد أحدثت الثورتان الشعبيتان في تونس ومصر نقلة نوعية في الحياة السياسية العربية، فأكدتا ان التغيير ممكن ضد أنظمة الاستبداد والقمع والفساد والاستغلال والافقار ونهب الثروات ورهن الاقتصادات الوطنية لصندوق النقد والبنك الدوليين ورهن السياسات العربية للمشروع الأميركي الصهيوني الامبريالي في منطقتنا العربية. ورياح ثورتي تونس ومصر بدأت تهز الانظمة العربية في الجزائر وليبيا واليمن والبحرين والعراق والكويت وغيرها من البلدان العربية. إن ما نعيشه من مد جماهيري ثوري افتتح زمن التغيير العربي الذي فجره شباب وعمال تونس ومصر، وشاركت فيه المرأة العربية بفعالية. وهو يطرح علينا مهمة وضرورة توحد قوى اليسار العربي حول برنامج للتغيير الديمقراطي الاجتماعي في مواجهة قوى رجعية داخلية تحاول توظيف ثورتي تونس ومصر والاستفادة من الحالة الجماهيرية الثورية العربية لتمرير طروحات لا تحمل تغييراً جذرياً ،بل تعيد انتاج النظام القائم بأشكال جديدة من ناحية أولى، ومواجهة الهجمة الامبريالية الاميركية والصهيونية من ناحية ثانية. في هذه الحالة الجماهيرية الثورية قررت القوى والأحزاب اليسارية العربية المجتمعة في بيروت اطلاق اسم «دورة شهداء ثورتي تونس ومصر والانتفاضات العربية الأخرى» على لقائها الاستثنائي، وخلص المجتمعون الى ما يلي: 1- أكد اللقاء اليساري العربي الاستثنائي على دعم الاحزاب اليسارية العربية لثورتي تونس ومصر اللتين تشكلان النتيجية الحتمية للتراكمات النضالية المستمرة منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي ضد نظامي الديكتاتورية والعمالة والفساد. ووجه تحية اجلال لشهيدات ولشهداء وجرحى الثورتين الذين واجهوا أدوات القتل الديكتاتورية بارادتهم الثورية وانتصروا عليها. كما وجه تحية اجلال لشهداء الانتفاضات الشعبية في وجه الانظمة القمعية في اليمن والبحرين والعراق والأردن وليبيا والكويت وشهداء المقاومة في فلسطين ولبنان. وقرر التحرك من أجل تحرير جميع سجناء الكلمة والموقف السياسي في البلدان العربية والمعتقلين الفلسطينيين والسوريين والعرب في السجون الصهيونية. 2- ان المهمة الأولى لقوى اليسار العربي، اليوم، تكمن في تحصين الحالة الثورية التي يعيشها عالمنا العربي وتجذيرها، باتفاقها على برنامج للتغيير يتحقق فيه الربط المنهجي النضالي بين المهام الوطنية ومهام التغيير الديمقراطي والاجتماعي. والمواجهة هذه تنطلق في موقع اليسار من انتاج هذا التغيير ومن مقاومة الاحتلال والعدوانية الامبريالية، بزعامة الولاياتالمتحدة الأميركية والصهيونية. ان هذا المفهوم للمقاومة الوطنية يعطيها بعداً تحررياً يؤسس لحركة تحرر عربية جديدة يرتبط فيها البرنامج النضالي لتغيير الأنظمة القائمة، باتجاه اقامة انظمة حكم وطني ديمقراطي علماني مقاوم للاحتلال ولكل سياسات العدوان الامبريالي والصهيوني، وللسياسات الاقتصادية النيو ليبرالية. وفي هذا المجال جدد اللقاء اليساري قراره عقد لقاء اقتصادي متخصص لبحث تطورات الازمة الاقتصادية العالمية وتداعياتها على البلاد العربية وبلورة رؤية بديلة ذات بعد اشتراكي. 3- يؤكد اللقاء اليساري العربي على ان القضية الفلسطينية كانت ولا تزال هي القضية المركزية للصراع العربي – الصهيوني، بما يتطلب انهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية، والعمل على اعادة بناء النظام السياسي على أسس ديمقراطية، وبناء مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية وتفعيلها، والتمسك بالثوابت الوطنية حتى تحقيق اهداف الشعب الفلسطيني في اقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وضمان حق عودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم وفق القرار 194. كما يؤكد اللقاء اليساري العربي ان الطريق الاساس لتحرير فلسطين يتم عبر خيار المقاومة بجميع اشكالها. هذا ويدين اللقاء اليساري العربي بشدة السياسة الأميركية المعادية لحقوق الشعب الفلسطيني والتي كان آخر تعبير عنها الفيتو الأميركي في مجلس الأمن ضد مشروع ادانة سياسة الاستيطان وتهويد الأرض الفلسطينية. 4- أكد اللقاء اليساري على دعم شعوب البحرين والجزائر وليبيا والأردن واليمن والكويت وكل الشعوب العربية في نضالها من أجل إجراء التغيير الديمقراطي، وأدان القمع السلطوي الدموي الذي تتعرض له. كما أكد على دعم نضال الشعب العراقي ضد الاحتلال والارهاب ونهج المحاصصة الطائفية والاثنية ونضال الشعب السوداني ضد المشاريع الامبريالية التقسيمية. هذا وركز اللقاء اليساري على أولوية النضال من أجل الحريات الديمقراطية والعامة، بدءاً بحق التنظيم السياسي والنقابي، وعلى حق الطبقة العاملة وسائر الفئات الكادحة في الاضراب والاعتصام والتظاهر من أجل تحقيق مطالبها العادلة، وفي مقدمتها حق العمل. 5- حيا اللقاء اليساري مقاومة الشعب اللبناني ضد العدوان الصهيوني المدعوم أميركياً، وأكد على دعمه للقوى اليسارية اللبنانية من أجل اسقاط النظام السياسي الطائفي الذي كان ولا يزال السبب الرئيسي في ضرب الانتماء الى الوطن واستجلاب التدخلات الخارجية في شؤونه . 6- توقف اللقاء اليساري عند دور الشباب في اطلاق الثورة الشعبية في كل من تونس ومصر، وفي الانتفاضات العربية الأخرى، ورأى ان هذا الدور يضع الأحزاب والقوى اليسارية امام مهمة تقديم نفسها معبراً حقيقياً عن طموحات الشباب وأحلامهم، عبر تضمين برامجها مطالبهم وهمومهم الحياتية المباشرة وكذلك تطلعاتهم الى التغيير، بحيث يستعيد اليسار موقعه ودوره بين الشباب. ويؤكد اللقاء على ضرورة اجراء مراجعة تقييمية ووضع خطة سياسية مرحلية على الصعيد الشبابي والطلابي، من أهم مرتكزاتها بناء الكوادر الشبابية والطلابية اليسارية واغناء تجربتها ونضالها من أجل الديمقراطية والحريات العامة والعدالة الاجتماعية، واعطائها دوراً أكبر في الهيئات القيادية للأحزاب، وذلك بهدف اطلاق بديل تغييري تحرري في مواجهة أنظمة الاستبداد والعمالة، وفي مقاومة الاحتلال ومواجهة العدوانية الامبريالية والصهيونية. وفي هذا المجال، أعاد المشاركون في اللقاء اليساري العربي الاستثنائي التأكيد على القرار الذي اتخذه لقاؤهم السابق باقامة المخيم الشبابي العربي اليساري الأول تحت عنوان:» دور الشباب في الثورات الاجتماعية ومقاومة الاحتلال»، وذلك في بيروت ما بين 14 – 20 ايلول\ سبتمبر 2011 لمناسبة العيد التاسع والعشرين لانطلاقة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، على ان يكون منطلقاً للقاءات سنوية دورية. 7- اتفق اللقاء على وضع خطة اعلامية مشتركة ، في مهلة اقصاها شهر، تأخذ بعين الاعتبار الاستفادة من وسائل الاتصال والاعلام في النضال الذي تخوضه القوى اليسارية، وربط مواقع الأحزاب والقوى المشاركة في اللقاء اليساري العربي الاستثنائي في ما بينها، بحيث تكون المواكبة سريعة وفعالة. اضافة الى العمل على انشاء مركز اعلامي يساري عربي ووضع تصور لمحطة فضائية يسارية. 8- قرر اللقاء اعتبار يوم الأحد الواقع فيه 20 آذارالمقبل يوماً عربياً للاحتجاج على السياسات القمعية وسياسات الافقار والتجويع والتبعية التي تنتهجها الأنظمة العربية. 9- اعتبر اللقاء اليساري العربي الاستثنائي ان الورقة التي قدمها الحزب الشيوعي اللبناني والبيان الختامي الصادر عن اللقاء اليساري الأول مدخلين للنقاش من أجل صياغة برنامج للتغيير. النصر للثورة العربية بيروت 19 شباط \ فبراير 2011